الحمد لله الذي به تتم الصالحات،
وصلى الله وسلم وبارك على من ختمت به الرسالات
محمد بن عبد الله، وعلى آله، وصحبه،
وأزواجه الطاهرات العفيفات؛ وبعد..
فإن زكاة الفطر عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمات،
لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم:
"إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"،
والعبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان،
بل يجب أن تؤدى كما أداها حبيب الرحمن، وصحبه الكرام،
والسلف العظام، ولهذا يجب على المسلمين معرفة أحكام هذه العبادة،
وينبغي لأهل العلم وطلابه أن يبصروهم بما يصلح هذه العبادة ويفسدها،
وعلى العامة سؤال الخاصة؛ لذلك أحببت أن أبين الأحكام المتعلقة بهذه العبادة،
راجياً من الله أن ينتفع بها من يراها،
وأن تسهم في تصحيح بعض الممارسات الخاطئة والمفاهيم المغلوطة،
أقول وبالله التوفيق:
تعريف زكاة الفطر
هي الصدقة التي تخرج عند الفطر من رمضان،
وسميت بذلك لأن الفطر هو سببها.
حكمها
الوجوب.
دليل الحكم
ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرض زكاة الفطر من رمضان"،
وإجماع المسلمين على ذلك، لأن معنى فرض ألزم وأوجب.
متى فرضت
في السنة الثانية من الهجرة، في رمضان، قبل العيد بيومين.
حكمة مشروعيتها
فرضت زكاة الفطر لسببين، هما:
ــــ طهرة للصائم من اللغو والرفث، فهي تجبر الصوم
كما يجبر سجود السهو الزيادة والنقصان في الصلاة.
ــــ طعمة للمساكين في ذلك اليوم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "فرض النبي صلى الله عليه وسلم
زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للفقراء والمساكين".
على من تجب
تجب على كل مسلم ومن يعول من المسلمين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
زكاة الفطر صاعاً من تمر، أوصاعاً من شعير،
على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين،
وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة"
شروط وجوب زكاة الفطر
ــــ الإســــــلام.
ــــ غروب شمس آخر يوم من رمضان،
فمن أسلم بعد الغروب، أوتزوج،
أوولد له لم تلزمه نفقتهم،
وكذلك من مات قبل الغروب.
ــــ وجود الفضل عن نفقته ونفقة من يعول.
من لم يجد فطرة جميع من تلزمه نفقتهم يبدأ بالآتي:
ــــ نفسه.
ــــ ثم زوجه.
ــــ ثم أمه.
ــــ ثم أبيه.
ــــ ثم ولده الأكبر، ثم الذي يليه.
من لا تجب فطرتهم
ــــ من يعول من الكفار.
ــــ الزوجة الناشز ولو كانت حاملاً.
ــــ الجنين في بطن أمه،
ولكن استحب بعض أهل العلم
إخراج الزكاة عن الجنين
وإن لم تكن واجبة لفعل عثمان رضي الله عنه.
مقدراها ومم تخرج
مقدار زكاة الفطر صاع من غالب طعام الناس،
ولا يجوز إخراجها نقداً ولا تجزئ أبداً، وذلك للآتي:
ــــ لقوله صلى الله عليه وسلم:
" فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
زكاة الفطر صاعاً من تمر، أوصاعاً من شعير.." الحديث.
ــــ ولفعله وفعل جميع أصحابه،
إذ لم يعلم عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
أنه أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته،
وأحرص على العمل بها،
وأحرص على ما ينفع الناس.
ــــ كانت الدنانير والدراهم موجودة في المدينة
في عهد الصحابة ومن بعدهم،
وكان الناس أكثر حاجة إليها من اليوم،
ومع ذلك لم يخرج الصحابة ومن بعدهم نقوداً.
ــــ لا اجتهاد مع نص صحيح صريح.
ــــ العبادات توقيفية.
تخرج زكاة الفطر من القوت، سواء كان حبوباً أوغير حبوب، قال ابن القيم رحمه الله:
( فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن، واللحم، والسمك،
أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائناً ما كان ).
هذا مذهب العامة من أهل العلم،
منهم الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، وأجاز أبو حنيفة إخراجها نقداً، وهذا قول مرجوح مردود بالحديث وبفعل الصحابة،
إذ لا عبرة بالخلاف إلا إذا استند على دليل، ورحم الله أبا حنيفة حيث قال:
"هذا رأيي، فمن جاءني برأي خير منه قبلته"، ونحن لم نأته برأي،
بل بقول من لا ينطق عن الهوى،
والله لم يتعبدنا بقول أحد
سوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
يحتج البعض على جواز إخراجها نقداً ببعض الممارسات الخاطئة،
حيث يبيعها بعض من يُعطاها حباً إلى نفس التاجر بنصف القيمة مثلاً،
وعلاج ذلك أن يتحرى الإنسان ويجتهد في توصيل زكاته لمن يستفيد منها،
ولو أعطيتها لفقير يستحقها وباعها بربع القيمة فقد برئت ذمتك منها.
لا يجوز لأحد أن يتولى جمع زكاة الفطر أوكفارة الإطعام نقداً،
لما في ذلك من مخالفة السنة، إلا إذا شاء أن ينوب عن أصحابها
في شراء الحبوب أوالطعام وتقسيم ذلك على مستحقيه.
لا ينبغي أخي المسلم
أن يكون هدفك من إخراج الزكاة نقداً سرعة التخلص من ذلك،
وتنصلك من مسؤولية
توصيل الحبوب أوالطعام لمن يستحقه فتفسد عملك.
وقت إخراجها
من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى أن يطلع الإمام لصلاة العيد،
ويجوز تقديمها عن ذلك اليوم واليومين،
وأجاز أبو حنيفة إخراجها من أول الشهر،
وذهب مالك إلى عدم جواز تقديمها مطلقاً كالصلاة قبل وقتها،
والراجح ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله، لأن العبادات توقيفية.
ومن أخرها عن ذلك أخرجها بعد ذلك، مع الإثم.
مصارفها
هي نفس مصارف الزكاة، ويجوز أن تدفع لواحد أوتوزع.
ليس لزكاة الفطر نصاب
فكل من ملك ما زاد على قوت نفسه ومن يعول فقد وجبت عليه.
وأخيراً
اعلم أخي الكريم
أن ما لم يكن في ذلك اليوم ديناً فلن يكون اليوم ديناً،
فالنقود لم تجزئ في زكاة الفطر
في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه،
فلن تجزئ اليوم، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى،
وتقبل منا ومنكم الطاعات، والسلام.
السؤال هل حديث ( لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر ) صحيح ؟
وإذا كان المسلم الصائم محتاجاً لا يملك نصاب الزكاة ،
هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر
لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة في السنة ؟
الجواب
صدقة الفطر واجبة على كل مسلم
تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته :
صاع ، والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر ،
أو صاعاً من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ،
والصغير والكبير من المسلمين ،
وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) م
تفق عليه واللفظ للبخاري .
وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
( كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول صلى الله عليه وسلم
صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير ،
أو صاعاً من زبيب ، أو صاعاً من أقط ) متفق عليه .
ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه ،
والمقصود بالصاع هنا : صاع النبي صلى الله عليه وسلم ،
وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة .
وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء ،
وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته .
ونسأل الله أن يوفقكم ، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل ،
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(5733) الجزء التاسع ص464 )
---------------------------
زكاة الفطر عن الجنين
السؤال
هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا ؟
الجواب
يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان رضي الله عنه ،
ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك .
( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتوى(1474) الجزء التاسع ص 366)
----------------------------
وقت إخراج زكاة الفطر
السؤال
هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم ؟
الجواب
لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد ،
وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان ،
وهو أول ليلة من شهر شوال ،
وينتهي بصلاة العيد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
أمر بإخراجها قبل الصلاة ، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ،
ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات "
ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه بن عمر - رضي الله عنهما
قال : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان .. ) ،
وقال في آخره ( وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين ) .
فمن أخرها عن وقتها فقد أثم وعليه أن يتوب من تأخيره ،
وأن يخرجها للفقراء .
( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى
(2896) الجزء التاسع ص373 )
---------------------------
الحكمة من زكاة الفطر و تقسيمها على عدة فقراء ؟
السؤال:
ما الحكمة من تشريع زكاة الفطر؟ وهل يجوز تقسيم زكاة الفطر على عدة فقراء ؟
الإجابة
أجاب عليه فضيلة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الحكمة من تشريع زكاة الفطر هو تطهير الصائم من اللغو والرفث،
ويدل لذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال:
( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث،
وطعمة للمساكين )، رواه أبو داود وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه.
وذلك أن الصائم في الغالب لا يخلو من الخوض واللهو ولغو الكلام،
وما لا فائدة فيه من القول، والرفث الذي هو الساقط من الكلام،
فيما يتعلق بالعورات ونحو ذلك، فتكون هذه الصدقة تطهيراً للصائم
مما وقع فيه من هذه الألفاظ المحرمة أو المكروهة،
التي تنقص ثواب الأعمال وتخرق الصيام.
والقصد من زكاة الفطر كذلك التوسعة على المساكين، و الفقراء المعوزين،
وإغناؤهم يوم العيد عن السؤال والتطوف،
الذي فيه ذل وهوان في يوم العيد الذي هو فرح وسرور؛
ليشاركوا بقية الناس فرحتهم بالعيد، ولهذا ورد في بعض الأحاديث:
( أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم ( ،
أخرجه الدار قطني وابن عدي وابن سعد في الطبقات بسند فيه مقال.
ومعنى الحديث: يعني أطعموهم وسدوا حاجتهم، حتى يستغنوا عن الطواف والتكفف
في يوم العيد، الذي هو يوم فرح وسرور.
ثم إن إخراجها عن الأطفال وغير المكلفين والذين لم يصوموا
لعذر من مرض أو سفر داخل في الحديث، وتكون طهرة لأولياء غير المكلفين،
وطهرة لمن أفطر لعذر، على أنه سوف يصوم إذا زال عذره،
فتكون طهرة مقدمة قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه.
أما عن تقسيم زكاة الفطر على عدة فقراء فلا بأس بذلك،
فإذا كان الفقراء كثيرين جاز أن تفرق عليهم زكاة شخص واحد،
كما يجوز أن يعطى الفقير الواحد زكاة عدد من المزكين والله أعلم.
----------------------------
إخراج زكاة الفطر نقداً
السؤال
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من الطعام ، وذلك لحاجة الناس الآن إلى النقد أكثر من الطعام ؟
الجواب
المجيب : أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان
إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين :
الأول :
المنع من ذلك . قال به الأئمة الثلاثة مالك ، والشافعي ، وأحمد ،
وقال به الظاهرية أيضاً ، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين
" فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر ،
أو صاعاً من بر ، أو صاعاً من شعير ،
(وفي رواية أو صاعاً من أقط)، على الصغير والكبير من المسلمين .
ووجه استدلالهم من الحديث :
لو كانت القيمة يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ،
وأيضاً نص في الحديث الآخر " أغنوهم في هذا اليوم"،
وقالوا: غنى الفقراء في هذا اليوم يوم العيد يكون فيما يأكلون
حتى لا يضطروا لسؤال الناس الطعام يوم العيد .
والقول الثاني :
يجوز إخراج القيمة ( نقوداً أو غيرها ) في زكاة الفطر ،
قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه ، وقال به من التابعين سفيان الثوري ،
والحسن البصري ، والخليفة عمر ابن عبد العزيز ، وروي عن بعض الصحابة
كمعاوية بن أبي سفيان ، حيث قال :
" إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر " ،
وقال الحسن البصري :
" لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر " ،
وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز
إلى عامله في البصرة :
أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم ،
وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط) :
إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح ؛
لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر ، أو الشعير .
ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة ،
فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير
يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد ،
وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال
في معظم بلدان العالم اليوم ، ولعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
" أغنوهم في هذا اليوم" ، يؤيد هذا القول ؛
لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط ، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه .. ،
ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث ،
هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر ،
حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة،
وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ،
فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم .
والله أعلم .
--------------------------
دفع زكاة الفطر مالاً
السؤال
فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان _حفظه الله_
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد حصل خلاف بين بعض الإخوة في حكم دفع زكاة الفطرة مالاً بدلاً من الطعام،
وكان لكل شخص رأيه من الناحية العلمية وأختصرها لكم في عجالة : الأول يقول: يحرم دفع زكاة الفطرة مالاً؛
لأنه مخالف لفعل الرسول _صلى الله عليه وسلم_. الثاني يقول : الأفضل أن تدفع طعاماً ودفع المال جائز، ولكن مخالف للسنة . الثالث يقول: الأفضل أن ينظر حال الفقير وحال بلده ووضعه، فقد يكون المال أفضل له. فالسؤال يا فضيلة الشيخ
: هل أحد من السلف أفتى بدفع المال بدلاً من الطعام ؟
وهل لو أن أحداً دفع زكاة الفطر مالاً؛
لأن الفقير يريد ذلك يكون أفضل ؟
الإجابة
اجاب عليه فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه المسألة إحدى المسائل الخلافية،
وأئمة السلف مختلفون في دفع القيمة في زكاة الفطر .
وترجيح هذا أو ذاك محل اجتهاد فلا يضلل المخالف أو يبدع .
والأصل في الاختلاف في مثل هذه المسألة أنه لا يفسد المودة بين المتنازعين
ولا يوغر في صدورهم، فكل منهما محسن ولا تثريب على من انتهى إلى ما سمع .
وقد كان كثير من الأئمة يقولون في حديثهم عن المسائل الخلافية:
" قولنا صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب " .
وقد ذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر.
قال الإمام أحمد:
" أخاف ألا يجزئه، خلاف سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_"،
وهذا مذهب مالك والشافعي.
وقال الإمام ابن حزم _رحمه الله_ :
" لا تجزئ قيمة أصلاً؛
لأن ذلك غير ما فرض رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ".
و ذهب عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري
وأبو حنيفة وغيرهم إلى جواز دفع القيمة عن الطعام .
قال أبو إسحاق السبيعي - وهو أحد أئمة التابعين - :
" أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام "،
رواه ابن أبي شيبة في المصنف .
والحجة لذلك :
1- أنه لم يثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_
ولا عن أحد من الصحابة نص في تحريم دفع القيمة .
2- الأحاديث الواردة في النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها،
بدليل أن الصحابة _رضي الله عنهم_ أجازوا إخراج القمح
- وهو غير منصوص عليه - عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة
في الأحاديث الصحيحة .
3- ذهب كثير من الصحابة بل أكثرهم في عهد معاوية إلى جواز إخراج نصف صاع
من سمراء الشام بدلاً من صاع من تمر ، فهذا دليل على أنهم يرون نصف الصاع
معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير ونحو ذلك .
3- أن المقصود من الزكاة:
إغناء الفقراء والمال أنفع لبعضهم من الطعام فيعد في ذلك حال الفقير في كل بلد .
4- كثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه في يومه أو غده بأقل من ثمنه،
فلا هو الذي انتفع بالطعام ولا هو الذي أخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل ،
والله أعلم .
هل حديث ( لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح ؟
وإذا كان المسلم الصائم محتاجاً لا يملك نصاب الزكاة
هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر
لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة من السنة ؟ .
الحمد لله
صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه
إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع .
والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير ،
على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين،
وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة )
متفق عليه ، واللفظ للبخاري .
وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
( كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً
من زبيب أو صاعاً من أقط )
متفق عليه.
ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحو ه.
والمقصود بالصاع هنا : صاع النبي صلى الله عليه وسلم
وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة .
وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء.
وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته .
ونسأل الله أن يوفقكم ، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/364)
دفع قيمة زكاة الفطر لهيئة خيرية في بداية رمضان
هل يجوز لهيئة خيرية استلام أموال زكاة الفطر مع بداية شهر رمضان
وذلك بهدف الاستفادة منه بقدر المستطاع ؟.
الحمد لله
إذا عدم الفقراء في البلاد أو كان الذين يأخذونها ليسوا بحاجة
أو لا يأكلونها وإنما يبيعونها بنصف الثمن وتعذر البحث عن الفقراء المعوزين
الذين يأكلونها جاز إخراجها عن البلاد ويجوز دفع ثمنها من أول الشهر
للوكيل الذي يشتريها ثم يوصلها لمستحقها في وقت الدفع وهو ليله العيد
أو قبله بيومين والله أعلم .
الفتاوى الجبرينية في الأعمال الدعوية
لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ص 33.
الزيادة على زكاة الفطر
هل زكاة الفطر محدودة بأن أكيل لكل شخص
من أفراد عائلتي صاعاً واحداً بدون تزويد ،
إنني أقصد بالزيادة الصدقة ليس احتياطاً عن نقص الصاع دون أن أخبر الفقير
الذي أدفعها له بتلك الصدقة مثل : عندي عشرة أشخاص ثم اشتريت كيس أرز
يزن خمسين كيلواً ثم دفعتها كلها زكاة فطر عن هؤلاء العشرة بدون عدها بالأصواع ؛
لأنني أعرف بأنها تزيد عنهم بعشرين كيلو أو أكثر ، جاعلاً الزيادة صدقة ،
ثم إنني لا أخبره بأن هذه الزيادة صدقة ، بل أقول : خذ زكاتنا ،
فهو لا يعلم أن ذلك الكيس فيه زيادة عن الزكاة فيأخذها راضياً بها .
فما الحكم في ذلك.
الحمد لله
زكاة الفطر صاع من البر أو التمر أو الأرز ونحوها من قوت البلد للشخص الواحد ،
ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً ، ولا حرج في إخراج زيادة في زكاة الفطر
كما فعلت بنية الصدقة ولو لم تخبر بها الفقير .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/370) .
اليهود أزواجهن فكيف يخرجن زكاة الفطر
في بلدتنا في خان يونس تحاصرنا القوات الإسرائيلية فتقطعت بنا السبل
ولا تعلم الزوجات عن أزواجهن شيئاً فكيف يخرجن زكاة الفطر ؟.
الحمد لله
تجب زكاة الفطر على عائل الأسرة
وهو صاحب المال فعليه أن يخرج الزكاة عنه
وعمن يعولهم من الزوجات والأولاد وغيرهم .
فإذا عجز عن إخراج الزكاة فإن الله يعذره ،
وعليه القضاء بعد أن يفرج الله عنه ويرجع إلى أهله .
وبالنسبة للزوجات فإن كن يقدرن على دفع زكاة الفطر
عن أنفسهن فعليهن المبادرة بدفعها ،
فإذا عجزن عن ذلك فليس عليهن شيء
لقول الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم )
وقوله تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) .
والمرأة إذا أخرجت عن نفسها وعن أولادها فهي مأجورة ،
وإن لم تستطع إلا عن نفسها فليس عليها إلا ذلك .
وإن استطاعت المرأة أن تكلم زوجها بالهاتف وتأخذ منه توكيلاً ب
دفع الزكاة وكان في البيت ما تخرج به الزكاة عن زوجها
ومن يعول فإنها تخرج زكاة الفطر عنهم بعد إذن زوجها .
نسأل الله أن يفرج الكرب وأن يعيد هؤلاء الأزواج سالمين
وينصر الإسلام والمسلمين ويخزي اليهود الكافرين .
وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
هناك دعاء عند إخراج زكاة الفطر
هل من قول معين يقال عند إخراج زكاة الفطر، وما هو ؟.
الحمد لله
لا نعلم دعاء معيناً يقال عند إخراجها .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
هل لإمام المسجد جمع زكاة الفطر ، وأين تُوزع ؟
متى تخرج زكاة الفطر وأين توزع وهل يجوز جمعها من طرف إمام المسجد
ثم توزيعها على المستحقين ولو بعد حين ، وهل هي تابعة للتضخم المالي ،
وهل يجوز إرسالها للمجاهدين في فلسطين مثلاً أو إدخالها في صندوق بناء مسجد مثلاً ؟.
الحمد لله
وقت زكاة الفطر ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد .
ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة ، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها ،
ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة ويجوز لإمام المسجد ونحوه
من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء ؛
على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد ، وليس قدرها تابعاً للتضخم المالي ،
بل حدَّها الشرع بصاع ، ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه
نفقته تسقط عنه ، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/369)
تأخير زكاة الفطر عن وقتها
كنت في سفر ونسيت دفع الفطرة وكان السفر ليلة 27/9 ولم نخرج الفطرة حتى الآن .
الحمد لله
إذا أخر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها أثم وعليه التوبة إلى الله والقضاء ؛
لأنها عبادة فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة ،
وحيث ذكرت عن السائلة أنها نسيت إخراجها في وقتها فلا إثم عليها ،
وعليها القضاء ، أما كونها لا إثم عليها فلعموم أدلة إسقاط الإثم عن الناسي ،
وأما إلزامها بالقضاء فلما سبق من التعليل .
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة (9/372)
زكاة الفطر عن الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً
امرأة طلقها زوجها طلقة واحدة ، فهل يجب عليه أن يُخرج زكاة الفطر عنها ؟ .
الحمد لله
أولاً :
زكاة الفطر تجب على الإنسان ، وعلى من تلزمه نفقته ، كالزوجة ، والابن ، وغيرهما ؛
لما روى الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ) ،
ولكنه حديث ضعيف ، ضعفه الدارقطني والبيهقي والنووي وابن حجر وغيرهم .
انظر : "المجموع" ( 6 / 113) ، و "تلخيص الحبير" ( 2 / 771) . قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه
نفقته ومنهم الزوجة ، لوجوب نفقتها عليه " انتهى . " فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " ( 9 / 367) .
ثانياً :
المرأة إذا طُلقت طلاقاً رجعياً ، فهي في حكم الزوجات لها ما لهن من النفقة والسكنى ،
ما دامت في العدة ، والفطرة تتبع النفقة ،
فما دام أن نفقة الرجعية على الزوج ، فكذلك الفطرة عليه .
قال النووي في " المجموع " ( 6 / 74) :
" قَالَ أَصْحَابُنَا : تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ كَنَفَقَتِهَا " انتهى .
وقال ابن يوسف المواق من المالكية في " التاج والإكليل " ( 3 / 265 ) :
" لَوْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً لَزِمَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَأَدَاءُ الْفِطْرِ عَنْهَا "
انتهى بتصرف .
وذهب بعض العلماء إلى أن الزوج لا يلزمه إخراج زكاة الفطر عن زوجته ،
بل ذلك واجب عليها هي ، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ،
واختاره الشيخ ابن عثيمين ، وانظر جواب السؤال (99353) .
وينبغي للزوج أن يأخذ بالأحوط والأبرأ لذمته ،
فيخرج زكاة الفطر عن مطلقته الرجعية ،
ولا سيما وزكاة الفطر شيء يسير ،
لا يشق على الزوج إخراجه في الغالب .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
السؤال : مركز إسلامي في بلاد الغرب يقوم بشراء كميات من الطعام
كالرز مثلاً قبل العيد بعشرة أيام مثلاً ثم يعلن عن استعداده أخذ مبالغ
من المسلمين لزكاة الفطر ، ثم يخرجها عنهم ، وذلك لأنه لا يتمكن من شراء الكمية
إذا أخذ الأموال قبل العيد بيوم أو يومين فما حكم ذلك ؟
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
فأجاب حفظه الله بقوله :
لا باس أن يشتري المركز الطعام قبل مدة ثم يبيعه على الراغبين
في شراء زكاة الفطر ثم تخرج في وقتها الشرعي .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
هل على الفقير وأهله زكاة الفطر
إنسان فقير يعول عائلة مكونة من أمه وأبيه وأولاده ، ويدركه عيد الفطر ،
وليس عنده إلا صاع من الطعام فمن يخرجه عنه ؟.
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكره السائل من حال الفقير المسئول عنه ؛
فإنه يخرج الصاع عن نفسه إذا كان فاضلاً عن قوته وقوت من يعول يوم العيد وليلته ؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول )
رواه البخاري 2/117 ، 6/190 ، ومسلم 2/717، 718، 721 ،
برقم (1034، 1036، 1042) .
أما من يعولهم السائل فإذا لم يكن لديهم شيء يزكون به عن أنفسهم فتسقط
لقوله تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة /286 ،
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صدقة إلا عن ظهر غنى )
رواه البخاري ( 2،117، 6/190 ) ، ومسلم 2/717 برقم (1034) ،
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) .
س / هل حــديث (لا يرفع صـوم رمضان حـتى تعطى زكاة الفطر) صحيح؟
وإذا كان المسـلم الصائم محتاجا لا يملك نصاب الزكاة
هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر
لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة من السنة؟
ج / صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه
إذا فضل عنده عن قوته
وقوت عياله يوم العيد وليلته: صاع،
والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير،
على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين،
وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة
متفق عليه، واللفظ للبخاري .
وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
كنا نخرج زكاة الفطرإذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا
من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط متفق عليه .
ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه. والمقصود بالصاع هنا:
صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة.
وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء.
وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته.