فتى أراكان
, مراقب قسم ساحة الرأي
ذكريات عضو مشارك في اللجنة الفنية
(الثلاثاء 6/6/1429هـ) : هو يوم مشهود من أيام المدارس الخيرية البرماوية الغرّاء ! إذ حلّت مساء ذلك اليوم بمنسوبيها طلاباً ومعلمين وإداريين ضيفاً عزيزاً على إدارة التعليم بمكة بقاعة الملك فهد للبنات بالعزيزية .
قدّمت في ذلك المساء البهيّ لجمهور الحاضرين في القاعة عرضاً فنياً راقياً استمتعوا به لما يقرب الساعة من الزمان .. تحت عنوان / (أوبريت : دام خيرك يا بلاد الحرمين!) بمشاركة نخبة متميزة من طلاب هذه المدارس وبعض معلميها الأفاضل ، ولكن ..
من أين أتوا؟ أين كانوا يجتمعون؟ كيف كانوا يتدرّبون؟ منذ متى بدأوا يعملون؟ أسئلة كثيرة من هذا النوع ربما كانت تتوالى وتلحّ على أذهان الحاضرين وهم يستمتعون بالمشهد الحي البديع أمامهم رؤية واستماعاً وتذوقاً ؛ ليس من غير المنسوبين إلى هذه المدارس فقط ؛ بل ربما حتى من كثير من منسوبي هذه المدارس ومعلميها وروّاد الأنشطة فيها .
هذا العمل الفني الساحر الذي لم يستغرق عرضه على جمهور الحاضرين إلا أقل من الساعة قد استغرق الإعداد له والتدريب عليه شهراً أو يزيد بل يزيد من أيام المشاركين فيها من طلاب ومعلمين وإداريين .
(60) ستون طالباً و(10) عشرة معلمين وبعض الإداريين من أعضاء اللجنة العليا لهذه المدارس وغيرهم .. ضحّوا جميعاً بأوقاتهم وأفكارهم وجهودهم ، كلّ بما يستطيع لإخراج هذا العمل الفني المتقن في أبهى حلّة وأرقى مستوى يطمحون بلوغه والوصول إليه بتوفيق ربهم تعالى .
سعدت بحمد الله العام الدراسي ما قبل الماضي بأن أكون واحداً منهم عضواً مشاركاً في هذه اللجنة التي يُعهد إليها ويُناط بها مسؤولية إعداد فقرات الحفل الختامي لأنشطة المدارس الخيرية البرماوية ، اللجنة التي يدعونها بـ "اللجنة الفنية" ضمن أخواتها من اللجان العاملة في الحفل المذكور .
وهأنذا أحاول باقتراح من زميلي في التحفيظ أ. زبير مولانا استعادة شيء من ذكرياتي ، وبعض ما علق بذاكرتي ، من أيام العمل بهذه اللجنة مع زملائي وإخوتي ، على غرار ما سبق لي نشره على صفحات هذا المنتدى المبارك من ذكرياتي .. بعنوان : (ذكريات معلم في مدرسة خيرية) ، تزامناً مع انطلاقة أعمالها استعداداً للحفل الختامي القادم الذي تأخر كثيراً عن ميعاده المفترض للعام الدراسي 29-1430هـ ، وبالله التوفيق .
من نحن ومن أين جئنا؟
يُزاح الستار عن المنصة من أمام الجمهور المترقّب .. كيف كانت أحوالهم؟ أعصابهم مشدودة .. أنفاسهم محبوسة .. أبصارهم نافذة .. أفواههم فاغرة ! تحسّباً لفوات شيء من (الأوبريت) الذي أعلن عن بدء عرضه قبل قليل .
طفل برماوي ناشئ ينبثق من قعر صدفة مجوّفة ! يتوهّج وسطَها كلؤلؤة ! يتغنى بالقرآن ويصدح .. يقف الراوي .. شيخ كبير مسنّ .. قد ابيضّ شعر رأسه ولحيته .. يواجه جمهوره العريض ولكن .. يرونه ولا يراهم ! وإن كان يشعر بل يستيقن من وجودهم ، ولذلك يتوجّه إليهم مباشرة يخاطبهم :
- يتساءلون عنا ! من نحن ومن أين جئنا؟ وهذا الطفل القارئ من أبنائنا ..
ويمضي حاكياً مأساة أمتنا في (أراكان) مدة عشر دقائق أو تزيد .. يحكي ويحكي .. ليس ثمة كتاب أمامه يقرأ فيه .. وليس من جهاز في أذنه يستمع إليه .. من أين كان يحكي إذاً؟
من رأسه بل من قلبه مباشرة ! وأي إنسان لا يحكي قصة معاناته بل معاناة شعبه من صميم قلبه مباشرة؟! ولو ذهبت بيدك حينئذ إلى موضع قلبه من صدره لربما احترقت يدك مباشرة ! فحذار أن تجرِّب ! فكيف لو ذهبت بيدك إلى قلب من كتب هذه اللوحة الأولى من لوحات (الأوبريت)؟ كيف تسنى له أن يكتبها دون أن يحترق قلبه ويسودّ؟
أرأيت أمّاً توشك أن تضع وليدها : أيُعقل أن يزور المنام جفنيها؟ إلا أن تضع حملها؟ كذلك كان شأن كاتبها ، ليلة كتابتها .. ظلّ يتقلّب على فراشه يمنة ويسرة مدة ساعة أو تزيد ، يدعو إليه النوم فلا يستجيب .. يلحّ على أجفانه بالغمض فلا تستكين ..
وأخيراً .. يقوم من فراشه ويكتب ساعة أو تزيد .. حتى إذا ما سوّد بقلمه صفحات ، وأخرج كل ما في جوفه عليها ؛ تأوّه طويلاً وهدأ ، كمن وضعت جنينها وارتاحت ، وقرّت عينها فنامت !
ليتني كنت أمّاً لأُرزق ما تحسّ به كلّ أمّ حين تنجب للعالم مولوداً تهديه إلى الدنيا ! حقّ على الرجال أن يكرموا النساء لهذه الأمومة الفيّاضة الضافية . مساكين نحن معاشر الرجال ! رزقنا الرجولة وحرمنا سموّ معاني الأمومة ، فتحية إجلال وتقدير لكل أم في الدنيا تهب الحياة إلى الحياة .. من صلب الحياة !!!
ومازال الراوي يحكي بروح الفنان الأصيل .. صوت شجيّ نابع من أعماق التاريخ الموغلة في القدم ، رغم حداثة السن ونضارة الشباب . من هو؟ "فيصل معلم" أحد الأعضاء البارزين في اللجنة الفنية . ترى أين البقية؟
من هم الأعضاء في لجنتنا؟
كنا حوالي عشرة أعضاء في اللجنة الفنية يرأسهم أ. خالد شريف : خلوق حييّ ودود .. ينوب عنه أ. عباس عالم شاه : حازم نشيط رفيق .. يعتاش لهم ويسعى في غذائهم أ. محمود محمد علي : بسّام ثغره ، كبير قلبه مثل جسمه يصبر عليهم ويتحمل أذاهم .. يصوِّرهم ويوثِّق عملهم أ. أحمد أمجد : يخاطب مستمعيه كما عهدته باحترام شديد .. يمازحهم ويضاحكهم و"يحشّهم" أ. سلطان السيامي .. قرينه في ذلك الفنان الكوميدي المحبوب أ. فيصل معلم ، ولا تسل عن العمل والإنجاز إذا اجتمعا ! وانضمّ إليهم ثالثهم أ. خالد مليباري : منشد بارع حنون ، يعاون المنشدين من الطلاب على أداء الألحان ، وهو زميل العمل في مدارس الإبداع لـ أ. عبد العزيز محمد إسلام : خيّاط اللجنة الفنية المختصّ ، ينتقي الأقمشة ويفصِّل الثياب لأعضاء اللجنة طلاباً ومعلمين ، يعين بذلك المخرج أ. سمير نور أحمد على إضفاء اللمسات الفنية وتلوين المشاهد البصرية لكل المشاركين في العمل .. يحرِّر لهم كاتب هذه السطور ما يطلب إليه تحريره وصياغته من النصوص الأدبية التي تزدان بها لوحات (الأوبريت) ، وما يطلب إليه التدقيق فيه وتصحيحه لغوياً من نصوص أخرى تتعلّق ببعض فقرات الحفل ، وتقويم ألسنة الطلاب بها ، وتدريبهم عليها ..
من أين انطلقنا في عملنا؟
من شُقّة فسيحة تبرّع بها لنا من سلّمنا مفتاحها ندخل ونخرج كما نشاء .. تمتلئ ثلاجتها بالماء البارد وشتى أنواع العصير نشربها متى نشاء .. يشغل زاويةً في إحدى غرفها حاسبٌ آلي موصول بطابعة ملونة تطبع لنا من الأوراق ما نشاء .
كنا نعقد اجتماعاتنا في الشقة غالباً .. نتواعد عندها .. نلتقي فيها .. نتغدّى ونتعشّى بها : أفخر الأصناف وأشهى المأكولات أحياناً . وربما صلّينا للأسف داخلها ! نتكاسل عن شهود الجماعة في المسجد القريب منها ، سامحنا الله . وربما نام بعضنا في غرفها ، وغدا منها إلى مدرسته صباح اليوم التالي . كأنها غدت لنا بيتاً ومطعماً ومسجداً وورشة عمل في آن واحد . حقاً ، لقد أراحتنا كثيراً ، وأعانتنا على أداء العمل وسرعة الإنجاز ، كما أغرتنا بالبطالة والتسيّب في بعض الأحيان ! وتلك طبيعة البشر في كل زمان ومكان .. جدّ وهزل .. استرخاء وعمل .. راحة وإنجاز ..
أجزل الشكر وأعطر الثناء للإخوة الأفاضل في اللجنة العليا الأساتذة محمد طيب وجابر المهاجري والبقية على سعيهم لتوفيرها لنا ، جزاهم الله خيراً عنا ، ومن تبرّع بها لنا ، ولو عرفت اسمه لما ترددت في ذكره هنا !
كيف كنا نتواصل فيما بيننا؟
عملنا شهراً أو يزيد بل يزيد زادت خلاله اتصالاتنا فيما بيننا ظهراً أو عصراً أو مغرباً أو عشاء إلى ساعات متأخرة من الليل تبلغ الثانية أو حتى الثانية والنصف أحياناً ، وربما اضطررت لأن أعود إلى البيت في تلك الساعة جائعاً ناعساً أترنّح وأتمايل ، وفي الصباح نغدو إلى المدرسة في وقت الدوام كأنا لم نسهر أو نعمل إلى ساعات متأخرة من الليل .
ويا ليتنا إذ سهرنا حافظنا على صلاة الفجر جماعة في وقتها ولم نضيِّعها ، وأنى لمن يسهر إلى ما بعد منتصف الليل أن يستيقظ من نومه لها ، ويشهدها مع جماعة المصلين في المسجد؟! وأي خير أو نفع أو بركة في عمل لا يعين بل يعوق عن شهود صلاة من الصلوات الخمس مع جماعة المصلين في المسجد؟! اللهم عفواً وغفراً ، لي ولغيري من الساهين عن صلاتهم من هذه الأمة .
عمل مستمر بالليل ، و
تواصل دائم بالنهار ؛ فمن أين لنا بكل هذا الرصيد من حساب المكالمات؟!
جهاز ما يسمّى بـ "البرافو" الذي تواصل به الأعضاء فيما بينهم وفّر الكثير للميزانية التي رُصدت للجنة الفنية وأعضائها ، وسهّل لهم التواصل الدائم فيما بينهم . وربما قلّص الكثير من فرص التهرّب والتغيّب عن العمل !
أين درّبنا طلابنا؟
عملنا نحن أعضاء اللجنة الفنية في الشقة المذكورة ؛ فأين درّبنا طلابنا على أداء أدوارهم في (الأوبريت) منشدين كانوا أو مردّدين أو ممثّلين للمشاهد أو مؤدّين للحوار أو ملقين للخطبة والكلمات؟
في الفناء الكبير لمدرسة محمد العساكر الخيرية بحي الزهور ، حيث يتفسّح طلابها خلال الدوام المدرسي . أجزل الشكر وأعطر الثناء لمتوسطة وثانوية محمد العساكر الخيرية .
يتوافد إليها الطلاب المشاركون في الحفل من بعد العصر تاركين حلقات التحفيظ في مساجدهم ، ويمكثون بها إلى ما بعد العاشرة ليلاً ، يتدرّبون خلالها وقوفاً على أداء أدوارهم تدريباً جاداً مكثّفاً لا يريحهم منه إلا انقطاعهم عنه قليلاً لأداء صلاتي المغرب والعشاء في وقتهما جماعة مع معلميهم المشرفين عليهم من أعضاء اللجنة ، ويحظون بوجبة خفيفة بعد العشاء يتناولونها سراعاً ليستأنفوا تدريبهم الجادّ قبل أن يُصدر الحافل المنتظر على بوّابة المدرسة أصوات بوقه إيذاناً لهم بموعد رجوعهم إلى بيوتهم . ولا أظنهم يبلغونها إلا قريباً من الحادية عشرة ؛ فمتى يذاكرون دروسهم ويحلّون واجباتهم؟ الله أعلم بهم ! ولو أرادوا لما استطاعوا ؛ كيف وهم وقوف على المدرّج المصنوع من عُمُد الحديد ساعات طويلة تستنفد آخر ما عندهم من طاقات يُجهدون بعدها ، فلا يكاد يقوى أحدهم إلا على تناول لقيمات يطرح نفسه على الفراش بعدها ، لا يعي من دنياه شيئاً حتى يفيق من نومه صباح الغد يتعجّل الخروج من بيته إلى المدرسة !
ومع ذلك فلا لوم علينا ألبتة ! هم رضوا بذلك لأنفسهم ، وصبروا عليه وتحمّلوه ، بل لا أبالغ إذا زعمت بأنهم استمتعوا به واستعذبوه ! ومن كان معنا ، ورأى منهم ما رأينا ، أيقن بما عنهم نقلنا . اسمعوا إن شئتم ! :
- اسمي بشير ..
- وأنا نذير !
- أعيش بمكة !
- وأنا أيضاً ..
- ما أحلاها !
- كم أحبها !
- وأنا أيضاً ..
ويمضي الحوار كذلك سريعاً طريفاً بين أصغر طفلين موهوبين من الطلاب المشاركين في الحفل يتدرّبان على أداء دورهما في (الأوبريت) بجرأة وإتقان رغم صغر سنهما . ترى ما مصير موهبتهما لو لم تكن في مدارسنا أنشطة ولا حفل ختامي لها؟
أجزل الشكر وأعطر الثناء لأسرة النشاط بالمدارس الخيرية البرماوية عامة ، وروّاد الأنشطة فيها خاصة .
ما الجديد المثير في تجربتنا؟
الجديد المثير في الأمر بالنسبة لكثير من الطلاب المشاركين في الحفل وحتى لي أنا شخصياً تسجيل النصوص بأصواتهم - نشيداً كان أو خطبة أو حواراً أو إلقاء جماعياً أو حتى موّالاً مكياً ! فيما يسمى بـ "الاستديو" !
حجرة صغيرة ضيقة لا تتسع لأكثر من خمسة أشخاص .. لا مروحة ولا مكيِّف ، ولا منفذ صغيراً لنسمة هواء باردة . وإنما هو صمت مطبق خانق !
يُحبس من يسجل داخلها مع اللاقط (الميكروفون) ويظل واقفاً أمام مهندس الصوت ، يطل عليه من وراء لوح زجاجي سميك ، يتتبع إشاراته وتوجيهاته ، يتلقّاها منه عبر سمّاعات كبيرة يضعها على أذنيه .. فما هي إلا ساعة أو بعض ساعة حتى يخرج منها وقد تصبّب عرقاً على جبينه وأنحاء جسمه ، وربما بلّل ثيابه كمن استحمّ وخرج لتوه من الحمام ! ولكن ..
لماذا نتوسّع ونتساهل في استخدام الإيقاعات الموسيقية - المصرّح من قبل العلماء بحرمتها - أثناء التسجيل في "الاستديو" بدعوى الإتقان .. في أداء الألحان؟! استفهام جريء أتركه لإخوتي العاملين في مجال هندسة الصوت وفيهم من أعرفه وأعتز بمعرفته من أهل الدين والتدين ، ولكل من وقف على الأمر وعلم به وسكت لا ينكر ولا ينصح جبناً أو مجاملة أو تخاذلاً وتهاوناً ، عسى أن لا أكون منهم ، غفر الله لي ولهم ..
إننا معشر المعلمين نحرِّم على طلابنا في حصص التربية الإسلامية سماع الغناء لاشتماله على المعازف والموسيقى ؛ فكيف نبثّها أو نرضى ببثها أو نسكت عن بثّها لهم في آذانهم عبر المسماع بدعوى الإتقان ، في أداء الألحان .. أثناء التسجيل في حجرات "الاستديو"؟!
ما هي ثمرة تعبنا وجهدنا؟
سألني أحد أصدقائي بعد انتهاء الحفل بمدة :
- عملتم فأخلصتم ، وأتقنتم فأبدعتم ؛ فبماذا خرجتم؟
- من؟ أعضاء اللجنة؟
- طبعاً أعضاء اللجنة الفنية ..
- بالثناء الحسن على ألسنة الخلق كما تفعل الآن !
- إنما أعني حقكم من التكريم ..
- درع وشهادة ، ورحلة ترفيهية ..
- فقط؟
- وماذا تريد أكثر من ذلك؟
قال واعتدل في هيأته كمن يتهيّأ لخوض معركة :
- اسمع ! حفل تنفق عليه عشرات الألوف لا تحظون منها بمئات وقد عملتم وسهرتم وأنجزتم؟ ألم تسأل نفسك يوماً : أين ذهبت تلك الألوف؟ كلّ يأخذ حظه منها إلا أنتم : الحدّاد وصاحب الديكور ومهندس الصوت وصاحب الإضاءة إلى آخرهم .. أما سألت نفسك مرة : أفيهم من يعمل ولا يأخذ ، أو لا يطلب إن لم يُعط؟ فلماذا تُستثنون أنتم من بينهم؟
قلت ببلاهة في نظره :
- نحن نخدم الجالية !
فانفجر في وجهي ضاحكاً كأني ألقيت عليه نكتة طريفة ضاحكة ، ثم تمالك نفسه يقول :
- هم أيضاً يزعمون أنهم يخدمون الجالية ؛ أليس كذلك؟ فلماذا يأخذون ولا تأخذون؟!
- نأخذ الأجر من عند الله كاملاً غير منقوص إن وفقنا ورزقنا الإخلاص إن شاء الله ..
- على فكرة ! نشرت مقالاً عن ذكرياتك في المدرسة . هل تنشر مثلها عن اللجنة الفنية؟
- بالتأكيد !
- أراك جريئاً بعض الشيء في ذكر السلبيات وانتقادها كصدقك أيضاً في ذكر الإيجابيات وامتداحها .. !
- القلم عندي - كما يفترض أن يكون عند كل مسلم - رسالة وأمانة ودعوة ، قبل أن يكون متعة أو هواية وحرفة ، ولو كان كله مجاملة ؛ فما قيمة ما يكتب به عند الله وبين الناس؟
- صدقت ! كيف ستنهي مقالتك؟ أنا أترقبها بشغف ..
قلت له :
- بهذه الجملة الأخيرة : (أجزل الشكر وأعطر الثناء .. لزملائي الأعضاء .. في اللجنة الفنية) .
(الثلاثاء 6/6/1429هـ) : هو يوم مشهود من أيام المدارس الخيرية البرماوية الغرّاء ! إذ حلّت مساء ذلك اليوم بمنسوبيها طلاباً ومعلمين وإداريين ضيفاً عزيزاً على إدارة التعليم بمكة بقاعة الملك فهد للبنات بالعزيزية .
قدّمت في ذلك المساء البهيّ لجمهور الحاضرين في القاعة عرضاً فنياً راقياً استمتعوا به لما يقرب الساعة من الزمان .. تحت عنوان / (أوبريت : دام خيرك يا بلاد الحرمين!) بمشاركة نخبة متميزة من طلاب هذه المدارس وبعض معلميها الأفاضل ، ولكن ..
من أين أتوا؟ أين كانوا يجتمعون؟ كيف كانوا يتدرّبون؟ منذ متى بدأوا يعملون؟ أسئلة كثيرة من هذا النوع ربما كانت تتوالى وتلحّ على أذهان الحاضرين وهم يستمتعون بالمشهد الحي البديع أمامهم رؤية واستماعاً وتذوقاً ؛ ليس من غير المنسوبين إلى هذه المدارس فقط ؛ بل ربما حتى من كثير من منسوبي هذه المدارس ومعلميها وروّاد الأنشطة فيها .
هذا العمل الفني الساحر الذي لم يستغرق عرضه على جمهور الحاضرين إلا أقل من الساعة قد استغرق الإعداد له والتدريب عليه شهراً أو يزيد بل يزيد من أيام المشاركين فيها من طلاب ومعلمين وإداريين .
(60) ستون طالباً و(10) عشرة معلمين وبعض الإداريين من أعضاء اللجنة العليا لهذه المدارس وغيرهم .. ضحّوا جميعاً بأوقاتهم وأفكارهم وجهودهم ، كلّ بما يستطيع لإخراج هذا العمل الفني المتقن في أبهى حلّة وأرقى مستوى يطمحون بلوغه والوصول إليه بتوفيق ربهم تعالى .
سعدت بحمد الله العام الدراسي ما قبل الماضي بأن أكون واحداً منهم عضواً مشاركاً في هذه اللجنة التي يُعهد إليها ويُناط بها مسؤولية إعداد فقرات الحفل الختامي لأنشطة المدارس الخيرية البرماوية ، اللجنة التي يدعونها بـ "اللجنة الفنية" ضمن أخواتها من اللجان العاملة في الحفل المذكور .
وهأنذا أحاول باقتراح من زميلي في التحفيظ أ. زبير مولانا استعادة شيء من ذكرياتي ، وبعض ما علق بذاكرتي ، من أيام العمل بهذه اللجنة مع زملائي وإخوتي ، على غرار ما سبق لي نشره على صفحات هذا المنتدى المبارك من ذكرياتي .. بعنوان : (ذكريات معلم في مدرسة خيرية) ، تزامناً مع انطلاقة أعمالها استعداداً للحفل الختامي القادم الذي تأخر كثيراً عن ميعاده المفترض للعام الدراسي 29-1430هـ ، وبالله التوفيق .
من نحن ومن أين جئنا؟
يُزاح الستار عن المنصة من أمام الجمهور المترقّب .. كيف كانت أحوالهم؟ أعصابهم مشدودة .. أنفاسهم محبوسة .. أبصارهم نافذة .. أفواههم فاغرة ! تحسّباً لفوات شيء من (الأوبريت) الذي أعلن عن بدء عرضه قبل قليل .
طفل برماوي ناشئ ينبثق من قعر صدفة مجوّفة ! يتوهّج وسطَها كلؤلؤة ! يتغنى بالقرآن ويصدح .. يقف الراوي .. شيخ كبير مسنّ .. قد ابيضّ شعر رأسه ولحيته .. يواجه جمهوره العريض ولكن .. يرونه ولا يراهم ! وإن كان يشعر بل يستيقن من وجودهم ، ولذلك يتوجّه إليهم مباشرة يخاطبهم :
- يتساءلون عنا ! من نحن ومن أين جئنا؟ وهذا الطفل القارئ من أبنائنا ..
ويمضي حاكياً مأساة أمتنا في (أراكان) مدة عشر دقائق أو تزيد .. يحكي ويحكي .. ليس ثمة كتاب أمامه يقرأ فيه .. وليس من جهاز في أذنه يستمع إليه .. من أين كان يحكي إذاً؟
من رأسه بل من قلبه مباشرة ! وأي إنسان لا يحكي قصة معاناته بل معاناة شعبه من صميم قلبه مباشرة؟! ولو ذهبت بيدك حينئذ إلى موضع قلبه من صدره لربما احترقت يدك مباشرة ! فحذار أن تجرِّب ! فكيف لو ذهبت بيدك إلى قلب من كتب هذه اللوحة الأولى من لوحات (الأوبريت)؟ كيف تسنى له أن يكتبها دون أن يحترق قلبه ويسودّ؟
أرأيت أمّاً توشك أن تضع وليدها : أيُعقل أن يزور المنام جفنيها؟ إلا أن تضع حملها؟ كذلك كان شأن كاتبها ، ليلة كتابتها .. ظلّ يتقلّب على فراشه يمنة ويسرة مدة ساعة أو تزيد ، يدعو إليه النوم فلا يستجيب .. يلحّ على أجفانه بالغمض فلا تستكين ..
وأخيراً .. يقوم من فراشه ويكتب ساعة أو تزيد .. حتى إذا ما سوّد بقلمه صفحات ، وأخرج كل ما في جوفه عليها ؛ تأوّه طويلاً وهدأ ، كمن وضعت جنينها وارتاحت ، وقرّت عينها فنامت !
ليتني كنت أمّاً لأُرزق ما تحسّ به كلّ أمّ حين تنجب للعالم مولوداً تهديه إلى الدنيا ! حقّ على الرجال أن يكرموا النساء لهذه الأمومة الفيّاضة الضافية . مساكين نحن معاشر الرجال ! رزقنا الرجولة وحرمنا سموّ معاني الأمومة ، فتحية إجلال وتقدير لكل أم في الدنيا تهب الحياة إلى الحياة .. من صلب الحياة !!!
ومازال الراوي يحكي بروح الفنان الأصيل .. صوت شجيّ نابع من أعماق التاريخ الموغلة في القدم ، رغم حداثة السن ونضارة الشباب . من هو؟ "فيصل معلم" أحد الأعضاء البارزين في اللجنة الفنية . ترى أين البقية؟
من هم الأعضاء في لجنتنا؟
كنا حوالي عشرة أعضاء في اللجنة الفنية يرأسهم أ. خالد شريف : خلوق حييّ ودود .. ينوب عنه أ. عباس عالم شاه : حازم نشيط رفيق .. يعتاش لهم ويسعى في غذائهم أ. محمود محمد علي : بسّام ثغره ، كبير قلبه مثل جسمه يصبر عليهم ويتحمل أذاهم .. يصوِّرهم ويوثِّق عملهم أ. أحمد أمجد : يخاطب مستمعيه كما عهدته باحترام شديد .. يمازحهم ويضاحكهم و"يحشّهم" أ. سلطان السيامي .. قرينه في ذلك الفنان الكوميدي المحبوب أ. فيصل معلم ، ولا تسل عن العمل والإنجاز إذا اجتمعا ! وانضمّ إليهم ثالثهم أ. خالد مليباري : منشد بارع حنون ، يعاون المنشدين من الطلاب على أداء الألحان ، وهو زميل العمل في مدارس الإبداع لـ أ. عبد العزيز محمد إسلام : خيّاط اللجنة الفنية المختصّ ، ينتقي الأقمشة ويفصِّل الثياب لأعضاء اللجنة طلاباً ومعلمين ، يعين بذلك المخرج أ. سمير نور أحمد على إضفاء اللمسات الفنية وتلوين المشاهد البصرية لكل المشاركين في العمل .. يحرِّر لهم كاتب هذه السطور ما يطلب إليه تحريره وصياغته من النصوص الأدبية التي تزدان بها لوحات (الأوبريت) ، وما يطلب إليه التدقيق فيه وتصحيحه لغوياً من نصوص أخرى تتعلّق ببعض فقرات الحفل ، وتقويم ألسنة الطلاب بها ، وتدريبهم عليها ..
من أين انطلقنا في عملنا؟
من شُقّة فسيحة تبرّع بها لنا من سلّمنا مفتاحها ندخل ونخرج كما نشاء .. تمتلئ ثلاجتها بالماء البارد وشتى أنواع العصير نشربها متى نشاء .. يشغل زاويةً في إحدى غرفها حاسبٌ آلي موصول بطابعة ملونة تطبع لنا من الأوراق ما نشاء .
كنا نعقد اجتماعاتنا في الشقة غالباً .. نتواعد عندها .. نلتقي فيها .. نتغدّى ونتعشّى بها : أفخر الأصناف وأشهى المأكولات أحياناً . وربما صلّينا للأسف داخلها ! نتكاسل عن شهود الجماعة في المسجد القريب منها ، سامحنا الله . وربما نام بعضنا في غرفها ، وغدا منها إلى مدرسته صباح اليوم التالي . كأنها غدت لنا بيتاً ومطعماً ومسجداً وورشة عمل في آن واحد . حقاً ، لقد أراحتنا كثيراً ، وأعانتنا على أداء العمل وسرعة الإنجاز ، كما أغرتنا بالبطالة والتسيّب في بعض الأحيان ! وتلك طبيعة البشر في كل زمان ومكان .. جدّ وهزل .. استرخاء وعمل .. راحة وإنجاز ..
أجزل الشكر وأعطر الثناء للإخوة الأفاضل في اللجنة العليا الأساتذة محمد طيب وجابر المهاجري والبقية على سعيهم لتوفيرها لنا ، جزاهم الله خيراً عنا ، ومن تبرّع بها لنا ، ولو عرفت اسمه لما ترددت في ذكره هنا !
كيف كنا نتواصل فيما بيننا؟
عملنا شهراً أو يزيد بل يزيد زادت خلاله اتصالاتنا فيما بيننا ظهراً أو عصراً أو مغرباً أو عشاء إلى ساعات متأخرة من الليل تبلغ الثانية أو حتى الثانية والنصف أحياناً ، وربما اضطررت لأن أعود إلى البيت في تلك الساعة جائعاً ناعساً أترنّح وأتمايل ، وفي الصباح نغدو إلى المدرسة في وقت الدوام كأنا لم نسهر أو نعمل إلى ساعات متأخرة من الليل .
ويا ليتنا إذ سهرنا حافظنا على صلاة الفجر جماعة في وقتها ولم نضيِّعها ، وأنى لمن يسهر إلى ما بعد منتصف الليل أن يستيقظ من نومه لها ، ويشهدها مع جماعة المصلين في المسجد؟! وأي خير أو نفع أو بركة في عمل لا يعين بل يعوق عن شهود صلاة من الصلوات الخمس مع جماعة المصلين في المسجد؟! اللهم عفواً وغفراً ، لي ولغيري من الساهين عن صلاتهم من هذه الأمة .
عمل مستمر بالليل ، و
تواصل دائم بالنهار ؛ فمن أين لنا بكل هذا الرصيد من حساب المكالمات؟!
جهاز ما يسمّى بـ "البرافو" الذي تواصل به الأعضاء فيما بينهم وفّر الكثير للميزانية التي رُصدت للجنة الفنية وأعضائها ، وسهّل لهم التواصل الدائم فيما بينهم . وربما قلّص الكثير من فرص التهرّب والتغيّب عن العمل !
أين درّبنا طلابنا؟
عملنا نحن أعضاء اللجنة الفنية في الشقة المذكورة ؛ فأين درّبنا طلابنا على أداء أدوارهم في (الأوبريت) منشدين كانوا أو مردّدين أو ممثّلين للمشاهد أو مؤدّين للحوار أو ملقين للخطبة والكلمات؟
في الفناء الكبير لمدرسة محمد العساكر الخيرية بحي الزهور ، حيث يتفسّح طلابها خلال الدوام المدرسي . أجزل الشكر وأعطر الثناء لمتوسطة وثانوية محمد العساكر الخيرية .
يتوافد إليها الطلاب المشاركون في الحفل من بعد العصر تاركين حلقات التحفيظ في مساجدهم ، ويمكثون بها إلى ما بعد العاشرة ليلاً ، يتدرّبون خلالها وقوفاً على أداء أدوارهم تدريباً جاداً مكثّفاً لا يريحهم منه إلا انقطاعهم عنه قليلاً لأداء صلاتي المغرب والعشاء في وقتهما جماعة مع معلميهم المشرفين عليهم من أعضاء اللجنة ، ويحظون بوجبة خفيفة بعد العشاء يتناولونها سراعاً ليستأنفوا تدريبهم الجادّ قبل أن يُصدر الحافل المنتظر على بوّابة المدرسة أصوات بوقه إيذاناً لهم بموعد رجوعهم إلى بيوتهم . ولا أظنهم يبلغونها إلا قريباً من الحادية عشرة ؛ فمتى يذاكرون دروسهم ويحلّون واجباتهم؟ الله أعلم بهم ! ولو أرادوا لما استطاعوا ؛ كيف وهم وقوف على المدرّج المصنوع من عُمُد الحديد ساعات طويلة تستنفد آخر ما عندهم من طاقات يُجهدون بعدها ، فلا يكاد يقوى أحدهم إلا على تناول لقيمات يطرح نفسه على الفراش بعدها ، لا يعي من دنياه شيئاً حتى يفيق من نومه صباح الغد يتعجّل الخروج من بيته إلى المدرسة !
ومع ذلك فلا لوم علينا ألبتة ! هم رضوا بذلك لأنفسهم ، وصبروا عليه وتحمّلوه ، بل لا أبالغ إذا زعمت بأنهم استمتعوا به واستعذبوه ! ومن كان معنا ، ورأى منهم ما رأينا ، أيقن بما عنهم نقلنا . اسمعوا إن شئتم ! :
- اسمي بشير ..
- وأنا نذير !
- أعيش بمكة !
- وأنا أيضاً ..
- ما أحلاها !
- كم أحبها !
- وأنا أيضاً ..
ويمضي الحوار كذلك سريعاً طريفاً بين أصغر طفلين موهوبين من الطلاب المشاركين في الحفل يتدرّبان على أداء دورهما في (الأوبريت) بجرأة وإتقان رغم صغر سنهما . ترى ما مصير موهبتهما لو لم تكن في مدارسنا أنشطة ولا حفل ختامي لها؟
أجزل الشكر وأعطر الثناء لأسرة النشاط بالمدارس الخيرية البرماوية عامة ، وروّاد الأنشطة فيها خاصة .
ما الجديد المثير في تجربتنا؟
الجديد المثير في الأمر بالنسبة لكثير من الطلاب المشاركين في الحفل وحتى لي أنا شخصياً تسجيل النصوص بأصواتهم - نشيداً كان أو خطبة أو حواراً أو إلقاء جماعياً أو حتى موّالاً مكياً ! فيما يسمى بـ "الاستديو" !
حجرة صغيرة ضيقة لا تتسع لأكثر من خمسة أشخاص .. لا مروحة ولا مكيِّف ، ولا منفذ صغيراً لنسمة هواء باردة . وإنما هو صمت مطبق خانق !
يُحبس من يسجل داخلها مع اللاقط (الميكروفون) ويظل واقفاً أمام مهندس الصوت ، يطل عليه من وراء لوح زجاجي سميك ، يتتبع إشاراته وتوجيهاته ، يتلقّاها منه عبر سمّاعات كبيرة يضعها على أذنيه .. فما هي إلا ساعة أو بعض ساعة حتى يخرج منها وقد تصبّب عرقاً على جبينه وأنحاء جسمه ، وربما بلّل ثيابه كمن استحمّ وخرج لتوه من الحمام ! ولكن ..
لماذا نتوسّع ونتساهل في استخدام الإيقاعات الموسيقية - المصرّح من قبل العلماء بحرمتها - أثناء التسجيل في "الاستديو" بدعوى الإتقان .. في أداء الألحان؟! استفهام جريء أتركه لإخوتي العاملين في مجال هندسة الصوت وفيهم من أعرفه وأعتز بمعرفته من أهل الدين والتدين ، ولكل من وقف على الأمر وعلم به وسكت لا ينكر ولا ينصح جبناً أو مجاملة أو تخاذلاً وتهاوناً ، عسى أن لا أكون منهم ، غفر الله لي ولهم ..
إننا معشر المعلمين نحرِّم على طلابنا في حصص التربية الإسلامية سماع الغناء لاشتماله على المعازف والموسيقى ؛ فكيف نبثّها أو نرضى ببثها أو نسكت عن بثّها لهم في آذانهم عبر المسماع بدعوى الإتقان ، في أداء الألحان .. أثناء التسجيل في حجرات "الاستديو"؟!
ما هي ثمرة تعبنا وجهدنا؟
سألني أحد أصدقائي بعد انتهاء الحفل بمدة :
- عملتم فأخلصتم ، وأتقنتم فأبدعتم ؛ فبماذا خرجتم؟
- من؟ أعضاء اللجنة؟
- طبعاً أعضاء اللجنة الفنية ..
- بالثناء الحسن على ألسنة الخلق كما تفعل الآن !
- إنما أعني حقكم من التكريم ..
- درع وشهادة ، ورحلة ترفيهية ..
- فقط؟
- وماذا تريد أكثر من ذلك؟
قال واعتدل في هيأته كمن يتهيّأ لخوض معركة :
- اسمع ! حفل تنفق عليه عشرات الألوف لا تحظون منها بمئات وقد عملتم وسهرتم وأنجزتم؟ ألم تسأل نفسك يوماً : أين ذهبت تلك الألوف؟ كلّ يأخذ حظه منها إلا أنتم : الحدّاد وصاحب الديكور ومهندس الصوت وصاحب الإضاءة إلى آخرهم .. أما سألت نفسك مرة : أفيهم من يعمل ولا يأخذ ، أو لا يطلب إن لم يُعط؟ فلماذا تُستثنون أنتم من بينهم؟
قلت ببلاهة في نظره :
- نحن نخدم الجالية !
فانفجر في وجهي ضاحكاً كأني ألقيت عليه نكتة طريفة ضاحكة ، ثم تمالك نفسه يقول :
- هم أيضاً يزعمون أنهم يخدمون الجالية ؛ أليس كذلك؟ فلماذا يأخذون ولا تأخذون؟!
- نأخذ الأجر من عند الله كاملاً غير منقوص إن وفقنا ورزقنا الإخلاص إن شاء الله ..
- على فكرة ! نشرت مقالاً عن ذكرياتك في المدرسة . هل تنشر مثلها عن اللجنة الفنية؟
- بالتأكيد !
- أراك جريئاً بعض الشيء في ذكر السلبيات وانتقادها كصدقك أيضاً في ذكر الإيجابيات وامتداحها .. !
- القلم عندي - كما يفترض أن يكون عند كل مسلم - رسالة وأمانة ودعوة ، قبل أن يكون متعة أو هواية وحرفة ، ولو كان كله مجاملة ؛ فما قيمة ما يكتب به عند الله وبين الناس؟
- صدقت ! كيف ستنهي مقالتك؟ أنا أترقبها بشغف ..
قلت له :
- بهذه الجملة الأخيرة : (أجزل الشكر وأعطر الثناء .. لزملائي الأعضاء .. في اللجنة الفنية) .
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اسم الموضوع : ذكريات عضو مشارك في اللجنة الفنية
|
المصدر : .: مدارسنا الخيرية :.
