[ غَرِيبْ ] ! ...

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
20 يونيو 2009
المشاركات
188
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
المدينة المنورة !
[align=right]"
"


هو لا أرض لهُ ولا وطن .. يسأل دوماً الرمال التي يلتحفُ بها والحجارة التي يتوسدها ..
عن معنى الإنتماء والحنين ؟!
فلا يستنبطُ من صمتهم سوى أنهم مثله غرباء في الأرض .. ولِدوا لـ يتنفسوا الشقاء والعناء ! ..
لم تزر الابتسامة شفاههم يوما ! .. لم يروا شروق صباحٍ قط .. فقط سواد الليل ! ..
تعرّف ذات ليله على القمر ! .. وقرّر أن يُصاحبه مدى العمر ! ..
ربما لأنه كان يسمع صدى صرخاته الحادة المؤلمة ويُخيّل له أن ذاك صوت تعاطف القمر ! ..
مسكينٌ هذا الفتى .. كان يوهم نفسه بـ أنهارٍ عذبة في قحل الصحاري ..
فقط لـ يُكمل سَيرهُ إلى مستقبلٍ مجهول ! ..

كان اسمهُ [ غريب ] .. كـ روحه وذاته وكل شيء يتعلّقُ به ..
رفع حقيبته البنية القديمة المتآكلة من الأطراف .. حتى أن أكوام ثيابه المرقّعة خرجت من ثقوبِ ..
هذه الحقيبة لـ التنفس ! .. حملها على كتفه .. وباليدِ الأخرى زجاجة فارغة ! ..
فـ حرارة الشمس كانت كفيلة في تدفّق آخر قطرة ماء من تلك الزجاجة إلى حلقه الجاف ..
سمع صوت آذان الظّهر من مكانٍ ما ..
تتبع أصداء الآذان إلى أن وصل لـ قريةٍ صغيرة تبعد عن الساحل مسيرة 10 دقائق سيرا ..
- هي فرصة لأملأ زجاجتي وأتوضأ وأصلي الظهر جماعة ..
وصل لـ تلك القرية متجاهلاً كعادته نظرات الاستغراب والتّعجب من بني البشر ..
ملأ زجاجته بالماء البارد وتوضأ وصلّى الظهر مع أهل القرية ..
توسّد حقيبته بعد انتهاء الصّلاة في زاوية المسجد .. فـ قد نال من التعب والإرهاق الكثير جرّاء هذا السّير المتواصل ..
اقترب منه المؤذن مستغرباً من هيئته وآثار التّعب على ثيابه وجسده !! ومتعاطفاً على حالته ..
وبعد جهد استطاع إيقاظه وأخذه إلى بيته لـ ينفض غبار الغموض والتعب عن هذا الـ [ غريب ] ..
وبعد أن عرف اسمهُ سأله عن تلك الأمواج العاتية التي أطاحت به إلى تلك القرية ..
فـ سرد غريب روايته المؤلمة .. وكشف الستار عن غربته في كوكب الأرض !!
أشفق عليه هذا المؤذن هو لم يكن من أهل القرية الأصليين , لـ ذلك شعر به - ..
ووعده بـ أن يبحث له عن سكن وعملٍ في هذه القرية ..
"
"
وبعد مضيّ عامٍ كامل أعطى [ غريب ] نفسهُ بعض من شعور الإنتماء ..
فقد سكن تلك القرية وعمل فيها مع صديق ذلك المؤذن في النّجارة ..
كما لمس بعض من الحب الممزوج بـ الرّأفة من بعض أنقياء تلك القرية ..
كان مجتهداً في عمله .. أخلاقه عاليه .. محبوباً من الكل ..
"
كانت فسحته دائماً بعد ذاك الجهد المتعب بين تلك الأخشاب .. إلى الساحل ..
فقد كان يأخذ غداءه يومياً ويسترخي أمام صفاء الطبيعة وصدق الأمواج وهدوء المكان ..
كان دائم الغرق في التفكير عن طلاسم الحياة ومعادلاتها الصعبة ..
وبعد أن يأخذ قسطاً من السكون يعود إلى القرية ويُكمل مسلسل غربته ..
"
لم يكن يلقِ أي اهتمام لـ بعض من صبية القرية وهم ينعتوه بـ [ الأجنبي ] ..
فقد كان مؤمناً بـ أن [ أجنبي ] كلمة مرادفة لـ [ غريب ] الذي هو اسمه ..
فقد فَقَدَ حساسيته من هذه النقطة .. يبتسمُ إليهم ثم يُكمل مساره ! ..
"

وفي يومٍ من الأيام .. أتت فتاة من تلك القرية إلى المنجرة ..
تريد شخصاً يُصلح بعضاً من أثاث منزلها .. فوافق غريب ..
الفتاة كانت مسرفة في الجمال رائعة حد الانبهار .. وكأن قلب غريب بدأ بالتشكل مرة أخرى ..
بدأ يشعر بـ شعور جديد .. خصوصاً وأن تلك الفتاة كانت تعامله بـ رأفة وطيبة ..
وبعد أن انتهى من الإصلاح .. وقبل أن يخرج من منزلها .. جاءت بـ بعض من الطعام والمال ..
وأعطته لـ غريب .. وابتسمت له ..
ومن تلك اللحظة انقلب كيان هذا الـ غريب وبدأ يعانق بعضاً من المشاعر الجديدة على حياته ..
كـ [ الحنان والحب ] ..
وبـ عفوية الأطفال صرّح غريب بـ تلك المشاعر لـ الفتاة ..
تفاجأت في بادئ الأمر .. ولكن سرعان ما هاجم هذا الحب قلبها أيضاً ..
وعاشوا أروع قصة حب في تلك القرية .. ونوى أن يرتبط بها زواجاً ..
"

وعندما سمع أعيان القرية هذا الخبر قرروا بـ كل عنف طرد هذا الـ غريب من القرية ..
وخططوا بـ كل خبث لـ تفاصيل طرده كي يكون الحق في صفهم أمام سكان القرية
واتفقوا مع إحدى الساقطات أن تدخل دار غريب ليلاً ..
وفي تلك الليلة اجتمعوا عند داره وأخرجوه بـ القوة وهو يمسح بقايا نومه من عينيه بعد أن خرجت تلك السّاقطة ..
من داره أمام سكان القرية ..
خرج يتساءل عن سبب هذا التّجمهر أمام داره فقالوا له لقد خُدِعنا بك أيها الفاسق ..
والآن لا مكان لك بيننا هيا اخرج من القرية ..
وهو مذهولٌ بما يسمع .. خُيّل له أنه يحلم .. وقبل أن ينطق بـ كلمة ..
نوابلٌ من حجارةٍ تنهل عليه رجما .. وهو مندهشٌ من هذا التّصرف من قبل سكان القرية ..
بدأت الحجارة تقضم من جسمه وتشرب من دمه وهو يبكي ويصرخ :
لماذا ؟ بـ ربكم ماذا فعلتُ لكم ؟! ... وهو يردد تلك العبارات بدأ يركض تجاه مخرج القرية ..
والسكان من خلفه لم يتوقّفوا عن الرّجم ..
يسقط غريب على الأرض تارة .. ويحبو تارةً أخرى .. والدم ينساب من جسده إلى أن تلون بـ الأحمر !
حتى خرج من القرية وهو يبكي ويصرخ .. محاولاً البحث عن مبرّر لـ هذا الفعل الخالي من أي أنواع الرحمة ..
وصل إلى الساحل وهو غريقٌ بـ الدمِ والدمع .. والألم خرج من حدود التّحمّل ..
وهو يرفع يدهُ إلى السّماء طالباً العونُ من الله .. تقبّل الله دعوته وسقط جثةً هامدةً على الأرض ..
وتوفّى هذا الـ غريب .. ورحل إلى السّماء هارباً من جور الأرض وسكانه ..

"
"
[/align]


[align=left]بـ قلم / مازن محمد ! ... [/align]
 
اسم الموضوع : [ غَرِيبْ ] ! ... | المصدر : .: حكايات وأقاصيص :.
إنضم
13 مايو 2009
المشاركات
327
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
ما أقْساه من زمن ..

وما أوجعُها من أحرف ..

تبّاً لأولـئك ...

دمتَ مبدعاً أيها الحرف

حلّت دنياك
وحياك ربي دوما
 
التعديل الأخير:

AL UTHMANY

, قسم ركن التقنية
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
820
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
34
الإقامة
Makkah
THANKS MY DEAR



KEEP SHARING



AL UTHMANY
:kisses:
 
إنضم
5 مايو 2009
المشاركات
102
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
أعيش فوق خيالها ..
تلكَ مَصيرُ الغُرباءِ في كلّ مَهيَعةٍ .. !!
لا أرضَ ولا مأوَى .. لا فرَح ولا حَلوَى ..
يَعيشُونَ بَينَ أحاسيسَ مكتُومَةٍ .. وَآهَاتٍ مَحبُوسَةٍ ..
أينَمَا ذَهَبُوا وَجَدُوا الأحْزَانْ ..


سوَاء هُنَا أو هُنَاكَ ..
نفسَ القَضيّة !!

بَاركَ اللهُ في أدَبِك ، ودُمتَ موفقَاً ..

قِصّةٌ تَستحقّ التّثبيتُ ..
 

فتى أراكان

, مراقب قسم ساحة الرأي
إنضم
18 يونيو 2009
المشاركات
692
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
على ذروة جبل مكي
حرفك متمرد ! وذلك جميل حسن ولكن بطلك في القصة لم يكن كذلك ! وددت لو كان متمرداً مثل حرفك فيتغلب على ظروفه الصعبة في الحياة وينجح .. تقبل مروري وإلى الأمام
 
إنضم
20 يونيو 2009
المشاركات
188
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
المدينة المنورة !
"
"


صدقتَ يا أبو المقداد !!
هكذا هم , يقطفونَ من كلّ غصنٍ وجعاً وحسرة ..
وجلّ حلمهم كِسرةُ وَطَنْ ! ..
لكَ سحبُ الودّ هاطِلة على تواجدك . وتثبيتك لـ وجعٍ الغريب ..
مودّتي ..
 

7ken3

New member
إنضم
16 مايو 2009
المشاركات
107
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
makkah
صراحة القصة أعجبتني بكل ما فيها
الفكرة الكلمات المشاعر ...و الأسلوب المميز
طارت حروفي من شدة روعتها و كأنها تلمع أمامي
صدقا دمعت لنهاية القصة ..وجميل أنها تركت مفتوحة ..فما مصير هذا الغريب و كيف ستستمر حياته أهو يجد قرية أخرى و يعيش حياة هانئة
أم يموت من شدة الألم و التعب !!!
بالفعل أبدعت ..
شكرًا استمتعت بالقراءة
 
إنضم
20 يونيو 2009
المشاركات
188
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
المدينة المنورة !
[quote0]صراحة القصة أعجبتني بكل ما فيها
الفكرة الكلمات المشاعر ...و الأسلوب المميز
طارت حروفي من شدة روعتها و كأنها تلمع أمامي
صدقا دمعت لنهاية القصة ..وجميل أنها تركت مفتوحة ..فما مصير هذا الغريب و كيف ستستمر حياته أهو يجد قرية أخرى و يعيش حياة هانئة
أم يموت من شدة الألم و التعب !!!
بالفعل أبدعت ..
شكرًا استمتعت بالقراءة [/quote0]

أهلا بك أخي وبحضورك ..
وشكراً على ما تم تسطيرهُ هنا من قبلك ..
ولكن أريد أن أوضّح لك أن الغريب قد توفّى في السّطر الأخير !!

"
"
 

7ken3

New member
إنضم
16 مايو 2009
المشاركات
107
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
makkah
عذرًا لم أنتبهـ
[quote0] وهو يرفع يدهُ إلى السّماء طالباً العونُ من الله .. تقبّل الله دعوته وسقط جثةً هامدةً على الأرض ..
وتوفّى هذا الـ غريب .. ورحل إلى السّماء هارباً من جور الأرض وسكانه ..

[/quote0]

ربما لأني تعجلت في كتابة رأيي ..^^"
 

جواد البحر

Active member
إنضم
15 مايو 2009
المشاركات
3,025
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
الإقامة
مكة المكرمة

we3rb-64f734067d.gif


قصة رائعة وهادفة
الغريب غريب
يجب على الغريب أن يأخذ كل الحيطة عن أي أمر طارئ
العقبات كثيرة العاقل من احتواها

we3rb-d71f13db10.gif
 
أعلى