الأسيف
مراقب عام
(( المشروع التربوي الغائب ))
[font="]كثيراً ما ننتقدُ المدارس والمعاهد وأنهَا أخفقَت إخفَاقَاً ذريعاً في إرسَاء تقاليدِ التربية والأخلاق لأبنائنَا ، وإنَ كانَ في هَذا الكلامِ نوعُ صحّةٍ ، إلا أنهُ غيرُ مستقيمٍ من نواحي عديدَة ..[/font]
[font="]فإنهُ منَ الصعبِ أن تتقدمَ التربية في المدَارس إذا لم يكنْ ثمةَ تقدّم اجتمَاعيّ ؛ فالطفل حينَ ولادتهِ أكثرَ مَا يملكهُ هو استعدَادُهُ للنموّ والنّضجِ ، وتتشكّل شخصيتهُ عندَ تسجيلِه في المدَارسِ من خلالِ المشَاهد اليومية التي تتكررُ في نظرهِ ، والمواقف التي يراهَا ماثلةً أمامهُ ، والأحدَاث التي تكونُ عالقةً في ذهنهِ وتصوّرهِ ، فعنْ طريقِ تلكَ الصور الدائمَة تأخذُ شخصيتهُ انطباعاتِهَا ومفهومَاتِهَا ، فيتكاملُ الطفلُ على حسَب بيئتهِ ومُجتمَعهِ ، ويتربّى تلقائيّاً على ما شاهدَهُ من مَواقفِ أبويهِ وإخوَتهِ وكلّ فردٍ من حولهِ ، وبهذَا تتشكلُ لدَيهِ كثيرٌ من جوَانبِ الحيَاةِ ، فكمَا يكونُ الوالدان والمجتَمعُ حولهُ ، تكونُ تربيةُ الطفلِ ..[/font]
[font="]إذاً لن تستقيم أمورُ مدَارسنَا الخيرية ، أو حتى جامعاتِنَا كدارِ الحديث ومعهَدِ الحرمِ التي يلتحقُ بهَما أكثرُ أبنَائنَا ، ما لم يتمّ ترتيبُ أوضَاعنَا الاجتمَاعية ..[/font]
[font="]فالطفلُ في مُجتمعنَا يكبرُ وسَطَ جوٍّ قاتمٍ من التحطيمِ والتصغيرِ ، حيثُ يكونُ الأبوان أمّيين في كثيرٍ منَ الأحيَان ، أو يكونُ حَظّهمَا من الثقافةِ التربويةِ ضئيلاً ..[/font]
[font="]هذَا الطفلُ ينمُو بينَ مُجتَمعٍ لا يُعطي للعلمِ قدرَهُ ، ولا للعَالمِ منزلتهُ ، ولا للثقافة مرتبتهَا ، ولا للتقدّم المعرفيّ أهميتَهُ ، بَل يعيشُ مُعظمَ حيَاتهِ بينَ الضجَرِ والعتابِ والسُخريةِ والإحبَاطِ ويصِلُ أحيَاناً إلى الضربِ ، ليسَ من الأبوينِِ فحسْب، بَل من جُلّ شَرَائحِ المُجتمَع !![/font]
[font="]هذَا الطفلُ ينشَأ معَ رؤيةِ الشبَاب العَاطلينَ المُتمَتْرسينَ على الأرصفةِ والأزقّةِ ، في الصبَاحِ والظهيرَةِ ، ويقُومُ ساعدُه وهوَ يبصرُ وسائلَ الإعلامِ وأخلاقَ الأقربَاءِ والجوارِ وعَاداتهِم ، بالإضَافةِ إلى المفهُومَاتِ الاجتمَاعية السَائدَة ، والظُرُوف الاقتَصَاديّة التي يَعيشُهَا ..[/font]
[font="]تشتدّ سواعدُ هذَا الطفل ويقَوَى كتفهُ حتى يغدُو شابّاً فتياً ، لكنهُ يَظلُ أسيرَ (( الفوبِيَا )) ، فتموتُ قدراتهُ في دَاخلِهِ ، وتنكسرُ أهدَافهُ في نفسهِ ، لأنهُ عَاشَ في ذاتِ المُجتَمعِ الذي يحملُ ذلكَ المرَض ..[/font]
[font="]المشرُوعُ المُرْتَقَبُ بإيجَاز :[/font]
[font="]إنّ الجاليةَ البرمَاوية حظيَتْ بصفوَةٍ متمَيّزَةٍ ، أكفَاءَ خَاضوا غمَارَ الحياة ، مُتَسلحين بالعلمِ والمعرفة ؛ فمنْ واجبِ تلكَ النُخبَةِ دراسَةُ هذهِ السلبية من خلالِ وسائلِ الإعلامِ المُتَاحةِ لديهم كمُنتدَانَا هذَا ، وفي برَامج الدعوَةِ والتوعيَةِ بمُحَاولةٍ منهمْ في غرسِ قيمة العلمِ والثقَافَة ومدَى تأثيرِهمَا في التقدّمِ والرُقيّ عندَ أولياءِ أمور الطلبَة ، وأيضَاً (( من خلالِ إقامةِ ندَوَاتٍ معَ أوليَاءِ الأمورِ ومُفكري المُجتَمع في دَاخلِ المدَارسِ والأحيَاءِ وجَعْلهَا منَصّاتٍ لمُنَاقشَةِ أشكَالِ التَخلّف الذي يجْثُمُ على صَدْرِ الجاليَة ، بل تُنَاقشُ أشكَال التصَدّع بينَ ما يعتَقدُهُ المجتَمع ، وبينَ مَا يُمَارسهُ الطفلُ أو الشابُ أو الطالبُ في حيَاتهِ اليوميَة .. ))[/font]
[font="]إنّ هؤلاء الطّلابَ أو أولئكَ الفئة عَاجزُون ، ليسَ في استطَاعتهِم التعبيرُ عن مُشْكلاتِهِم ولا عنْ مَصَالِحِهِمْ ، فمِنْ مَسْؤُولية النُخبَةِ أولئِكَ مسَاعدَتهُمْ على تحقيقِ طمُوحَاتهِم ونيْلِ حقُوقِهِمْ ..[/font]
[font="]عندَ اكتمَالِ هذَا المَشرُوع يَتحققُ لنَا أمرٌ قدْ يكُونُ وَصْلَة مَفقُودَة للغَايَةِ المَنشُودَةِ ، ألا وهوَ : أننَا سَننتَقلُ منْ حَيّز حركةِ النُخبَةِ الإصلاحيةِ في تطويرِ وتَقَدّمِ الجاليَةِ ، إلى حركةٍ جَمَاعيّةٍ حضَاريةٍ ، ونكونُ بهذَا قدِ استطَعنَا بُلُوغَ ( حركةِ أمّة لا حركةِ صفْوَة ) ..[/font]
[font="]محبّكم / أبُوعمّار الأسيف ..[/font]
[font="]29 - 10 - 1430 هـ[/font]
اسم الموضوع : ( المشروع التربوي الغائب )
|
المصدر : .: روافد وطموحات :.
