ابن ذكير
New member
هذه لامية مشهورة من أجمل اللاميات الإرشادية ، وهي عبارة عن نصائح شرعية وأخلاقية واجتماعية وسياسية وآدب وحكم وتجارب يومية .
ناظمها هو الشيخ الفقيه النحوي القاضي المؤرخ زين الدين أبي حفص عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري البكري نسبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، المشهور بابن الوردي ، من شعراء القرن الثامن الهجري .
وقد ولد في المعرة غرب مدينة حلب بالشام زمن المماليك سنة 689 هـ ،
وخالف الزركلي فقال : أنه ولد سنة 691 هـ .
وكان من علماء اللغة العربية والنحو والفقه والأدب والتاريخ كما دل على ذلك تلك المصنفات المتنوعة له ، وقد أشتهر بالزهد والورع وحسن الخلق وطيب المعشر ،
فكانت له مهابة في قلوب معاصريه .
تولى القضاء في منبج وشيزر وحلب ، ثم ما لبث أن ترك ذلك كله وعزل نفسه لمنام رآه ، وكتب أبياتاً في ذم القضاء وأهله ، ثم اشتغل بالتعليم والتأليف حتى شاع ذكره وطار صيته في البلدان ، وقد توفي بالطاعون سنة 749 هـ
وهي قصيدة وعظية ينادي بها الشباب ويوصي بها ابنه - وقد خمسها أحد العلماء، وهي تعرف باسم:
(اعتزل ذكر الأغاني والغزل)
اعتزلْ ذِكرَ الأغاني والغَزَلْ = وقُلِ الفَصْلَ وجانبْ مَـنْ هَزَلْ
ودَعِ الـذِّكـرَ لأيـامِ الصِّبا = فـلأيـامِ الصِّبـا نَـجمٌ أفَـلْ
إنْ أهنا عيـشةٍ قـضيتُهـا = ذهـبتْ لذَّاتُهـا والإثْـمُ حَـلّ
واتـرُكِ الغادَةَ لا تحفلْ بها = تُـمْسِ فـي عِزٍّ رفيعٍ وتُجَلّ
وافتكرْ في منتهى حُسنِ الذي = أنـتَ تـهواهُ تجدْ أمـراً جَلَلْ
واهجُرِ الخمرةَ إنْ كنتَ فتىً = كيفَ يسعى في جُنونٍ مَنْ عَقَلْ
واتَّـقِ اللهَ فتـقوى الله مـا = جاورتْ قلبَ امريءٍ إلا وَصَلْ
ليسَ مـنْ يقطعُ طُرقاً بَطلاً = إنـما مـنْ يـتَّقي الله البَطَـلْ
صدِّقِ الشَّرعَ ولا تركنْ إلى = رجـلٍ يـرصد في الليل زُحلْ
حارتِ الأفكارُ في حكمةِ مَنْ = قـد هـدانـا سبْلنا عزَّ وجَلْ
كُتبَ الموت على الخَلقِ فكمْ = فَـلَّ من جيشٍ وأفنى من دُوَلْ
أيـنَ نُمـرودُ وكنعانُ ومنْ = مَلَكَ الأرضَ وولَّـى وعَـزَلْ
أيـن عادٌ أين فرعونُ ومن = رفـعَ الأهرامَ مـن يسمعْ يَخَلْ
أينَ من سادوا وشادوا وبَنَوا = هَـلَكَ الكلُّ ولـم تُـغنِ القُلَلْ
أينَ أربابُ الحِجَى أهلُ النُّهى = أيـنَ أهـلُ العلمِ والقومُ الأوَلْ
سيُـعيـدُ الله كـلاً منـهمُ = وسيَـجزي فـاعلاً ما قد فَعَلْ
إيْ بُنيَّ اسمعْ وصايا جَمعتْ حِكمـاً = خُصَّتْ بهـا خيرُ المِللْ
أطلبُ العِلمَ ولا تكسَلْ فمـا = أبعـدَ الخيرَ على أهـلِ الكَسَلْ
واحتفـلْ للفقهِ في الدِّين ولا = تـشتغلْ عنـهُ بـمالٍ وخَـوَلْ
واهـجرِ النَّومَ وحصِّلهُ فمنْ = يعرفِ المطلوبَ يـحقرْ ما بَذَلْ
لا تـقلْ قـد ذهبتْ أربابُهُ = كلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى = وجمالُ العلمِ إصـلاحُ العمـلْ
جَمِّلِ المَنطِقَ بالنَّحو فـمنْ = يُـحرَمِ الإعرابَ بالنُّطقِ اختبلْ
انـظُمِ الشِّعرَ ولازمْ مذهبي = فـي اطَّراحِ الرَّفد لا تبغِ النَّحَلْ
فهوَ عنوانٌ على الفضلِ وما = أحسنَ الشعرَ إذا لـم يُـبتـذلْ
ماتَ أهلُ الفضلِ لم يبقَ سوى = مقرف أو من على الأصلِ اتَّكلْ
أنـا لا أخـتارُ تـقبيلَ يدٍ = قَـطْعُها أجملُ مـن تلكَ القُبلْ
إن جَزتني عن مديحي صرتُ في = رقِّها أو لا فيكفيني الخَـجَلْ
أعـذبُ الألفاظِ قَولي لكَ خُذْ = وأمَـرُّ اللفظِ نُطـقي بِلَعَـلّْ
مُلكُ كسرى عنهُ تُغني كِسرةٌ = وعـنِ البحرِ اجتزاءٌ بالوَشلْ
اعـتبر (نحن قسمنا بينهم) = تـلقهُ حقاً (وبالحـق نـزلْ)
ليس ما يحوي الفتى من عزمه = لا ولا ما فاتَ يومـاً بالكسلْ
اطـرحِ الدنيا فمنْ عاداتها = تخفِضُ العاليْ وتُعلي مَنْ سَفَلْ
عيشةُ الرَّاغبِ في تحصيلِها = عيشـةُ الجاهـلِ فيهـا أو أقلْ
كَـمْ جَهولٍ باتَ فيها مُكثراً = وعليـمٍ باتَ منهـا فـي عِلَلْ
كمْ شجاعٍ لم ينلْ فيهاالمُنى = وجبـانٍ نـالَ غاياتِ الأملْ
فاتـركِ الحيلةَ فيها واتَّكِلْ = إنـما الحيلةُ فـي تركِ الحِيَلْ
أيُّ كفٍّ لمْ تنلْ منها المُنى = فرمـاهـا اللهُ منـهُ بـالشَّلَلْ
لا تقلْ أصلي وفَصلي أبداً إنما = أصلُ الفَتى ما قـد حَصَلْ
قدْ يسودُ المرءُ من دونِ أبٍ = وبِحسنِ السَّبْكِ قدْ يُنقَى الدَّغّلْ
إنـما الوردُ منَ الشَّوكِ وما = يَنـبُتُ النَّرجسُ إلا من بَصَلْ
غـيرَ أني أحمـدُ اللهَ على = نسبـي إذ بـأبي بكرِ اتَّصلْ
قيمـةُ الإنسانِ مـا يُحسنُهُ = أكثـرَ الإنسـانُ منـهُ أمْ أقَلْ
أُكـتمِ الأمرينِ فقراً وغنى = واكسَب الفَلْسَ وحاسب ومن بَطَلْ
وادَّرع جداً وكداً واجتنبْ = صُحبةَ الحمقى وأربـاب الـخَلَلْ
بـينَ تبـذيرٍ وبُخلٍ رُتبةٌ = وكِـلا هـذيـنِ إنْ زادَ قَتَـلْ
لا تخُضْ في حـق سادات مَضَوا = إنـهم ليسوا بـأهلِ للزَّلَلْ
وتغاضى عـن أمورٍ إنـه لـم = يـفُزْ بالحمدِ إلا من غَفَلْ
ليسَ يخلو المرءُ مِنْ ضدٍّ ولَو = حاولَ العُزلةَ في راسِ الجبَلْ
مِلْ عن النَمَّامِ وازجُرُهُ فما = بلّغَ المـكروهَ إلا مـن نَقَـلْ
دارِ جارَ السُّوءِ بالصَّبرِ وإنْ = لـمْ تجدْ صبراً فما أحلى النُّقَلْ
جانِبِ السُّلطانَ واحذرْ بطشَهُ = لا تُـعـانِدْ مَنْ إذا قـالَ فَعَلْ
لا تَلِ الأحكـامَ إنْ هُمْ سألوا = رغـبةً فيكَ وخالفْ مَنْ عَذَلْ
إنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ = ولـيَ الأحكامَ هذا إن عَدَلْ
فهو كالمحبوسِ عن لذَّاتـهِ = وكِلا كفّيه فـي الحشر تُغَلْ
إنَّ للنقصِ والاستثقالِ فـي لفظةِ = القاضي لَوَعظا أو مَثَلْ
لا تُوازى لذةُ الحُكمِ بـما = ذاقَهُ الشخصُ إذا الشخصُ انعزلْ
فالولاياتُ وإن طابتْ لمنْ = ذاقَـها فالسُّمُّ فـي ذاكَ العَسَلْ
نَصَبُ المنصِبِ أوهـى جَلَدي = وعنائـي من مُداراةِ السَّفلْ
قَصِّرِ الآمـالَ فـي الدنيا تفُزْ = فدليـلُ العقلِ تقصيرُ الأملْ
إن منْ يطـلبهُ المـوتُ على = غِـرَّةٍ منـه جديرٌ بالوَجَـلْ
غِبْ وزُرْ غِبَّاَ تزِدْ حُبَّاً فمـنْ = أكثـرَ التَّردادَ أقـصاهُ المَلَلْ
لا يضـرُّ الفضلَ إقلالٌ كما = لا يضرُّ الشمسَ إطباقُ الطَّفَلْ
خُذْ بنصلِ السَّيفِ واتركْ غِمدهُ = واعتبرْ فضلَ الفتى دونَ الحُلُلْ
حُبّكَ الأوطانَ عجـزٌ ظاهرٌ = فـاغتربْ تلقَ عن الأهلِ بَدَلْ
فبمُكثِ الماءِ يـبقى آسنـاً = وسَـرى البدرِ بهِ البدرُ اكتملْ
أيُّـها العائبُ قـولي عبثاً = إن طيـبَ الـوردِ مؤذٍ للجُعلْ
عَدِّ عن أسهُمِ قولي واستتِرْ = لا يُصيـبنَّكَ سهـمٌ مـن ثُعَلْ
لا يـغرَّنَّكَ لينٌ مـن فتىً = إنَّ للحيَّـاتِ لينـاً يُـعتـزلْ
أنا مثـلُ الماءِ سهلٌ سائغٌ = ومتـى أُسخِـنَ آذى وقَتَـلْ
أنا كالخيزور صعبٌ كسُّرهُ = وهو لدنٌ كيفَ ما شئتَ انفتَلْ
غيرَ أنّي في زمانٍ مَنْ يكنْ = فيه ذا مالٍ هو المولَى الأجلّ
واجبٌ عند الورى إكرامُهُ = وقليـلُ المـالِ فيهمْ يُستقلْ
كلُّ أهلِ العصرِ غمرٌ وأنا = منهـمُ، فاترك تفاصيلَ الجُمَل
وصـلاةُ اللهِ ربـي كُلّما = طَلَـعَ الشمسُ نهـاراً وأفـلْ
للذي حازَ العُلى من هاشمٍ = أحمدَ المختارِ من سـادَ الأوَلْ
وعلى آلٍ وصحبٍ سـادةٍ = ليسَ فيـهمْ عاجزٌ إلا بَطَـلْ
اسم الموضوع : ~¤¦¦§¦¦¤~وصية ابن الوردي لابنه~¤¦¦§¦¦¤~
|
المصدر : .: إيقاع القصيد :.