[frame="7 10"]
الـوقــايــة خــــــير من الـعـلاج
الدكتور علي بن عمر بادحدح
" الوقاية خير من العلاج " عبارة ذائعة شائعة ،
وأكثر ما تستعمل في مجال الصحة ، وحملات التوعية من أخطار الأمراض عموماً ،
والمعدية منها خصوصاً ، وعند التأمل نجد الطريق إلى هذه العبارة ليس سهلاً ،
بل مر بعدة مراحل ، فعادة ما تكون البداية ظهور المرض في حالات فردية ،
وبصورة أولية بدائية ، ثم يتطور الأمر عبر مسارين :
الأول : زيادة الأعراض والآلام عند الحالات المصابة.
والثاني : زيادة عدد المصابين بالمرض .
وفي كثير من الأحيان تكون للمرض خاصية العدوى والانتقال ،
وهنا يعظم الاهتمام بالأمر ،
وتبذل الجهود وتنفق الأموال في مجال علاج الحالات المصابة بالمرض
أولاً ، وفي مجال دراسة تلك الحالات بحثاً عن أسباب المرض ،
وأفضل الأدوية الملائمة لعلاجه مع البحث عن الأمصال الواقية منه لتدارك إصابة
حالات جديدة ، وبعد معاناة يتم معرفة أعراض المرض وأطواره وأسبابه وطرق انتقاله ،
وتتواصل أثر ذلك الحملات الإعلامية للتوعية الصحية ، مع تواصل علاج المصابين ،
وتواصل البحث لتطوير العلاج والوقاية.
وفي الساحة الإسلامية اليوم علل مستعصية ، وأمراض معدية ، تشيع بين جيل الصحوة ،
وتنتشر بين الصفوة ، ويقع بها تضييع الأوقات ، وتبديد الطاقات ، وإثارة النزاعات ،
واختلال الأولويات ، وكثير منها بدأ في حالات فردية ثم انتهى إلى ظاهرة مرضية.
في هذه الصحوة الإسلامية - بحمد الله - خير كثير ، ولها مزايا عديدة،
ظهرت أثارها الطيبة ، وأينعت ثمارها النافعة
{ ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها }.
ولكن طبيعة النفوس البشرية ، إضافة إلى الظروف العدائية والمؤامرات الكيدية ،
مع غياب المعالم المتكاملة للحياة الإسلامية ، كل ذلك أوجد بعض العلل
التي لم تلق - فيما أظن العناية الكافية لأسباب كثيرة
من أهمها :
ضخامة الأعداد العائدة إلى الله بمالايوافق القدرة على الاستيعاب الكامل ،
والتربية الراشدة العميقة ، ومنها أيضاً غياب الخطط الاستراتيجية
والنظرات المستقبلية لكثرة المشكلات الآنية والمآسي الإسلامية ،
إضافة إلى أن هناك مبغضين متربصين
يسعون لإشاعة الأخطاء واستمراريتها.
لابد أن نعلم أنه ليس من مصلحة الدعوة ولا جيل الصحوة أن نعتمد التزكية المطلقة ،
فليس هذا موافقا للشرع { فلا تزكوا أنفسكم }.
وليس من الإخلاص في النصح أن نغض الطرف عن الأخطاء ، وننكر وجودها ،
وندس رؤوسنا في الرمال كما تفعل النعامة ، فهذا يزيد في الأخطاء ،
ويساعد على انتشارها ، وحينئذ يتسع الخرق على الراقع ،
ومع ذلك فنحن نربأ بأنفسنا عن ممارسات كتّاب يدعون الموضوعية والمعالجة ،
وهم يمارسون في الحقيقة التشويه والتشهير ،
ويستخدمون أسلوب التضخيم والتعميم ، ويجتهدون في تتبع العثرات ،
وإهمال الحسنات ،فضلاً عن كونهم لا ينطلقون من منهج إسلامي ،
وهذا التناول تفيض به أعداد هائلة من الصحف والمجلات العلمانية واليسارية
التي لا همّ لها إلا تشويه صورة الإسلاميين ،
والصاق كل نقيصة وجريمة بمن يطلقون عليهم " الأصوليين "
لسنا من هؤلاء في شيء فنحن وإن أردنا النقد ،
فإنما نرسله من نفوس مشفقة ، وقلوب محبة ،
ونصوغه في أسلوب حسن على منهج القرآن الكريم
{ بالحكمة والموعظة الحسنة}
ويبعد عن الإساءة أو التخصيص على طريقة الرسول الكريم
( ما بال أقوام ).
إن الخطر في هذه العلل يكمن في أنها تصيب القلوب والعقول ،
ونحن نرى في بعض شباب الصحوة بساطة تصل إلى حد السذاجة ،
وحماسة تصل إلى درجة التهور ، كما أن هناك نقداً ينتهي إلى التجريح ،
واختلافاً يؤدي إلى التنازع ، ولابد والحالة هذه أن تقرع أجراس الخطر ،
وأن ينتدب أطباء القلوب من العلماء الصالحين ، والدعاة المخلصين ،
والمفكرين الواعين ليشخصوا الحالات ويبحثوا عن الأسباب ويضعوا الحلول الناجحة ،
ويصفوا الأدوية الناجعة ، ثم ليضعوا المناهج الواقية ، والخطط الواعية ،
وهنا دعوة لجميع الغيورين أن يدركوا الخطر وأن يهبوا للعمل ،
فلابد من الوقاية، فالوقاية خير من العلاج.
http://www.islameiat.com/main/?c=124&a=1237
.
.[/frame]
الـوقــايــة خــــــير من الـعـلاج
الدكتور علي بن عمر بادحدح
" الوقاية خير من العلاج " عبارة ذائعة شائعة ،
وأكثر ما تستعمل في مجال الصحة ، وحملات التوعية من أخطار الأمراض عموماً ،
والمعدية منها خصوصاً ، وعند التأمل نجد الطريق إلى هذه العبارة ليس سهلاً ،
بل مر بعدة مراحل ، فعادة ما تكون البداية ظهور المرض في حالات فردية ،
وبصورة أولية بدائية ، ثم يتطور الأمر عبر مسارين :
الأول : زيادة الأعراض والآلام عند الحالات المصابة.
والثاني : زيادة عدد المصابين بالمرض .
وفي كثير من الأحيان تكون للمرض خاصية العدوى والانتقال ،
وهنا يعظم الاهتمام بالأمر ،
وتبذل الجهود وتنفق الأموال في مجال علاج الحالات المصابة بالمرض
أولاً ، وفي مجال دراسة تلك الحالات بحثاً عن أسباب المرض ،
وأفضل الأدوية الملائمة لعلاجه مع البحث عن الأمصال الواقية منه لتدارك إصابة
حالات جديدة ، وبعد معاناة يتم معرفة أعراض المرض وأطواره وأسبابه وطرق انتقاله ،
وتتواصل أثر ذلك الحملات الإعلامية للتوعية الصحية ، مع تواصل علاج المصابين ،
وتواصل البحث لتطوير العلاج والوقاية.
وفي الساحة الإسلامية اليوم علل مستعصية ، وأمراض معدية ، تشيع بين جيل الصحوة ،
وتنتشر بين الصفوة ، ويقع بها تضييع الأوقات ، وتبديد الطاقات ، وإثارة النزاعات ،
واختلال الأولويات ، وكثير منها بدأ في حالات فردية ثم انتهى إلى ظاهرة مرضية.
في هذه الصحوة الإسلامية - بحمد الله - خير كثير ، ولها مزايا عديدة،
ظهرت أثارها الطيبة ، وأينعت ثمارها النافعة
{ ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة
أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها }.
ولكن طبيعة النفوس البشرية ، إضافة إلى الظروف العدائية والمؤامرات الكيدية ،
مع غياب المعالم المتكاملة للحياة الإسلامية ، كل ذلك أوجد بعض العلل
التي لم تلق - فيما أظن العناية الكافية لأسباب كثيرة
من أهمها :
ضخامة الأعداد العائدة إلى الله بمالايوافق القدرة على الاستيعاب الكامل ،
والتربية الراشدة العميقة ، ومنها أيضاً غياب الخطط الاستراتيجية
والنظرات المستقبلية لكثرة المشكلات الآنية والمآسي الإسلامية ،
إضافة إلى أن هناك مبغضين متربصين
يسعون لإشاعة الأخطاء واستمراريتها.
لابد أن نعلم أنه ليس من مصلحة الدعوة ولا جيل الصحوة أن نعتمد التزكية المطلقة ،
فليس هذا موافقا للشرع { فلا تزكوا أنفسكم }.
وليس من الإخلاص في النصح أن نغض الطرف عن الأخطاء ، وننكر وجودها ،
وندس رؤوسنا في الرمال كما تفعل النعامة ، فهذا يزيد في الأخطاء ،
ويساعد على انتشارها ، وحينئذ يتسع الخرق على الراقع ،
ومع ذلك فنحن نربأ بأنفسنا عن ممارسات كتّاب يدعون الموضوعية والمعالجة ،
وهم يمارسون في الحقيقة التشويه والتشهير ،
ويستخدمون أسلوب التضخيم والتعميم ، ويجتهدون في تتبع العثرات ،
وإهمال الحسنات ،فضلاً عن كونهم لا ينطلقون من منهج إسلامي ،
وهذا التناول تفيض به أعداد هائلة من الصحف والمجلات العلمانية واليسارية
التي لا همّ لها إلا تشويه صورة الإسلاميين ،
والصاق كل نقيصة وجريمة بمن يطلقون عليهم " الأصوليين "
لسنا من هؤلاء في شيء فنحن وإن أردنا النقد ،
فإنما نرسله من نفوس مشفقة ، وقلوب محبة ،
ونصوغه في أسلوب حسن على منهج القرآن الكريم
{ بالحكمة والموعظة الحسنة}
ويبعد عن الإساءة أو التخصيص على طريقة الرسول الكريم
( ما بال أقوام ).
إن الخطر في هذه العلل يكمن في أنها تصيب القلوب والعقول ،
ونحن نرى في بعض شباب الصحوة بساطة تصل إلى حد السذاجة ،
وحماسة تصل إلى درجة التهور ، كما أن هناك نقداً ينتهي إلى التجريح ،
واختلافاً يؤدي إلى التنازع ، ولابد والحالة هذه أن تقرع أجراس الخطر ،
وأن ينتدب أطباء القلوب من العلماء الصالحين ، والدعاة المخلصين ،
والمفكرين الواعين ليشخصوا الحالات ويبحثوا عن الأسباب ويضعوا الحلول الناجحة ،
ويصفوا الأدوية الناجعة ، ثم ليضعوا المناهج الواقية ، والخطط الواعية ،
وهنا دعوة لجميع الغيورين أن يدركوا الخطر وأن يهبوا للعمل ،
فلابد من الوقاية، فالوقاية خير من العلاج.
http://www.islameiat.com/main/?c=124&a=1237
.
.[/frame]
اسم الموضوع : الوقاية خـــير من العلاج
|
المصدر : العيادة الطبية