المزاح من الدين وسنة من سنن المرسلين غفل وتغافل عنها الكثير من طلاب العلم

[ابو وجدان البرماوي]

لك الحمد يا الله ولك الشكر وبعد :
فإني قد رأيت من بعض طلاب العلم نفرة من المزاح واستهجان لفاعله بدعوى نقصان القدر وأنه لا ينبغي لمثلنا فتسقط الهيبة وهذا ليس من الشرع ولا فيه بل فيه تنفير من العلم والعلماء وفهم خاطئ معوج ولست هنا لنقد هذه الظاهرة الفاشية عند طلاب العلم مع الأسف
وسأذكر في هذه العجالة بعضا مما ورد في السنة من مزاح النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ولن أذكر غيره من الصحابة فإن ما ورد لا يحصر ليعلم الجمع أن في ديننا فسحة وليس في المزح بأس ولا في فاعله نقص بل هو ضارب في كبد الفهم والفقه

فالله أسأل أن يجعل مزاحنا مما يقربنا إليه وأن ندخل به جنات النعيم وأن نظل به في ظل العرش إخوة متحابين .


فصل :
في مزاح النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1-
ما جاء عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قالوا (أى الصحابة): "يا رسول الله إنك تداعبنا ! قال صلى الله عليه وسلم: لا أقول إلا حقا" وفى رواية: "إنى وإن داعبتكم فلا أقول إلا حقا". صححه الألباني في صحيح الجامع

2-
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرَ بْنَ حَرَامٍ ، وَكَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا ، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ ، قَالَ : وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ ، وَكَانَ دَمِيمًا ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا ، وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ ، وَهُوَ لا يُبْصِرُهُ ، فَقَالَ : أَرْسِلْنِي ، مَنْ هَذَا ؟
فَالْتَفَتَ ، فَعَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ لا يَأْلُو مَا أَلْزَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عَرَفَهُ ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ ، أَوْ قَالَ : لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ " رواه أحمد إسناده صحيح على شرط الشيخين وصححه ابن كثير والألباني

في هذا الحديث دليل على أن بعض المزاح قد يفهم منه خلاف قصد المازح ومع ذلك فعله النبي صلى الله عليه وسلم

3-
وعن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله، فقال: " أنا حاملك على ولد ناقة ". قال: يا رسول الله ! وما أصنع بولد ناقة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وهل تلدُ الإبلُ إلا النوقُ ". صحيح الأدب المفرد
4-
وعَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدْلَعُ لِسَانَهُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَيَرَى الصَّبِيُّ حُمْرَةَ لِسَانِهِ ، فَيَبْهَشُ إِلَيْهِ " حسنه الألباني في السلسة
5-
ومِنْ ذلك ما ورد في الحديث عن الحسن قال :{ أن امرأة عجوزا جاءته تقول له : يا رسول الله ادع الله لي أن يدخلني الجنة فقال لها : يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز ، وانزعجت المرأة وبكت ظنا منها أنها لن تدخل الجنة فلما رأى ذلك منها بين لها غرضه أن العجوز لن تدخل الجنة عجوزا بل ينشئها الله خلقا آخر فتدخلها شابة بكرا وتلا عليها قول الله تعالى { إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا } انظر : " السلسلة الصحيحة " رقم : 2987 ]
6-
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرا بني العباس ثم يقول من سبق إلي فله كذا وكذا قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم
حسن إسناده الهيثمي وغيره
وما تركته أكثر من ذلك
والحمد لله رب العالمين


منقول