أنين مغترب

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
230
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
بين ألم وأمل


مما لاشك فيه أن الإنسان مفطور على حبه لوطنه ومدينته وبيئته والأرض التي
نشأ وترعرع فيها،إنه الحب المحمود الذي يبني جسرا للتواصل من غير
إفراط ولا تفريط ،فكم هو جميل هذا الحب وذاك الحنين الذي يربط ويعقد
بينك وبين وطنك ومافيها من مساكن وأسواق ومعالم وبشر ،وكل من يعيش
في وطنه يفكر لمستقبله ويسعي لتحقيق أحلامه ،ولكن الغريب الذي يعيش
بين هؤلاء يحدوه الشوق إلى وطنه وأهله وأصدقائه ،فكيف لا وهو الذي مشى
على أرضها وتربتها وأكل من ثمارها وقطف من أزهارها وبنى على أرضها
لبنة لبنة، ونهل من علومها ومعارفها ،فإن كان شاعراً نثر شعره ورثا أرضه ووطنه،
وسطّر ذكرياته وجال في أحلامه وآلآمه آملاً أن يعود إلى وطنه ومسقط رأسه،يصبِّر نفسه ويُمَنِّي ضميره أن ظلمة الغربه أوشكت على اضمحلالها.
ستشرق شمس العوده للوطن مهما طال الليل ،لنروي ضمائرنا من مرابع الوطن ،
ألا ترى أن المغترب كلّما ألمَّ به موقف هزّه الشوق لدياره وأهله وحنَّ حنين الطفل للوطن ،ومع الغربة والآلام سرعان ما تنجلي هذه الغربة
وتبقى ذكريات ماضيه في صفحات التاريخ،ولكن حين يعيش هذا المغترب
في بيئةٍ انتشرت فيها وباء الحسد والغِلْ وتشربت النفوس هذا الداء المقيت،
وفشى فيها طاعون الأثَرَة ونزع منها الإيثار، واتخذوا شعار: (إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب)
ودندنوا بالأمثال الشعبيّه (اتغدابه قبل ما يتعشى بك) وفي المقابل نرى كرم
الطباع فيما بينهم وسخاء النفوس وإيثار الاحباب على أنفسها أمرا عجبا،
حينها يشعر هذا المغترب بغربةٍ حقيقيّة، وكم تكتوي نفسه الأبيّه ألماً وحرقةً
لمثل هذه المواقف والمشاهد، ويزيد الألم ويعمق الجراح حين يرى هذه الظاهره
في وسط قوم يشار إليهم بالبنان بأنهم من أهل العلم والدين والمعرفه ،وهنا
يتساءل هذا المغترب هل أنا حقاً بين ظهرانيّ مسلمين وهل انسلخ المسلمون
من معالم وشعائر دينهم الحنيف وهل هذه أخلاق المسلمين، هل انعدم الإحساس
والشعور بالآخرين وهل طغت المادّيات على أخلاق المثقفين والمتعلمين؟!
ألم يحثنا ديننا الحنيف بالإحسان إلى الحيوان فضلا عن الإنسان إنها آآآهات وأوجاع
وأسئلة وتساؤلات حيّرت هذا المغترب كيف يجيب عليها ،ولا يلام هذا المغترب
حين يفكر بتغيير بيئته لعلّه يجد من يحنُّ لحنينه، ويئنُّ لأنينه ،ويسمع لشكواه ويلبّي دعواه
ولعلّه يجد من يزيح عنه آلام هذه الغربه ويحتضنه مع أفراد أسرته وأهله ووطنه
يقول الإمام الشافعيّ
سافر تجد عوضاً عمّن تفارقهُ ******* وانصب فإن لذيذ العيش في النصبِ
إني رأيتُ وقوف الماء يفسدهُ ******* وإن ساحَ طابَ وإن لم يجري لم يطبِ
والأسدُ لولا فراق الأرض مافترستْ ******** والسّهمُ لولا فراق القوس لم يصبِ
والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمةً ******** لملَّها الناس من عُجْمٍ ومن عربِ

فأيُّ غربةٍ وأي ضمير وأي أخلاقٍ نحمله أو تحمله أو يحمله
يا سؤالا لم أزل أدفن بالصمت جوابه ..

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

الأسيف

مراقب عام
إنضم
23 أبريل 2009
المشاركات
405
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الإقامة
لا زلتُ أتَخَيّلهَا .. !
كأني أقرأ مقطوعة من روائع شيخنا علي الطنطاوي وهو في بغداد مهوى قلبه ومثوى حبّه .. عندما كان يحنّ إلى الشام وضواحيهَا .. عندمَا كانَ يشكو ألم الغربة ويشتاق إلى وطنهِ ..

يا ابنَ أبي الدّنيا ..
لقَد فتحتَ القلوبَ بآياتِ نثرك .. كما قالَ الأديبُ الفرنسي ( ألفرد موسّيه ) ..

وإني أظنّ الغربة .. ابتلاء من الله لنا ، لنعرف قيمة الحرّية أو ليعرفها غيرنا ، فإنه لا يعرف قيمة الرخاء إلا من عاش في الشدّة ، ولا لذّة الوجدَان إلا من قاسى وجع القلب بالحرمان ..

وأرجو أن يكون مضمون كلامك غريباً كما نحن غرباء ..

إرحل بنفسك من أرضٍ تضيق بها ** ولاتكن لفراق الأهل في حرَق !
من ذُلّ بين أهاليه ببلدته ** فالاغترابُ له من أحسن الخلق !!
فالتبر كالتربِ ملقى في أماكنه ** والعود في أرضه نوع من الحطب !!
فإن تغربنأَ هذا عزّ مطلبهُ ** وإن أقام فلا يعلو على رتبِ !!

قلمٌ جميل .. ولعلكَ أجمل منه ! :)
 
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
62
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
المحطة الأرضية ( الدنيوية)
نعم .. للغربة مرارة وألم فضلاً عن الأنين الذي يأتي آخراً .. كما تفضلت ياأخي ، وهناك تجارب مع الغربة لكثير منا في دورب الحياة المختلفة وهذه واحدة من تلك التجارب وفق الرابط التالي :​
 
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
230
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
بين ألم وأمل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأسيف
كأني أقرأ مقطوعة من روائع شيخنا علي الطنطاوي وهو في بغداد مهوى قلبه ومثوى حبّه .. عندما كان يحنّ إلى الشام وضواحيهَا .. عندمَا كانَ يشكو ألم الغربة ويشتاق إلى وطنهِ ..


يا ابنَ أبي الدّنيا ..
لقَد فتحتَ القلوبَ بآياتِ نثرك .. كما قالَ الأديبُ الفرنسي ( ألفرد موسّيه ) ..

وإني أظنّ الغربة .. ابتلاء من الله لنا ، لنعرف قيمة الحرّية أو ليعرفها غيرنا ، فإنه لا يعرف قيمة الرخاء إلا من عاش في الشدّة ، ولا لذّة الوجدَان إلا من قاسى وجع القلب بالحرمان ..

وأرجو أن يكون مضمون كلامك غريباً كما نحن غرباء ..

إرحل بنفسك من أرضٍ تضيق بها ** ولاتكن لفراق الأهل في حرَق !
من ذُلّ بين أهاليه ببلدته ** فالاغترابُ له من أحسن الخلق !!
فالتبر كالتربِ ملقى في أماكنه ** والعود في أرضه نوع من الحطب !!
فإن تغربنأَ هذا عزّ مطلبهُ ** وإن أقام فلا يعلو على رتبِ !!

قلمٌ جميل .. ولعلكَ أجمل منه ! :)

الحبيب الغالي الاسيف
أشكرك على تفاعلك ومشاركتك لـ ابن ابي الدنيا في همه وغربته
وقدقرأت أيضا لمحمود البارودي في ديوانه

حين اشتاقت نفسه لـبلاده وكتب أبيات جميلة لأرضه وموطنه
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
230
مستوى التفاعل
2
النقاط
0
الإقامة
بين ألم وأمل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الحرمين
نعم .. للغربة مرارة وألم فضلاً عن الأنين الذي يأتي آخراً .. كما تفضلت ياأخي ، وهناك تجارب مع الغربة لكثير منا في دورب الحياة المختلفة وهذه واحدة من تلك التجارب وفق الرابط التالي :​






http://www.burma-ksa.com/vb/showthread.php?t=10676

الاستاذ الغالي عاشق الحرمين

أشكرك على إضائتك وبصمتك في موضوعي ،

أعلم يقينا أنك أكثر الناس علما بآلام وأنين المغترب فقد تغربت عشرين سنه عن بلاد الحرمين
والحمد لله الذي كتب لك الاستقرار في حياتك ،تهنأ بأشجار الصنوبر وتتجول في حديقتك الغنّاء
 

عبده درويش

Active member
إنضم
28 يونيو 2009
المشاركات
2,400
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
مكة
www.hh50.com-Photos-Images-Expressions-Forums-0801.gif
 
أعلى