مليئة هذه الحياة بالاشياء والاحداث والامور،منها ما هو مفرح ومنها ما هو محزن ومنها ما هو يترك
اثرا ما طيبا كان او مؤلما ومنها ما هو يمر مرور الكرام مثل نسمة هواء باردة في يوم صيف حار.
كذلك الاشخاص والناس،منهم من نذكرهم دائما بخير ومنهم من نذكره بغير ذلك ومنهم من ان تذكرناه
حرك فينا المشاعر والاحاسيس المكبوتة،ومنهم من هو مجرد طيف يمر سريعا دون ان يترك ذكرا او حتى اثر.
لكن هناك صنف من الناس او لنقل شخصا معينا،يترك لديك كما من الاحاسيس والمشاعر والذكريات
التي ما ان تذكر تلك الاحداث او حتى جاءت سيرته بصورة عابرة الا ويجبرك لا شعوريا ان تترك
لخيالك العنان يسرح ويعيد شريط الذكريات فتمر امامك تلك الاحداث وكأنها حصلت للتو وليس منذ مدة.
اتكلم عن ان لدى كل منا انسان يميل اليه ويتوافق معه لدرجة ان احدهما الآخر يفهم الآخرة بالنظرة.
فتكون لهما نفس الهوايات والافكار ويتوافقان في كل شئ حتى في الطعام والشراب وكل امور الحياة.
وحين يغيب هذا الشخص لسبب ما سفرا كان او مرض،غائبا ما او حضر او اكثر من ذلك حين نتكلم
عن الموت،الذي هو حق علينا جميعا فانك ميت وانهم ميتون وكل نفس ذائقة الموت كما قال الله تعالى.
نعم حين يغيبون ولو لدقيقة نفتقدهم ونشعر ان هناك شئ ما ينقصنا وان شيئا ما قد تغير وان الامر
يدعو الى القلق او الانشغال بغياب هذا الشخص فنحاول ان نعرف ونسأل الى ان نطمئن عليه.
اعتذر عن هذه المقدمة الطويلة،لكنها كانت مهمة جدا كمدخل للموضوع الذ اود الحديث عنه.
فانا فعلا افتقد انسانا عزيزا جدا وتمر ذكراه التي لم ولن تفارقني ابدا ما حييت نظرا لانه فعلا عزيز علي.
افقتد عمي (حميد) رحمة الله عليه رحمة واسعة وغفر له واسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب .
عمي (حميد) الذي كان بالنسبة لي اكثر من اخ بل لا ابالغ ان قلت انه كان جزأ لا يتجزأ مني سواء كان
حاضرا او غائبا،سواء كنت راضيا عنه غير راضِ،سواء كنا متصالحين او متخاصمين نعم كنا كذلك .
كنا متقاربين في العمر،فقد كنت اكبر منه بعام،لكنه كان اكبر في المقام باخلاقه وعلمه وخصاله الحميدة.
كان عمي،اي شقيق ابي،لكنه كان شقيقي انا اكثر مما هو شقيق ابي،خصوصا انه تربى في بيت ابي
ونشأ معنا منذ سن التاسعة حيث توفي جدي فآواه ابي اليه مع والدته التي كانت الزوجة الثانية لجدي.
وانتقل للعيش معنا وتوطدت علاقتي معه كثيرا خصوصا بعد ان لحقت والدته بجدي بعد عامين الى جوار الله.
فقد كان ابي يعطف عليه ويغدق عليه في الحنان ويتحاشى ان يغضبه او حتى ان يظهر غضبه امامه.
كنا نذهب ونعود سويا من والى المدرسة لاننا كنا ندرس معا في نفس المدرسة متقدما عنه بصف،
لكننا كنا لا نفترق ابدا في المدرسة الا اثناء الحصص الدراسية فقط،وكنا نلعب ونذاكر سويا،ونشاهد
التلفاز مع بعضنا البعض وحتى عندما كنا نتشاجر في المدرسة او اي مكا مع احد آخر كنا نفعل ذلك
سويا، نَضْرِبْ ونُضْرَبْ معا واذا دخلنا الشرطة ندخلها معا واذا خرجنا نخرج معا واذا جلسنا نجلس معا.
كان انسانا هادئ الطباع دمث الاخلاق ،ةنادرا ما كان يغضب،في حين كنت انا عصبيا بعض الشئ،كان
متفوقا في دراسته وكل عام كان اسمه من الاوائل،في حين كنت انا مجتهدا ومثابرا في الدراسة .
حتى (الكُتَّاب)* دخلناه معا،فاكمل هو وحفظ القرآن الكريم وبرع فيه حتى أصبح يؤم المصلين في صلاة
التراويح في رمضان،في حين تركت الكتاب ولم اكمل،فكنت اقود فريق الحارة في الدورات الرمضانية !!!
كان كثيرا ما يتحمل عني الاخطاء،فاذا تسببت في مشكلة ما وعرف بها ابي،فان علقة ساخنة ستنتظرني
يتصدر هو ليقول لابي انه هو من تسبب في المشكلة وطبعا كان ابي يحبه كثيرا ويصفح عني وعنه فقط
اكراما له وحتى لا يشعره باي نوع من العنف او الغضب او الزعل او حتى عدم الرضا فقد كان يحبه.
كنا نعشق كرة القدم،لكنه كان يشجع الهلال،في حين كنت انا اشجع النصر،وحين تكون هناك مباراة بين
الفريقين،كنا نشاهدها معا مع بعض الاقارب والاصدقاء،فكنا نشاهد المباراة في جو مشحون وملئ
بالصراخ والصوت العالي وكانت الاجواء بيني وبينه تصل لدرجة القتال،وكان من يشاهدنا اثناء المباراة
يؤكد انه ستكون هناك ضحايا لهذا القتال الضاري لا محالة،لكن بعد نهاية المباراة تكون الضحايا من
نوع آخر،كانت ضحيته كمية لا بأس بها من (الفصفص) وكانت ضحيتي انا عدد لا بأس به من السجائر.
كنت انا اشجع الارجنيتين،واهيم باللاعب (مارادونا) واراه اسطورة،ويراه هو مجرد لاعب فاشل ولا يفقه
شيئا في كرة القدم وانه (من جنبها) ولا علاقة له بالكرة من قريب او بعيد وانه فقط مجرد (حشَّاش)!!!
كان هو يعشق منتخب فرنسا ويرى اننا من المفروض ان نوجه اعجابنا باللاعب (زيدان) وذلك
لانه لاعب فنان وخلوق ولا مثيل له وقبل كل هذا وذاك لاعتبارات (عقائدية) لانه انسان مسلم مثلنا .
كان يعشق الافلام الامريكية،وكنت مثله وبعد ذلك صرت اعجب بالافلام المصرية لاسباب توافقية.
تخرجنا من الثانوية،توجه هو الى الرياض للتسجيل في جامعة الملك سعود،في كنت انا خارج الحدود.
تخرج هو مدرسا للغة العربية،وتخرجت انا من كلية الهندسة من جامعة القاهرة .
عين هو مدرسا في قرية قريبة من ينبع،في حين عينت انا في وزارة الاشغال.
كان المسكين يقطع اكثر من مائتين وخمسين كيلو متر ذهابا،ومثلها ايابا،اي خمسمائة كيلومتر يوميا،
وكيف كان يقطعها؟
كان يقطع تلك المسافة يوميا عبر طريق المدينة - ينبع القديم،والذي يعتبر احد اخطر الطرق في المملكة
ان لم يكن اخطرها على الاطلاق،فقد كان طريقا مزدوجا اي كما نسميه (رايح جاي) ومليء بالمنعطفات
والمنحنيات و (الطلعات والنزلات) والاودية والجبال هذا كله غير الجمال التي كانت تسرح وتمرح هناك.
وكم حصد هذا الطريق من اهل المدينة،حتى انه جاء وقت كان في كل بيت شخص توفي في هذا الطريق
(الملعون) جراء الحوداث اليومية التي لا يمكن ان يمر يوم على هذا الطريق دون حوادث او ضحايا.
وكنت احثه كثيرا على طلب النقل الى مدرسة اقرب او على الاقل الى مكان اكثر امنا من هذا الطريق.
لكنه كان يأبى ويقول انه مدرس ولديه رسالة يجب ان يؤديها في اي مكان او في اي ظروف مهما كانت.
وكنت احمل همه منذ خروج قبل الفجر واعيش في قلق وتوتر واتصل به كل ساعة لاطمئن عليه،ولا يرتاح
ولا تهدأ نفسي الا عندما اراه يدخل البيت بعد الظهر عائدا من هذا المشوار الذي كنت اسميه بـ(الجهاد).
وفي يوم انشغلت عنه بسبب العمل ولم اتصل عليه بسبب ظروف العمل،وحينما عدت الى البيت بعد نهاية
الدوام،سألت عنه وقالوا انه لم يأتِ بعد فرفعت الجوال واتصلت عليه لكنه لم يرد،فكررت عليه الاتصال
اكثر من مرة ولكن دون فائدة،وتجاوزت الساعة الموعد الذي كان يعود فيه،وبدأ القلق يتسرب الي
لكنني لم اظهر ذلك لاحد وكنت متماسكا بعض الشئ، لكنني في داخلي كنت اشتعل واغلي ولا اشعر
باي شئ حولي،وفجأة رن جوالي فاذا هو رقمه وعندما فتحت الخط كان المتصل يقول بعد السلام
الاخ (.........) معاي؟
قلت له نعم،من انت وكيف وصل هذا الجوال اليك واين صاحب الجوال واسئلة كثيرة خرجت تلقائيا
فاذا بالمتصل يقول :يا خوي اصبر شوي وعطني فرصة اكلمك واقول لك على كل شئ يا ابن الحلال.
فاذا به يقول معاك (امن الطرق) .
وكان مجرد ذكر هذا الاسم كافيا لاعرف ان خطبا ما قد حصل .
لكنني تماسكت وطلبت من المتصل ان يقول لي ما حدث،فاذا به يذكرني ببعض الآيات من القرآن وبعض
الاحاديث ويرجو مني الصبر والاحتساب عند الله،فقلت له باختصار هل (حميد) توفي؟
قال نعم ،ووقع الخبر علي كالصاعقة ولا اريد ان اسهب في الحديث اكثر عما اعتراني بعد ذلك.
نعم،رحل (حميد) ورحلت معه اشياء كثيرة واختفت اشياء اكثر من حياتي.
نعم افتقدك كثيرا يا عزيز (حميد) وافقتد نفسي معك .
آه كم هي قاسية هذه الحياة حينما تفقدك اعز من عندك .
لكن كله من امر الله وانا لله وانا اليه راجعون.
اعتذر من الجميع ان ازعجتكم او آالمتكم بهذا الموضوع لكن لكل حادث حديث ولكل ذكرى عظة وعبرة.
مناسبة الموضوع ان اليوم تمر الذكرى السادسة لرحيل (حميد)،فقد توفي في مثل هذا اليوم اي :
10/ 11 / 2003م
حفظ الله اعزاءكم ولا اراكم الله مكروها في عزيز.
دمتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: بضم الكاف وفتح التاء المشددة هو حلقة تحفيظ القرآن في المسجد.
اثرا ما طيبا كان او مؤلما ومنها ما هو يمر مرور الكرام مثل نسمة هواء باردة في يوم صيف حار.
كذلك الاشخاص والناس،منهم من نذكرهم دائما بخير ومنهم من نذكره بغير ذلك ومنهم من ان تذكرناه
حرك فينا المشاعر والاحاسيس المكبوتة،ومنهم من هو مجرد طيف يمر سريعا دون ان يترك ذكرا او حتى اثر.
لكن هناك صنف من الناس او لنقل شخصا معينا،يترك لديك كما من الاحاسيس والمشاعر والذكريات
التي ما ان تذكر تلك الاحداث او حتى جاءت سيرته بصورة عابرة الا ويجبرك لا شعوريا ان تترك
لخيالك العنان يسرح ويعيد شريط الذكريات فتمر امامك تلك الاحداث وكأنها حصلت للتو وليس منذ مدة.
اتكلم عن ان لدى كل منا انسان يميل اليه ويتوافق معه لدرجة ان احدهما الآخر يفهم الآخرة بالنظرة.
فتكون لهما نفس الهوايات والافكار ويتوافقان في كل شئ حتى في الطعام والشراب وكل امور الحياة.
وحين يغيب هذا الشخص لسبب ما سفرا كان او مرض،غائبا ما او حضر او اكثر من ذلك حين نتكلم
عن الموت،الذي هو حق علينا جميعا فانك ميت وانهم ميتون وكل نفس ذائقة الموت كما قال الله تعالى.
نعم حين يغيبون ولو لدقيقة نفتقدهم ونشعر ان هناك شئ ما ينقصنا وان شيئا ما قد تغير وان الامر
يدعو الى القلق او الانشغال بغياب هذا الشخص فنحاول ان نعرف ونسأل الى ان نطمئن عليه.
اعتذر عن هذه المقدمة الطويلة،لكنها كانت مهمة جدا كمدخل للموضوع الذ اود الحديث عنه.
فانا فعلا افتقد انسانا عزيزا جدا وتمر ذكراه التي لم ولن تفارقني ابدا ما حييت نظرا لانه فعلا عزيز علي.
افقتد عمي (حميد) رحمة الله عليه رحمة واسعة وغفر له واسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب .
عمي (حميد) الذي كان بالنسبة لي اكثر من اخ بل لا ابالغ ان قلت انه كان جزأ لا يتجزأ مني سواء كان
حاضرا او غائبا،سواء كنت راضيا عنه غير راضِ،سواء كنا متصالحين او متخاصمين نعم كنا كذلك .
كنا متقاربين في العمر،فقد كنت اكبر منه بعام،لكنه كان اكبر في المقام باخلاقه وعلمه وخصاله الحميدة.
كان عمي،اي شقيق ابي،لكنه كان شقيقي انا اكثر مما هو شقيق ابي،خصوصا انه تربى في بيت ابي
ونشأ معنا منذ سن التاسعة حيث توفي جدي فآواه ابي اليه مع والدته التي كانت الزوجة الثانية لجدي.
وانتقل للعيش معنا وتوطدت علاقتي معه كثيرا خصوصا بعد ان لحقت والدته بجدي بعد عامين الى جوار الله.
فقد كان ابي يعطف عليه ويغدق عليه في الحنان ويتحاشى ان يغضبه او حتى ان يظهر غضبه امامه.
كنا نذهب ونعود سويا من والى المدرسة لاننا كنا ندرس معا في نفس المدرسة متقدما عنه بصف،
لكننا كنا لا نفترق ابدا في المدرسة الا اثناء الحصص الدراسية فقط،وكنا نلعب ونذاكر سويا،ونشاهد
التلفاز مع بعضنا البعض وحتى عندما كنا نتشاجر في المدرسة او اي مكا مع احد آخر كنا نفعل ذلك
سويا، نَضْرِبْ ونُضْرَبْ معا واذا دخلنا الشرطة ندخلها معا واذا خرجنا نخرج معا واذا جلسنا نجلس معا.
كان انسانا هادئ الطباع دمث الاخلاق ،ةنادرا ما كان يغضب،في حين كنت انا عصبيا بعض الشئ،كان
متفوقا في دراسته وكل عام كان اسمه من الاوائل،في حين كنت انا مجتهدا ومثابرا في الدراسة .
حتى (الكُتَّاب)* دخلناه معا،فاكمل هو وحفظ القرآن الكريم وبرع فيه حتى أصبح يؤم المصلين في صلاة
التراويح في رمضان،في حين تركت الكتاب ولم اكمل،فكنت اقود فريق الحارة في الدورات الرمضانية !!!
كان كثيرا ما يتحمل عني الاخطاء،فاذا تسببت في مشكلة ما وعرف بها ابي،فان علقة ساخنة ستنتظرني
يتصدر هو ليقول لابي انه هو من تسبب في المشكلة وطبعا كان ابي يحبه كثيرا ويصفح عني وعنه فقط
اكراما له وحتى لا يشعره باي نوع من العنف او الغضب او الزعل او حتى عدم الرضا فقد كان يحبه.
كنا نعشق كرة القدم،لكنه كان يشجع الهلال،في حين كنت انا اشجع النصر،وحين تكون هناك مباراة بين
الفريقين،كنا نشاهدها معا مع بعض الاقارب والاصدقاء،فكنا نشاهد المباراة في جو مشحون وملئ
بالصراخ والصوت العالي وكانت الاجواء بيني وبينه تصل لدرجة القتال،وكان من يشاهدنا اثناء المباراة
يؤكد انه ستكون هناك ضحايا لهذا القتال الضاري لا محالة،لكن بعد نهاية المباراة تكون الضحايا من
نوع آخر،كانت ضحيته كمية لا بأس بها من (الفصفص) وكانت ضحيتي انا عدد لا بأس به من السجائر.
كنت انا اشجع الارجنيتين،واهيم باللاعب (مارادونا) واراه اسطورة،ويراه هو مجرد لاعب فاشل ولا يفقه
شيئا في كرة القدم وانه (من جنبها) ولا علاقة له بالكرة من قريب او بعيد وانه فقط مجرد (حشَّاش)!!!
كان هو يعشق منتخب فرنسا ويرى اننا من المفروض ان نوجه اعجابنا باللاعب (زيدان) وذلك
لانه لاعب فنان وخلوق ولا مثيل له وقبل كل هذا وذاك لاعتبارات (عقائدية) لانه انسان مسلم مثلنا .
كان يعشق الافلام الامريكية،وكنت مثله وبعد ذلك صرت اعجب بالافلام المصرية لاسباب توافقية.
تخرجنا من الثانوية،توجه هو الى الرياض للتسجيل في جامعة الملك سعود،في كنت انا خارج الحدود.
تخرج هو مدرسا للغة العربية،وتخرجت انا من كلية الهندسة من جامعة القاهرة .
عين هو مدرسا في قرية قريبة من ينبع،في حين عينت انا في وزارة الاشغال.
كان المسكين يقطع اكثر من مائتين وخمسين كيلو متر ذهابا،ومثلها ايابا،اي خمسمائة كيلومتر يوميا،
وكيف كان يقطعها؟
كان يقطع تلك المسافة يوميا عبر طريق المدينة - ينبع القديم،والذي يعتبر احد اخطر الطرق في المملكة
ان لم يكن اخطرها على الاطلاق،فقد كان طريقا مزدوجا اي كما نسميه (رايح جاي) ومليء بالمنعطفات
والمنحنيات و (الطلعات والنزلات) والاودية والجبال هذا كله غير الجمال التي كانت تسرح وتمرح هناك.
وكم حصد هذا الطريق من اهل المدينة،حتى انه جاء وقت كان في كل بيت شخص توفي في هذا الطريق
(الملعون) جراء الحوداث اليومية التي لا يمكن ان يمر يوم على هذا الطريق دون حوادث او ضحايا.
وكنت احثه كثيرا على طلب النقل الى مدرسة اقرب او على الاقل الى مكان اكثر امنا من هذا الطريق.
لكنه كان يأبى ويقول انه مدرس ولديه رسالة يجب ان يؤديها في اي مكان او في اي ظروف مهما كانت.
وكنت احمل همه منذ خروج قبل الفجر واعيش في قلق وتوتر واتصل به كل ساعة لاطمئن عليه،ولا يرتاح
ولا تهدأ نفسي الا عندما اراه يدخل البيت بعد الظهر عائدا من هذا المشوار الذي كنت اسميه بـ(الجهاد).
وفي يوم انشغلت عنه بسبب العمل ولم اتصل عليه بسبب ظروف العمل،وحينما عدت الى البيت بعد نهاية
الدوام،سألت عنه وقالوا انه لم يأتِ بعد فرفعت الجوال واتصلت عليه لكنه لم يرد،فكررت عليه الاتصال
اكثر من مرة ولكن دون فائدة،وتجاوزت الساعة الموعد الذي كان يعود فيه،وبدأ القلق يتسرب الي
لكنني لم اظهر ذلك لاحد وكنت متماسكا بعض الشئ، لكنني في داخلي كنت اشتعل واغلي ولا اشعر
باي شئ حولي،وفجأة رن جوالي فاذا هو رقمه وعندما فتحت الخط كان المتصل يقول بعد السلام
الاخ (.........) معاي؟
قلت له نعم،من انت وكيف وصل هذا الجوال اليك واين صاحب الجوال واسئلة كثيرة خرجت تلقائيا
فاذا بالمتصل يقول :يا خوي اصبر شوي وعطني فرصة اكلمك واقول لك على كل شئ يا ابن الحلال.
فاذا به يقول معاك (امن الطرق) .
وكان مجرد ذكر هذا الاسم كافيا لاعرف ان خطبا ما قد حصل .
لكنني تماسكت وطلبت من المتصل ان يقول لي ما حدث،فاذا به يذكرني ببعض الآيات من القرآن وبعض
الاحاديث ويرجو مني الصبر والاحتساب عند الله،فقلت له باختصار هل (حميد) توفي؟
قال نعم ،ووقع الخبر علي كالصاعقة ولا اريد ان اسهب في الحديث اكثر عما اعتراني بعد ذلك.
نعم،رحل (حميد) ورحلت معه اشياء كثيرة واختفت اشياء اكثر من حياتي.
نعم افتقدك كثيرا يا عزيز (حميد) وافقتد نفسي معك .
آه كم هي قاسية هذه الحياة حينما تفقدك اعز من عندك .
لكن كله من امر الله وانا لله وانا اليه راجعون.
اعتذر من الجميع ان ازعجتكم او آالمتكم بهذا الموضوع لكن لكل حادث حديث ولكل ذكرى عظة وعبرة.
مناسبة الموضوع ان اليوم تمر الذكرى السادسة لرحيل (حميد)،فقد توفي في مثل هذا اليوم اي :
10/ 11 / 2003م
حفظ الله اعزاءكم ولا اراكم الله مكروها في عزيز.
دمتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: بضم الكاف وفتح التاء المشددة هو حلقة تحفيظ القرآن في المسجد.
اسم الموضوع : من عزيزك الذي تفتقده؟
|
المصدر : .: حكايات وأقاصيص :.
