التحديات التربوية لوحدة الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

عبده درويش

Active member
إنضم
28 يونيو 2009
المشاركات
2,400
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
مكة
تدخل الأمة الإسلامية اليوم الألفية الثالثة وهي تواجه تحديات كثيرة أهمها: العولمة وتداعياتها، وتهمة الإرهاب وتبعاتها، وتربص الأعداء وتكالبهم، والصهيونية وأطماعها وخططها... الخ.
وفي مقابل كل هذا نجد الفرقة والشتات تعصفان بأبناء الأمة ودولها، خلافات مذهبية وقومية تكاد تذهب بحقيقة الأمة وكيانها، ونزاعات وحروب داخلية تذهب بثروة الأمة وتهدر دماء أبنائها.. الخ، وإلى جانب كل ذلك نجد ضيقاً في النظر وتعصباً في المواقف فما هو الحل والمخرج؟
إن القاعدة والأساس السليم لمواجهة كل هذه التحديات هي وحدة الأمة وتعاونها، ومن ثَمّ إذا كانت وحدة المسلمين مهمة في كل عصر فإنها باتت ضرورة ملحة في هذا العصر، نظراً لعظم التحديات التي تجابه أبناء الأمة في كافة المستويات: المحلي والدولي، والسياسي والإقتصادي والفكري والثقافي والتربوي.
وأسس تحقيق الوحدة الكاملة متوفرة في الأمة، وهي الوحدة الثقافية والإحساس المشترك بالأخوة التي تقوم على قاعدة الدين، بعيداً عن العرقية والصعبية الجنسية والقبلية والقومية وغير ذلك من أنواع التحزب، إلى جانب الشعور بالمسؤولية المشتركة في حماية الدين ورعاية المجتمع والنهوض به.
وبيد أن عناصر الوحدة ترتكز أساساً حول العديد من الدعائم أهمها: الوحدة الفكرية والوحدة السياسية والوحدة الاقتصادية، إلا أن الأرضية المشتركة لها جميعاً هي الوحدة التربوية التي كانت سبباً في إيجاد ذلك الشعور المشترك بوحدة كيان الأمة والإحساس بالأخوة الإسلامية الجامعة.
إن موضوع هذه الورقة هو التحديات التربوية التي تواجه الأمة الإسلامية في هذا القرن، وهي تتمحور بصورة أساسية حول امهات التربية في الإسلام وهي: الأسرة والمسجد ومؤسسة التعليم ومؤسسة الدعوة، ودور كل منها في أداء رسالة الوحدة والعقبات التي تواجهها.
وإذ يتناول البحث هذه الموضوعات بالعرض والتحليل، يبيّن أولاً التحديات التربوية العامة المشتركة التي تبرز من خلال هذه المنافذ جميعها، ثم يتناول ثانياً بصورة مستقلة التحديات التي تبرز من كل منفذ تربوي على حدة.
أما التحديات التربوية العامة لوحدة الأمة في نظر الباحث فتتمحور حول ثلاثة أمور: النظرة الأحادية في التربية، إغفال الشورى، والتعصب الفكري والمذهبي وقلة التسامح.
وقبل تناول كل هذه الجوانب بالتفصيل يحسن توضيح الإطار النظري لمفهوم الوحدة الإسلامية وأهميتها.
الوحدة قيمة كونية وحقيقة إسلامية
الوحدة قيمة كونية رفيعة تحكم قوانينها كل ميادين الوجود، وعلى أساسه يتم التفاعل العظيم بين الكون والحياة والإنسان، ولولاها لا ضطربت كل مفردات التكوين المتوجهة إلى الخالق بالتوحيد والتسبيح بلسان الحال أو المقال.
ومن المعلوم أن الإسلام وهو شريعة الله ودين الفطرة جاء وفقاً لما أودع الله في هذا الوجود من سنن وأحكام. ولذلك فمن الطبيعي أن يشغل موضوع الوحدة مساحة كبيرة من اهتماماته، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13) .
فالآية تشير إلى الأصل الواحد للبشرية، ولكن تؤكد على دور التباين والاختلاف الذي غايته التعارف والتآلف الطوعي. وكما تشير الآية بطريقة ضمنية إلى أن علاقة الأسرة المتمثلة في الأصول والفروع «الأبوة والبنوة» تعتبر من أهم عوامل الوحدة بين البشر.
ثم بيّن القرآن أهمية وحدة الأمة الأسلامية بصورة خاصة وركّز عليها، فقال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:92) ، وقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ) (آل عمران:103) . كما بيّن أسباب الفرقة والشتـات وعــواقبهما فقـــال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (لأنفال:46) .
وقد جاءت السنة النبوية مؤكدة على هذه الأسس والأصول، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله(ص): «إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذّ شذّ إلى النار»(1).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) «لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث»(2).
وعن زكريا بن سلاّم يحدث عن أبيه عن رجل قال: انتهيت إلى النبي(ص) ، وهو يقول: «يا أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ثلاث مرات»(3).
ومن هنا باتت وحدة أمة الإسلام وتماسكها جزءاً من حقيقة كيانها المادي والفكري والثقافي، فلا يتحقق إلا بها، دون العصبية العرقية أو القومية أو الجنسية.
الاختلاف الفكري قيمة إنسانية
مع أهمية الوحدة الإسلامية، فإن سنة الله قد قضت باختلاف الناس، فلم يفرض الوحدة الفكرية قهراً بأن جعل الناس على قالب واحد في الفكر والنظر، بل جعلهم على رؤى مختلفة ونظرات متباينة؛ إثراءً لساحة المعرفة وبناءً لصرح العلم. وأيضاً لم يجعل الله الناس متوحدين في وجودهم المادي من حيث الأشكال والألوان، آية للناس، كما لم يجعلهم متوحدين من حيث المكاسب والأرزاق دفعاً إلى السعي والتعمير.
وهناك العديد من الآيات التي تبيٍن هذه السنة الإلهية وتؤكدها، ومنها هود 118، 119، والشورى 8).
ومراعاة لهذه السنة وتأكيداً لها قال الله تعالى: (وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ) (الزخرف:33) .
وبهذا يتبيّن أنه إذا كانت الوحدة قيمة كونية فإن الاختلاف في الرأي والنظر قيمة إنسانية به تنهض الأمم وتُبنى الحضارات، ومن هنا تأخذ الوحدة مفهومها التعاوني التعاضدي على البر والتقوى في كافة المستويات
 

الساحره

New member
إنضم
26 يونيو 2009
المشاركات
1,418
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
المدينه المنوره
H7698700.gif
 
أعلى