ما هكذا يا سعد تورد الإبل !!
كم مريدٍ للخير لم يدركْه, إما لعدم موافقته للصواب في اتباع الحق, أو لعدم حكمته في إظهار الحق, نعم.. اللحية سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم, وحاشا أن يقول مسلم خلاف ذلك, حتى من خالف في المسألة يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذا لحية, وهو قدوتنا صلى الله عليه وسلم, لكن الإشكال ليس في أن إطلاق اللحية سنة أو واجب, إنما الشأن في رسوخ رواسب في أذهان بعضنا أن الإنسان لا يمكن له أن يستقيم على أمر الله إلا بإطلاق لحيته, ولعل من أظهر شواهد ذلك عندنا أنه من المحال, ومن المستحيلات الثمانية في العالم!! أن يُطْلَقَ على شخص حليق ولو كان مواظبا على صلاة الجماعة لا يفوته فرض واحد, وشابت شعور رأسه في خدمة الفقراء والمساكين, وبَرَّ بوالديه وأحسن إليهما الدهر كلَّه, وترك مجالس الغيبة والنميمة, بل ولم يحمل في قلبه شيئا على إخوانه المسلمين= أن يُطلَق عليه أنه ملتزم أو مستقيم (انظر: الأمة الواحدة لسلمان العودة).بينما لو أن شخصا كان ذا لحية, وينام عن صلاة الفجر والعصر مع الجماعة غالبا, وكان إمامَ مسجدٍ, أو مدرسَ تحفيظٍ, وعنده من الحقد والبغض على إخوانه المسلمين ما الله به عليم, ولم يكن هَمّ المسلمين ولا الفقراء والمساكين من محل عناياته, بل لم يكن برُّه بوالديه من المطلوب منه بمكان= يسمى عند أغلبنا: (ملتزما, أومستقيما)!!.
بل ليس هذا فحسب, أقولها بصراحة: هو (شيخ)!!! عندنا.
يا سعد, هذه رواسبنا إلى متى نظل ننظر إلى الناس بأنهم غير ملتزمين ولا مستقيمين بموازين وضعناها لأنفسنا, وقد سمّاهم الله المسلمين, وأنت منهم!!.
يا سعد, إن ترك المسلم ولو كان ملتزما في نظرنا- لبعض أوامر الله أعظم عند الله من ارتكابه لبعض المنهيات, وهذه قاعدة جليلة أصّلها شيخ الإسلام ابن تيمية ونصَرَها بأكثر من عشرين وجها من الأدلة, ولخّصها ابن القيم بأسلوب بديع كما في الفوائد.
يا سعد, إن نصرة دين الله, وتحبيب الناس إلى دين الله لا يكون بترهيبهم من معصية لم يعدّها الشارع من الكبائر لو سلّمنا القول بتحريمها, وإنما بتعريف الناس بربهم, وتعظيمهم له, ومعرفة سلّم الأولويات في الدعوة, ومعرفة العدو الأكبر من الأصغر, والكبائر من الصغائر, ومعرفة ما يمكن أن يؤجل مما لا يمكن.
فهؤلاء المدعوّون بحاجة ماسة إلى من يعطف عليهم, ويقربهم إلى دينهم, ويحثهم على صلاة الجماعة, وبر الوالدين, وصلة الأرحام, وسائر أركان الإيمان والإسلام, ونهيهم عن غِشِّ المسلمين وخداعهم في بيعهم وشرائهم, لاسيما إن كانوا تجارا, هكذا نقيم الوزن بالقسط, ولا نخسر الميزان, وإذا قلتم فا عدلوا..
كتبه: فوزي فطاني
اسم الموضوع : ما هكذا يا سعد تورد الإبل
|
المصدر : .: زاد المسلم :.

