( الإصــلاح ) بين الهـادي والهـاذي !

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
7 أكتوبر 2009
المشاركات
33
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
34
الإقامة
k.s.a _ J
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم أنطق الحقَّ على لساني، ولا تجعلني عُرضة لساقط القول، ومستَرْذَله. آمين.


سنة الله في الأمم أنها لا تخلد في الذواكر إلا بإنجاز عريق أو تاريخ عتيق؛ وعلة ذلك أنهما يسموان بالمرء عن الحياة المادية الصرفة، ليعلوا به إلى المنازل الشريفة، والرُّتب المنيفة، ولذا نرى أهل التاريخ يفردون في قومية معينة تواليف متكاثرة، ويشبعون الكلام فيها دون إغفال شاذة أو فاذة، محلّلين، ومفصلين، ومستنتجين.
أضف إلى ذلك، فلا توجد أمة على ظهر البسيطة إلا وتتصارع مع الحياة بغية البقاء والتصدر في سجل التاريخ، وما الأقوام البائدة إلا براهين شاهدة ودلائل ماثلة أمام الناظر المستبصر، فالأمم تحيا وتخلد - وإن انقطعت أنسالها - بـ 1/ ذكرى أبنائها وإسهاماتهم العلمية، والعملية. 2/ موروثاتها الثقافية والفكرية والتجديدية.
ولتكتمل حلقة البقاء، وتبقى الألسن لاهجة بالذكر الحسن، والثناء الجميل، والقول البديع؛ قَمِنٌ بكل أمة أن تسعى لإصلاح ذاتها، وتدارك فواتها، لكي تضحي مشمولة بالقول العذب إذا ذكرت الأمم، ومشارًا إليها بالسبق في الخير ما سطر كاتب في طرس، أو قصّ قاصّ قصة أو حتى أفكوهة عابرة.
ولا مراء أن الجالية البرماوية انتمى عدد من أفرادها إلى حقول الدعوة بضروبها، فنـزعت إلى السبق في ميادين عدة يصعب حصرها، وواكبت زمنا مثاليا صارخا، تمثله هذه الفترة النهضوية، حتى إن كثيرًا من المنظّرين عجزوا عن تحديد ملامح هذا التغير المباغت، والمنّة في هذا كله لله - جل وعلا - .
ولم يعنِ هذا قط القعود عن إكمال المسيرة الخيّرة، فضلاً عن انتظار العلاجات السحرية، والتنادي بنجاحاتٍ قلائل مقابلَ جيش عرمرم من المخذلين، فكانت كلمات بسيطة، اكتنفتها تأنيبات وتصويبات، ولم تلبث أن أصبحت جملاً مُسهمة، جمع [العبد الفقير] أشتاتها من تجلّيات الفكر، ومطارحات الرأي، وبعد أن اطّرح المداهنة، وقلا الغثائية الفكرية؛ أُلهم ليجمعها في مقال مترابط الأجزاء، ذي حلة سيراء، وهندام مهذّب.

1. أنموذج الخير:
سر الفلاح ينطوي على زرع القيم النبيلة، وتبنّي المبادئ القويمة، وتحرّي دروب الحق، التي تقود إلى الغايات المحمودة، وتعصم من زلل السير، وخطل السلوك، ولا يتأتى ذلك إلا بالتحرر من القيود المذهبية والآبائية، والانفكاك من السفسطة الموبوءة، فكلما كان اللزوق بالمنهج السماوي - الرباني أقوى؛ كانت الإعانات الإلهية تتدفق كالجداول المنسابة، فيسهُل سلوكُ المسلك الجدَد، والمضيُّ في المنهاج الأقوم بثبات متوقد.
الكتب زاخرة بأمثلة من أقوام وجماعات اهتدت إلى ربها، وتشبثت بالنهج الصواب والمبادئ الصحيحة، وعرفت مغزى وجودها في هذه الفانية، فعملت ودأبت. والتاريخ يشهد.
وعلى النقيض نرى نماذج أخرى قاتمة، لأقوام تنكبوا عن السراط المستقيم، والهدي السوي، وحادوا عن سواء السبيل، فلحقها الذم أينما حلت أو ارتحلت. والتاريخ يشهد.
ولو قدر لساذج منا أن يفاضل بين طريقين، إحداهما ملأى بالمنغصات والأوصاب؛ غير أن نهايتها سعادة سرمدية، ونعيم أبدي، والأخرى مفروشة بالورد والزنبق وكل ما لذ ولطف؛ لكن مسارها ينتهي إلى شقاء وبؤس وإفلاس. فما الذي يختاره هذا الساذج بفطرته؟
فإرشاد الخليقة إلى هذه الطريق، للسعي النفّاع فيها، والأخذ بأسباب الاستمرار والمداومة، وتذكير بعض الإخوة بعضاً إن دبّ إليهم الكسل؛ هي الإصلاح الديني بعينه!!

2. الأولى فالأولى:
حَرَص الأنبياء على هداية أتباعهم إلى توحيد الله، بنوعيه؛ المعرفة والإثبات، والقصد والطلب، فهذا الأساس الصحيح تنبني عليه الأعمال الصالحة، وما أنشئت الدنيا، ولا رفعت السموات بلا عمد، ولا خلقت الخليقة؛ إلا لتحقيق توحيد الله وحده لا شريك له.
فالتوحيد شأنه عظيم عظيم، والإعراض عنه مدعاة أكيدة للهلاك والبوار، ويجب وضع الدعوة إلى توحيد الخالق في قمّة الأولويات، مع عدم التقليل من شأن الفقهيات والأخلاقيات (السلوكيات).
نسأل الله أن يقينا الشرك وخطره، والبدعة وزغلها.

3. لا بد من تجرع علقم المنشقّين :
كم من دعوة إلى الخير دفنت في مهدها بعد هرطقات قطاع الطرق ومهاتراتهم!
نظرتُ - بتعمق - فوجدت أن هذه الفئة لا يخلو منها مجتمع إنساني، فهي كالذبابة لا تقع إلا على الجرح، فتستلذه، وتتراقص حوله طربًا كما لو ظفرت بغنيمة لا مثيل لها! وأي غنيمة!!
ضرب الظرفاء بهم المثل في المكـر والهدم والشغب، حتى شبههم ظريف فكهٌ بالـ (القعَدة) المنتكسين فكريّاً!
ثم إنه تبين ـ بعد تقليب فكر ـ أنهم امتازوا عن غيرهم بأمور، ومن تلك: خلالٌ قواصم، جعل الله لنا منها عواصمَ:
ـ رفع لواء المعارضة إذا خرج أي مشروع (تنموي ـ إصلاحي) عظيم إلى الدنيا.
ـ الكذب، والتلفيق، وبتر كلام الصلحاء، ورمي فتيل الفتنة هنا وهناك وهنالك.
ـ إماتة همم المصلحين، ومحاولة دفنها حية وإن ترحّمت وأجهشت بالبكاء!
ـ حط أقدار أولي العلم وأرباب الألباب، ووصمهم بـ: المتلونين/ وشداة الشهرة/ وأصحاب البطون/ ومختلسي الأموال!
ومنهم فئام: غلاظ في الحديث، قتاتون، حسدة، سراقون للجهود، صائدون للعثرات، متتبعون للزلات والهنات.
وقبيل أشهر برزت منهم شرذمة هالكة في فضاء الشابكة من زعران الانترنت، لا تقل عن سابقاتها شرا وحمقا وحنقا، ووصمـتهم كما في "دائرة معارف النوكى": (أغرار، سفهاء أحلام، وفاقدو عقول، يجرون وراء الشهرة بأي شجار أو تخالف، وحال أحدهم: لا أدَعُكِ ـ أيتها الشهرة ـ تهربين حتى أجنُبَ منك!) ا.هـ !!!
فإن علم بهم أحد فليفرّ فراره من الأسد!

4. قواسم مشتركة :
سمعت محدثي في مجلس جمعني به مع أفاضل آخرين، حيث قال فأجاد:
(من أحب "منكم" إزالة المنغصات عن حياته وحياة أمتـه؛ فليدع حب التملك والتصدر، وليثب وثبة الأسود الشوس!).
أجلت الفكر متأملا في هذه المقولة، فألفيتها تحتضن كثيرا من السمو والحقيقة!
مضت أيام وكأني أنسيت، فتذكرتها بعد رأيت نظائر منها، فازددت يقينا، ومحال على العقل أن ينكر، فما نهضت أمم إلا بعد أن أجهزوا على الدعة والراحة، وتجاهلوا ما كان بينهم من خلاف، وتكاتفوا، وتآزروا، وتعاضدوا، فاسطاعوا، ومتى اسطاعوا؟
والتاريخ عاينَ الأحداث! :
ولعل مثالا بسيطا يقرب، فإخوان القردة أخزاهم الله؛ تمكنوا في الأرض بعد أن كانوا أقلية منبوذة لا وزن لها ولا قيمة. نعم! بعد أن تندرت ألسن السمّار بقصة شيخ النازية حين حاول إحراقها عمدا!

5. حمدًا لله :
رأيت من الواجب عليّ أن لا أوقف لساني عن إزجاء جميل المحامد إلى رب السموات والأرض، أن سخر في الجالية شبابًا كالشِّيب في تصبرهم ، وشِيبًا كالشباب في توقدهم !
ولْيهنأ المرء إذا وجد بين أفراد جاليته من أينع وأيفع، وامتهن هدايةَ الخلق غير متقهقر حتى تغتاله الغرغرة، فلا حرم الله الأجر هؤلاء، وأفاض عليهم شآبيب رحمته ورحماته.
ومن الغبن العظيم أن نبخس أولاء حقوقهم ببرودة وتجاهل، فكيف وقد أنفوا الذل، وثبتوا أمام فخاخ أهل التثبيط ومصايدهم، حتى اكتسبوا مناعة ضد جراثيم النقد وجلد الذات!
مع علمهم التام بأن المعركة بين المصلحين والقعَدة قائمة!

6. الإصلاح من الداخل قبل الخارج :
من الله - سبحانه - على صحْبٍ لي بتصفح جملة من كتب الحضارات المنقرضة، وتاريخها، وعصور أوجها وازدهارها، وفترات انحطاطها، فانتهوا إلى حقيقة ثابتة، لا يستطيع عقل حصيف جحدها، وهي أن البناء لا يكون إلا من الداخل، وأن الأصل ما دام ثابتًا؛ فما يتفرع عنه يكون من القوة والرسوخ بمكان، بحيث لا تزعرعه الرياح العواتي.
التصفية والتربية:
أكثر من رأيته كرّر هذا التعبير من المعاصرين ريحانة الشام الألباني في لقاءاته المنهجية، وكثير من كتبه. فحري أن يُلتفت إلى هذا الأصل الأصيل بتأمل وتبصر.
ومفهوم التصفية: تقديم الإسلام على الشباب المسلم مصفّى من كل ما دخل فيه على مرّ هذه القرون والسنين الطوال. ومدلول التربية أنه لا بد من تربية المسلمين اليوم، على أساس ألا يفتنوا كما فُتِن الذين من قبلهم بالدنيا.

7. مقومات الإصلاح:
تمام الفلاح في الإصلاح مبني على أشياء:
أولها: التسلح بالعلم الشرعي، والإلمام بفقه الدعوة وطرائقها.
ثانيها: النـزول في ميدان الدعوة بجد وكد، دون كلل أو ملل.
ثالثها: الصبر على الأذى.
وتكييف ذلك: دفن فايروس اليأس، واستصحاب الأمل المسحوق، واستصلاح الطرق الدعوية المجدية، واستنفار القوى العقلية والعملية، ثم ملاحقة الذرائعيين وإسكاتهم، وملاطفة المحبطين والضعفاء، ومباركة إنتاج السعاة المجاهيل، ومحاربة الدخلاء والأدعياء.

8. الإصلاح ، و"Ray of hope"!
يرد سؤال بعضَ المهج:
هل لنا من بصيص أمل يزرع التفاؤل في أفئدتنا بعد أن نهشتها الخطوب، واقتاتت من بقاياها؟
لا جواب غير أن نعـم!
تبتدر قائلا: ولم؟
يقال لك: التبيان ما هو آت..
لم ير المحدَثون شعبًا أقدر على الثبات والتحدي أمام زوابع الحياة من الشعب الياباني، إن صُرف النظر عن ديانته أو انتمائه الروحي. (ولا شك أن الاستفادة من الأمم في أمور الحياة والتجارب الدنيوية جائزة، وذلك إن وضعت في قالب أنيق لا يخالف ديننا الحنيف، مع نبذ ما يضر ولا ينفع إن تبدّى ما يُخشى).
نظر مؤرخو العصر إلى اليابان ووضعها المتدهور من جوانبَ، فظنوا أنها لن تقوم -أبدا- بعد سقطتها الذريعة؛ إذ نسفت بقنبلة نووية لم تدع شاردة ولا واردة، فتبددت هيروشيما وناجازاكي وما أحاط بهما، ولا زالت آثار القذيفة في أهليها بادية!
دُويلة خيف عليها، ونُظر إليها بمنظار الرحمة والعطف؛ من العجيب -حقا- أن تنهض بنفسها، وتستنهض أمما من حولها، لتضرب مثلا جيّداً في الصبر، والبناء، وزرع القيم، وإتقان العمل، وحب التطوّر والتطوير.
وقد قيل حين شملتها النكبة: وهل عودة اليابان خطرت في مخيلة أحد آنذاك؟
ثم أجيب: لا.
تاكيو أوساهيرا:
وما أكثر من قرأ قصة كفاح الياباني (تاكيو أوساهيرا)، فمن منكم قرأها بعين فؤاده؟
لم يرد الراقمُ أن تبينوا له كيف نقل هذا الفتى الطموح سر عظمة أوروبا إلى اليابان، لكن أرادكم أن تستنطقوا الحقيقة، وتنمذجوا شخصَه!
قالوا: يبهر الواحد إذا عرف صبر هذا الفتى في طلبه لعلوم الدنيا، وتحمل عناء الدراسة والابتعاث في ألمانيا، واستساغة الذل، في سبيل تحقيق أمنية كثيرًا ما أمل في تحقيقها!
فاستخلصوا: أن المتأمل يدرك بعد نظرة فاحصة رقي هذا الشعب، وصموده، وقيمه، وعاداته الطيبة، وهذا يفقه بوضوح لمن تتبع حلقات حجازي مشهور في عمله الموسوم خواطر 5.

لقد عملوا فوصلوا، ونحن إن عملنا اليوم واستمررنا؛ فسنصل بإذن الله يومًا ما!
ولعل السنين المقبلة تغير وجهنا ووجهتنا!


س/ لم نردد هذه المفردة إذًا؟

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

الأسيف

مراقب عام
إنضم
23 أبريل 2009
المشاركات
405
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الإقامة
لا زلتُ أتَخَيّلهَا .. !
أيهَا الجَامعُ المحكّك :
أطال اللهُ بقاءك ، وحرَسَ إخاءك ..

هي كما وصفتها أيها الفتى الفهريّ : مقالة مترابطة الأجزاء ، ذي حلة سيراء ، وهندام مهذّب .
من يجرؤ على مناطحتها فضلاً عن كتابة مثيلاتها يقف حماره عند العقبة !

أول ما وضعت موضوعكَ الفَهِق ، مشيتُ في بيداء من الظنون الشائكة والشكوك الظامئة ، ثم لما رأيت نفسي لم أفض إلى شيء ، ولم أظفر بالقصد ، وكأني بأرض سبخة .. إلتجأت إلى التكرار مع مزيد من التركيز .. حتى رشفت من الكأس ثمالتهَا ، فانتظم لي مَا حاولتُ ، واتسقَ لي ما أملت .. !

فتلك الفصول التي أضفتهَا ، وتلك النقاط التي أبرزتهَا .. رفعت بهَا اللثام عن أمور شتّى ، لا يفقهها غير من نزلوا الميَادين وعاينوا الإصلاح ..

وهَا هو النشء ينشأ والعلامات ظاهرة ، والبرهانَات واضحة .. فكم من طالب للعلا من نوابغ جاليتنَا ، يرجو منزلة ليس وراءهَا مطّلع لناظر ولا زيادة لمستزيد ، ولا فوقهَا مرتقىً لهمةٍ ، ولا متجَاوزٌ لأمل ..
وكم من أمثال تاكيو أوساهيرا عندنَا ، يتوقّلُ إلى العلى ، ويسمو إلى المكارم ، ويصعدُ إلى فروعِ العزّ ، ويترقّى إلى ذرى المجدِ ..

فقط يا أبَا فهر .. اصبر لهؤلاء الفتية التي تطمحُ إليهم العيُون ، وتقفُ عليهم الآمال ، وتسمو إليهم الهمم ، وتمتدّ نحوهُم الأعنَاق ..
اصبر يا أبَا فهر .. فالأيام حبالى !
اصبر يا أبَا فهر .. سنصل يوماً من الأيام أمة ، تتحدث عنّا الأمم ، وسنبلغ حيث لم تبلغ الآمال والهمم !
"
"
 
التعديل الأخير:

shugi

New member
إنضم
7 أغسطس 2010
المشاركات
222
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
12910530121118.gif
 
أعلى