رد الشيخ عبد الرحمن السحيم على من يقوم بسب العلماء ويبدعهم من أدعياء السلفيه

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.burma-ksa.com/vb/backgrounds/1.gif');border:5px ridge teal;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
رد الشيخ عبد الرحمن السحيم على من يقوم بسب العلماء ويبدعهم من أدعياء السلفيه
bsm.gif

mail


عندي سؤال يتعلق بالفرق السلفية و هو أننا اليوم نرى ثلاث جماعات
كلها تقول بأنها سلفية وهي ترمي بعضها بعضاً.
فهذه تقول هذا قطبي و هذا سروري و هذا حزبي,
وهذه تقول إن هؤلاء يسبون العلماء و يرمونهم و أنهم خونة و أنهم أسقطوا فريضة الجهاد,
و أخرى ثالثة بين الإثنين يرفضون سب العلماء و الدعاة.
المشكلة يا شيخنا الفاضل أن كل منهم تستدل بأدلة شرعية من آيات قرآنية و أحاديث شريفة
أقوال السلف. و كل منها تقول أن ما يفعلونه هو الصواب,
فتسمع هذا يقول لا يجوز الكلام في العلماء و أن لحمهم مسموم,
وهذا يقول إن الكلام في أهل البدع و الحزبيين خير من الصلاة و الذكر و الصيام,
و هذا يقول أنه بكلامه عن بعض العلماء يحارب الخونة و يفضحهم.

ما رأيكم بهذه الفتنة و ما النصيحة في هذه الحالة.
جزاكم الله خيراً و بارك فيكم


الجواب/

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً

أولاً : هذه فتنة طهّر الله منها ألسنتنا ، فلا ينبغي الخوض فيها ،
ولا قضاء الأوقات فيها ، وفي تحديد المصيب والمخطئ ،
لأن الاشتغال بها يُذهب بركة العلم ، ويُقسّي القلب .

ثانياً : أعراض العلماء مسمومة ،
وقد يكون العالِم معذوراً عند الله ،
فإنه إذا اجتهد فأصاب فَلَه أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فَلَه أجر واحد .

ثالثاً : طريقة ومنهج السلف بيان الخطأ دون التشنيع على قائله ،
لأنه إذا كان حياً رُجي له الرجوع إلى الحق إذا كان مُخطئاً .

كما أن طريقتهم أن العالِم لا يُتْبَع في زلّته ، ولا يُتابَع عليها . إلا إذا كثُـر خطؤه ،
وتتابَع زلَلُـه ، فإنه يُبيّن الخطأ ، وهذه طريقة القرآن والسنة ، وطريقة سلف الأمة .

قال الإمام الشاطبي :
زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ، ولا الأخذ بها تقليدا له ،
وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ، ولذلك عُدّتْ زَلّـة ،
وإلا فلو كانت معتدا بها لم يجعل لها هذه الرتبة ، ولا نُسِبَ إلى صاحبها الزلل فيها ،
كما أنه لا ينبغي أن يُنسَب صاحبها إلى التقصير ، ولا أن يُشَنّع عليه بها ،
ولا ينتقص من أجلها ، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتاً ،
فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدِّين .

فإن المتأمل لكتاب الله يجد بيان الأخطاء والتحذير من الأقوال دون ذِكر قائليها في الأعمّ الأغلب .
تأمل سورة التوبة تجد أنه تكرر فيها : (وَمِنْهُمْ) في غير ما آية .
وفي الحديث النبوي تكرر أيضا : ما بال أقوام .

وهذا هو منهج السلف .

قال سعيد بن المسيب :
ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب لا بُـدّ ،
ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه ؛ من كان فضله أكثر من نقصه وُهِب نقصه لفضله .

وقال الإمام الشافعي :
لا نعلم أحدا أُعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا ،
ولا عصى الله فلم يَخلط بطاعة ، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدّل ،
وإذا كان الأغلب المعصية فهو المجرّح . اهـ .

هذا كلام جميل من إمام جليل ، فَعُضّ عليه بالنواجذ .

وقال الإمام وكيع :
أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ،
وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم . رواه الدارقطني ،
ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عبد الرحمن بن مهدي .

وكان الإمام أحمد رحمه الله يَعلم أشياء من البِدع عن بعض شيوخه ،
ولم يَحمله ذلك على الطعن فيهم ، بل لم يتكلّم فيه إلا مُجرّد إشارة خفية حينما سُئل عن بعضهم .

ومنهم : الإمام وكيع بن الجراح الرؤاسي ، وهو إمام من أئمة المسلمين ،
وهو شيخ الإمام أحمد . قال فيه الإمام أحمد : ما رأيت أحدا أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع .

قال الذهبي :
كان أحمد يُعظم وكيعا ويُفخّمه .
وقال ابن عمار : ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع ،
وكان جهبذا .وهو إمام جبل من جبال العِلم .

قال صالح بن أحمد :
قلت لأبي : أيما أثبت عندك وكيع أو يزيد ؟
فقال : ما منهما بحمد الله إلا ثَبْت ، وما رأيت أوعى للعلم من وكيع ،
ولا أشبه من أهل النسك منه ، ولم يختلط بالسلطان .

وقد كان وكيع يشرب النبيذ، ولما سُئل عن النبيذ : هو عندي أحل من ماء الفرات !

وهل كان الإمام أحمد يعلم هذا عن وكيع ؟

الجواب :
نعم . وكان في وكيع تشيّع . ولذلك لما قيل للإمام أحمد رحمه الله :
إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن بقول مَنْ نأخذ ؟ فقال : نوافق عبد الرحمن أكثر و،
خاصة في سفيان كان معنيا بحديثه ، وعبد الرحمن يَسلم منه السّلف ،
ويجتنب شرب المسكر ، وكان لا يرى أن يزرع في أرض الفرات .

قال الذهبي في سيرة وكيع :
مرّ قول أحمد إن عبد الرحمن يَسْلَم منه السلف ،
والظاهر أن وكيعاً فيه تشيع يسير لا يضرّ - إن شاء الله - فإنه كوفي في الجملة !
وقد صنف كتاب فضائل الصحابة
سمعناه قَدَّم فيه باب مناقب عليّ على مناقب عثمان رضي الله عنهما . اهـ .

ولما ذُكِر خلف البزار عند الإمام أحمد ، فقيل :
يا أبا عبد الله إنه يشرب [ يعني النبيذ ] فقال : قد انتهى إلينا علم هذا عنه ،
ولكن هو والله عندنا الثقة الأمين شَرِب أو لم يَشرب .

ولما تكلّم الإمام وكيع بكلام فُهم منه غير ما أراد ، همّوا بقتلِه ،
فهل تركه أئمة أهل السنة بحجة أنه ( لا يَسْلَم منه السلف ) ؟
لم يكن ذلك ، بل وقفوا معه ونصروه وذبّـوا عن عِرضه

قال الإمام الذهبي :
فلما حدث وكيع بهذا [ يعني الحديث ] بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صلب وكيع ،
ونصبوا خشبة لصلبه ، فجاء سفيان بن عيينة فقال لهم : الله الله !
هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه ، وهذا حديث معروف .
قال سفيان : ولم أكن سمعته إلا أني أردت تخليص وكيع .

ثم قال الإمام الذهبي بعد ذلك :
وهذا بحث معترض في الاعتذار عن إمام من أئمة المسلمين ،
وقد قام في الدفع عنه مثل إمام الحجاز سفيان بن عيينة . اهـ .

فرحم الله سلف هذه الأمـة ما أرحمهم بالخلق ، وما أشد إنصافهم لغيرهم .

قال أبو حاتم الرازي :
ذَكَرت لأحمد بن حنبل مَنْ شَرِب النبيذ من مُحَدِّثي الكوفة ،
وسَمَّيتُ له عدداً منهم ، فقال : هذه زلاّت لهم ، ولا تسقط بزلاتهم عدالتهم .

ومِن من شيوخ الإمام أحمد كذلك عبد الرزاق بن همام الصنعاني ،
ورحل إليه الإمام أحمد في اليمن ، وأخذ عنه وروى عنه أحاديث ، وعبد الرزاق فيه تشيّع أيضا .

وفي تاريخ بغداد وتاريخ دمشق عن أبي زكريا غلام أحمد بن أبي خيثمة قال :
كنت جالسا في مجلس الجامع بالرصافة مما يلي سويقة نصر عند بيت الزيت ،
وكان أبو خيثمة يصلي صلاته هناك ، وكان يركع بين الظهر والعصر وأبو زكريا يحيى بن معين
قد صلى الظهر وطرح نفسه بإزائه ، فجاءه رسول أحمد بن حنبل فأوجز صلاته وجلس فقال له :

أخوك أبو عبد الله أحمد بن حنبل يقرأ عليك السلام
ويقول لك هو ذا تكثر الحديث عن عبيد الله العبسي ،
وأنا وأنت سمعناه يتناول معاوية بن أبي سفيان ، وقد تركت الحديث عنه .
قال : فرفع يحيى بن معين رأسه وقال للرسول :
اقرأ على أبي عبد الله السلام ، وقل له: يحيى بن معين يقرأ عليك السلام وقال لك :
أنا وأنت سمعنا عبد الرزاق يتناول عثمان بن عفان ، فاترك الحديث عنه ،
فإن عثمان أفضل من معاوية !

والإمام قتادة بن دعامة السدوسي قال عنه الإمام الذهبي :
حافظ العصر قدوة المفسِّرين والمحدِّثين
قال ابن شوذب : ما كان قتادة يرضى حتى يصيح به صياحا - يعني القدر -
قال ابن أبي عروبة والدستوائي قال قتادة : كل شيء بقدر إلا المعاصي .

ولا يُفهم من هذه النقول الإزراء بأئمة الإسلام ،
بل هم أئمة لهم حسناتهم وعظيم أثرهم في الأمة ،
ولولا أن أئمة الإسلام رضوا هذا وأوردوه في كتبهم لما أوردته ولا أشرت إليه .

ولكني أردت بيان حال السلف مع أهل البدع التي لم تُخرجهم من الإسلام،
فالتّشيّع في أوله كان مصحوبا بالوقوع في السلف ،
وفرق بين التشيّع وبين الرفض والغلو فيه .
ونقول في حق هؤلاء الأئمة كما قال إمام أهل السنة
" هذه زلاّت لهم ولا تسقط بزلاتهم عدالتهم "

ماذا لو كان أمثال وكيع أو عبد الرزاق أو قتادة في زماننا ؟
لا أظن إلا أنهم سيُرمون بالحجارة !!!
فرحم الله علماء الأمة كانوا أهل عدل وإنصاف حتى مع المخالِف .

رابعاً : أن من يُطلِق لسانه يَفري في أعراض عباد الله ، يُزكِّي نفسه ،
لأن من يتكلّم في الناس يَرى نفسه في الغالب أفضل منهم .
كما أن المتكلِّم في الغالب يُبرز السيئات ويُخفي الحسنات أو يَطويها .

أخيراً :قال ابن القيم رحمه الله :
ومَنْ له علم بالشرع والواقع يَعلم قطعا أن الرجل الجليل
الـذي لـه في الإسلام قَدَم صالح وآثار حسنة ،
وهو مِنْ الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفـوة والزلّة ،
هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده ، فلا يجـوز أن يُتبع فيهـا ،
ولا يـجوز أن تُـهدر مكانتـه وإمـامته ومنـزلته من قلوب المسلمين . اهـ .

وقال الذهبي في ترجمة إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة قال :
ولابن خزيمة عظمة في النفوس وجلالة في القلوب ؛ لعلمه ودينه واتباعه السنة ،
وكتابه في التوحيد مجلد كبير ، وقد تأول في ذلك حديث الصورة .

ثم قال رحمه الله :
فليعذر من تأول بعض الصفات ،
وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفُّوا وفوّضوا علم ذلك إلى الله ورسوله ،
ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخِّيه لاتِّباع الحق أهدرناه وبدّعناه
لَقلّ من يَسلم من الأئمة معنا . رحم الله الجميع بمنه وكرمه . اهـ .

وأورد الإمام الذهبي في ترجمة قَوَام السُّـنّـة إسماعيل التيمي قوله :
أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة ، ولا يُطعن عليه بذلك ، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب .

ثم نقل عن أبي موسى المديني قوله :
أشار بهذا إلى أنه قلّ إمام إلا وَلَهُ زلة ، فإذا تُرك لأجل زلته تُرك كثير من الأئمة ،
وهذا لا ينبغي أن يُفعل . اهـ .

وقال في ترجمة محمد بن نصر المروزي - :
ولو أنا كلما أخطـأ إمـام في اجتهاده في آحاد المسائل خطئاً مغفـوراً لـه ،
قُمنا عليه وبدَّعْنَاه وهجرناه ، لما سَلِمَ معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ،
ولا من هو أكبر منهما ، والله هو هادي الخلق إلى الحق ، وهو أرحم الراحمين ،
فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة . اهـ .

وقال رحمه الله :
ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يُقدح فيه بما يوهن حديثه ،
ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ ،
ولكن فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة
أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يُعرف أن غيرهم أرجح منهم
وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم ، فَزِن الأشياء بالعدل والورع . اهـ . والله المستعان .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد

.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
 
التعديل الأخير:
أعلى