منذ أن بدأ ابن اللذينا يتردد إلى عالم النت الكبير قبل أكثر من ثمان سنوات مضين كانت تتردد عليه مسامعه تلك الكلمه الرنانة "هكر" وفي بداية الأمر ظن أن "هكر" عبارة عن برنامج من برمجيات الحاسب الآلي ثم تطور هذا المفهوم الخاطئ في عقلية ابن اللذينا وازداد سوءاً حين اعتقد أن "هكر" موقع الكتروني من بلايين المواقع الموجودة على سطح المكتب عفواً على سطح الشبكة العالمية. وبعد توغلٍ في عوالم هذا المخلوق العجيب الذي يدعى "الانترنت" وبلغة أهل التقانة "الشبكة العنكبوتية" أو بلغة أهل المجاز والاختصار "الشنكبوتية" اكتشف أن الهكر عبارة عن شخص إرهابي مجرم لا يقل شأناً عن الإرهابي الكبير "شارون" جعل الله جثته العفنة طعاماً لمردة الحشرات المؤذية الزاحفة منها والطائرة ولا أتوقع أن حشرة من هذه الحشرات ستبقى على قيد الحياة بعد أن تأكل من جثة هذا المأفون.
أعود مجدداً إلى "الهكر" الذي يعمل تحت مظلات استخباراتية رفيعة المستوى ويتمتع بامتيازات كثيرة تفوق امتيازات موظفي الاف بي آي والسي آي إن ويمارس عملية "التهكير" بكل وقاحة .. والتهكير يا عباد الله بمعنى التخريب وزناً ومعنىً أعاذني الله وإياكم من شر التخريب والمخربين.
كما لا ينسى ابن اللذينا أنه ومنذ اللحظات الأولى للعلاقة العاطفية التي ربطته بالفتاة الوسيمة ذات العيون الساحرة والقدود الرقيقة التي تدعى "إيميل" بنت "هوتميل" حيث كانت هذه الفتاة دائماً ما توصي ابن اللذينا في نهاية كل لقاء عاطفي يجمعهما في المساء قائلة: حبيبي الغالي : انتبه على نفسك وعليّ من الهكر والمهكرين وأخشى أن يخطفوني منك وعندها ستكون نهايتي لأني لا أتصور أن أعيش بدونك ولا أدري كيف ستكون حياتي إذا أخذوك مني أو أخذوني منك فحذار أن تفتح رسالة مجهولة المصدر أو تدخل إلى مبنى الماسنجر دون أن تحمي نفسك ببعض رجالات شركة انتي فايروس أفيرا أو كاسبر أو تفتح ملفاً لا تعرف مصدره !! فكان ابن اللذينا يطبع قبلة هادئة على جبين حبيبته "إيميل" ويهدّئ من روعها ويقول بلا مبالاة : لا عليك حبيبتي الأمر أبسط مما تتصورين ولا داعي لهذه الشركات ولا لرجالاتها فحبيبك رجل مسالم لا أعداء له ثم إني لا أظن أن هؤلاء المهكرين يتركون كل هؤلاء البشر ويأتون لحبيبك كي يسرقوه منك لا داعي .. لا داعي للقلق اطمئني فكانت "إيميل" ترحل عني كل مساء تاركة ابتسامة رقراقة على شفاهها تظل ذكرى حب وحنبن حتى يجمعنا لقاء باسمٌ جديد..
وذات مساء حزين من مساءات ابن اللذينا دخل بكل هدوء مبنى الماسنجر بعد أن ألقى تحية المساء على "إيميله" وبدأ يتفحص في وجوه الحاضرين والحاضرات ممن دخلوا هذا المبنى الكبير .. ويتفقد الغائبين والغائبات وشرع في قراءة بعض الصفحات المفضلة إذ برجل غريب لا أعرفه ظهر فجأة وطلب المحادثة معي فقال أنت ابن اللذينا؟ قلت: نعم فقال مرحباً بك منذ فترة طويلة وأنا أدخل هذا المبنى لكي أراك و"أتسولف معاك" ولكني لا أجدك وين الغيبة ؟! قلت لا حول ولا قوة إلا بالله لعل هذا الفضولي أحد أولئك اللذين كان الإمام ابن الجوزي رحمه الله يقطع الكاغد ويبري الأقلام ويرتب الدفاتر اغتناماً للوقت لكي لا يضيع إذا اضطُر للجلوس مع أحدهم فقلت له مرحباً بك ومن معي؟ قال: ما تعرفني؟ قلت في نفسي: لو كنت أعرف أنك موجود بمنى الماسنجر لسلكت فجاً آخر وهربت منك لا أراني الله شكلك.. جاملته وقلت : لا فضلاً عرفني بنفسك قال: خذ هذا الملف وستعرفني بعدها .. في هذه اللحظة الحاسمة الغارقة في العفوية والبلادة نسي ابن اللذينا وصية حبيبته "إيميل" وحمّل الملف بكل روية وفك الضغط بكل حماسة وظهر له ملف جميل على شكل عين حمراء ولم يكتف بالنظر إلى هذه العين الفاتنة بل وجّه سهم الماوس وفقع هذه العين بضغطتين قويتين وما هي إلا لحظات يسيرة ويختفي هذا الرجل الغريب بعد أن عرفني بنفسه وأصبحت كتائهٍ ضل الطريق وفجأة أجد نفسي خارج مبنى الماسنجر ولما أردت الدخول مرة أخرى وثالثة وخامسة وعاشرة يقول لي البواب العبيط: إن كلمة المرور خاطئة هنا أخذت الشكوك تساورني وبدأ العقل الباطل يخرج ما في جوفه من ذكريات جميلة ووصايا رقيقة كانت قد أهدتها إلي حبيبتي "إيميل" في لقاءات مضت وسهرات انصرمت وبدأت أسأل نفسي: هل فعلاً أخذوكِ مني يا " إيميل" وهل فعلاً أصبحتِ الآن أسيرة بين يدي رجل لايخاف الله ؟! هل حقاً كان هذا الرجل القبيح هو "الهكر" الذي كنتِ تخافين منه عليّ وعلى نفسكِ؟! يا الله كيف سأعيش بدونكِ ؟! وكيف تحلو حياتي من غيركِ يا " إيميل" ليتني أخذت بنصيحتك !! ليتني استعنت بعد الله بأحد رجالات كاسبر أو أفيرا ؟! ..
ولم يكتف هذا الهكر الخبيث بتهكير إيميلي فحسب بل حاول أن يهكر عدداً من نزلاء مبنى الماسنجر ممن كانوا على اتصال ابن اللذينا وقتذاك.
وبعد أن تأكدتْ الشكوك لابن اللذينا أن "إيميله" قد خُطف وأن هذه الفتاة التي كانت تؤانسه وتسامره قد أخذها رجل غريب الله وحده أعلم أين ذهب بها وماذا صنع بها بدأ في الاتصال على بعض المستشارين التقنيين وكلهم أكدوا أن هذه الفتاة قد تم "تهكيرها" وأنه من سابع المستحيلات أن ترجع لحبيبها الأول فقال بعضهم اربط علاقة جديدة مع أخرى فقلت: لا وألف لا. وقال بعضهم: ابحث لك عن هكر "محترف" يعيد لك ما أفسد الهكر الأول؟ فقلت: وأين هذا الهكر؟! وأخبرني بعضهم قائلاً: سأتناقش مع السيد هوتميل والد الفتاة وآتي لك بالخبر إن شاء الله وبعد مراسلات طويلة نظراً لأن والد الفتاة يسكن أمريكا منذ زواجه وابن اللذينا في مكة نسي هذا الوالد المسكين أن فتاته ارتبطت بعلاقة عاطفية منذ ثمان سنوات مع ابن اللذينا وبدأ يطلب بعض المعلومات والأمارات عن ابنته وكأن ابن اللذينا وثّق هذه العلاقة بصك شرعي وكشف طبي يشرح تفاصيل جسمها وألوان بشرتها وقائمة أصدقائها ..
وهكذا فقد عشت أياماً عسيرة وليالي سوداء أبحث عن حبيبتي في كل موقع وأسأل عنها كل من أجد فكم من ساعات طويلة قضيتها هي الساعات أنتظر حبيبتي عند مبنى الماسنجر أو ساحات الانترنت ولكن لا داعي ولا مجيب .. وكم من تنهيدة حرّى خرجت تشق أجواز الفضاءأتذكر فيها حبيبتي المخطوفة .. وكم هي الدعوات التي كانت تتمتم بها شفاهي: اللهم عليك بهذا الهكر فإنه لا يعجزك اللهم أرني فيه عجائب قدرتك اللهم كما فرق بيني وبين حبيبتي "إيميل" اللهم فرق بين رأسه وجسده اللهم جمّد الدماء في عروقه واجعله آية للمهكرين وعبرة للمعتبرين ...
وبعد أكثر من شهرين دلّني أحد الزملاء ممن شاطرني حزني ولوعتي على حبيبتي على ساحر عفواً على "هكر" آخر وقال سيفيدك هذا "الإرهابي الطيب" في استرداد حبيبتك وفي البداية هونت من شأن هذا الهكر الطيب وخاصة بعد أن علمت أنه طالب صغير في الصف الثاني المتوسط فشرحت له معاناتي مع حبيبتي فطلب مني اسمها وقال بإذن الله سأرجعها لك في أقرب وقت إن شاء الله افترقنا وبعد ساعة واحدة تقريباً اتصل بي هذا الهكر الساحر فعلاً يبشرني أنه عثر على حبيبتي عند أحد المهكرين الكبار في نادي الهكر ممن يمتهنون هذه المهنة وأنه أراد فقط أن "يفجعني" على حد تعبيره و"يمزح" معي فأرسل لي الباسورد الجديد وفجأة أجدني أعانق حبيبتي مرة أخرى وأدخل معها من جديد إلى زاوية من زوايا مبنى الماسنجر لتحكي لي قصة اختطافها وغيابها عني كل هذه الفترة ولوعتها واشتياقها وأحكي لها قصة معاناتي وعذابي بدونها ومرارة فراقها.. وها هو ابن اللذينا يعيش أسعد اللحظات وأمتع الساعات مع حبيبته "إيميل" لا أراني الله فيها مكروهاً وقبل أن تعاتبوا ابن اللذينا أيها الكرام تذكروا قول القائل:
لا تعذل المشتاق في أشواقه *** حتى يكون إيميلك مثل إيميله
اسم الموضوع : اللهم عليك بهذا الهكر الذي سرق حبيبتي "إيميل" قصة حقيقية ساخرة
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.

