التأمل في أسباب قلة طلبة العلم

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

طموح

New member
إنضم
12 ديسمبر 2009
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية عطرها ملؤها الحب والوئام إلى جميع قراء هذا الموضوع وإلى جميع أعضاء هذا الصرح الاجتماعي الشامل.
وقبل أن أبدأ في الموضوع أود أن أعتذر من الإخوة الأفاضل ومن الأساتذة الكرام الذين لهم باع طويل في صياغة العبارات وتقديمها للقارئ على مائدة أدبية جميلة، يتذوقها أصحاب الذوق الرفيع، وينساب فيها من هم دون ذلك، أعتذر بأنني لا أحسن ذلك -وهذا نقص في- لكن ليس معنى هذا أن أسكت ولا أعبر عما أجده في خلجات صدري، بل أرى لزاما علي أن أعبر بلغتي البسيطة السهلة، فالمقصود إيصال الفكرة.
أيها الأحبة: الموضوع الذي أريد التطرق إليه هو: التأمل في أسباب قلة طلبة العلم.
في الحقيقة كلنا نتفق على أن طلبة العلم من أبناء جاليتنا قليلون جدا، ولا أقصد بطلبة العلم هنا من هو بملتحق بمدرسة أو تحفيظ، فهؤلاء كثر وكلهم طلبة علم إن شاء الله، لكني لا أقصد هؤلاء وإنما أقصد طلبة علم بما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فهم الذين لديهم هدف واضح يريدون الوصول إليه من خلال منهج واضح، لا الذين يبدؤون كل صباح في مادة وينتهون منها في المساء من دون أن يقرأ من الكتاب غير المقدمة، ولا الذين يدرسون المادة الواحدة خمس عشرة سنة كل أسبوع درس أو أسبوعين فمتى هذا يتحصل على العلم؟
فهنا أحرر محل النزاع في هذه القضية: وهو أن المقصود بطلبة العلم هم الذين يطلبون العلم بما تعنيه هذه الكلمة وليس هذا مقام التفصيل فيه، لكن يا ترى مالسبب في ندرة هؤلاء؟
أعتقد أننا مقصرون جدا في البحث عن هذه الأسباب وقد يكون سبب هذا لأننا لا نعترف أصلا بهذه الحقيقة المرة، فكم من اجتماع قد أقمناه لأجل أشياء بسيطة، وكم هي الاجتماعات! لكن لم نقم ولو اجتماعا واحدا بخصوص هذا الموضوع، وأنا هنا لا أقلل من شأن الاجتماعات ولا عمل الإخوة، فهم يقومون بأعمال جبارة وهائلة ولولا الله ثم هم لما وصلت الجالية إلى ما وصلت، ولا أنني لا أحبهم بل كتابتي هذه ليس إلا حبا فيهم وأنا أعتز أنني أعمل معهم كأخ صغير لهم، لكن لا بد أن نشخص أمراضنا لمعالجتها، فلنتحاور في هذه القضية، وقد أكون مجحفا أو غير محقا وهذا لا يهم وإنما المهم أن نتأمل في قضايانا الكبرى ونجعلها في عين الاعتبار، أما نغفل أو نتغافل فهذا لا أظنه في صالحنا
وأقرب مثال على أن شبابنا -وللأسف الشديد- لا يريدون الدراسة التي فيها تعب ومواصلة الليل بالنهار وفيها اغتراب وبعد عن الأهل والأصدقاء أن الطالب بعد الثانوية يبحث له عن أي عمل يحصل من خلاله رزقه (هذا هو الأهم الأكبر لأكثر شبابنا بعد التخرج) لكن كيف يطور نفسه ويواصل مسيرته، وإن لم يستطع هنا ففي البلدان المجاورة التي فيها منح دراسية فلا أحد يفكر في هذا ولو سئل أحدهم لقال ليس لدي من يساعدني على توفير هذه المبالغ وهذا أكبر عذر ومع أن هذا العذر له وقعه إلا أن بإمكان الإنسان الطموح مجاوزته (وهنا سؤال أيضا: لم لا يهتم الإخوة بهذا المجال دعم الشباب لطلب العلم فبما أنهم ولله الحمد يدعمون الأرامل والأيتام ومدرسي التحافيظ وهذا شيء حسن أظن أن بإمكانهم كذلك دعم طلبة العلم الفقراء الذين يواصلون الطلب لا الذين يريدون الدعم ليتقووا به في النوم)
ومن الغريب أن الدعاة كلهم أو أغلبهم لا يتطرقون إلى هذا الموضوع وإن تطرقوا فمرور عابر أما تحميس الشباب لطلب العلم ورفع همهم ودفع الغالي والنفيس من أجله وتخصيص حلقات مثلا ورفع وعي أولياء الأمور فلا نرى ذلك في دعاتنا وللأسف.
فهذه خواطر خطرت فقلت لعل لست الوحيد الذي أتألم من هذا ولست الوحيد الذي يفكر في هذا فلعل هذا الموضوع بادرة خير نجتمع لأن نتحاور فيه فيخرج كل غيور على دينه وعلى أمته ما تمر به من خواطر وأفكار وأسباب.
وأعتذر من الجميع إن تجرأت أو تجاوزت أو جرحت شخصا أو هضمت حق أحد في هذا الموضوع.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينور بصائرنا بالعلم وأن ينور قلوبنا بالتقوى.
 
التعديل الأخير:

طموح

New member
إنضم
12 ديسمبر 2009
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
طلب نقل الموضوع

هذا الموضوع إن كنت قد كتبته هنا فأعتذر وأتمنى نقله إلى منتدى الشريعة والحياة أو النقاشات الهادفة وإن كانت الإدارة هي التي نقلت فهم أدرى بذلك وإن كنت أرى أن الموضوع لصيق بالنقاش الهادف من ناحية وتحميس الشباب لطلب العلم من ناحية أخرى ولا أرى مكانه مناسبا ها هنا لئلا تنحصر الفائدة في زاوية ضيقة.
آمل النظر من الإدارة.
ولا أنسى أن أشكر الزميل عبد الرحيم على رده وهذا لطف منه وإن كنت أنتظر منه مناقشة وطرح ما يرى حيال هذا الموضوع.
أنتظر بقية الإخوة على أحر من الجمر
 
التعديل الأخير:

غير معروف

New member
إنضم
9 أغسطس 2009
المشاركات
97
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكة
أشكرك أخي : الطموح على هذا الموضوع الجيد
لكن الذي يطلب العلم حقاً لا ينظر إلى الدنيا وزينتها وقت الطلب ولا يصاحب إلا طالب علم في نفس تخصصه ، وكذلك لا يستشير أحداً في علم من العلوم إلا أهله.
أخي : الطموح إذا أردت فعلاً أن تحقق ما تتمناه أي إثارة مثل هذا الموضوع الجيد بين أبناء الجالية ابدأ بنفسك أولاً لتكن قدوة لغيرك . ولا تنس المنهجية في طلب العلم .
أتمنى لك التوفيق والسداد
 

طموح

New member
إنضم
12 ديسمبر 2009
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أشكر الأخ محمد السبحان على تكرمه بالرد والشكر وأقول له كما قلت لسابقه، لو تكرمت بذكر رأيك في الموضوع لكان هذا أمرا أفضل.
ثم أشكر الأخ/ غير معروف شكرا جزيلا على هذه المناقشة هذه المناصحة وهذا ما أريد، أن يبدي كل رأيه لنصل في الأخير إلى نتيجة تخدم الأمة الإسلامية، نختلف في الأسلوب ونتفق في خدمة الأمة الإسلامية.
لكن أخي الكريم دعني أناقشك من خلال ما كتبت:
قلت: الذي يطلب العلم حقا لا ينظر إلى الدنيا وزينتها.
أقول لك: نعم ومن قال غير ذلك فهو مخطئ لكن إن كنت تقصد بهذا ردا على ما أشرت في الموضوع بمساعدة طلبة العلم فهنا دعنا نقف وقفة بسيطة:
هناك كثيرون يريدون طلب العلم سواء كان شرعيا أو علميا لكن المال يقف عائقا أمامهم فماذا نقول:
هل نقول من يطلب العلم حقا لا ينظر إلى الدنيا، هو لا يريد النظر إلى الدنيا لكن من دون الدنيا لن يستطيع طلب العلم، ثم أوليس لنا في أسلافنا أسوة حسنة؟
أحد العلماء كان يقول: طلبنا العلم لغير الله فأبى العلم إلا أن يكون لله، فما المانع أن نجعل حوافز يحفز الشباب للعلم فما أن يبدأ إلا وقد تغيرت نياته وأحواله، وأنا هنا لا أريد لنفسي فالله قد فتح على وأغناني لكني أتكلم بصورة عامة.

وأما قولك: أخي : الطموح إذا أردت فعلاً أن تحقق ما تتمناه أي إثارة مثل هذا الموضوع الجيد بين أبناء الجالية ابدأ بنفسك أولاً لتكن قدوة لغيرك . ولا تنس المنهجية في طلب العلم .
فأقول: جزاك الله خيرا على هذه النصيحة وآمل من الله أن يوفقني لتطبيق ذلك لكن هل ترى أن التزام شخص أو اثنين سوف يغير هذه الأمة؟
أعتقد أن تغيير الواقع يحتاج إلى تغيير الفكرة فألا ترى معي أن أحسن مكان يمكننا فعل ذلك هو هذا المكان!
فهذا التغيير يحتاج إلى أمثالك وأمثال القائمين على هذا الصرح والإخوة المشاركين فيه (الطبقة المثقفة من المجتمع) عليهم أن يقوموا بهذا،
وأنا على يقين أن الأغلب يتفق على المبدأ والأصل ويوقن به لكن قد نختلف في الفروع والاختلاف هذا غير مؤثر لكن علينا جميعا أن نوقن أننا كما نحتاج إلى اجتماعات للأمور الأمنية والاجتماعية كذلك نحتاج إلى اجتماعات للتأمل في أسباب ضعف التعليم.
أشكرك مرة أخرى وأسأل الله أن يوفقني وإياك لنحمل في قلوبنا هم الأمة الإسلامية.
 
التعديل الأخير:

غير معروف

New member
إنضم
9 أغسطس 2009
المشاركات
97
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكة
فلنتأمل في أسباب قلة طلبة العلم
1- قلة وجود قدوة صالحة لطلابنا :
وما أكثر من تخرج من المدارس الدينية والمعاهد العلمية لكنهم ليسوا بقدوة في طلب العلم بالجد والاجتهاد وإخلاص النية لله عز وجل والمواصلة في ذلك حتى الوصول إلى الكمال بل همنا هو أن نتعلم ونأخذ الشهادات ونعيش وبس دون عطاء دون تميز دون صبر على تلقي العلم وإتمامه سواء كان دينياً أو دنيوياً لا أدري متى نبدأ في طلب العلم لذاته لا لجمع المال فقط
رحم الله شيخنا الفاضل الشيخ / عبد الله الغديان كان يحذرنا دائماً من أربعة أصناف من الناس وكان يقول : أربع من يهدم الدنيا
نصف نحوي يفسد اللسان ونصف فقيه يفسد الأحكام ونصف طبيب يفسد الأبدان ونصف فلسفي يفسد العقول.
وهذا هو الحاصل في مجتمعنا شخص ما يريد أن يحاضر في كيفية طلب العلم وبيان المنهجية في ذلك، ولو سألته عن الفرق بين الاسم والفاعل ربما طلب منك اختيارات ،

2- عدم وضوح المنهجية في طلب العلم.
فنحن بحاجة إلى التخصص والمتخصصين في كل فن من الفنون والراسخين في فنونهم، حتى ينصحوا الناس ويرشدهم إلى الحق ويختصر لهم الطريق،
واستفدت من نصيحة عالم من علماء الجالية البرماوية الشيخ محمد طيب لما سألته عن القرآن وتفسيره وفهم نصوصه فقال لي : أتقن علوم الآلة من نحو وصرف وبلاغة وقراءات.. وغيرذلك فكتبته ما قال لي هذا الشيخ الفاضل وكنت في المرحلة المتوسطة واجتهد في تحصيل هذه العلوم واستفدت فائدة كبيرة ولله الحمد
3- تقديم الأهم فالأهم
مذاكرة الدروس ومدارستها مع الزملاء أو الطلاب أولى من أي نشاط كان بالنسبة لطلبة العلم لأنه لا سبيل لتثبيت العلم إلا العمل به والتدريس وهذه نصيحة شيخي الفاضل الشيخ / عبد الله الحاج التمبكتي النحوي المدرس بمعهد الحرم المكي الشريف. وكان يرسل لي بعض الطلبة الراسبين في مادة النحو لأدرسهم .
4- عدم مصاحبة طلبة العلم .
لو قلت لكم إن نصف علمي أخذته عن زملائي هل تصدقون ذلك فزملائي هم مشايخي وأحرص كل الحرص أن أصاحب كل بارع في علمه للاستفادة من علمه لا لمصلحة دنيوية فحسب .
أصحابي هم مشايخي أستفيد منهم أو طلابي أفيدهم وأستفيد.
5- قلة وجود محاضرات في بيان فضل العلم وأهله
أخواني طلبة العلم إن كنت مخطئاً فيما كتبته سددوني وبينوا لي الحق
أسأل الله أن يرزقنا علما وعملا
 

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة

أولا/ إذا أردنا التركيز على القضية ينبغي أن نقسم طلبة المدارس النظامية والمعاهد الشرعية عموما إلى قسمين:
(1) الشريعة وما يتبعها من علوم العربية.
(2) التخصصات العلمية من طب وهندسة وغير ذلك.
فأما المتخرجون من الأقسام الأدبية (شريعة ولغة) فالدليل على قلة حرصهم على طلب العلم عدم انخراطهم في الدروس العلمية المتاحة في الساحة مثل دروس الشيخ محمد علي آدم والشيخ الحازمي.
فإذا نظرنا إلى دروس هؤلاء المشايخ فنجد الحاضرين فيها من كل الأجناس سوى البرماويين العباقرة.
فإذا كان المتخرجون من الأقسام العلمية لا يتهيأ لهم من فرص التزود من العلم في تخصصاتهم عبر دروس في المساجد ونحو ذلك فما عذر الشرعيين؟
وأما المتخرجون من الأقسام العلمية فلا سبيل أمامهم للمواصلة سوى طريقين:
(1) الدراسة في الجامعات الخارجية على الحساب الخاص، وكم في الألف منا من يستطيع ذلك.
(2) السعي للحصول على المنح الدراسية المقدمة من بعض الجهات. وكم في المئة منا من يجد التأييد للسفر من قبل الأهل، وكم منا من لديه الاستعداد لتجشم مصاعب الغربة.
والنتيجة أنه لا يوجد في مثقفينا ومتعلمينا من أصحاب الهمم العالية الصادقين إلا النادر جدا.
ثانيا/ العلاج:
(1) بث الوعي التعليمي في أوساط الجالية.
(2) إزالة المخاوف الوهمية من التغرب، بآلية معينة.
(3) توعية طلاب الثانوية بدورهم المنتظر مستقبلا من قبل الأمة.
(4) تحسيس كل فرد منهم بأهميته في الأمة وأنه ليس في هامش الأمة كما يعتقد نفسه.
(5) غرس الهمم في النفوس بذكر سير العظماء وبيان ما اتخذوه من الوسائل للوصل إلى ما وصلوا إليه.
ثالثا/ يجب أن لا نعمم الحكم فإنه في الآونة الأخيرة بدأ بعض الشباب يفكرون في كسر تلك الحواجز الوهمية التي حالت قديما دون الحصول على تأييد الأهل، حيث يوجد الآن من يدرس في السودان وآخرون في اليمن.
والله أعلم.
 

فتى المعالي

مراقب سابق
إنضم
28 مارس 2009
المشاركات
193
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
35

شكر الله لك إثارةَ هذا الموضوع الذي يقلق طلبة العلم البرماويين كثيراً، وأنتَ في طليعتهم بإذن الله تعالى.
لا ريب أنّ طالب العلم لكي يبنِيَ أساساً متيناً من التفقُّه في دين الله والتبصرِ والإلمامِ بعلوم الآلات والمقاصد= يحتاج إلى مقوّمات وقواعد راسخة، بسطها المهتمون بمنهجيات الطلب بإسهاب واستفاضة في تواليفهم، فلتُراجع في مظانّها.

وفي نظري القاصر؛ ترجع أسباب قلة سالكي طريق الطلب في جاليتنا إلى أمور أجملها فيما يتوالى:
1. ما يلقاه المرءُ من المجتمع حولَه من سخريةٍ واستهزاءٍ وتقليلِ شأنٍ. فينشأ والخوف يحيط به، والشعورُ بالصَّغارِ يلازمه أينما حلّ وارتحل.
فقَمنٌ بمن هذا شاغلُه أن يطلّق مدح الناس وذمّهم طلاقاً بائناً، فكلام البشر لا يقدم ولا يؤخر، بل قد يضرب بجهد المجتهد عُرض الحائط، ولن ينفع أخانا الندمُ إذا فاتت عليه المصالح التي سعى لتحقيقها.
2. عدم سلوك المسلك الجدَد في إتقان أبجديات العلم، فيبدأ الطالب مخطئاً- بمحاولة فهم الكتب الكِبار التي لم يصل مستواه إلى هضم مثلها، فيبقى متخبطاً حائراً لا يدري ما اعتراه. ومن بابَتها: بدؤه بمتون تصلح للمستويات المتقدمة، وإغفاله المتون التأسيسية التي تؤهله للتمكن من أصول العلم، وإتقان مفرداته.
3. قلة ذات اليد، وقصور النفقة، واكتواء الفقر المدقع، ومن ثَمّ النظرة الدونية إلى النفس، وأنه ليس مثل ذاك الذي تربى في أجواء النعيم والرِّعاية، فيظن أن الأبواب موصدة أمامه، وأنْ لا سبيل إلى إحراز التقدم إنْ عدِم المال والغنى.
ولو تأمّل هذا بإمعان- في أحوال أسلافنا السالفين في طلبهم للعلم؛ لتبخّر ظنُّه، ولقنِعَ بالقليل، ومع أنّ المال أمرٌ أساسيّ لا يُتجاهل؛ لكنه لا يُعطى أكبر من حجمه فيبقى عدم توفّره هاجساً يقتل المواهب والهمم.
4. عزوف كثير من الأُسَر عن تعليمِ أولادها العلومَ الشرعية، بحجة أنها لن تنفع في هذا العصر، لا سيّما وقد هرعتْ أفواج الطلاب إلى التخصص في العلوم العصرية الدقيقة، والتي (يرون) أنّ لها مستقبلاً عظيماً، ولم يخطئوا في تصورهم، لكن يبقى للعلم الشرعي أهمية فاردة؛ فالعلم الذي وردت الإشادة به وترتب الأجر عليه في نصوص الوحيين؛ هو العلم الشرعي لا غير، فعالم الشريعة كالمجاهد الذي يرابط على الثغور، فهو على ثغرة للإسلام عظيمة، وله من الله مُضَاعَفُ الثواب إن أصلح النية.
5. الانخراط في مدارس فكرية مشبوهة، وسلوك مناهج متشددة حذّر علماؤنا الثقات منها، فيمتطي الطويلب الغرُّ صهوةَ الفتيا ويصدر الترجيحات، وهو لم يتقن إلا فنون التجرح والتسفيه، فيتنشّأ سالخاً لحوم العلماء والدعاة! ثم لا يلبث أن يملّ ويشكو وعورةَ الطريق، فينكفئ رافعاً راية الاستسلام والهزيمة، فيدع العلم كليّاً أو يقصّر في تحصيله.
وإنّ الأسى لَيبلغ مداه كلما أرى هذه الفئة المنبتّة تمتهن التعالُمَ، وتتصدّر المجالس بحجّة بيان الحق، وتبيينِه للناس، وهي أبعد الخلق عن التأسِّي بأخلاق العلماء، والتأدبِ مع من مضوا إلى ربهم بعد أن قدموا للأمة ما تعجز عنه الجلاوزة من الرجال.

وأخيراً: ليدركْ طالبُ العلم بيقينٍ أنّ دراسة علوم الآلة (من عُلومِ لغةٍ، وأصول فقهٍ، ومصطلحٍ، في غيرها)= ليست مقصودةً لذاتها، وإنّما لِما تؤدّي إليه من علوم الغايات، ولْيدرك -أيضاً- أنّ إتقان العلم وحفظ مسائله، واستحضارَ مفرداته، وامتلاك الملكة الترجيحية؛ ليس القصد الرئيس من سلوك طريق الطلب، بل ذلك مرحلةٌ نوعيّة تؤدي إلى:
أ/ تحقيق الغاية التي خلق الله الخلق من أجلها، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وأداء العبادة على مراد الله ورسوله. فيكون طالب العلم من أعرف الناس بالله، وأعبدهم له، وأخوفهم منه، وأرجاهم، وأتقاهم.
ب/ تبصير الناس بما منّ الله عليه من علم، ليعلّمهم ما خفي عليهم، وينتشلهم من ظلمات الجهل، ويبعدهم عن براثن الشرك والبدعة والخرافة.
ولعلي أطلت؛ فعذراً.


بارك الله فيك يا أخي القدير (طموح)، ورفع قدرك.
 
التعديل الأخير:
أعلى