مقالي الأول في موقع لجينيات: حين يبحث الداعية عن ذاته !!

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
917
مستوى التفاعل
4
النقاط
0


http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&contentid=34376
الدعوة إلى الله، وحمل همّ إصلاح الناس وحب الخير لهم؛ مهنة لا يتجاسر عليها إلا أولو الهمم العلية والنفوس الزكية، وهي وظيفة الأنبياء ومركب الصلحاء من الناس قديماً وحديثاً، الداعية إلى الله شخص سمت نفسه، ورقت آماله، وشمّر يصعد سلّم المعالي والمكرمات، ولا يرضى أن يرتقي بنفسه فحسب، بل يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يحمل معه أكبر عدد من الناس، ليكونوا من عباد الله المؤمنين، باذلاً كل ما في وسعه ليكون سبباً في إنقاذ من يستطيع؛ فهذا إمام الدعاة وسيدهم صلى الله عليه وسلم يصف حاله في الدعوة إلى الله ويقول: (إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد ناراً ، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقحمون فيها) أخرجه البخاري في صحيحه (6483).
وكل داعٍ إلى الله عز وجل له نصيب من هذا المثل الذي بينه نبينا عليه الصلاة والسلام، ولا يظن ظانٌّ أن الدعوة إلى الله كلمات تقال وشعارات ترفع وبرامج تقام وندوات تعقد هنا وهناك بل الدعوة في أصلها جانب تعبدي لله تبارك وتعالى، مبعثها القلب والنية، وتحتاج إلى تضحية وبذل وصبر عظيم، وإلى ذلك كانت الإشارة القرآنية حين أردف الله التواصي بالصبر بعد التواصي بالحق في سورة العصر فقال سبحانه {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.(سورة العصر: 3)
ورغم ذلك فإن الداعية معرض لكل ما يمكن أن يصرفه عن دعوته، أو يغيّر في قناعاته سلباً ويؤثر في توجهاته وأهدافه السامية العلية حتى يصبح أسيراً لهوى نفسه ونزعات فطرته ووساوس شيطانه، يتجلى هذا الأمر حين يصل الداعية إلى مرحلة لـ (أنا) والبحث عن الذات فيردد على الناس منجزاته وأعماله الدعوية، ويعدّد جهوده وصولاته وجولاته وويل ثم ويل لمن يتجاهل أدنى كلمة قالها أو نصيحة أهداها أو نشاط دعوي قام به، فإذا وصل الداعية إلى هذه المرحلة من حب المحمدة والسمعة والمراءاة وانتظار أو طلب الثناء من الناس على أعماله وجهوده تلميحاً أو تصريحاً؛ جرّه الشيطان تدريجياً إلى قيعان النفس وحظوظها الدنية، فتتغير أهداف ومقاصد الدعوة لديه، وربما أصبح ممارسة الدعوة إلى الله من حيث يدري أو لا يدري باباً من أبواب الشهرة والمكانة والمنفعة العاجلة.
إن آفات العمل الدعوي كثيرة متشعبة، يلفها الغموض والخفاء في أحيان كثيرة، وتستعصي على تعرف المريض عليها؛ خاصة إذا كان المصاب بهذه الآفات مبتدءاً في مجال الدعوة أو يصاحب أشخاصاً مصابين بهذه الأدواء أو ببعضها، فيعيش في شرنقة ضيقة باحثاً عن الضوء واللمعان فتضيع أجوره وتتشتت حسناته وهو يحسب أنه يحسن صنعا.
أعمال دعوية كثيرة لم يكتب الله لها البقاء والاستمرار ليس لعدم جدواها أو قلة مواردها أو ضعف متابعتها وتنفيذها؛ وإنما لدَخَنٍ كان في قلوب أولئك الدعاة فتأثرت أعمالهم بتلك الغبرة، ففقدت حضورها وقلت منفعتها وزالت بركتها، حتى صارت إلى الاضمحلال والزوال، وفي المقابل نجد أعمالاً دعوية يسيرة وجهوداً قليلة لا تذكر في المحافل الدعوية، بعيدة عن أضواء الإعلام وفلاشاته، ولا يشار إليها بالبنان، وربما جهل الناس جميعهم من يقف وراء تلك الأعمال والبرامج الدعوية، ولكن يكتب الله من ورائها نفعاً عظيماً ويستفيد منها خلق لا يحصون، والمعول في كل ذلك ما يحمله كل عامل من نية حسنة وقصد صالح مع المتابعة، وهما الركيزتان عند الله تبارك وتعالى في قبول الأعمال أو ردها .
لا بد للداعية والمصلح أن يتذكر على الدوام أن عملية الدعوة إلى الله تحتاج إلى إخلاص في النية، و ومجاهدة النفس في ذلك للتغلب على حظوظها، ولا بد أن يعي الدعاة جميعاً أنه بقدر الإخلاص يكتب الله النجاح والقبول في الدنيا والآخرة، وبقدر قلته أو انعدامه يكون الفشل والزوال.
ولعلي أختم بما كان يتواصى به الفقهاء بينهم كما قال عون بن عبدالله: كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث وكتب بذلك بعضهم إلى بعض: من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس. ورحم الله الشافعي يوم قال: وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس وأوجر عليه ولا يحمدوني. (حلية الأولياء: 2/27).
 
إنضم
27 أبريل 2009
المشاركات
777
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مبتدأ مرفوع دائماً
الموقع الالكتروني
www.almnhjalrbani.com
[frame="2 80"]ما أجمل ما يبوح به قلمك
درر تنثر ولآلي مجوهر
ما أعظم أن يحمل الإنسان هذا الهم
الهم الذي خلق لأجله
العبادة والدعوة إلى الله
حري بالمسلم أن يدعوا الله ليل نهار
بأن يجعله الله صالحاً مصلحاً
هادياً مهدياً
يقول ربنا جل في علاه : (( قم فأنذر * وربك فكبر ))
ويقول أيضأً : (( أرءيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتقوى ))
بأن صلاح الإنسان ليس كافية حتى يكون مصلحاً
وبه يرفع العذاب كما قال ربنا : (( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ))
لاحظوا قول الباري وأهلها مصلحون .ولم يقل صالحون
قالت أُمنا عائشة رضي الله عنها : أنهلك وفينا الصالحون
جاء الجواب من المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه : نعم إذا كثر الخبث .
نعم صالحون يعبدون الله ولكنهم غير مصلحون .
والآيات والأحاديث في فضل الدعوة إلى الله كثيرة لا تحصى
ويكفيكم أنها من أفضل الأعمال إخراج البشرية من الظلمات إلى النور
وهي ميراث الأنبياء
بارك الله فيك استاذي الغالي أبا تركي
على الطرح الموفق والرائع
وجزاك الله خيراً [/frame]​
 
التعديل الأخير:

admin

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
21 مارس 2009
المشاركات
1,161
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
أخي الكريم : أبا تركي صلاح عبد الشكور

اطلعت على مقالتك الرائعة هذه
ورأيتها حوت على كثير من التوجيهات والنصائح
وشخصت حالة بعض من يصيبهم دخن في طريق الدعوة إلى الله تعالى

كم نحن - يا أخي - بحاجة إلى التواصي بيننا بمثل هذه الدرر والخواطر؟!
وكم هم الذين سلكوا دروب الخير والدعوة ثم ما لبثوا إلا أن تقاعسوا
وابتعدوا عن هذا الطريق لحظوظ في النفوس ومآرب في الصدور ؟!

إن الدعوة إلى الله تعالى طريق محفوف بالمصاعب والتحديات
ولا يصمد فيه إلا من وفقه الله تعالى وأعانه وسدده

ولا بد في هذا الطريق أن يجد المرء من يثبطه وبهبّط معنوياته
تارة بالنصيحة - زعموا - وتارة بالحسد والبغض !!

لذا .. لازاماً على كل داعية أن يخلص نيته لله تعالى
ويستعين بالله ويلتجأ إليه بطلب التوفيق والسداد ..

ولزاماً على الدعاة أن يوصوا بعضهم بعضاً
عملاً بقوله عز وجل : ( وتواصو بالحق وتواصو بالصبر )

أهنؤك - أخي - على هذه المقالة الرائعة بروعة قلمك
وأهنؤك ثانية على هذا النشر في هذا الموقع الراقي ..

تحياتي وإلى مزيد من الابداع يا أبناء جاليتي
 

ابن ذكير

New member
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
9,055
مستوى التفاعل
8
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
جزاك الله خير على الطرح القيم والمفيد,,
لقد صدقتم فيما ذكرتم وأبدعتم فيما سطرتم,,
وللأسف الشديد أن الناس يتعاملون بالظواهر والعواطف,,
لايكفي هذا بل يحتاج إلى التحكم بالعقل والقيم والشرع حتى لاينخدع ولايقع في مالا يحمد عقباه,,
لذا نقرأ بين الفينة والأخرى أخبار لا تسر,,
ونسأل الله أن يهدي الجميع ويرشدهم إلى الصواب,,
دمتم بوافر المحبة والعطاء ,,
 
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
917
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الأخ الكريم: فارس أراكان
شكراً لك على تعليقك وإضافتك الجميلة إن كان من شيء جميل فيما قرأت فبفضل الله وتوفيقه ثم بذوقك الجميل دمت موفور السلامة والعافية
 
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
917
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
سعادة المشرف العام :
مرورك أضفى على الموضوع لمسة جمال أخرى .. أشكر لك حسن ظنك بارك الله فيك وسدد خطاك
 
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
917
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
مساعد المراقب العام الخ الكريم العزيز ابن ذكير
بارك الله فيك على نشاطك جزاك الله خيراً على تعليقك الممتع
 

إعلامي

New member
إنضم
16 فبراير 2010
المشاركات
12
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
المقالة رائعة جداً
وهي مناسبة في وقتنا الحاضر
والله يهد دعاتنا ومشايخنا
.. موفق يا صلاح عبد الشكور .. قلمك رائع ..
 
أعلى