جَامِعُ النِفايات !!!

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
13 مايو 2009
المشاركات
327
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
كَمحاوَلة بَسيطة ..
"
جامِع النِفايات ..


جاءَت اِمرأة عَجوز تَتوكّأ على عصا لِترمي كيسا ًبلَاستيكياً بِمرمَى النِفايات , كَان ينبعث مِنه رَائحة قويّه وَ يتساقَطُ الدّم مِن خَارِجه قَطرةٌ قطرة وَ باِلرّغم مِن أنّه يَبدُوا مَشبُوهاً لَم يَشُك جَامع النِفايات بِأَمر مُحتَواه وَمَا لِبث أنَ رَمى الكِيس بِمحتواه إِلى دَاخل شَاحِنة القُمامة إلا وَ لَفت اِنتباهَه امرأة وَاقِفة ظلّت تَنْظُر إِليه بِصمت , مَنظرُها القَلِق وَطرِيقة لفّ الضمّادات المُشوّهة وَالعَنيفَة عَلى يَدِها اليُسرى جَعله يَشعُر بِالشّك وَعدم الطَمأنينة وَ بِالرّغم من أنّه فَصل ُالصيّف إلاّ أنْها كانت تَرتَدِي رِداءً ثقِيلاً لِتُخفي جَميع ملامِح جَسِدها .
فِي اليَوم التالي جَاءت العَجوزُ ذاتَها مَرة أُخرى حامِلَة معها كِيسَ قمامةٍ يَنبَعث مِنه رَاِئحة كَريهة وَفِي اليَوم التاَلي وَالذِي يليه وَالذِي يَليه , تأتِي كلّ يومٍ لـِترمي قُمامتها وَ تضل مُحدّقة بـِ صمت فِي وجهِ جامِع القُمامَة إِلى أن يَنتِهِي مِن رمَي قُمامَـتها لـِ داخل الشَاحِنة فَــ ترحل حِينها ساحِبةً جِسمها الضَعيف بِتلك الطُرقات .
وَفِي أَحدِ الأيّام لَم تَأتِي تِلك العَجوز إلاّ أنّ قُمامَتُها كَانَت مَوضُوعة على قِمم القُمامة بِرائحَتِها النَتِنة وَمنظَرها المُريب ، لَم تَكُن العجوز مَوجُودة كَالعادة فَبَدأ الشَك يُساوِره لِهذا قرّر فَتح الكِيس وإذا بِرأسٍ قِطةٍ منفصِل عن جسدِه ِ يغطِي مَلامحه بـِ خصلاتٍ مجعّدة مُلطّخة بالدِماء ؟؟!!!
تحرّكت أصابِعه المُرتِجفة بِبطءٍ نحو الكِيس لِـ قذفه وَرميّه إِلى دَاخِل الشاحِنة إلا أن الرأس تَزحلق وَسقطَ هَاوياً لـتلامسَ مقدمة قدِمه كَاشِِفٌ له عَن تَجاعِيد ملامِحه وَلم تَكن سِوى ملامح وجه المَرأةِ العَجوز ذاتِها تُحدّق إِليهِ بِصمت كَما كَانَت تَفعل كُل مَرة .
ثمّ حرّكت شفتَيها مُتمتِمة:
الكِلابُ تتبَع سيدها فهي مُخلصِة وَمُوالِية ويُمكن أن تُضحّي لأجلِ سيدها وَ تسعَد بِأبسطِ مُتعِ الحياة لَكن يُمكن أن تَضيع إن فَقدت سيدها ..
أمّا القِطط مُختَلفة عَنها سَتتبع أيّ شخصٍ يُمكن أن يُقدّم لها الطَعام قَد تَقول : أنّهم يفتَقرون للأخلاقِ الحميدة لَكن هناك الكَثير مِن الأشياء التِي نُجهد أنفُسَنا فِيها ولا يفهَمُها الغُرباء ..
وَوَاصلت بتمتمة خاشِعة لَم يكن يعلم أنَها الأخيرة :

لا يَهم إلى أين أذهَب, سَتحّلقُ القطّة فِي السَماء اليوم لأنها أدرَكت أن تركَ الحياة فِي العالَم المُنعزِل وَ الصّخَب فِي رحمِ الحَنانِ العَقيمُ دِفئاً هِي الحقيقَة المُرّة الموجودة في هذا العَالم.
"

ثم كانَت شهقَتِها الأخيرة وَ رَحلت لِتترك وَراءها حِكمة مُثيرة جلّ مَن سَيفهمها.



انتهى
بقلم/ نيوتن​
 

عبده درويش

Active member
إنضم
28 يونيو 2009
المشاركات
2,400
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
مكة
%D8%B4%D9%83%D8%B1%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%B9.gif
 
أعلى