بن جعفر
New member
وضعية منتجة :
إن لدينا ـ بحمد الله ـ عدداً كبيراً من الشباب الخيِّر الذين يحملون هموم هذه الأمة ويودون تقديم خدمة لها أو سد ثغرة من الثغرات التي تعاني منها وكثيراً ما يسألني بعض هؤلاء الشباب عن جوانب النقص في حياتنا العامة، حتى يساعدوا على تقويتها ، والجواب الذي كثيراً ما أجيب به هو: الأمة بحاجة إلى الكثير الكثير في كل مجال من المجالات ، ولهذا فالمهم ليس العثور على مجال يحتاج إلى خدمة ، وإنما المهم أن يعرف الواحد منا المجال الذي يستطيع أن يعمل فيه بكفاءة عالية ، ويقدم فيه شيئاً ممتازاً . للإبداع والإنتاجية العالية العديد من الشروط ، لكن أهمها شرطان : 1ـ الرغبة : والمقصود بالرغبة ليس الارتياح أو الميل والاستحسان ، فهذه لا تصنع شيئاً ، وإنما المقصود ذلك التشوق المقلق والمسيطر ، والذي يشكل دافعاً قوياً للحركة ، ومما يذكر في هذا السياق أن شاباً شكا إلى (أفلاطون) ضعف إنجازاته ، فقال له الحكيم : أنت تحتاج إلى دافع ، فقال الشاب : ما المقصود بالدافع ؟ فشرح له أفلاطون مراده ، فلم يستوعب الشاب ، فما كان من أفلاطون إلا أن قام وأخذ بيد الشاب إلى بحيرة قريبة منه ، ثم وضع يده على رأس الشاب و ضغط عليه ، فغمره بالماء وبعد ثوانٍ أحسً الشاب بالضيق ، وبذل جهداً كبيراً حتى أخرج رأسه من الماء فقال له أفلاطون : هذا هو الدافع . القرآن الكريم مملوء بالآيات التي تصف ثواب العمل الصالح ، وما أعده الله لعباده الصالحين في دار كرامته ، وذلك من أجل تكوين الدافع لدى المؤمنين . 2ـ القدرة : و هي نوعان : منها ما هو فطري ووهبي وذلك مثل الخيال الواسع والبسطة في الجسم ومثل الذكاء اللغوي والرياضي والعاطفي ومثل قوة الذاكرة إلخ.... ومنها ما هو مكتسب ، وهو ما نحصل عليه من معلومات ومهارات بسبب ما نبذله من جهد في التعلم والتدرب . ولا شك أن المرء لا يستطيع أن ينمي مواهبه الفطرية بشكل لافت وظاهر ، ولهذا فإن عليه أن يتكيف معها، ويبحث عن المجال الذي يلائمها ، وإن في التدريب والتمرين الممتاز والشغف المعرفي المشتعل ما يعوِّض عن بعض النقص في القدرات الوهبية . المهم دائماً هو الحصول على الدافع القوي المحرِّك ، فإذا حصلنا عليه أمكننا أن نحصل على الكثير من الأمور العظيمة. وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. محبكم د.عبد الكريم بكار في 20 / 3 / 1431هـ مخزن لبن :
فإن أجمل المسامرات تلك التي تُثري عقولنا بالأفكار النيرة والرؤى العظيمة ، وقد قدِّر لي أن أحضر واحدة من أجمل تلك المسامرات حيث التقى لفيف من المثقفين في بيت أحدهم ، وتم طرح السؤال التالي : ما اعتقاد كل واحد منكم حول الخطوة الأولى التي يجب أن تخطوها الأمة على طريق النهضة ؟ وما المجال الأهم الذي ينبغي أن تنطلق فيه شرارة الإقلاع ؟
وكان من الأجوبة الجميلة ما ذكره أحد الأصدقاء حين أشار إلى أن (التربية ) هي الشيء الأهم الذي ينبغي أن نراهن عليه في مسألة التقدم ، وذكر الصديق أن هذا هو رأي أفلاطون والفارابي وغيرهما من الفلاسفة ، وقال آخر: وهذا رأي الشيخ محمد عبده أيضاً ، وقال ثالث : هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة ... قال أحد المسامرين : لا يستطيع أحد أن يهوِّن من شأن التربية وشأن المؤسسات التعليمية أيضاً في مسيرة النهضة ، لكن سأطرح عليكم سؤالاً مهماً إذا اتفقنا على أن تربية الأجيال الجديدة تربية إسلامية ممتازة هي ما ينبغي تركيز الجهود فيه ، وكان رأينا فعلاً صائباً ومنقذاً ، فكيف يمكن زرع هذه الفكرة في عقول مئات الملايين ، وكيف لنا أن نثير حماستهم للعمل بها ؟ هنا سكت الجميع لأنهم يعرفون مدى ثقل هذه المهمة وصعوبة تنفيذها ... هنا قال واحد من المسامرين : إن المبادرات الفردية ستظل مهمة ، لكنها لا تغيِّر حياة شعوب بأكملها مهما كثرت واتسعت نطاقها ، ولا بد من حدوث تقدم واضح على صعيد النظم السياسية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والاقتصادية ... وذلك لأن النُظُم تشكِّل البيئة التي يتنفس فيها الجميع ، وقال الرجل : ليس في العالم دولة واحدة حققت نهضة عظيمة في ظل نظم جامدة أو متخلفة وأضاف قائلاً : إن صلاح الأفراد يشبه وجود عدد كبير من اللبنات الجيدة تم وضعها في مخزن واسع ، فكلما أن وجودها من غير مخطط هندسي ومن دون ( ملاط ) يربطها ببعضها ، فإنها لا تشكل منزلاً ، كذلك صلاح الأفراد من غير نظم جيدة لا يمكنه إحداث نهضة شاملة لدى أي أمة أو دولة . وأضاف آخر : إن النظم هي التي تحوِّل الأفراد إلى مجتمعات ، فإذا كانت متخلفة ، صار لدينا مجتمعات متخلفة . وعزز هذه الرؤية شخص آخر حين قال : إذا كان المثقف عاجزاً عن المساهمة في تطوير أي نظام فأضعف الإيمان أن يمتلك رؤية منطقية وصحيحة للتغيير ، فسطوع الحقيقة يتيح للناس الاستفادة منها، ولو بعد حين .
هذه بعض آراء الأصدقاء في مسامرتهم تلك ، فما رأيكم أنتم دام فضلكم .. ؟
عبدالكريم بكار.
اسم الموضوع : خاص لمدراء التوعية ورؤساء اللجان وضعية منتجة . مخزن لبن
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.