صلاح عبدالشكور
New member
- إنضم
- 25 أبريل 2009
-
- المشاركات
- 917
-
- مستوى التفاعل
- 4
-
- النقاط
- 0
صروف الحياة ممتدة امتداد الضوء في الأفق، وظروفها لا تنتهي مهما تكاثرت أو سعى الناس للتغلب عليها، فالحياة مجبولة على طبائع هي من أساس خلقتها وصميم فطرتها، تتمازج فيها دواعي الشر والخير، وتختلط في سوقها موائد الأفراح ودوائر الأتراح، تموج بالأحزان تارة فما تلبث إلا وتتحول إلى ساحة للأفراح والسعادة، وكل امرئ متقلب في حياته بين هاتيك الصوارف وتلك الملمات، لا يكاد ينفك عنها أو تنفك عنه، وكم كان الشاعر منصفاً حين قال:
ومن جبلة الإنسان وطبيعته أنه كثير النسيان لجوانب النعمة والسعادة في حياته، مهما كان هذا الإنسان، ومن أي طبقة كانت، فإنه لا يتذكر سوى مواقف الحزن وجوانب التعاسة في حياته، ولا يتحسس إلا أماكن الألم ومواطن الوجع في أيامه؛ وإن كانت بقدر قرصة البعوض في جسده، وينسى جبال النعم ووديان الأفراح التي يتقلب بين شعابها وأشجارها وأنهارها، وكأن الإنسان يريد الحياة صافية من غير معاناة، طيّبة من غير ألم، هانئة من غير تكدير، والحال كما قال القائل:
وفي خضم ما نعيشه من نعم ومنن لا تعد ولا تحصى، ننسى كثيراً من النعم، والأمرّ من ذلك أننا لا نعتبرها نعمة من النعم، لأننا لم نتصور فقدها، أو حتى زوالها، فضلاً أن نشكر الله عليها ونسأله دوامها، بينما هي نعمة من أجلّ النعم، فقدها آخرون فذاقوا من أجلها المرّ والعلقم ..
أقتنص من بين هذه النعم، نعمة الدفء الأسري والاجتماع العائلي، إنها والله نعمة عظيمة لا تقدّر بثمن، وإن أردتم أن تتأكدوا منها فاسمعوا لقصة صديقي هذا ..
رجل من دولة عربية قريبة، دفعته ظروفه المادية للمجيء إلى هذه البلاد من أجل لقمة العيش، فأتى لوحده هنا وترك زوجته وأمه وأباه وثلاثة من أطفاله، يعيش هنا حياة أشبه بالموت، يمكنك أن تصفها بكل عبارات الجفاف والوحدة والعطش، يعمل لأكثر من ثماني ساعات متواصلة، يعود إلى غرفته فلا ينتظر سوى الصمت بين أربعة جدارن، كل جدار أكثر غلظة وجفاء من صاحبه، لقد كان يعيش مع شريكة عمره وأبنائه ووالديه، في جو أسري ماتع، كلنا يعرف ما يمثله هذا الجو من تحنان وعاطفة وسمو وأنس وجمال، ولكنه الآن غدا وحيداً، يطبخ بنفسه، ويتحدث مع نفسه، ويلعب مع نفسه، ويناجي نفسه، ويجالس نفسه، ويسهر في الإجازة الأسبوعية مع نفسه، ولكن خياله لم يتوقف لحظة عن زوجته التي يعشقها، وعن أبنائه الثلاثة الذين لا يملّ من مطالعة صورهم وتقبيلها، وعن والديه اللذين هدّهما الكِبر وهاجمهما المرض، وهو يتمنى من كل قلبه أن تكتحل عينيه برؤيتهما قبل أن تخطفهما سهام المنون، وطوال بقائه هنا يعدّ الأيام والشهور للقاء أهله، تخيل أنه لا يستطيع أن يتمتع بنعمة الدفء الأسري والجو العائلي إلا لمدة شهر واحد فقط في كل عام !! نعم إنها ظروف الحياة ما أقساها !!
أرأيت عزيزي القارئ أي نعمة تلك التي نتقلب فيها؛ حين ندخل إلى بيوتنا وهي عامرة بوالدين كريمين وزوجة حسناء وأطفال صغار، نعيش معهم، نشاركهم ويشاركوننا الأفراح والأتراح، نجدهم بجوارنا، ونشعر بالأنس والقرب والوئام حين نتواصل معهم في الأعياد والمناسبات، ألا توافقني أنها نعمة منسية؟! ثم ألا تستحق هذه النعمة أن نرفع أيدينا إلى السماء كل يوم ونقول: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك ؟؟ .
ثمانية تجري على الناس كلهم *** ولا بد للإنسان يلقى الثمانية
سرور وحزن واجتماع وفرقة *** وعسر ويسر ثم سقم وعافية
سرور وحزن واجتماع وفرقة *** وعسر ويسر ثم سقم وعافية
ومن جبلة الإنسان وطبيعته أنه كثير النسيان لجوانب النعمة والسعادة في حياته، مهما كان هذا الإنسان، ومن أي طبقة كانت، فإنه لا يتذكر سوى مواقف الحزن وجوانب التعاسة في حياته، ولا يتحسس إلا أماكن الألم ومواطن الوجع في أيامه؛ وإن كانت بقدر قرصة البعوض في جسده، وينسى جبال النعم ووديان الأفراح التي يتقلب بين شعابها وأشجارها وأنهارها، وكأن الإنسان يريد الحياة صافية من غير معاناة، طيّبة من غير ألم، هانئة من غير تكدير، والحال كما قال القائل:
جُبلت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الآلام والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذور نار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذور نار
وفي خضم ما نعيشه من نعم ومنن لا تعد ولا تحصى، ننسى كثيراً من النعم، والأمرّ من ذلك أننا لا نعتبرها نعمة من النعم، لأننا لم نتصور فقدها، أو حتى زوالها، فضلاً أن نشكر الله عليها ونسأله دوامها، بينما هي نعمة من أجلّ النعم، فقدها آخرون فذاقوا من أجلها المرّ والعلقم ..
أقتنص من بين هذه النعم، نعمة الدفء الأسري والاجتماع العائلي، إنها والله نعمة عظيمة لا تقدّر بثمن، وإن أردتم أن تتأكدوا منها فاسمعوا لقصة صديقي هذا ..
رجل من دولة عربية قريبة، دفعته ظروفه المادية للمجيء إلى هذه البلاد من أجل لقمة العيش، فأتى لوحده هنا وترك زوجته وأمه وأباه وثلاثة من أطفاله، يعيش هنا حياة أشبه بالموت، يمكنك أن تصفها بكل عبارات الجفاف والوحدة والعطش، يعمل لأكثر من ثماني ساعات متواصلة، يعود إلى غرفته فلا ينتظر سوى الصمت بين أربعة جدارن، كل جدار أكثر غلظة وجفاء من صاحبه، لقد كان يعيش مع شريكة عمره وأبنائه ووالديه، في جو أسري ماتع، كلنا يعرف ما يمثله هذا الجو من تحنان وعاطفة وسمو وأنس وجمال، ولكنه الآن غدا وحيداً، يطبخ بنفسه، ويتحدث مع نفسه، ويلعب مع نفسه، ويناجي نفسه، ويجالس نفسه، ويسهر في الإجازة الأسبوعية مع نفسه، ولكن خياله لم يتوقف لحظة عن زوجته التي يعشقها، وعن أبنائه الثلاثة الذين لا يملّ من مطالعة صورهم وتقبيلها، وعن والديه اللذين هدّهما الكِبر وهاجمهما المرض، وهو يتمنى من كل قلبه أن تكتحل عينيه برؤيتهما قبل أن تخطفهما سهام المنون، وطوال بقائه هنا يعدّ الأيام والشهور للقاء أهله، تخيل أنه لا يستطيع أن يتمتع بنعمة الدفء الأسري والجو العائلي إلا لمدة شهر واحد فقط في كل عام !! نعم إنها ظروف الحياة ما أقساها !!
أرأيت عزيزي القارئ أي نعمة تلك التي نتقلب فيها؛ حين ندخل إلى بيوتنا وهي عامرة بوالدين كريمين وزوجة حسناء وأطفال صغار، نعيش معهم، نشاركهم ويشاركوننا الأفراح والأتراح، نجدهم بجوارنا، ونشعر بالأنس والقرب والوئام حين نتواصل معهم في الأعياد والمناسبات، ألا توافقني أنها نعمة منسية؟! ثم ألا تستحق هذه النعمة أن نرفع أيدينا إلى السماء كل يوم ونقول: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك ؟؟ .
اسم الموضوع : أنت بين أهلك ؟! أنت في نعمة !!
|
المصدر : .: ساحة الرأي :.
