أبو هيثم الشاكر
مراقب سابق
غير خافٍ على أحد أن معظم أبناء المقيمين مستوطني بلاد الحرمين الشريفين من كل الجنسيات يتطلعون بتلهّف إلى التجنس بالجنسية السعودية، وهذا أيضا يعرفه عنهم المسئولون بلا شك، ولكن قد يخفى على بعض أولئك أن المقيم البرماوي منهم بخاصة يختلف دافعه على الرغبة في الجنسية السعودية عن دوافع غيره من أبناء الجنسيات الأخرى.
ذلك أن الحصول على هذه الجنسية في حق الآخرين لا يمثل إلا غاية ثانوية تضيف إلى حياتهم الاعتيادية تحسينا نوعيّا دون أن تغيّر الكثير من همّهم المصيري.
أما ابن المهاجر البرماوي فإن حصوله على الجنسية السعودية ربما يكون غايتَه القصوى، حيث إنها تشكل في حقّه منعطفا جديدا ومغايرا تماما لماضيه مفقودِ الهوية.
نعم إن الجنسية السعودية بالنسبة للبرماوي منقذة له من التيه الذي عاشه قرابة ستين سنة، أكثر من تيه بني إسرائيل الذي كان أربعين سنة فقط، وذلك بعد ما صادر البوذيون وطنه وأملاكه، وأخرجوه من أرضه وحقله وبيته عاريا حافيا أشعث أغبر، حتى بلغ هذه الديار فأحب المُقامَ بها وأضحى لا يسعه مفارقتها فضلا عن استغنائه عنها.
من هنا يتأكّد أن الجنسية السعودية للبرماويين حاجة وضرورة مُلحّة، في حين أنها قد تكون في حق غيرهم من الكماليات.
لذا فإن البرماوي حينما يتطلع إلى الجنسية السعودية فإنما هو بدافع تصحيح المصير، وضمان حياة كريمة للأبناء الذين سيحاسبون آباءهم المقصرين في حقهم على جهالة مصيرهم وفقدان هويتهم وضياعِ مستقبلهم وهم غير ملومين في ذلك.
فهل يعي من يهمه الأمر هذه الحقيقة؟
اسم الموضوع : البرماويون ستين سنة يتيهون في الأرض
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.