نظرية ( أنت صغير ) .. المنتشرة بين مثقفي المجتمع !

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

الأسيف

مراقب عام
إنضم
23 أبريل 2009
المشاركات
405
مستوى التفاعل
4
النقاط
0
الإقامة
لا زلتُ أتَخَيّلهَا .. !

"
"

صعدت مرّة منصة الحفل لألقي كلمة .. قالوا بصوتٍ واحدْ : انزل فلم تزل رضيعاً ..
أرادوا مرّة أن يخرجوا رحلة .. فلم أُرَشّح ، سألتهم : ولم ؟ أجابوا بنبرة موحّدة : لا يجوز لعازب أن يختلط بالمتزوجين !
كتبتُ مقالة .. مضمونها : الدعوة إلى الاتحاد ونبذ الفرقة .. قالوا : دعْ عنكَ هذا ، فلا شأن للصغار في أمور الكبار ..
شاركت مرّة بمداخلة قصيرَة في مشكلة من بين آلاف المشكلات في الجاليَة .. فرُميتُ بتفاهة فكري وصغر عقلي وحداثة سنّي !

ظهر اسمي مرّة في ورقة تشبه صحيفة سيّارة من بين أسماء المعدّين .. فاستشاط أحد الكبار غضباً ، واستطار عقله فرَقاً ، وقال أمام مجمعٍ من الناس ( في لحظة ظهرت صورته الباطنة مع شيء من حقيقة حظوظ النفس ) : لم أوردتم اسم هذا الطفل ( مشيراً إلى اسمي ) ، وغفلتم اسم من أتعب جسده نهاراً ، وأرق عينه ليلاً !

نظرية ( أنت صغير ) نظرية ليست عادلة .. بل هي جائرة فاشلة ..
فالعلوم والمعارف لا تُقاس بالأشبَار ، ولا بعظم الأجسَام ؛ كمَا يظنون !
وصغر السن ليس بمانع من استقطاب الفضائل ، وتحمّل الرسائل ..

وإلا فليقلّب أحدنا صفحات التاريخ فإنهُ سيجدُ آلاف النماذج لرجال ظهرت عبقريتهم ، وكفايتهم للقيام بأعمال جليلة وهم في أوائل عهد شبيبتهم ..

فقد ولّى النبيّ صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد مكة وهو في سن الحادية والعشرين وفي مكة مشيخة قريش ، وكانَ يدعو ابن عبّاس في المعضلات والمشكلات ، ويُجلسه بين الأشيَاخ وهو دُون سنّ العشرين ، وولّى معاذ بن جبَل على اليمن وهو أيضاً دون سنّ العشرين ، وكذلك ولّى أسامة بن زيد إمارة جيش وفيه من الصحابة أمثال الشيخين ، وسنّ أسامة يومئذ تسعَ عشرةَ سنَة !

يقولُ البُحتري :
لا تنظرنّ إلى الفيّاض من صغرٍ **** في السنّ وانظر إلى المجد الذي شادا
إنّ النجُوم نجوم الأفق أصغرها **** في العين أذهبها في الجو إصعَـادا
إنّ هذه النظرية التي يحملها كثيرٌ من كبارنَا وورثوها كابراً عن كابر ، ورضعتها الأجيال تلو الأجيال لصفقة خاسرة لا تزن جَناح بعوضة ، وفكرة بدائية لا تستقيم ولا تجول في المدار الواسع من الحيَاة ، حتى خلقت لنا هذه النظرية عقولاً تقدّر فتخطئ ، وتدَبّر فتبطئ ، فيبخسون الحقوق ، ويرتكبون العقوق ، ولا يعطون للشاب اليافع نصيبه من الاحترام والتشجيع ؛ مما تركنَا غرباء عن عصرنا وأهل عصرنا ..

قال الله جل الله في شأن نبيه يحيى عليه السلام ( وءاتيناه الحكم صبياً .. ! )
وقال في أهلِ الكهف ( إنهم فتية آمنوا بربهم .. )
ومن لا يَعرفُ هارون الرّشيد .. ذلكم الخليفة الذي ملأ الدنيا عدلاً وإنصافاً ، وامتلأت كتب التاريخ بمآثره الحميدة ؛ تولى الخلافة وهو في سنّ الحادية والعشرين !
بل من لا يعرف الملك الملقب بالسلطان العادل الذي تولى الملك وهو في التاسعة عشرة ، إنه عظيم شباب الملوك : ( ملك شاه بن ألب أرسلان ) !

والله حرامٌ علينَا أن نرضى للجيل القادم من أبناء الأمة الأركانية بما لم نرضَ به لأنفسنا ، وأن نقلدّهم هذه الأسلحة المسمومة ، وتلك النظريات التي تحث على تثبيط الشباب الناشيء وقطع عروق حَماسه للمعالي ، وأن نجرّعهم هذا الحنظل الذي تجرّعناه ، وأنْ نلوّث نفوسهم البريئة بهذه المخلفات والقاذورات التي ابتلانا بها الأمم البدائية ..

أيتها الأمة الأرَكانية :
إنّ الواجب على وليّ أمر الشاب ومدرسه ، وموجهه ، ومسؤوله : أن يُشعرَه بأنّ بلوغ الفتى المنزلة المحمودة في السيادة وهو في مقتبل العمر ليس بالأمر المتعذر أو المتعسّر وليستنهض هممه ويشدد من عزيمته لكي يستطيع أن يتولى أموراً جليلة القدر عظيمة الشأن في المستقبل ، بدلاً من تحطيمه ونعتهِ بالصغر ، وإعطائه شحنات من إبر التفرق المهلك ، والأنانية الكاذبة ، والغرور المُدلي ، والتنكّر للشاب ، والخضوع للكبير وإن كان فاجراً .. !
( إنّ في الشباب من يبلغ في حصافة العقل وحسن التدبير ، المنزلة الكافية لأن يُلقى على عاتقه ما يُلقى على عواتق الكهُول أو الشيوخ من عظائم الأمور .. )

قال المتنبي :
فمَا الحداثة من حلمٍ بمانعَة **** قد يُوجد الحلم في الشبّان والشيب !

 
التعديل الأخير:
إنضم
11 أبريل 2009
المشاركات
96
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أخي الكبير ( الأسيف ) - غيرت كلمة الصغير التي كنت أداعبك بها - وسأتوب منها ، حتى لا أفهم أني أستصغر قلمك وكتاباتك الرائعة ..

حقيقة ما ذكرته هي معاناتي سابقاً وكأنك تحكي واقعاً عشته ، ولكن هذا الشيء نفسه هو الذي أوقد في نفسي جذوة التحدّي ومواجهة الواقع وشقّ الطريق لأثبت أنّ الصغار يصنعون ما لا يصنعه الكبار ،، وللعلم ما زلت أنعت "بالصغير" مع أني في العقد الرابع من عمري !!

ومرّة في لقاء مع كبار السن من "المشايخ" وكان الحضور كبيراً من مسؤولي الحواري وأعيان الجالية ، رموني ولمزوني بالصغر ، فأتيحت الفرصة لي للحديث ، فصرخت بأعلى صوتي لا تصفوننا بالصغار ولا تستحقروا عملنا وإن كنّا صغاراً في أعينكم لأنّ هذا مخالف لمنهج النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قرّب الشباب وأوكل إليهم مسؤوليات جسيمة ، فهذا الأرقم بن أبي الأرقم -رضي الله عنه- داره أشهر منه ومنها انطلقت الرسالة والهداية للعالمين ، كان عمره ( 16 ) سنة .. وأول سفير في الإسلام كان عمره ( 21 ) سنة ، ومن اهتز لموته عرش الرحمن كان عمره ( 36 ) سنة .. وأعلم الأمة بالحلال والحرام مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه وعمره ( 32 ) سنة .. وأسامة والمعاذين وابن الزبير وابن عباس وابن عمر وأنس ووووو ، حتّى رأيت الإعتراف في وجوههم والرضى والقبول بمنهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. فما سمعت بعدها إلى الآن همسة ولا لمزة ولا همزة !!

ولكن أخي الكريم حتى تحظى بالقبول فقدم مثل ماقدّم من استشهدت بهم ، وللترجم طموحاتك في واقع التطبيق ولتكون لك بصمات تمتلك من خلالها أدوات تفرض بها نفسك على الواقع ويعترف بك الناس من خلالها ومن أعظمها العلم الشرعي (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) ومنها أيضاً خدمة الناس بالمال والجاه ، ومنها الإقدام والاستبسال في الوغى ، وجماع الأمر كلّه تقوى الله - عزّ وجل - والإخلاص ..

أخي الكريم الذين استشهدنا بهم لم يطلبوا من الناس أن يظهروهم أو يقدموهم بل قدراتهم التي يكتنزونها والحال يفتقر إليها هي التي أظهرتهم ، فهذا فقيه مكة ( سفيان بن عيينة ) يقول لتلميذه الصغير ( نصر ) عندما رمته أنظار كبار طلبة العلم في الحلقة ولاكوه بالصغر وتدافعوه حتى أخرج من الحلقة .. فقام متململاً متذمراً وأخذ أراجه ، ناداه قائلاً : أتدري يانصر عندما كنت صغيراً طولي خمسة أشبار ووجهي كالدينار أكمامي قصار وذيلي بمقدار وأذانيّ كأذاني الفار .. قلمي كاللوزة ومقلتي كالموزة ومحبرتي كالجوزة .. فإذا كنت في الحلقة كأني طايح كمسمار ، فإذا رآني مالك بن دينار قال : افسحوا للشيخ الصغير .. افسحوا للشيخ الصغير !! ) أتدري مالذي قرب هذا من الشيخ وأبعد ذاك ؟ إنه العلم والضبط وحفظ الحديث !!

أخي بن كبير : لا تنزعج مهما يقال لك فكبير النفس يستطيع أن يتخذ كل بليّة مطيّة وكل محنة منحة .. وهكذا القادة يولدون صغاراً ويتسيّدون ولكن بعدما يتعلمون ، وقال عمر - رضي الله عنه (( تعلموا - تفقهوا - قبل أن تسوّدوا )) والمجد ليس بالعطاء والسيف بضاربه وليس بجودته !!

أخي الحصيف : العمر الحقيقي هو العمر الإنتاجي لا العمر الزمني ، قال النابلسي : في قوله تعالى (( الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان )) لفتة لطيفة إلى أن العمر الحقيقي هو العمر الإنتاجي لا العمر الزمني لأن الله قدم علم الإنسان على خلقه والترتيب المنطقي خلق الإنسان * علم القرآن .. والعمر الإنتاجي لا يكون إلاّ بالعلم ، لأنّ الملوك قادوا الناس والعلماء قاد الجميع ... أ.هـ


وأخيراً يا عزوبي إيش دخلك بين المتزوجين ؟؟ كلّ واحد مع حرمتو وعيالوا !! وإنت تكون مع مين ؟؟ ولاّ غاوي تحرق أعصابك وتتعب نفسك وترجع من الرحلة تدق راسك وتضّارب مع أمك وتقول :: دحين دحين شوفيلي عروسة !!!؟

والله عزوبي وعين قويّة !!

هههههههه
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 مايو 2009
المشاركات
318
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
في وجدان العالم

أهلاً بالغالي الأسيف ما هذا الانقطاع! أوما علمت أن ابن اللذينا ينتظر أحرفك الحزينة ومحابرك الرقيقة .. لا تكررها ثانية فتغيب عنا والغياب نوع من الجفوة كما قال صاحبنا المدهش "خير الله خيرالله " ..

كأني أفهم من موضوعك أخي الأسيف أنك كبرت قليلاً وأصبحت شجاعاً ما شاء الله عليك وأتيت بكل شجاعتك لتصرخ في وجه من كان يصفك بالصغر !! جميل هذا الأمر والأجمل منه أسلوب صراخك الهادئ الذي يعبر عن أدبك وسمو خلقك .. حزنت عليك كثيراً حين لم يأخذوك في رحلة المتزوجين ولو كنت مكانك صدقني أخي الأسيف ما يمر شهر إلا وأنا "معرس" و "بالقوة بالمروة" ولا أدري هل تزوجت أم أنك لا زلت تعاني من ممارسات المتزوجين ضدك وثق أن هذه الممارسات يتعمدها البعض ليدفع العزوبي إلى التفكير في الزواج والبعض يتخذها ذريعة لتصريفك عن الرحلة والبعض يريد أن يشعرك بأنك غير مرغوب فيه لأنك غير متزوج ..
ودعني أخي الأسيف أنتهز هذه المناسبة لأوجه نداءً إلى إخواني المتزوجين وأقول لهم: اتقوا الله في أنفسكم وفي إخوانكم المعذبين من العزاب واحذروا من لمزهم وغمزهم وجرح مشاعرهم ألا يكفي ما هم فيه من عناء وشقاء وكآبة وحزن وفقر وبلاء وقلة عافية وانعدام وناسة وسهر على الفاضي وشماتة من القريب والبعيد ومن الذي "يسوى" والذي لا "يسوى" ألا يكفيهم كل هذا البلاء لتتفننوا بعد ذلك بشماتة إخوانكم العزاب .. ثم إني أوصيكم معاشر المتزوجين وأقول: أخي المتزوج "موديل 2010 كنت أو موديل 79 " إذا كنت خرجت مع زوجتك "المصونة" ومررت على زميلك "العزوبي " مثل الأسيف فأسرع في سيرك واترك يد زوجتك مباشرة حتى لا يراك هذا العزوبي فتجرح ضميره وتكدر ليله وتقلّب له مواجعه وأحزانه ثم إني أحذرك أخي المتزوج من أن ترد على اتصال زوجتك إذا اتصلت وأنت أمام عزوبي وإياك أن تبتسم وتقول "هلا والله بالغالية هلا بالدنيا كلها" احذر فإن كلماتك هذه ربما تكون سبباً في انزلاق غضروفي في الرقبة لزميلك العزوبي وأيضاً أخي المتزوج إذا زارك العزوبي في بيتك فاحذر أن تتفنن زوجتك في العصير فتقدم مثلاً كأس عصير بشكل رومنسي على فم الكأس "مثلاً يعني مثلاً " قطعة فراولة فإن هذه القطعة قد تكون سبباً في نزلة معوية تستمر لأيام .. وأيضاً لا تنسى أخي المتزوج أن تترك جوالك لدى عزوبي فيطلع على رسالة عاطفية من زوجتك فيولول هذا العزوبي ويشهق شهقة قد يلقى معها حتفه فبعض الرسائل الغرامية تقتل أحياناً .. "وكمان" إذا سألك صديقك العزوبي وين كنت البارحة حذار ثم حذار أن تقول كنت في رحلة مع المدام على الشاطئ فإن خبراً كهذا كفيل "أعوذ بالله ايش كفيل" كفيل بأن تبيّض بعض شعرات رأسه ...

إخواني المتزوجين : راعوا مشاعر إخوانكم العزاب وتذكروا قول الحق سبحانه: (كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم ) حبيبي الأسيف: صدقني أنني حزنت عليك كثيراً وأنا أفكر الآن في إنشاء جمعية لحماية العزاب من التمييز العنصري والعرقي والرحلاتي والتعاملي والمشاعري وكل ذلك في سبيل الحفاظ على مشاعر كل عزوبي كي لا تنجرح أو تتأثر فكل شيء إلا المشاعر فهل ستناصرني لإطلاق هذه الجمعية ؟!
 
التعديل الأخير:

فتى أراكان

, مراقب قسم ساحة الرأي
إنضم
18 يونيو 2009
المشاركات
692
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
على ذروة جبل مكي
[align=center][tabletext="width:90%;"][cell="filter:;"][align=justify]كلام كبير .. هذا الذي جئت تقوله يا صغير ! لا يقوله إلا .. إحم إحم .. إلا أمثالي من الكبار ! ومع ذلك فإني أحمده لك ، وأشكرك عليه ، وأجزّيك به خيراً ..
ليتني كنت من جيلك الذي أرى عليه مخايل التمرد لانتزاع الحقوق بالمطالبة به في ثقة وقوة وبأدب أيضاً ..
رُبّينا على الخنوع والخضوع والركوع للكبار دائماً مهما كان شأنهم ومبلغ خطئهم ، ولم يشجعونا على الجهر بالحق في حضرتهم كما فعل عمر مع ابنه رضي الله عنهما ! إن الذي سُلب وانتُزع بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة التي يتصف بها جيل قوي لا يستسلم لاشتراطات الواقع وإملاءات الظروف ! وما لي ولهذا الإنشاء الكثير؟ لم لا أتشجّع مثلك وأقولها بصراحة : (أراكان) التي تتباكى عليها ؛ لأن آباءنا فرّوا منها وتركوها لأعدائهم ؛ لن يقوى على فتحها واسترجاعها إلا جيل يؤمن بما تؤمن به من استرداد الحق بالقوة لا بالسِّلم ، ولو كان الأولون صالحين مؤهّلين لفِعلها لما تردّدوا ولتمّ النصر على أيديهم ؛ ولكن يبدو لي أنه نصر مؤجّل لجيل قادم بدأت تتشكّل الآن ملامحه .. أرجو أن تكون في طليعتهم يا لذيذ الفقر وجليسه وأنيسه !
أما الزواج فما لك وله؟ انصرف إلى عِلمك راشداً كما نصحك (المبشر) فيما كتب ، ولو ذقت مرّ الزواج يوماً لم تستسغ عسله لحظة ، ومع ذلك زوّجك الله وكل عازب وعازبة في المسلمين .. اللهم آمين . اللهم زوّج هذا الأسيف الفقير الحبيب الأديب ! اللهم ارفع شأنه وأعل قدره هو والأحبة القارئين ..[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
 
التعديل الأخير:
إنضم
7 أكتوبر 2009
المشاركات
33
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
34
الإقامة
k.s.a _ J

(01)
أرى أنّ زفراتك من منطِقِ أنّ المرء لا يستطيع جعل كل ما ينزع ستار كرامته في طيّ الكتمان، فلا بد من أن يظهر، وإلا ظهرت خبيئتُه نفسُها طواعيةً أو كرْهاً!

(02)
في خضمّ المآسي التي يتجرّعها الفرد الأراكاني من جرّاء التشريد والإبعاد عن الوطن الأم، تلوح معضلة جديدة لتغشى القلوب وترهق المشاعر:
التربية القاسية، التسلط القمعي، مجابهة حدثاء الأسنان بالترهيب تارة، وتقليل الشأن تارات؛ تلك عوامل فاعلة في بناء جيل مهزوم نفسيًّا، فقير عاطفيّا!

(03)
يلقى الشابّ الصغير من الذلّ والتحقير والإعنات ما ينوء عن تحمّله العصبةُ من الرجال.
إنك واجد هذا بكثر كاثرة في المجتمعات البدائية، والعجب لا ينفد إن رأيت ذلك في بيئة محافظة تقدّس قيمها ومبادئها!
فما أسهل الكلام، وأصعب العمل!

(04)
ينشأ ناشئ الفتيان منّا وعقله يمتلئ -يوماً بيومٍ- بكلمات التصغير، والتحقير، وتقليل الشأن، والرمي بـ: الغباء، والسذاجة، وقلة الإدراك، ليؤول أمره بذلك إلى: أ. اهتزازٍ في الشخصية ب. وفقدانٍ للمناعة الخطابيّة ج. ونقصٍ في الثقة بالنفس.
كلمات التحقير في تعاملات حياة الكثير غدت كالمسلّمات التي لا يناقش فيها، ومَنْ نبّه لافظَها إلى وُعورتها فقد تعدّى الخطوط الحمراء.. سيصمونه بأنّه غاوٍ قليل الأدب يفترس العيوب!

(05)
الفِكْر المنطقي المجرِّبُ يعجز عن تشخيص كل الحالات النفسية التي تعرِض الإنسان، ويستعصي عليه إدراكُ كنهها، فيلجأ إلى الحكم على الظاهر وفق قوانين وقوالب وضعها أولو الاختصاص.
تقييمنا لنفسية الشخص الذي صدرت منه كلمة التحقير بتقييم سريع قد يكون اعتباطاً، ما لم نبرهن بأدلّة ظاهرة تحتفّ به. كما أنّ الحكم "المجرّد" على الإنسان، بالنظر إلى شكله، أو لونه، أو ملامح وجهه، أو جماله / قبحه، أو جنسه، أو عرقه؛ اعتباطٌ من نوعٍ آخر.
فلا بدّ من إدراك هذين البُعدين ليتسنّى للثقةِ الحكمُ على فلان بأنّه يحتقر، أو يزدري، أو أنّه يداعب، أو يختبر!

(06)
كثرة صدور كلمات من هذا القبيل تعكس نظرة اللافظ إلى الشخص الهدف، فكلماتُه مرآة صادقة لما يضعه -هو- للهدفِ من صورٍ أو نظراتٍ متخيَّلة في عقله وجَنانه. ولا عذر هنا إنْ تذرّع اللافظ بدعاوي التمازح، أو الإسكاتِ، أو احترامِ المجلس المهيب.

(07)
رأيتُ مَنْ هجر تجمّعاتٍ لبعض مدّعي الالتزام بحجّة أنهم يصفونه بقلة الفهم، وضيق الأفق، لصغر سنّه!
فلو احتضنوه، وآزروه، وأعانوه، وكتموا شديدَ كلامهم، وقاسيَ ألفاظهم؛ لاستحال الأخُ هذا فرداً معطاءً، واثقاً، مكتمل الشخصية.

(08)
العبرة في تقييم الرجال، أو نقدهم: بالـ / العلم، التقوى، الأخلاق.
فالعلم الصحيح يزيد من خشية المسلم لربّه، ويُكسبه خلقاً رفيعاً، فيظهَر جميلُ خلُقِه في فعله، ولفظه، وكَتْبه.
الشهادات أو الشهرة ليست معياراً صحيحاً، فما أكثر الدكاترة (الحاملون لشهادة العالِمية -بكسر اللام) وسلوكهم كسلوك رعاع الناس، فلم يهذِّبْهم ما تعلّموه. ومن طريف ما مرّ بمسمعي: أنّ أحد المشايخ العظماء سُئل عن حكم سرقة أحد الدكاترة جهودَ الآخرين العلميّة، فقال: "مسكين.. إنّه لم يتقنْ إلا مسألتين: مسألة في الماجستير، وأخرى في الدكتوراه! ". وجليٌّ أنه بالغ في كلامه، لكنّ له جزءً من الصحة.

(09)
البناء صعب، والاستمرار فيه حتى يكتمل أصعب، غير أنّ الهدم ميسور متاح لكل من يريد السبيل الخطأ.
لِمَ لا نعمل بهذه المقولة في بنائنا لذواتنا وذواتِ غيرنا؟

(10)
أعانك الله على من يذيقك مرّ الكلمات.
أعانك الله, أعانك الله!
 
التعديل الأخير:

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة

أُتيحَ لي أن أجالس فئاتٍ مختلفةً من الأسنان، وقدراتٍ متفاوتةً من العلم من جيلنا الماضي، فأثار انتباهي شبهُ إجماعهم على اعتبار عامل السنّ في التصدير والتقديم، بغض النظر عن المستوى العلمي في الغالب.
موقف:
في خصومة متعلقة بتوزيع التركة وبعد طول عناء أُحضِرَ في المجلس شيخٌ وقورٌ لم أرَ اجتمع عند غيره ما اجتمع عنده من فنون العلم من النحو والصرف والعروض والفقه وأصوله والحديث ومصطلحه والفرائض وربما غيرها أيضا.
فلا والله ما رأيت في كثيرٍ ممن يتصدّرون المجالس من علماء أركان ومَن لا يُقطَعُ أمرٌ دونهم مَن يباري ذلك الشيخ الوقور في فن من الفنون سوى إكثارهم الكلام وفلسفتهم التي يستطيعون بها أن يُظهِروا للناس قليلَ علمهم في صورة الغزير.
فماذا حصل في المجلس؟
كعادتهم ينتظرون لِفضّ النزاع شيخا دقّت السنون عظمَه، وأذاب اختلافُ الجديدين شحمَه ولحمَه، وناداه نذيرُ الشيب في فودَيْه ولحيتِه بساعة الارتحال، ينتظرون شيخا بهذه الصفات، فإذا هم أمام شيخ يتمتع بكل ما يحتاجون إليه لحلّ مشكلتهم من العلم والفهم، غير أنه ما زال غُصنا أملدَ، ممتلئا شبابا وفحولة ورجولةً.
ولما علموا أن ذلك الشيخ الشاب هو المعنيّ بالانتظار حاصوا حيصةَ حُمُر الوحش وقالوا: ماذا عسى هذا الصغير أن يفقه في مسائل الميراث؟
فانفضوا عنه وتركوه قائما، ولا والله لا يصلحون تلامذةً له فضلا عن أن يجالسوه.
هكذا تربى جيلنا الماضي، لا يعترفون بالصغير ولا يكترثون لما يتقنه لأنهم يجهلون أن: (قيمة كلّ امرئ ما يتقنه) وأنْ لا عبرة بالعمر.
فاصبر أخي (الأسيف) فالأيام كفيلة بإثبات خطأ هذه النظرية، وسيعلمون يوما كم من مبتكر وأدوه في مهده، وكم من مبدِعٍ اغتالوه بإقصائه، وكلّ جُرمِهِ أنه صغير.
 
التعديل الأخير:
إنضم
11 أبريل 2009
المشاركات
96
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
إتماماً لكلامي السابق أضيف إضافةً مهمّة جدّا، ومن الضروري جدّاً أن ينتبه المربّون إلى هذه القضيّة لأنّ ضررها أكبر من نفعها وهي من المزالق الخطيرة التي لا ينتبه إليها بعض المربون في تربية النشء ، وكم رأيت فتيةً اجتمعت فيهم صفات عزّت أن تجدها في بعض العظماء وهم ما زالوا في نعومة أظفارهم ، ولكن نهايتهم كانت من بداياتهم !!وللأسف على يدي مربّيهم وأساتذتهم ؟!


وهذه القضيّة هي : إبرازهم وتشهيرهم ولمّا يشتدّ عودهم .. وبالتالي تنقصم ظهورهم عندما لا يجدون ما يرونه مفروضاً أن يعاملوا بمن في قدراتهم !! وما يتوقعونه دائماً وأبداً من الناس !! من احترامهم وتقديرهم ووضعهم على منابر للإعتزاز والإفتخار بهم أمام الناس !!؟ فتبدأ بداية نهايتهم في بداياتهم ؟؟

وقديماً قالوا : ( حبّ الظهور يقصم الظهور ) ...

وحب المقاعد تبعد المحامد ..



يحدثنا أحد العلماء ، أنه رغب بعد التخرج من الثانوية أن يصبح خطيباً في جامع بالمدينة .. فاستشار والده العلامة الذي كان يدرس بالمسجد النبوي - رحمه الله - في ذلك ، فقال له يابني : من تصدّر قبل أوانه ،، فقد تصدّى لهوانه ،، وعوقب بحرمانه !!؟ فقال لوالده : إنّما أردت نفع الناس وتنمية قدراتي في الإلقاء والخطابة ؟ فقال والده المربي : يا بني عليك بالبوادي والقرى والهجر إذاً !! فسكت الإبن قليلاً وأطرق برأسه إلى الأرض ؟ فعقب والده عليه قائلاً : يا بني نفع الناس وتنمية القدرات تحصل سواء هنا أو هناك ولكن هنا تنتظرك المحامد أما هناك لا تنتظرك إلاّ تربية النفس على الإخلاص ومعالجة النفس التي ترغب في الشهرة والصدارة .. ومجاهدة النفس هي التي تجعلك للناس إماماً في يوم من الأيام ويحتاج الناس حينها لعلملك ..


يقول شيخنا : فكنت أذهب إلى الهجر والبوادي وأقطع المسافات الطويلة تنفيذاً لوصية والدي فحصل لي الخير الكثير الذي لا يحصيه إلاّ الله ..


ها وقد أصبح الفتى الآن : معالي الشيخ العلاّمة الدكتور الفقيه : محمد بن محمد المختار الجكني الشنقيطي - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء - والمدرس بمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخطيباً في أوّل مسجد أسس على التقوى - مسجد قباء - وذلك خلال ( 20 ) عاماً من عمره بعد التخرج من الثانوية ..


والآن من يجهل الشيخ العلامة الشنقيطي الذي يحضر درسه اللآف وتتعجب من الوقار والسكينة والصمت والهدوء في مجلسه والشيخ لم يحضر بعد ، وإذا حضر الشيخ وبدأ بالكلام فيالذة الأسماع بكلام لا تسمع فيه غير المنهج الرباني وقال الله وقال الرسول ..



كدّت أخرج عن الموضوع لأنّ الحديث عن العلماء أمثال شيخنا لا يمل منه المرء ..


وعلى أيّة حال : فالله الله في تربية النشء على معرفة قدر النفس وإشغالهم بإصلاح عيوبها وتنشئتهم على بناء ذواتهم بالإخلاص والتواضع ..


قال سفيان الثوري : العلماء إن علموا عملوا .. وإن عملوا انشغلوا .. وإن انشغلوا فقدوا .. وإن فقدوا طلبوا .. وإن طلبوا هربوا .. وذلك لشدّة إخلاصهم !!


وأعرف شاباً كان سبب انتكاسته ومعاداته للدعوة والدعاة ومحاربته للبرامج الدعويّة - وما زال نسأل الله له الهداية - أنّه لم ينصّب مديراً على برنامج دعوي ونصّب غيره ممّن يراه هذا المسكين أقلّ منه علماً وقدراً ، حيث كان المقدّم دائماً في كثير من المجامع والمحافل ... فنسأل الله العفو والعافية ..


وشاباً كان مقرباً جدا من أحد المشايخ وساءت أخلاقه بكبره وخيالائه على جاليته بسبب قربه من تلك الشخصية فرفضه الناس لخلقه ، والآن نسأل الله السلامة والعافية ترك القرآن وحفظ المتون الذي عرف به والإلتزام حتى تردّى حاله وحلق لحيته وانكب على الشهوات ..


فيا معاشر المربيّن : كونوا ربّانيّين ، والربانيون هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره ..


واتقوا الله فيمن تحت أيديكم فإنكم مسؤولون عنهم يوم القيامة ..
 
التعديل الأخير:

انسان

New member
إنضم
25 مارس 2010
المشاركات
117
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
بين الارض والسماء
جزيت خيرا يا شيخ أبشركم على هذه المداخلة المؤثرة
آه يا زمن
لا أدري ماذا أقول
لقد ذكرتني بزمن لو تذكرته أبكي حسرة عليه
لكن حسبنا الله ونعم الوكيل
 
التعديل الأخير:
إنضم
9 مايو 2009
المشاركات
441
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
59

أخي الحبيب الأسيف أنت بأدبياتك كبير وبقلمك وكتاباتك كبير وموضوعك هذا يذكرني بقصة الأسد

قرر الأسد أن يتزوج ,,وفي يوم الخطوبة ووسط حشد المحتفلين من الحيوانات الضخمة والقوية

تقدم فأر صغير بحذر شديد ليجد له مكانا بين الحيوانات الكبيرة

اخيراً وبشجاعة وصل أمام الأسد وصاح به ،

أهنئك ايها الاخ بهذه الخطوبة وأتمنى لك زواج سعيد أيها الأخ الكبير ،

هنا صاح أحد الأسود المدعويين ،ومن أنت لتقول للأسد كلمة أخي،

أنت مجرد فأر ،أجاب الفأر بهدوء وحذر


(على مهلك يا أخي أنا أيضاً كنت أسد قبل الزواج )


حفظك الله من كل إنسان يستصغرك ولاعليك أخي الأسيف من آحد المهم ستضل في نظري كبير
 
التعديل الأخير:

Guess who am I

مستشارة المنتدى
إنضم
15 مايو 2009
المشاركات
392
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
Heart of Universe
بل على فؤادك أيها الأسيف أن يتوسد نشوة غامرة .. وعلى نفسك أن تستكين فرحا وتتهادى سرورا ..

وقد أوتيت ما ينقصهم مع حداثة سنك ..

ينتابني شعور دافق بالغبطة - كلما قرأتك - ولا زلت أتأرجح ما بين اليقين ونقيضه إن كنت أنت فعلا من تسكن قاعه كل هذه الدرر وأنت كما عرفتك فتيّ السن بالكاد تبلغ العشرين ضئيل الحجم نحيل الجسد .. لكن سبحان من يضع سره في أضعف خلقه .. يؤتي الحكمة من يشاء .. ومن أوتيها فقد أوتي خيراً كثيرا .. بلغك الله غاية مطلوبك .. وجعل لك بما أوتيت من خير شأنا بالغا ..


ولك كل الشكر أن حفزت بموضوعك هذا أخانا الفاضل أبشركم فجاءنا بما أفادنا وأمتع فكرنا ..
 

محب النبي

New member
إنضم
10 أبريل 2010
المشاركات
17
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الاسيف \
حديثك خطير جدا اذا اخذناه بعين الاعتبار
لا شك ان هذا العالم باسره ملئ بالعنصرية بشتى انواعها ومنها :
العنصرية الدينية .. العنصرية العرقية .. العنصرية اللغوية .. العنصرية الاجتماعية
فالعنصرية التي ذكرتها في موضوعك هو نوع من العنصرية التي استحدثها امتنا العزيزة [ عنصرية المتزوج وغير المتزوج ] او هو نوع من التحطيم حتى لا يعلو شانك وانت اصغر منهم سنا
دع اليأس وانطلق بكل ما أوتيت من قوة
فارتقاؤك يعني ارتقاء امة
 

shugi

New member
إنضم
7 أغسطس 2010
المشاركات
222
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
39a470e87d.gif
 
إنضم
21 فبراير 2012
المشاركات
35
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
..........
الموقع الالكتروني
www.facebook.com
للاسف...في اكثر بيوت الجالية..حتى في جلسات ومجالس الاحياء..الصغير او العزوبي ماله كلمة او راي يسرده.

الله يعين الحال.
 

أبوباسل 70

New member
إنضم
31 يناير 2013
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
انا عمري 18 ومازال بعض الأقارب يقولون :انت لسة صغير
 
أعلى