محمدالله مشاري
New member
- إنضم
- 21 مارس 2010
-
- المشاركات
- 564
-
- مستوى التفاعل
- 0
-
- النقاط
- 0
طــول الأمــل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه ,أما بعد فإن من أعظم أمراض القلوب طول الأمل ،فما معناه؟ و ما هي أضراره؟ وكيف نتخلص منه؟
معني طول الأمل:
إن طول الأمل هو الاستمرار في الحرص علي الدنيا ومداومة الانكباب عليها مع كثرة الإعراض عن الآخرة.
طول الأمل مذموم في القرآن
تعددت في كتاب الله الآيات التي تذم طول الأمل ،وتنوعت الأساليب التي ينفر بها القرآن من ذلك الداء العضال والمرض الفتاك ، و من ذلك قوله تعالي
ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون وقوله سبحانه عن اليهود : ( ولتجدنهم أحرص الناس علي حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون ) وقوله تعالي
قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون )
و في سنة رسول الله
لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الاسترسال مع الآمال الملهية عن طاعة رب العباد ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله علية وسلم يقول : " لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنين : في حب الدنيا ، وطول الأمل " [رواه البخاري] .
وعن أنس رضي الله عنه قال : خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطا فقال: " هذا الأمل وهذا أجله فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب " رواه البخاري .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلي الله علية وسلم بمنكبي فقال : " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " ، وكان ابن عمر يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " .[رواه البخاري .]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غني مطغياً أو مرضا مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتا مجهزاً أو الدجال فشر غائب منتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمرُّ ؟!" رواه الترمذي
والسلف يحذرون من طول الأمل
علم السلف رضي الله عنهم حقيقة الدنيا وتعلقت قلوبهم بالآخرة ونصحوا لمن جاء بعدهم ، فحذروا من الركون إلى الدنيا والإعراض عن الآخرة.
قال علي رضي الله عنه : " إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة " وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " لا يطولن عليكم الأمد ولا يلهينكم الأمل ، فإن كل ما هو آت قريب ، ألا وإن البعيد ليس آتيا " ، وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : " ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني ، مؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس يغفل عنه ، وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط رب العالمين عليه أم راض ؟ ".
ودخل رجل علي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فجعل يقلب بصره في بيته فقال : " يا أبا ذر ، أين متاعكم ؟! قال : إن لنا بيتاً نتوجه إليه ، فقال : " إنه لابد لك من متاع ما دمت ها هنا " ، فقال : إن صاحب المنزل لا يدعنا هاهنا ".
وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته : " لا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم وتنقادوا لعدوكم فإنه والله ما بسط أملاً من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ولا يمسي بعد صباحه ، وربما كانت بين ذلك خطفات المنايا " وقال البعض: كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غداً لا يبلغه لو أدركتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره ،وقالوا : كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، وشهره يهدم سنته ، وسنته تهدم عمره ، وعمره يقوده إلي أجله ، وحياته تقوده إلي موته ".
مضار طول الأمل
إن طول الأمل يدفع إلي المعاصي ، ويبعد عن الطاعات ، وهو من أسباب انتهاك الحرمات والتعدي علي الآخرين وسلب حقوقهم ، فأثبت أجلك بين عينيك ، واستحي من الله حق الحياء.
ما العلاج؟!!
إن الجهل وحب الدنيا هما سبب طول الأمل فالعلاج يكمن في العلم بخطورة ومضار طول الأمل ، وقيمة طاعة الوقت وأن التسويف يورد صاحبه موارد الهلكة وأن العبد يجب أن يكون حيث أمره مولاه وأن يحذر أن يراه حيث نهاه. وينبغي أن يكون شعار الواحد منا كما كان شعار حاتم الأصم إذ يقول : "...وعلمت أن عملي لن يعمله غيري فأنا مشغول به , ورأيت الناس ينظرون إلي ظاهري والله ينظر إلي باطني فعلمت أن مراقبته أولي وأحرى , ورأيت الموت يأتي بغتة فقلت أبادره" .
والفارق كبير بين الرجاء وطول الأمل ، فمن رجا شيئاً طلبه ،ومن خاف شيئاً هرب منه فأين هذا من طول الأمل الذي آل بك لعدم الاستعداد لأمر الآخرة؟. وعلي العبد الذي يطلب العلاج أن يعرف حقيقة هذه الدار وأنها حقيرة وإلي كل نذل أميل، والأصل أن تلقاك بكل ما تكره فإذا لاقتك بما تحب فهو استثناء, دخل ابن السماك علي هارون الرشيد فقال له الرشيد : عظني- وكان بيده شربة ماء- فقال له: يا أمير المؤمنين لو حبست عنك هذه الشربة أكنت تفديها بملكك ؟ قال : نعم قال : يا أمير المؤمنين لو شربتها وحبست عن الخروج أكنت تفديها بملكك؟ قال : نعم، فقال له الأخير : فملك لا يساوي شربة ولا بولة , قال الفضيل ابن عياض :إن الدنيا مثل ظل الإنسان إذا طلبته فرّ وإن تركته تبعك،فقل لنفسك أين الأولون والآخرون؟ أين الذين ملأوا ما بين الخافقين فخراً وعزاً ؟ أين الذين فرشوا القصور حريراً وخزاً ؟ أين الذين تضعضعت لهم الأرض هيبة وعزا هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً ؟ أفناهم الله مفني الأمم وأبادهم مبيد الرمم وأخرجهم من سعة القصور إلي ضيق القبور تحت الجنادل ،لم ينفعهم ما جمعوا ولا أغني عنهم ما اكتسبوا ،أسلمهم الأحياء والأولياء، وهجرهم الإخوان والأصفياء، ونسيهم الأقرباء والبعداء ،وكأن الموت فيها علي غيرنا كتب وكأن الحق فيها علي غيرنا وجب وكأن الذي نشيع من الأموات سفر عما قريب إلينا راجعون ونأكل تراثهم كأنا بعدهم مخلدون.فيا قومنا: عمرٌّوا الدنيا بطاعة ربكم وأقيموا الحياة علي منهاج النبوة ولسان حالكم ينطق: (وعجلت إليك ربِّ لترضي) . وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه ,أما بعد فإن من أعظم أمراض القلوب طول الأمل ،فما معناه؟ و ما هي أضراره؟ وكيف نتخلص منه؟
معني طول الأمل:
إن طول الأمل هو الاستمرار في الحرص علي الدنيا ومداومة الانكباب عليها مع كثرة الإعراض عن الآخرة.
طول الأمل مذموم في القرآن
تعددت في كتاب الله الآيات التي تذم طول الأمل ،وتنوعت الأساليب التي ينفر بها القرآن من ذلك الداء العضال والمرض الفتاك ، و من ذلك قوله تعالي
و في سنة رسول الله
لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الاسترسال مع الآمال الملهية عن طاعة رب العباد ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله علية وسلم يقول : " لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنين : في حب الدنيا ، وطول الأمل " [رواه البخاري] .
وعن أنس رضي الله عنه قال : خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطا فقال: " هذا الأمل وهذا أجله فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب " رواه البخاري .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلي الله علية وسلم بمنكبي فقال : " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " ، وكان ابن عمر يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " .[رواه البخاري .]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غني مطغياً أو مرضا مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتا مجهزاً أو الدجال فشر غائب منتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمرُّ ؟!" رواه الترمذي
والسلف يحذرون من طول الأمل
علم السلف رضي الله عنهم حقيقة الدنيا وتعلقت قلوبهم بالآخرة ونصحوا لمن جاء بعدهم ، فحذروا من الركون إلى الدنيا والإعراض عن الآخرة.
قال علي رضي الله عنه : " إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة " وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " لا يطولن عليكم الأمد ولا يلهينكم الأمل ، فإن كل ما هو آت قريب ، ألا وإن البعيد ليس آتيا " ، وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : " ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني ، مؤمل الدنيا والموت يطلبه ، وغافل ليس يغفل عنه ، وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط رب العالمين عليه أم راض ؟ ".
ودخل رجل علي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فجعل يقلب بصره في بيته فقال : " يا أبا ذر ، أين متاعكم ؟! قال : إن لنا بيتاً نتوجه إليه ، فقال : " إنه لابد لك من متاع ما دمت ها هنا " ، فقال : إن صاحب المنزل لا يدعنا هاهنا ".
وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته : " لا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم وتنقادوا لعدوكم فإنه والله ما بسط أملاً من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ولا يمسي بعد صباحه ، وربما كانت بين ذلك خطفات المنايا " وقال البعض: كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غداً لا يبلغه لو أدركتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره ،وقالوا : كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، وشهره يهدم سنته ، وسنته تهدم عمره ، وعمره يقوده إلي أجله ، وحياته تقوده إلي موته ".
مضار طول الأمل
إن طول الأمل يدفع إلي المعاصي ، ويبعد عن الطاعات ، وهو من أسباب انتهاك الحرمات والتعدي علي الآخرين وسلب حقوقهم ، فأثبت أجلك بين عينيك ، واستحي من الله حق الحياء.
ما العلاج؟!!
إن الجهل وحب الدنيا هما سبب طول الأمل فالعلاج يكمن في العلم بخطورة ومضار طول الأمل ، وقيمة طاعة الوقت وأن التسويف يورد صاحبه موارد الهلكة وأن العبد يجب أن يكون حيث أمره مولاه وأن يحذر أن يراه حيث نهاه. وينبغي أن يكون شعار الواحد منا كما كان شعار حاتم الأصم إذ يقول : "...وعلمت أن عملي لن يعمله غيري فأنا مشغول به , ورأيت الناس ينظرون إلي ظاهري والله ينظر إلي باطني فعلمت أن مراقبته أولي وأحرى , ورأيت الموت يأتي بغتة فقلت أبادره" .
والفارق كبير بين الرجاء وطول الأمل ، فمن رجا شيئاً طلبه ،ومن خاف شيئاً هرب منه فأين هذا من طول الأمل الذي آل بك لعدم الاستعداد لأمر الآخرة؟. وعلي العبد الذي يطلب العلاج أن يعرف حقيقة هذه الدار وأنها حقيرة وإلي كل نذل أميل، والأصل أن تلقاك بكل ما تكره فإذا لاقتك بما تحب فهو استثناء, دخل ابن السماك علي هارون الرشيد فقال له الرشيد : عظني- وكان بيده شربة ماء- فقال له: يا أمير المؤمنين لو حبست عنك هذه الشربة أكنت تفديها بملكك ؟ قال : نعم قال : يا أمير المؤمنين لو شربتها وحبست عن الخروج أكنت تفديها بملكك؟ قال : نعم، فقال له الأخير : فملك لا يساوي شربة ولا بولة , قال الفضيل ابن عياض :إن الدنيا مثل ظل الإنسان إذا طلبته فرّ وإن تركته تبعك،فقل لنفسك أين الأولون والآخرون؟ أين الذين ملأوا ما بين الخافقين فخراً وعزاً ؟ أين الذين فرشوا القصور حريراً وخزاً ؟ أين الذين تضعضعت لهم الأرض هيبة وعزا هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً ؟ أفناهم الله مفني الأمم وأبادهم مبيد الرمم وأخرجهم من سعة القصور إلي ضيق القبور تحت الجنادل ،لم ينفعهم ما جمعوا ولا أغني عنهم ما اكتسبوا ،أسلمهم الأحياء والأولياء، وهجرهم الإخوان والأصفياء، ونسيهم الأقرباء والبعداء ،وكأن الموت فيها علي غيرنا كتب وكأن الحق فيها علي غيرنا وجب وكأن الذي نشيع من الأموات سفر عما قريب إلينا راجعون ونأكل تراثهم كأنا بعدهم مخلدون.فيا قومنا: عمرٌّوا الدنيا بطاعة ربكم وأقيموا الحياة علي منهاج النبوة ولسان حالكم ينطق: (وعجلت إليك ربِّ لترضي) . وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
اسم الموضوع : طـــــول الأمــــــل
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.