أبو عمار المكي
مراقب عام سابق
المنتدى .. مذكر أم مؤنث ؟
سألني أخي الفاضل / أبو نواف ، مراقب قسم عادتنا وتقاليدنا ، في مشاركته في موضوع (عضو.. وعضوة) هل لفظ المنتدى ، مذكر أم مؤنث ؟ وأنه في حيص بيص تجاه هذا اللفظ مع ميله أنه لفظ مذكر .كما أيده أخي الفاضل / الصارم ، مبديا حيرته : كيف يكون لفظ المنتدى مذكرا وبه علامة من علامات التأنيث وهي : الألف المقصورة ؟
وكل ذلك حسنُ ظنّهم بي ، ولايعلمان أن بضاعتي مزجاة ، ولكن لامانع أن ينقل الإنسان ما تعلّمه وقرأه لإخوانه المثقفين ليتدارس معهم ليصل إلى فائدة علمية، ويرجو منهم المناقشة وإثراء الموضوع لتعم الفائدة.
فأقول مستعينا بالله تعالى :
تمهيد :
قضية التذكير والتأنيث قضية شائكة وحظيت بعناية فائقة من علماء اللغة، وأفردوها بالتأليف في كتب مستقلة كالإمام الفراء والأصمعي وابن السكيت وابن جني، ومن أفضل من بحث في هذه القضية الإمام أبوبكر ابن الأنباري المتوفى سنة 328هـ. مدخل :
للتأنيث ثلاث علامات هي : 1ـ التاء المربوطة . 2ـ الألف المقصورة. 3ـ الألف الممدودة.
والمؤنث ينقسم إلى قسمين :
1ـ مؤنث حقيقي. 2ـ مؤنث مجازي.
النقاش
هل كل لفظ أو اسم ختم بإحدى هذه العلامات الثلاث يعتبر لفظا مؤنثا ؟الجواب : لا. ليس كل لفظ أو اسم مختوم بعلامة من علامات التأنيث المعروفة فهو لفظ مؤنث أو اسم مؤنث والعكس.
وسأضرب لك أمثلة في هذا لتتضح الصورة :
مثلا : حمزة و طلحة وأسامة ، أسماء للذكور مع أنها مختومة بالتاء المربوطة.
وفي المقابل هناك أسماء عارية عن علامات التأنيث مثل : زينب وهند وسعاد وهي أسماء للإناث.
وملتقى ومبنى ومنتدى ومسعى ومستشفى، أسماء مذكرة مع أنها مختومة بالألف المقصورة.
وبناء وماء، أسماء مذكرة مع أنها مختومة بالألف الممدودة.
وهناك أوزان يستوي فيها المذكر والمؤنث ومنها : (فَعُول) تقول : هذا رجل عجوز وامرأته عجوز صبور. ومن الخطأ الشائع : قول الناس : هذه امرأة عجوزة.
وفي جسم الإنسان منها مايذكر ولايؤنث مثل الوجه والحاجب والأنف والشعر .
ومنها مايؤنث ولايذكر مثل العين والأذن واليد والسن والكبد .
ومنها مايذكر ويؤنث لاختلاف اللغات فيها مثل العنق والعضد والذارع.
وأخيرا وقبل كل شيء في كتاب الله جاءت بعض الألفاظ مذكرة في موضع ومؤنثة في موضع آخر، مثل السماء قال تعالى (السماء منفطر به) ذكّر في هذا الموضع ، وأنّث في قوله تعالى (إذا السماء انشقت) وقوله (إذا السماء انفطرت)، ولفظ السبيل ذكّر في قوله تعالى (وإن يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلا) ضمير الغائب يعود إلى السبيل، وأنّث في قوله تعالى (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) وقوله (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله).
إذًا كيف نفرق بين المذكر والمؤنث؟
ماالضابظ في التذكير والتأنيث ؟
يقول الدكتور عبد الكريم عوفي في بحثه عن ظاهرة التذكير والتأنيث في العامية الجزائرية وعلاقتها بالفصحى، وهو أستاذ محاضر بمعهد اللغة العربية وآدابها بجامعة باتنة بالجزائر :ماالضابظ في التذكير والتأنيث ؟
وعلى هذا الأساس فإن معرفة سبب تأنيث هذا اللفظ وتذكير ذاك، أو لماذا استوى التذكير والتأنيث في ألفاظ دون أخرى؟، أو لماذا جاءت علامات دالة على التأنيث في ألفاظ، ولم تجئ في ألفاظ أخرى؟، تبقى من الأمور الغامضة، ولعلها ترجع إلى ما ارتبطت به صفة الجنس في أذهان الشعوب من أفكار متباينة، هذه الأفكار التي يقف الباحث إزاءها حائراً في تحديد طبيعتها.
ولهذا قال الدكتور إبراهيم أنيس: " يجب أن نعترف بتلك الحقيقة الملموسة في كل اللغات وهي أن فكرة التأنيث والتذكير قد اختلطت بعناصر لا تمت للمنطق العقلي بسبب ".
وقال سعيد الأفغاني في كتابه الموجز في قواعد اللغة العربية - (1 / 135):
ليس هناك قاعدة في معرفة التذكير والتأْنيث المجازيين، بل المدار في معرفة ذلك على السماع، بالرجوع إلى كتب اللغة. ونلاحظ أن بعض الأَسماء يذكر ويؤنث مثل: الطريق والسوق والذراع والخمر.. إلخ فتصح فيها المعاملتان فتقول: هذا الطريق واسع أَو هذه الطريق واسعة. والمرجع في معرفة ذلك المعجمات اللغوية.
كما يلاحظ أن بعض الأَسماء يحمل علامة التأْنيث ويطلق على كلٍ من الجنسين مثل: حية وشاة وسخلة "ولد الغنم والمعز"، وكذلك بعض الصفات مثل رجل رَبْعة وامرأَة ربعة "معتدلة القامة".ا.هـ
إذًا الضابط الحقيقي في التذكير والتأنيث : السماع، فما سُمع عن العرب من تذكير الألفاظ وتأنيثنها فهو الحَكَم والفاصل في الموضوع.
ونستخلص من هذا كله أن لفظ المنتدى لفظ مذكر لا مؤنث، لأنه لم يسمع عن العرب أنهم أنثوا لفظا وزنه مثل منتدى .
قال عباس حسن في كتابه النحو الوافي - (4 / 600):
وأما ألف التأنيث المقصورة فقد زيدت سماعا في آخر الأسماء المعربة، سواء أكانت جامدة أم مشقة؛ تبعا للمسموع عن العرب، ولا تدخل في غير الوارد عنهم؛ فما أدخلوها على آخره صار وحده مؤنثا بها.
وللأسماء التي تدخلها أوزان مختلفة؛ بعضها نادر مبعثر في المراجع اللغوية؛ يصعب معرفته والاهتداء إلى أنه مؤنث إلا بمعونة تلك المراجع، وإرشادها. وبعضها شائع في الكلام الفصيح، مشهور الصيغة بالتأنيث؛ فمتى عرفت صيغته دلت -في الأعم الأغلب- على أنها لمؤنث، دون حاجة إلى مرشد أو معين.
وختاما : أسأل الله أن يغفرلي ويتجاوز عني إن كنت أخطأت فيما قلته، و أرجو من إخواني الفضلاء أن يشاركوني بما فيه إثراء للموضوع ، وإلى أن يظهر بحث آخر بعنوان (بابا و ماما) ......؟؟ أترككم في رعاية المولى سبحانه وتعالى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اسم الموضوع : المنتدى ... مذكر أم مؤنث ؟؟؟
|
المصدر : .: روائع المنتدى :.
