لا زال الناس يتفنون في تغيير مسميات الأشياء .. ظناً منهم أن ذلك سيغيّر من حقائقها وربما جنح البعض لمثل هذه التغييرات ليصبغ على عمله لوناً من ألوان القبول والتمرير ولو على الذهن والضمير، إذ المسميات تتعلق بحقائقها الباطلة في أذهاننا فنرفضها بتلقائية؛ ولكن إذا ما أردنا أن تتقبلها أنفسنا أو نرغمها على ذلك غيرنا أسماء هذه الأشياء أو المواقف أو السلوكيات فمباشرة نجد أنفسنا تباشر هذه الممارسات من غير أي رادع أو حكّة ضمير ..
تأملوا حين نسمي الزنا علاقة عابرة والربا فائدة والمسكر شراباً روحياً وأكل الحرام نشاطاً وأجرة وخداع الناس فطنة والتعقيد نظاماً والعنف حزماً وسوء الظن كياسة والنفاق ذكاء اجتماعياً فإننا نستطيع أن نمارس هذه الأمور بكل طيبة نفس وبدون وخزة ضمير، أرأيتم كيف تؤثر المسميات في أنفسنا ؟!
ومن ألطف العبارات التي تجعلك تشعرك بالغثيان وتقلب مزاجك الصافي تغيير البعض لمسمى الرشوة المحرمة بـ "حق الشاهي" دققوا في هذه العبارة جيداً فهم لم يقولوا "حق الغداء" ولا "حق العشاء" ولا حتى "حق الفطور" لأن هذه وجبات دسمة توحي بأكل وجبة كاملة وتحتاج إلى مبلغ معين وهذه الوجبات أشبه ما تكون رسمية ولكن سمّوها بـ "حق الشاهي" تقليلاً لشأنها وتسهيلاً للأمر في نفس الراشي والمرتشي وكأن الأمر هين لين لدرجة أنها تساوي قيمة الشاهي، والمضحك في الأمر أن بعض صفقات الرشاوى تصل إلى الملايين ويسمونها أيضاً بكل سوء أدب "حق الشاهي" ولو جلس هذا المرتشي يقتات من هذا الشاهي المحرم طوال حياته لورِث أبناؤه وأحفاده ما يملؤون به بطونهم من بعده !!
وأخيراً احذروا هذا الشاهي فكم مات بسببه أقوام وأقوام وإياكم والانخداع بطعمه اللذيذ ورائحته الزكيّة ولونه الجذاب حفظكم الله من كل سوء ومكروه، ولا تنسوا النعناع في "شايكم" مشياً على قول القائل:
نعنع كؤوسك إن أردت شرابها *** فلا خير في شايٍ بلا نعناع
اسم الموضوع : قال: أعطيه "حق الشاهي"
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.