الهمام الأراكاني
New member
سيرة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
هو سماحة الشيخ الإمام العلامة المجدد عبد العزيز بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز.
ولد في الرياض في ذي الحجة سنة 1330هـ، وكان بصيراً في أول طلبه للعلم_كما يقول_.
ويقول: ثم أصابني المرض في عيني عام 1346هـ فضعف بصري بسبب ذلك ثم ذهب بالكلية في مستهل محرم من عام 1350هـ والحمد لله على ذلك.
وأسأل الله_جل وعلا_أن يعوضني البصيرة في الدنيا، والجزاء الحسن في الآخرة، كما وعد بذلك_سبحانه_على لسان نبيه محمد"كما أسأله_سبحانه_أن يجعل العاقبة حميدة في الدنيا والأخرى.
ويقول×: وقد بدأت الدراسة منذ الصغر، فحفظت القرآن الكريم قبل البلوغ على يدي الشيخ عبدالله بن مفيريج×ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعية والعربية على أيدي كثير من علماء الرياض، ومن أعلامهم:
1_ الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب_رحمهم الله_.
2_ الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب قاضي الرياض_رحمهم الله_.
3_ الشيخ سعد بن حمد بن عتيق×قاضي الرياض.
4_ الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال بالرياض×.
5_ الشيخ سعد وقاص البخاري من علماء مكة المكرمة أخذت عنه علم التجويد في عام 1355هـ، حيث كنت أتردد على الشيخ سعد في دكانه مدة شهرين، آخذ عنه علم التجويد.
6_ سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ×وقد لزمت حلقاته صباحاً ومساءً، وحضرت كل ما يقرأ عليه، ثم قرأت عليه جميع المواد التي درستها في الحديث والعقيدة، والفقه، والنحو، والفرائض، وقرأت عليه شيئاً كثيراً في التفسير، والتاريخ، والسيرة النبوية نحواً من عشر سنوات وتلقيت عنه جميع العلوم الشرعية ابتداءً من سنة 1347هـ إلى سنة 1357هـ حيث رشحت للقضاء من قبل سماحته.
عناية سماحة الشيخ بمظهره
كان سماحة الشيخ×يعتني بمظهره بلا إسراف، ولا مخيلة، فهو يعتني بنظافة بدنه، وقص شاربه، ويتعاهد نفسه بالطيب كثيراً، بل كان يستعمله كل يوم، ويدار بخور العود في مجلسه أكثر من مرة، وإلا فلا أقل من أن يدار مرة واحدة.
وكان يلبس مشلحة_بشته_في صَلاته، وزياراته، وذهابه إلى عمله.
وكان ثوبه يعلو كعبه بنحو أربعة أصابع؛ فهو يرى أن نزول الثوب، أو السراويل، أو المشلح أسفل الكعبين منكر محرم سواء كان ذلك للخيلاء أو لغير الخيلاء.
ويقول: إن الإسبال حرام؛ فإن كان للخيلاء فهو أشد تحريماً.
وفي يوم من الأيام لبس سماحته مشلحاً جديداً، وكان ذلك المشلح على خلاف ما كان عليه سماحة الشيخ، حيث كان المشلح نازلاً عن الكعبين، ولم يكن سماحته يعلم بذلك.
فقال له شخص: يا سماحة الشيخ مشلحك هذا نازل عن الكعبين، ولا أدري هل تغير رأيكم في وجوب رفعه ؟
فما كان من سماحة الشيخ إلا أن خلعه ورماه، وقال لي: اذهب به إلى من يرفعه.
وصادف أن كان سماحته في ذلك الوقت في مكة في آخر رمضان، فجاء إلى الرياض وليس عليه مشلح.
وكان يتعاهد لحيته بالحناء، ويرى تغيير الشيب، وحرمةَ تغييره بالسواد.
وكان×قليل شعر العارضين، أما الذقن ففيه شعيرات طويلة ملتف بعضها على بعض.
وقيل له ذات مرة: لو سرحتها بمشط ؟
فقال: أخشى أن يسقط منها شيء.
وهو يرى حرمة حلق اللحية أو تقصيرها، وكذا ما نبت على الخدين.
أما ما نبت تحت الذقن، وفي الرقبة فلا يرى مانعاً من حلقه.
من أبرز الصفات الخلقية لسماحة الإمام×
تفرد سماحة الإمام عبدالعزيز×بصفات عديدة لا تكاد تجتمع في رجل واحد إلا في القليل النادر، ومن أبرز تلك الصفات ما يلي:
1_ الإخلاص لله_ولا نزكي على الله أحداً_فهو لا يبتغي بعمله حمداً من أحد ولا جزاءً، ولا شكوراً.
2_ التواضع الجم، مع مكانته العالية، ومنزلته العلمية.
3_ الحلم العجيب الذي يصل فيه إلى حد لايصدقه إلا من رآه عليه.
4_ الجلد، والتحمل، والطاقة العجيبة حتى مع كبر سنه.
5_ الأدب المتناهي، والذوق المرهف.
6_ الكرم والسخاء الذي لا يدانيه فيه أحد في زمانه فيما أعلم، وذلك في شتى أنواع الكرم والسخاء، سواء بالمال أو بالوقت، أو الراحة، أو العلم، أو الإحسان، أو الشفاعات، أو العفو، أو الخُلُق، ونحو ذلك.
7_ السكينة العجيبة التي تغشاه، وتغشى مجلسه، ومن يخالطه.
8_ الذاكرة القوية التي تزيد مع تقدمه في السن.
9_ الهمة العالية، والعزيمة القوية التي لا تستصعب شيئاً، ولا يهولها أمر من الأمور.
10_ العدل في الأحكام سواء مع المخالفين، أو الموافقين.
11_ الثبات على المبدأ، وعلى الحق.
12_ سعة الأفق.
13_ بُعْد النظر.
14_ التجدد؛ فهو_دائماً_يتجدد، ويواكب الأحداث، ويحسن التعامل مع المتغيرات.
15_ الثقة العظيمة بالله_جل وعل_.
16_ الزهد بالدنيا، سواء بالمال أو الجاه، أو المنصب، أو الثناء، أو غير ذلك.
17_ الحرص على تطبيق السنة بحذافيرها، فلا يكاد يعلم سنة ثابتة إلا عمل بها.
18_ بشاشة الوجه، وطلاقة المحيا.
19_ الصبر بأنواعه المتعددة من صبر على الناس، وصبر على المرض، وصبر على تحمل الأعباء إلى غير ذلك.
20_ المراعاة التامة لأدب الحديث، والمجلس، ونحوها من الآداب.
21_ الوفاء المنقطع النظير لمشايخه، وأصدقائه، ومعارفه.
22_ صلة الأرحام.
23_ القيام بحقوق الجيران.
24_ عفة اللسان.
25_ لم أسمعه أو أسمع عنه أنه مدح نفسه، أو انتقص أحداً، أو عاب طعاماً، أو استكثر شيئاً قدمه للناس، أو نهر خادماً.
26_ وكان لا يقبل الخبر إلا من ثقة.
27_ يحسن الظن بالناس.
28_ قليل الكلام، كثير الصمت.
29_ كثير الذكر والدعاء.
30_ لا يرفع صوته بالضحك.
31_ كثير البكاء إذا سمع القرآن، أو قرئ عليه سيرة لأحد العلماء، أو شيء يتعلق بتعظيم القرآن أو السنة.
32_ يقبل الهدية، ويكافئ عليها.
33_ يحب المساكين، ويحنو عليهم، ويتلذذ بالأكل معهم.
34_ يحافظ على الوقت أشد المحافظة.
35_ يشجع على الخير، ويحض عليه.
36_ لا يحسد أحداً على نعمة ساقها الله إليه.
37_ لا يحقد على أحد بل يقابل الإساءة بالإحسان.
38_ معتدل في مأكله ومشربه.
39_ دقيق في المواعيد.
40_ كان متفائلاً، ومحباً للفأل.
الأعمال التي تولاها سماحة الشيخ
أول عمل تولاه سماحة الشيخ×هو القضاء؛ حيث عين قاضياً في مدينة الدلم عام 1357هـ واستمر فيه إلى عام 1371هـ.
وكان طيلة تلك المدة يقوم بإمامة الناس، وخطبة الجمعة، وإلقاء الدروس في الليل والنهار، والإصلاح بين الناس، وتفقد أحوالهم، ويقوم باستقبال الوفود، والزائرين، وطلاب العلم، ويعنى بالفقراء والمحتاجين.
كما كان×يولي اهتمامه مصالح الناس في كل ما يهمهم، ويكتب إلى المسؤولين في كل ما يراه ضرورياً لإصلاح المنطقة، فيجد لديهم من التجاوب ما يحقق رغبته الخيرة في الإصلاح العام.
وقد تتلمذ على يديه في تلك الفترة جمع غفير من العلماء، والقضاة؛ فمنهم معالي الشيخ راشد بن صالح بن خنين الرئيس العام لتعليم البنات سابقاً، وعضو هيئة كبار العلماء، والمستشار في الديوان الملكي.
ومنهم فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن حسن بن قعود عضو اللجنة الدائمة للإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء سابقاً.
ومنهم فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الكنهل، وقد تولى القضاء في عدة أماكن.
ومنهم فضيلة الشيخ عبداللطيف بن شديد×وقد تولى القضاء في عدة أماكن.
ومنهم فضيلة الشيخ سعيد بن عبدالله بن عياش رئيس محكمة خميس مشيط سابقاً.
ومنهم صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن جلال، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدلم.
ومنهم صاحب الفضيلة الشيخ صالح بن هليل، ومنهم الشيخ صالح بن حسين العراقي×ومنهم الشيخ محمد الحسن الفلسطيني×.
ومنهم صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وغيرهم كثير يصعب حصرهم سواءٌ من كان داخل البلاد أو خارجها.
وفي عام 1371هـ انتقل سماحته إلى التدريس في المعهد العلمي في الرياض، ثم انتقل إلى كلية الشريعة واستمر فيها إلى عام 1381هـ.
وكان في تلك الفترة يؤم المصلين في جامع الإمام تركي بن عبدالله×ويقوم بإلقاء الدروس في المسجد، وفي بيته، ويلقي المحاضرات الكثيرة، والكلمات المتنوعة في المناسبات.
وفي عام 1381هـ انتقل إلى المدينة النبوية؛ ليعمل نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية وهو سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم×.
وكان في المدينة يلقي الدروس في المسجد النبوي بين المغرب والعشاء عدا ليلة الثلاثاء.
وكان يلقي المحاضرات، والكلمات، ويكتب في الصحف والمجلات، ويلتقي كثيراً بالطلاب.
وفي عام 1390هـ صدر الأمر الملكي بتعيينة رئيساً للجامعة الإسلامية.
وفي 14/10/1395هـ انتقل إلى الرياض وعين رئيساً لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير.
وفي تلك الفترة تولى إمامة جامع الإمام تركي بن عبدالله، واستمر فيه حتى هدم الجامع المذكور، وبعدما أعيد بناؤه من جديد كتب سماحته لولاة الأمور مقترحاً عليهم أن يعين سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إماما للمسجد المذكور.
كما كان في الوقت نفسه رئيساً لمجالس رابطة العالم الإسلامي، ورئيساً للمجمع الفقهي، والمجلس الأعلى العالمي للمساجد، والمجلس التأسيسي للرابطة.
وفي عام 1414هـ صدر الأمر السامي بتعيينه مفتياً عاماً للمملكة، ورئيساً لهيئة كبار العلماء، ورئىساً للّجنة الدائمة، ورئيساً لرابطة العالم الإسلامي.
ومن أعماله أيضاً، أنه كان رئيساً لدار الحديث الخيرية في مكة المكرمة التي تأسست عام 1352هـ بأمر من الملك عبدالعزيز×.
وهذه الدار مدرسة أهلية تقوم على تبرعات أهل الخير، ويدرس فيها المئات من أنحاء الدنيا، وقبل أكثر من ثلاثين سنة من وفاة سماحته وهو يرعاها، ويجمع لها الأموال من المحسنين ويدفع أجرتها، ويصرف رواتب مدرسيها وطلابها وموظفيها وجميع ما تحتاج إليه.
والدار المذكورة لها مجلس أعلى كان يرأسه سماحة الشيخ×.
وأخيراً بني للدار بناية خاصة بها كافية للدراسة والسكن، وصدر لها أوقاف كثيرة تقوم بحاجتها.
والفضل بعد الله إلى من أسسها، ثم إلى سماحة الشيخ الذي كان يتعاهدها ويرعاها.
وقد نفع الله بهذه الدار كثيراً، فهي تضم القسم المتوسط، والثانوي، والقسم العالي، وقد استفاد منها خلق كثير، صار منهم الأئمة والدعاة، وسيأتي مزيد حديث عنها.
مؤلفات سماحة الشيخ وآثاره العلمية
لقد ترك الشيخ×مؤلفات علمية كثيرة، يصعب حصرها، واستقصاؤها؛ فمنها المكتوب، ومنها المسموع، ومنها المطبوع، ومنها الذي لم يطبع، ومنها ما يشترك به مع غيره ككثير من الفتاوى، إلى غير ذلك من مؤلفاته وآثاره.
اسم الموضوع : سيرة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله الجزء الأول
|
المصدر : .: زاد المسلم :.
