قرأة تحليلية في بعض تقارير أبو أيمن ( مسافر ) عن زيارته لدولة بنجلاديش
الثانية :
وأما الأولى : فيبدولي أنها لإحدى الأسواق العامة والمقامة على إحدى الطرق الرئيسة ، مما يعني أنها من المناطق الحضرية في بنجلاديش وليست من المناطق الريفية النائية ، حيث وصلها الخدمات الأساسية وإن كانت متواضعة.
والمتأمل في الصورة يجد أنه على الرغم مما يحيط بها من المناظر الطبيعية الخلابة من جميع الجوانب ، أصبح هذا المرفق ـ المفترض أن يكون حضارياً ـ يشكل بؤرة قذرة وسط حديقة غناء ، لأنه عبارة عن علب صفيح متراصة بعضها بجانب البعض ، وهي تفتقر إلى أبسط مقومات الحضارة المدنية الحديثة ، ناهيك عن الإشتراطات الصحية اللازم توفرها في مثل هذه الأماكن التي يتم فيها التدوال بالأغذية المخصصة للإستهلاك الآدمي بيعاً وشراءً .
والمضك أنه توجد ، فوق إحد تلك علب الصفيح التي تم إتخاذها محلاًً للبيع والشراء، لوحتان دعائتان كبيرتان لشركة كوكاكولا العملاقة ، مما يعني أن هذه المنطقة وصلها مد الحضارة المدنية المعاصرة في شكلها المعولم وبخاصة الثقافة الإستهلاكية الأمريكية ، والتي أساسها ( الفاست فود ) . ومع ذلك أن مثل هذه الأماكن في بنجلاديش يعج في فوضى عارمة وتخلف عجيب .
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا الإصرار على هذا التخلف ؟ قد يقول قائل لأن البلد فقير وهذا من نتاجه ، ولكن ليس هذا سبب بعينه وإنما هو إشكالية في العقلية البنغالية الضاربة في جذورثقافة المجتمع . نعم قد تكون الحكومات المتعاقبة لم و لن تولي أية إهتمات لتطوير مثل هذه المناطق العشوائية لإعتباراتها السياسية والتي تخلو عادة من الخطط التنموية الطموحة تلامس الإحتياجات الفعلية للمواطنين ، مما يفتقر مثل الأماكن إلى البنى التحية الجيدة ، وهذا لا يمنع أبداً من أن تكون هناك جهود منسقة من قبل الأهالى والأفراد على الأقل وخاصة من ملاك هذه الأسواك ومحلاتها لتطويرها وتحسينها على نحو يليق بإنسان القرن الواحد والعشرين.
ومن زاوية إقتصادية يعد مثل هذه الأماكن من الأماكن الإستراتيجية الهامة لوقوعها في محطات الطرق الرئيسة ، وفي نفس الوقت تتمتع بقدر من البنى التحية وإن كانت هشة ، مما ترتفع فيها القيمة الإيجارية بصورة حادة ، مقارنة بأماكن أخرى في البلاد ، وبالتالي هي مثالية جداً للإستثمارات وجاذبة لها . وهؤلاء الملاك إن إستخدموا منطقهم الإقتصادي الرشيد قليلاً في تعبئة مدخراتهم وإيراداتهم من تلك المحلات بإعادة ضخها من أجل التوسع بها أفقياً أم رأسياً ، لكان ذلك كافياً لحدوث نقلة نوعية في تطوير هذه الأماكن وتحسين صورتها على نحو أفضل ، ولكن يبدو أن العقلية البنغالية تأبى إلا أن تكون رهن هذا التخلف المتأصل .
فمنذ أن بدأ أخونا العزيز( مسافر ) كتابة تقاريره المصورة عن زيارته لدولة بنجلاديش في هذا المنتدى ، فإنني أصبحت من المتابعين لهذه التقارير الرائعة عن كثب ، وعندما أدرج حلقته الثانية من تلك التقارير بعنوان ( حلقة 2 من رحلة بنجلاديش 2010 م كوكس بازار ) ، فإنني إطلعت عليها أكثر من مرة ، وفي كل مرة أخرج بإنطباعات تختلف عما قبل ، فمرة كنت أتأمل في الجانب الجمالي لهذا البلد ، كيف أن الله سبحانه وتعالى منحه جمالاً ساحراً في الطبيعة قل ما نجد له مثيلاً في هذا العالم . ومرة أخرى كنت أتأمل في الجانب البيئي والبشري ، كيف أن الإنسان الذي هو عماد الحركة للنشاط البشري في هذا البلد قد أستطاع التأقلم في بيئة يصعب التكيف ، متخطيئاً كل العقبات في سبيله . ومرة ثالثة كنت أتأمل في الجانب التنموي والإقتصادي ، كيف أن هذا البلد ما زال يرزح تحت تناقضات حضارية وعمرانية مستدامة ، بدلاً من أن تكون هناك تنمية إقتصادية مستدامة . وذلك على الرغم مما يشهده العالم من تحولات حضارية سريعة و متلاحقة على كافة الأصعدة .
وقد إستوقفني مشهدان أو بالأحرى صورتان :
الأولى:
الأولى:
الثانية :
وأما الأولى : فيبدولي أنها لإحدى الأسواق العامة والمقامة على إحدى الطرق الرئيسة ، مما يعني أنها من المناطق الحضرية في بنجلاديش وليست من المناطق الريفية النائية ، حيث وصلها الخدمات الأساسية وإن كانت متواضعة.
والمتأمل في الصورة يجد أنه على الرغم مما يحيط بها من المناظر الطبيعية الخلابة من جميع الجوانب ، أصبح هذا المرفق ـ المفترض أن يكون حضارياً ـ يشكل بؤرة قذرة وسط حديقة غناء ، لأنه عبارة عن علب صفيح متراصة بعضها بجانب البعض ، وهي تفتقر إلى أبسط مقومات الحضارة المدنية الحديثة ، ناهيك عن الإشتراطات الصحية اللازم توفرها في مثل هذه الأماكن التي يتم فيها التدوال بالأغذية المخصصة للإستهلاك الآدمي بيعاً وشراءً .
والمضك أنه توجد ، فوق إحد تلك علب الصفيح التي تم إتخاذها محلاًً للبيع والشراء، لوحتان دعائتان كبيرتان لشركة كوكاكولا العملاقة ، مما يعني أن هذه المنطقة وصلها مد الحضارة المدنية المعاصرة في شكلها المعولم وبخاصة الثقافة الإستهلاكية الأمريكية ، والتي أساسها ( الفاست فود ) . ومع ذلك أن مثل هذه الأماكن في بنجلاديش يعج في فوضى عارمة وتخلف عجيب .
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا الإصرار على هذا التخلف ؟ قد يقول قائل لأن البلد فقير وهذا من نتاجه ، ولكن ليس هذا سبب بعينه وإنما هو إشكالية في العقلية البنغالية الضاربة في جذورثقافة المجتمع . نعم قد تكون الحكومات المتعاقبة لم و لن تولي أية إهتمات لتطوير مثل هذه المناطق العشوائية لإعتباراتها السياسية والتي تخلو عادة من الخطط التنموية الطموحة تلامس الإحتياجات الفعلية للمواطنين ، مما يفتقر مثل الأماكن إلى البنى التحية الجيدة ، وهذا لا يمنع أبداً من أن تكون هناك جهود منسقة من قبل الأهالى والأفراد على الأقل وخاصة من ملاك هذه الأسواك ومحلاتها لتطويرها وتحسينها على نحو يليق بإنسان القرن الواحد والعشرين.
ومن زاوية إقتصادية يعد مثل هذه الأماكن من الأماكن الإستراتيجية الهامة لوقوعها في محطات الطرق الرئيسة ، وفي نفس الوقت تتمتع بقدر من البنى التحية وإن كانت هشة ، مما ترتفع فيها القيمة الإيجارية بصورة حادة ، مقارنة بأماكن أخرى في البلاد ، وبالتالي هي مثالية جداً للإستثمارات وجاذبة لها . وهؤلاء الملاك إن إستخدموا منطقهم الإقتصادي الرشيد قليلاً في تعبئة مدخراتهم وإيراداتهم من تلك المحلات بإعادة ضخها من أجل التوسع بها أفقياً أم رأسياً ، لكان ذلك كافياً لحدوث نقلة نوعية في تطوير هذه الأماكن وتحسين صورتها على نحو أفضل ، ولكن يبدو أن العقلية البنغالية تأبى إلا أن تكون رهن هذا التخلف المتأصل .
قد تكون قراءتي هذه من واقع إنطباع شخصي بحت ، ولكن في نفس الوقت هناك شواهد مماثلة وهي ملموسة لدى الجميع ، إذ من المعروف أن دولة بنجلاديش فمنذ أن تبادلت البعثة الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية قبل أكثر من 32عاماً ، فإنها إتخذت من مبنى قديم ومستأجر مقراً لبعثتها الدبلوماسية في جدة بصورة مؤقتة ، وفي سنوات لاحقة عندما نقلت السفارات الأجنبة إلى العاصمة الرياض ، إستأجرت البعثة البنغالية مقراً آخر لها في أحد أحياء الرياض ، وهو بمواصفات مبنى القنصيلة العتيقة في جدة وبل في وضع أسواء منه قليلاً ، والأشخاص الذين مروا بتجربة مراجعة هذين المقرين للبعثة البنعالية لديهم تجارب مريرة ، وكيف أنهم يعانون من الإزدحام الشديد بسبب ضيق المساحة وعدم توفرأماكن كافية لإستيعاب أعداد متزايدة من المراجعين بداخلهما مما يضطرون إلى الإصطفاف في الشوارع المحيطة بهما وتحت أشعة الشمس الحارقة، مما كان بناء سفارة نموذجية مطلباً ملحاً وعاجلاً منذ أمد طويل .
ومنذ أن أقامت المملكة العربية السعودية الحي الدبلوسي الفخم في إحدى ضواحي مدينة الرياض فإنها وزعت الأراضي لكافة البعثات الأجنبية لإنشاء مقارنموذجية لسفارات بلدانهم في ذلك الحي ، والبعثة البنغالية واحدة منها بطبيعة الحال ، ولم تمضى سنوات قليلة حتى إنتهت كافة الدول من بناء سفاراتهم هناك على أسس معمارية وهندسية حديثة تتلائم مع طبيعة عمل البعثات الدبلوماسية وحتى الدول الأفريقية الفقيرة مثل ساحل العاج وغانا قد نقلت سفاراتها هناك ، إلا أن البعثة البنغالية هي الوحيدة التي عجزت من بناء سفارة لها في هذا الحي إلى يومنا هذا ، والسوال المطروح هنا ، هل كان ذلك بسبب عدم توفر التمويل اللازم ؟ أم لعدم توفر الإرادة السياسية اللازمة ؟ أم هو بسبب طبيعة العقلية البنغالية ؟ وأنا شخصياً أرجح السببين الأخيرين بلاتحفظ .
ومنذ أن أقامت المملكة العربية السعودية الحي الدبلوسي الفخم في إحدى ضواحي مدينة الرياض فإنها وزعت الأراضي لكافة البعثات الأجنبية لإنشاء مقارنموذجية لسفارات بلدانهم في ذلك الحي ، والبعثة البنغالية واحدة منها بطبيعة الحال ، ولم تمضى سنوات قليلة حتى إنتهت كافة الدول من بناء سفاراتهم هناك على أسس معمارية وهندسية حديثة تتلائم مع طبيعة عمل البعثات الدبلوماسية وحتى الدول الأفريقية الفقيرة مثل ساحل العاج وغانا قد نقلت سفاراتها هناك ، إلا أن البعثة البنغالية هي الوحيدة التي عجزت من بناء سفارة لها في هذا الحي إلى يومنا هذا ، والسوال المطروح هنا ، هل كان ذلك بسبب عدم توفر التمويل اللازم ؟ أم لعدم توفر الإرادة السياسية اللازمة ؟ أم هو بسبب طبيعة العقلية البنغالية ؟ وأنا شخصياً أرجح السببين الأخيرين بلاتحفظ .
لأنه لو قلنا مثلاً ، أن هناك مشكلة في التمويل اللازم ، فهل تعلمون كم مليار من الريالات قد إستوفتها البعثة البنغالية كرسوم من المراجعين نظير الخدمات القنصلية التي قدمتها طوال السنوات ألـ 32 الماضية ؟
معادلة بسبطة :
يقدرعدد العمالة البنجلاديشية المقيمة في المملكة في حدود 2 مليون فرد.
يقدرمتوسط مبلغ الرسوم الذي تستوفيه البعثة من كل مواطن بنغالي 100 ريال سنوياً .
يقدرعدد السنوات التي يعمل فيها البعثة البنغالية في المملكة العربية السعودية 30 سنة .
2000000x100x30= 6000000000 ريال ( ستة مليارات )
معادلة بسبطة :
يقدرعدد العمالة البنجلاديشية المقيمة في المملكة في حدود 2 مليون فرد.
يقدرمتوسط مبلغ الرسوم الذي تستوفيه البعثة من كل مواطن بنغالي 100 ريال سنوياً .
يقدرعدد السنوات التي يعمل فيها البعثة البنغالية في المملكة العربية السعودية 30 سنة .
2000000x100x30= 6000000000 ريال ( ستة مليارات )
وبالطبع المبلغ المشار إليه بعاليه يعتبر كأقل تقديرلأن البعثة البنغالية من المؤكد قد حصلت على إيرادات أكثر من ذلك بكثير من خلال عملها في المملكة العربية السعودية طوال العقود الثلاثة الماضية ، وكم من ملبغ كانت في حاجة إليه لبناء سفارة لها على تراب المملكة العربية السعودية ، عشرة ملايين ؟ أم عشرين مليوناً ؟ أليس هذا مبلغاً ضئيلاً يكاد لا يذكر أمام هذا الإيراد الهائل .
ولنستبعد هذا الطرح ونبحث للأمر بدائل أخرى أليس بإمكان هذه البعثة أن تجمع تبرعات من المراجعين طوال هذه السنين لبناء مقردائم لسفارتها بأسلوب حضاري يليق بالبلد وأهله ، ولو أنها فكرت من أجل ذلك إستيفاء ريال واحد فقط كتبرع من كل مراجع طوال السنوات الماضية ، لكان ذلك كافياً لجمع ما يقدر بـ (60) مليوناً من الريالات ، أليس مثل هذا المبلغ كان كافياً لبناء السفارة ، ولكن للأسف هذه هي العقلية السائدة دائماً في هذا البلد، ليس هناك مجال للتخطيط ولا للتدبير ، مما أصبح البلد غارقاً في فوضى عارمة ، وبالتالي إستحق بجدارة لقب( بلد المتناقضات) وفق ما أسماه أخونا العزيز (مسافر ) ، أمة على حالها ضحكت أمم .
ولنستبعد هذا الطرح ونبحث للأمر بدائل أخرى أليس بإمكان هذه البعثة أن تجمع تبرعات من المراجعين طوال هذه السنين لبناء مقردائم لسفارتها بأسلوب حضاري يليق بالبلد وأهله ، ولو أنها فكرت من أجل ذلك إستيفاء ريال واحد فقط كتبرع من كل مراجع طوال السنوات الماضية ، لكان ذلك كافياً لجمع ما يقدر بـ (60) مليوناً من الريالات ، أليس مثل هذا المبلغ كان كافياً لبناء السفارة ، ولكن للأسف هذه هي العقلية السائدة دائماً في هذا البلد، ليس هناك مجال للتخطيط ولا للتدبير ، مما أصبح البلد غارقاً في فوضى عارمة ، وبالتالي إستحق بجدارة لقب( بلد المتناقضات) وفق ما أسماه أخونا العزيز (مسافر ) ، أمة على حالها ضحكت أمم .
أما الصور الثانية : فهي مشهد لصيد السمك في مياه السيول المؤحلة وفي أزقة أحد الأحياء الأهلة بالسكان وقت هطول الأمطار . وبما أن في الأمر غرابة يحتاج له تفسير منطقى ، فإنني ما زلت أبحث له الإجابة، وعلى أمل الحصول على تلك الإجابة فإنني أتركم في رعاية الله ، وأسف على الإطاله
.
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : قرأة تحليلية في بعض تقارير أبو أيمن ( مسافر ) عن زيارته لدولة بنجلاديش
|
المصدر : .: سياحة ورحلات :.
