حمدا لله وصلاة وسلاما على من المبعوث للعالمين رحمة .. وبعد :
إنه لموضوع ثمين ..
كثير من الكلمات العربية نهمل استعمالها حين نكتب أو نخطب أو نحاضر ونحن لا نهجر هذه الكلمات لأننا نجهلها , فهي تجري على ألسنتنا في الدارجة يوميا , بل نتجنبها لأن جريان بعضها في الدارجة يجعلها في نظرنا مبتذلة وبعضها لم تذكره
المعاجم أو لم نطلع عليه في تراثنا الأدبي , فنظنه دخيلا , وهو في الذروة من الأصالة والفصاحة. ومن ذلك:
* خش : في الفصيحة : خشّ في الدار يخُشُّ خشا أي دخل فيها
وخشّ في الناس أي خالطهم وفي الحديث: فخرج رجل يمشي , حتى خشّ فيهم))
* نشّ : النش في الفصيحة الطرد والدفع وتصريفه: نشّ الذباب عن وجهه ينشه نشاً ومثله أيضا هشّ بمعنى واحد
* القشطة: في المعجم هي الزبدة الرقيقة
* زَنَقَ: نقول فلان يزنق على نفسه وعياله أي يضيق عليهم وكذلك الأمر في الفصيحة.
* شافَ : يشوف شوفا . في الدارجة : شاف القمر يشوفه: أي رآه . وشوّفته الحديقة : أريته إياها . وفي الفصيحة نقول: شاف الرجل وجه عروسه أي رآه
ولقد شربت من المدامة بعدما * ركد الهواجر بالمشوف المعلم
أي شربت الخمر بالدينار المجلو..
*عشِم يعشَم عشما: في الدارجة نقول:أعشم في صديقي :أي أطمع وكذلك ,أتعشّم
وأنا عشمان فيه :طمعان وفي الفصيحة:عشِم يعشَم عشْما:طمع وكل التصريفات مقيسة على مثيلاتها في الفصيحة
*فشل: الفشَل: في الفصيحة هو الفزع والجبن والضعف ونحن نستعمل الفشل في الدارجة بمعنى الخيبة وهو استعمال مجازي صحيح بل ربما كان أفصح من الخيبة لإنه يشير الى الخيبة وسببها معا,ومن هنا كانت الكناية والمجاز أبلغ وألطف..
*ساب: تقول العرب ساب العصفور من القفص أو انساب ,وكذلك ساب وانساب الماء من الحوض, أي جرى وأفلت أو انطلق,والسّيب بمعنى العطاء لانّ صاحبه يتركه أو يطلقه لغيره, وقد سمّت العرب أبناءها السائب,والسيّاب,والمسيِّب.
وكان العربي أيام الرق إذا أراد عتق عبد أو جارية قال:هو سائبة فيصير عتيقاً لكننا حين نتفصح لانستعمل منه الا الفعل اللازم:انساب ومايتصرف منه
ومن الطريف أن الشاعر السياب الرائد في شعر الحداثة اشتهر بالشعر السائب أي المطلق بدون قافية وهو الشعر الحر
*شيّال :في الدارجة بمعنى :حمال ,الذي يحمل الأمتعة في الأسواق والشيال استعمال عربي فصيح جاء في لسان العرب: شالت الناقة بذنبها تشوله شولا وشولانا وأشالته واستشالته:أي رفعته ,والمصدر الدال على الحرفة شِيالة مثل حياكة
*التشويش: قال الجوهري:التشويش :التخليط وقد تشوّش عليه الأمر. ونقول في الدارجة مثلاً :صوت إذاعتنا غير واضح لإن إذاعة أخرى تشوّش عليها.
*فَرْشَح:في الفصيحة:فَرشحت الناقة اذا وسعت بين رجليها الخلفيتين متهيئة لان تحلب ونقول في الدارجة:فرشح وتفرشح وجلس مُفرشحا:أي وسع مابين رجليه.
ومن الألفاظ الدارجة أيضا:
*بؤساء جمع (بائس):قامت معركة واسعة حين ترجم الشاعر حافظ ابراهيم رواية عن الفرنسية عنوانها(Les Mserables)للشاعر الروائي فكتور هيجو
وقد ترجم حافظ هذا العنوان بكلمة(البؤساء) بمعنى التعساء فأنكرها عليه كثير
وقالوا:الصواب أن يقول البائسون) جمعاً لبائس وإن كلمة بائس لاتجمع على بؤساء بل (بئيس) بمعنى الشديد في الحرب , وهي في (البأس) أي القوة وليست من (البؤس) بمعنى التعاسة , والقياس عندهم أن (فُعَلاء) جمع (فعيل)
كما يقال شرفاء وشريف ونبلاء ونبيل وعظماء وعظيم , وفاتهم هؤلاء المتفيهقون المتشدقون أن كلمة (بائس) تجمع على (بؤساء) قياساً وأمثالها كثير ومن ذلك: عاقل عقلاء جاهل جهلاء <والجهلاء هم الذين أنكروا على حافظ> باسل وبسلاء شاعر وشعراء صالح وصلحاء. وفاتهم أيضاً أن كلمة (بئيس) تدل على التعاسة أيضاً والتعس لإنها من (المشترك) في اللغة.فهي تجمع على بؤساء قياساً على وفق القواعد المشهورة.
*ينهج (يلهث): نقول في الدارجة: نَهَج الرجل أو ينهج: أي يلهث أو ينبهر
تتابع أنفاسه, وهي كلمة عربية فصيحة ,فقد جاءت بهذا المعنى كثير من المعاجم . فإن (النَّهج) هي : اللهاث أو الربو فيقال: نهج الرجل ينهج نهجاً أي : انبهر ولهث وهذا الفعل لازم لاينصب مفعولا به. ويقال: أنهج الرجل الدابة أي سار عليها حتى انبهرت ويقال: أنهجه الجري أو السِّمن لان السمين ينهج لأقل جهد . والفعل الرباعي(أنهج) يأتي متعدياً كما في قولنا :أنهجه الحنين إلى الأهل . وقد يأتي لازماً كقولك: أنهج الحصان من الجري أي أصيب بالبهر أو الانبهار واللهاث.
*خبز بائت: في الدارجة نصف الخبز والطعام بأنه(بائت) أي صنع قبل ليلة والبائت في الفصيحة هو الذي مضت عليه ليلة .
*الفُسْحة والفُرْجة: الفسحة والفُسح مثل نزهة ونزه ,وزناً ومعنى وهو استعمال فصيح من مادة(ف س ح) بمعنى السَعة.فإذا قلنا: خرج الرجل في فسحة أو هو يتفسح في الحديقة فمعنى ذلك أنه يطلب التوسعة على نفسه ..
ونقول: الطلاب الآن في فسحة: أي في سعة وراحة من الدراسة.
*الفرجة: الفرجة في الدارجة التطلع لأشياء أو أحداث تجذب الاهتمام , ولغوياً يقال: فرجة الدار والجدار والثوب: أي الشق فيه وفرّجت بين الكراسي وسعت بينها والثوب مفرج: أي مشقوق وتفاريجه شقوقه , وفرّج لأخيك في المجلس
وافرج له: أي وسّع له. وفرّج الله كربتك : أي أزالها فاتسعت الحال بعد الضيق ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عنه كربة من كُرَب يوم القيامة. ونقول: حكم القاضي بالإفراح عن المتهم:أي ببرائته من تهمته. وتطلّع النفوس الى الأشياء أو الأحداث يعني أنها تطلب الترويح والتسلية, وليس من الضروري أن يكون المنظر أو الحدث بهيجاً حتى يتطلّع إليه الناس فقد يتطلعون في الشارع على صدام سيارتين كما هو الحال عند الفضوليين. وقديماً أشار (أرسطو) في كتابه <الشعر>إلى أنّ مشاهدة المأساة Tragedy في المسرح تثير الاشفاق وفي ذلك(تطهير) للنفس
فكل سبل الترويح فُرَج تتسع بها النفوس فالوجه الحسن فرجة والكتب فرجة والتأمل فرجة وان لم تكن هناك رؤية لشيء محسوس.
*الاستقطاب: الفعل السداسي(استقطب) ومضارعه يستقطب ومصدره: الاستقطاب , ممايشيع بيننا اليوم على أقلام الكتّاب وهم يستعملونه للدلالة على الجمع أو الاستجماع والمعنى العام لمادة :قطب وكل مايشتق منها هو الجمع
يقال قطّب فهو مقطّب , وقطّب وجهه: زوى وجمع مابين عينيه
والمعنى الآخر للاستقطاب :الاستجماع لمواجهة قطب آخر كقولك:استقطبت أمريكا حلفاءها أي جمعتهم لمواجهة قطب آخر والقطب المغناطيسي: هو الذي يجذب ماحوله من الحديد ولكن في في مقابل قطب آخر يعارضه , والأرض كالجسم المغناطيسي لها قطبان >شمالي وجنوبي< . والسين والتاء في (استقطب) ليستا للطلب مثل: استغفر أي طلب الغفران , ولا للصيرورة مثل:
استنوق الجمل واستحجر الطين أي صار حجراً ولا للدلالة على الرأي مثل:
استحسنه: رآه حسناً , ولكنها تدل على تحقيق الفعل كقولنا:استعرض القائد الجيش أي عرضه.واستجمع قواه أي جمعها .
*التشرد: ينكر بعض الباحثين في اللغة فصاحة كلمة(متشرد) وهو الذي لايعمل مع قدرته على العمل , وحجة المنكرين أن هذه الكلمة لم ترد في المعاجم بهذا المعنى ويقترحون بدلها (شارد) أو (شريد)والصحيح أن لفظة متشرد أفصح لإن الشارد والشريد هو الهارب وأما متشرد فهو المنفرد الذي ينفر عن الجماعات وتنفر منه بينما الشارد هو الذي يهرب من الجماعات وهم
يطلبونه .
*الفرقعة: فرقعة الأصابع مكروهة في الصلاة والفرقعة: الصوت الذي يخرج من أصابع اليد أو الرجل أثناء غمزها أو شدها والفعل (فرقع) يستعمل في الغالب لازماً , وقد يأتي متعدياً فنقول :فرقع الرجل بأصابعه وفرقع أصابعه والفرقعة مجاز مرسل من باب اطلاق السبب على المسبب وتسميته باسمه ونحن اليوم في الدارجة نطلق كلمة الفرقعة على الاصوات الانفجارية ونعدها فصيحة على سبيل المجاز التشبيهي جنساً ونوعاً فإنها أصوات كجنس الاصوات التي تخرج أو تحدث من الاصابع أثناء شدها وغمزها وهي تشبهها نوعاً فهي مثلها انفجارية بل هي أشد انفجاراً.
* الطرب: نحن اليوم لانستعمل كلمة طرب الا بمعنى الفرح والبهجة فنلقب المغنين والمغنيات<المطربين والمطربات> ومن أسماء النساء طروب وكلها تعني الفرح فهل من الصواب تخصيص الكلمة بهذا المعنى وحده كما نفعل؟
هذا ماينكره صاحب القاموس اذ يقول: الطرب:خفة تسرك وتحزنك وتخصيصه بالفرح وهم. فهو من الاضداد في اللغة.
ولاشك أن الفرح والحزن ضدان لايجتمعان في النفس البشرية. ولكن يظهر أن جذورهما في أغوار النفس متحدة أو واحدة وبواعثهما متقاربة, والاوتار التي تصدر الانغام المفرحة هي التي تصدر الانغام المحزنة.
ومن أقدم الملاحظات وأنفذها في هذا الموضوع ما ذكره أرسطو في كتابه (الشعر) عند كلامه عن التراجيديا أو المأساة وهي قمة الفجيعة التي تفعم النفس غما ونكداً حتى تحملها على البكاء غالباً مهما يبلغ المرء أمامها من التوقر والضبط ,فأرسطو يلاحظ أن مهمة المأساة هي التطهير Catharsis)ويدخل فيه غسل النفس من أوضارها وأحزانها وإعادتها إلى الصفاء.
ومهما يكن من معنى الطرب والتباسه, فان هذا لايمنع أن يكون استعماله في أحد المعنيين أشهر من استعماله في المعنى الآخر ولو ضده ثم تأتي خطوة أخرى فيطلق اللفظ على الأشهر حتى يحجب استعماله فيماهو أقل شهرة وهكذا جرى الأمر في استعمال لفظ الطرب
*الحس والحسيس والاحساس:
نقول: أحسّ الرجلُ البرد أو أحسّ به بمعنى شعر به , ونقول أحسّ الحنان أو أحسّ به , فهل يجوز أن نستعمل بهذا المعنى الفعل الثلاثي <حسّ> بعض اللغويين يتزمت وحجتهم أن ماورد في القرآن هو الفعل <أحسّ> ثلاثياً مزيداً بهمزة كما في
الآية الكريمة((فلما أحسّ عيسى منهم الكفر)) والآية((أحسّوا بأسنا)) وقد جاء الفعل الثلاثي المضاعف (( ..فتحسسوا من يوسف وأخيه)) أي تفقدوهما بالتسمع إلى حديث الناس واطلبوا أخبارهما.. أما الفعل الثلاثي المجرد (حسّ) بتشديد السين
فتكوين حرفين, فلم يأت في القرآن الا بمعنى قتل كما في قوله تعالى ((ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسّونهم بإذنه)) أي تقتلونهم بالسلاح ..
ولاشك أنّ القرآن الكريم هو الحجة الكبرى في فصاحة اللغة وبلاغتها ولكن لاشك أنه لم يستوعب كل كلماتها فليس تركه لكلمة دليلاً على عدم فصاحتها ..
لقد جاءت الكلمة بمعان كثيرة ومنها معنى الشعور قال الشاعر:
هل من بكى الدار راج أنْ تحسّ له* أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل
وتَحسّ بفتح التاء للفعل حسّ بمعنى التوجع .
وسحّ المطر : اشتد تتابعه واسم الفاعل من حسحس حسحاس وقد سمّت به العرب
من ذلك: بنو الحسحاس ومنهم الشاعر سحيم عبد بني الحسحاس.
والحواس الخمس الظاهرة :السمع والبصر والشم والذوق واللمس
والحواس الخمس الباطنة: التذكر والفكر والتصور ولفهم والإرادة
وهناك الحس الباطني بمعنى الوجدان
وحس جماعي ومشترك لما يشترك فيه الناس من قيم ومبادىء
وهناك الحدس لا بمعناه اللغوي العام وهو الظن أو التخمين ولكن بمعناه الفلسفي [INTUITION] عند بعض الفلاسفة ويعني: حضور موضوعه الادراك على وجه اليقين دفعة واحدة .
*تكرار لام الكلمة: فعل+ ل = فعلل : يستعمل هذا الفعل لازماً مثل (شعلل الرجل) أي اشتعل , أو التهب غيظاً , ويستمل متعدياً فنقول: شعلل الرجلُ الحطبَ , وفي الفصحى (الشعلول) الشعلة من النار
* صهلل: صهلل المغني , وصهلل السكران , وصهلل السامعون له أي انطلقت أصواتهم استحساناً . والصهل حدة الصوت , والصهيل صوت الخيل , وامرأةٌ صهصلق: حادة الصوت مع السرعة , مأخوذ من الصهيل : حدة الصوت , والولق: السرعة .
* عكنن : حرارة الجو تعكننُ مزاجي , وهذا الرجل مغرم بالعكننة , والمعنى : الانقباض والطي والانطواء من جراء الاساءة أو النكد , وأصل العكننة : ماانطوى وتثنى من لحم البطن سمناً , هذه الطيّات تسمى : العُكَن , وجارية عكناء ومعكننة أي تعكَّن بطنها أو صار ذا عكن..
* شعنن : نقول : هذا الرجل شعنون , وهذه شعنونة بمعنى سريع الثورة ولا يلزم من ذلك أنّه شرس , وفي الفصحى : شَعَرٌ مشعون : أي مشعث الرأس , وبعض الناس لم يزالوا يسمون أولادهم : مشعان.
*الاستراتيجية: المعنى العام للاستراتيجية : التخطيط للحرب . والكلمة الانجليزية [Strategy] التي نعرّبها مأخوذة عن الفرنسية عن أصل أغريقى مركب من كلمتين [Stratos] أي جيش , و[Aga] أي يقود ...
والاسترتيجية علم وفن فهي تشمل تشكيل العمليات الحربية , والمهارة في الاعدا د لها ومعرفة الاهداف واحتمال أقل خسارة ممكنة في الأرواح والأسلحة , والفراغ من الحرب في أسرع وقت مستطاع , وقد تشمل الاستراتيجية أعمالاً أخرى كالتحالف مع قوة ثالثة أو التعاهد على عدم الاعتداء ..
ولاتكفي ترجمت كلمة (الاستراتيجية) بكلمة المنهج أو الخطة أو التخطيط أو البرمجة , وإن كان ذلك جزءاً من معنى الاستراتيجية ...
وقد ترجمت كلمة الاستراتيجية بالكلمة العربية (السَّوقية) بفتح فسكون نسبة الى السّوق ألذي هو مصدر أصلي مثل السياقة وفعله : ساقَ يسوقُ ..
ولا علاقة بين (السوق) مكان البيع والشراء وبين الاستراتيجية.
والكلمة المسيطرة الآن على الألسن والأقلام هي (استراتيجية) وللكلمات حظوظها من الرواج أو الكساد بين الناس .. منقول بتصرف بسيط .
إنه لموضوع ثمين ..
كثير من الكلمات العربية نهمل استعمالها حين نكتب أو نخطب أو نحاضر ونحن لا نهجر هذه الكلمات لأننا نجهلها , فهي تجري على ألسنتنا في الدارجة يوميا , بل نتجنبها لأن جريان بعضها في الدارجة يجعلها في نظرنا مبتذلة وبعضها لم تذكره
المعاجم أو لم نطلع عليه في تراثنا الأدبي , فنظنه دخيلا , وهو في الذروة من الأصالة والفصاحة. ومن ذلك:
* خش : في الفصيحة : خشّ في الدار يخُشُّ خشا أي دخل فيها
وخشّ في الناس أي خالطهم وفي الحديث: فخرج رجل يمشي , حتى خشّ فيهم))
* نشّ : النش في الفصيحة الطرد والدفع وتصريفه: نشّ الذباب عن وجهه ينشه نشاً ومثله أيضا هشّ بمعنى واحد
* القشطة: في المعجم هي الزبدة الرقيقة
* زَنَقَ: نقول فلان يزنق على نفسه وعياله أي يضيق عليهم وكذلك الأمر في الفصيحة.
* شافَ : يشوف شوفا . في الدارجة : شاف القمر يشوفه: أي رآه . وشوّفته الحديقة : أريته إياها . وفي الفصيحة نقول: شاف الرجل وجه عروسه أي رآه
ولقد شربت من المدامة بعدما * ركد الهواجر بالمشوف المعلم
أي شربت الخمر بالدينار المجلو..
*عشِم يعشَم عشما: في الدارجة نقول:أعشم في صديقي :أي أطمع وكذلك ,أتعشّم
وأنا عشمان فيه :طمعان وفي الفصيحة:عشِم يعشَم عشْما:طمع وكل التصريفات مقيسة على مثيلاتها في الفصيحة
*فشل: الفشَل: في الفصيحة هو الفزع والجبن والضعف ونحن نستعمل الفشل في الدارجة بمعنى الخيبة وهو استعمال مجازي صحيح بل ربما كان أفصح من الخيبة لإنه يشير الى الخيبة وسببها معا,ومن هنا كانت الكناية والمجاز أبلغ وألطف..
*ساب: تقول العرب ساب العصفور من القفص أو انساب ,وكذلك ساب وانساب الماء من الحوض, أي جرى وأفلت أو انطلق,والسّيب بمعنى العطاء لانّ صاحبه يتركه أو يطلقه لغيره, وقد سمّت العرب أبناءها السائب,والسيّاب,والمسيِّب.
وكان العربي أيام الرق إذا أراد عتق عبد أو جارية قال:هو سائبة فيصير عتيقاً لكننا حين نتفصح لانستعمل منه الا الفعل اللازم:انساب ومايتصرف منه
ومن الطريف أن الشاعر السياب الرائد في شعر الحداثة اشتهر بالشعر السائب أي المطلق بدون قافية وهو الشعر الحر
*شيّال :في الدارجة بمعنى :حمال ,الذي يحمل الأمتعة في الأسواق والشيال استعمال عربي فصيح جاء في لسان العرب: شالت الناقة بذنبها تشوله شولا وشولانا وأشالته واستشالته:أي رفعته ,والمصدر الدال على الحرفة شِيالة مثل حياكة
*التشويش: قال الجوهري:التشويش :التخليط وقد تشوّش عليه الأمر. ونقول في الدارجة مثلاً :صوت إذاعتنا غير واضح لإن إذاعة أخرى تشوّش عليها.
*فَرْشَح:في الفصيحة:فَرشحت الناقة اذا وسعت بين رجليها الخلفيتين متهيئة لان تحلب ونقول في الدارجة:فرشح وتفرشح وجلس مُفرشحا:أي وسع مابين رجليه.
ومن الألفاظ الدارجة أيضا:
*بؤساء جمع (بائس):قامت معركة واسعة حين ترجم الشاعر حافظ ابراهيم رواية عن الفرنسية عنوانها(Les Mserables)للشاعر الروائي فكتور هيجو
وقد ترجم حافظ هذا العنوان بكلمة(البؤساء) بمعنى التعساء فأنكرها عليه كثير
وقالوا:الصواب أن يقول البائسون) جمعاً لبائس وإن كلمة بائس لاتجمع على بؤساء بل (بئيس) بمعنى الشديد في الحرب , وهي في (البأس) أي القوة وليست من (البؤس) بمعنى التعاسة , والقياس عندهم أن (فُعَلاء) جمع (فعيل)
كما يقال شرفاء وشريف ونبلاء ونبيل وعظماء وعظيم , وفاتهم هؤلاء المتفيهقون المتشدقون أن كلمة (بائس) تجمع على (بؤساء) قياساً وأمثالها كثير ومن ذلك: عاقل عقلاء جاهل جهلاء <والجهلاء هم الذين أنكروا على حافظ> باسل وبسلاء شاعر وشعراء صالح وصلحاء. وفاتهم أيضاً أن كلمة (بئيس) تدل على التعاسة أيضاً والتعس لإنها من (المشترك) في اللغة.فهي تجمع على بؤساء قياساً على وفق القواعد المشهورة.
*ينهج (يلهث): نقول في الدارجة: نَهَج الرجل أو ينهج: أي يلهث أو ينبهر
تتابع أنفاسه, وهي كلمة عربية فصيحة ,فقد جاءت بهذا المعنى كثير من المعاجم . فإن (النَّهج) هي : اللهاث أو الربو فيقال: نهج الرجل ينهج نهجاً أي : انبهر ولهث وهذا الفعل لازم لاينصب مفعولا به. ويقال: أنهج الرجل الدابة أي سار عليها حتى انبهرت ويقال: أنهجه الجري أو السِّمن لان السمين ينهج لأقل جهد . والفعل الرباعي(أنهج) يأتي متعدياً كما في قولنا :أنهجه الحنين إلى الأهل . وقد يأتي لازماً كقولك: أنهج الحصان من الجري أي أصيب بالبهر أو الانبهار واللهاث.
*خبز بائت: في الدارجة نصف الخبز والطعام بأنه(بائت) أي صنع قبل ليلة والبائت في الفصيحة هو الذي مضت عليه ليلة .
*الفُسْحة والفُرْجة: الفسحة والفُسح مثل نزهة ونزه ,وزناً ومعنى وهو استعمال فصيح من مادة(ف س ح) بمعنى السَعة.فإذا قلنا: خرج الرجل في فسحة أو هو يتفسح في الحديقة فمعنى ذلك أنه يطلب التوسعة على نفسه ..
ونقول: الطلاب الآن في فسحة: أي في سعة وراحة من الدراسة.
*الفرجة: الفرجة في الدارجة التطلع لأشياء أو أحداث تجذب الاهتمام , ولغوياً يقال: فرجة الدار والجدار والثوب: أي الشق فيه وفرّجت بين الكراسي وسعت بينها والثوب مفرج: أي مشقوق وتفاريجه شقوقه , وفرّج لأخيك في المجلس
وافرج له: أي وسّع له. وفرّج الله كربتك : أي أزالها فاتسعت الحال بعد الضيق ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عنه كربة من كُرَب يوم القيامة. ونقول: حكم القاضي بالإفراح عن المتهم:أي ببرائته من تهمته. وتطلّع النفوس الى الأشياء أو الأحداث يعني أنها تطلب الترويح والتسلية, وليس من الضروري أن يكون المنظر أو الحدث بهيجاً حتى يتطلّع إليه الناس فقد يتطلعون في الشارع على صدام سيارتين كما هو الحال عند الفضوليين. وقديماً أشار (أرسطو) في كتابه <الشعر>إلى أنّ مشاهدة المأساة Tragedy في المسرح تثير الاشفاق وفي ذلك(تطهير) للنفس
فكل سبل الترويح فُرَج تتسع بها النفوس فالوجه الحسن فرجة والكتب فرجة والتأمل فرجة وان لم تكن هناك رؤية لشيء محسوس.
*الاستقطاب: الفعل السداسي(استقطب) ومضارعه يستقطب ومصدره: الاستقطاب , ممايشيع بيننا اليوم على أقلام الكتّاب وهم يستعملونه للدلالة على الجمع أو الاستجماع والمعنى العام لمادة :قطب وكل مايشتق منها هو الجمع
يقال قطّب فهو مقطّب , وقطّب وجهه: زوى وجمع مابين عينيه
والمعنى الآخر للاستقطاب :الاستجماع لمواجهة قطب آخر كقولك:استقطبت أمريكا حلفاءها أي جمعتهم لمواجهة قطب آخر والقطب المغناطيسي: هو الذي يجذب ماحوله من الحديد ولكن في في مقابل قطب آخر يعارضه , والأرض كالجسم المغناطيسي لها قطبان >شمالي وجنوبي< . والسين والتاء في (استقطب) ليستا للطلب مثل: استغفر أي طلب الغفران , ولا للصيرورة مثل:
استنوق الجمل واستحجر الطين أي صار حجراً ولا للدلالة على الرأي مثل:
استحسنه: رآه حسناً , ولكنها تدل على تحقيق الفعل كقولنا:استعرض القائد الجيش أي عرضه.واستجمع قواه أي جمعها .
*التشرد: ينكر بعض الباحثين في اللغة فصاحة كلمة(متشرد) وهو الذي لايعمل مع قدرته على العمل , وحجة المنكرين أن هذه الكلمة لم ترد في المعاجم بهذا المعنى ويقترحون بدلها (شارد) أو (شريد)والصحيح أن لفظة متشرد أفصح لإن الشارد والشريد هو الهارب وأما متشرد فهو المنفرد الذي ينفر عن الجماعات وتنفر منه بينما الشارد هو الذي يهرب من الجماعات وهم
يطلبونه .
*الفرقعة: فرقعة الأصابع مكروهة في الصلاة والفرقعة: الصوت الذي يخرج من أصابع اليد أو الرجل أثناء غمزها أو شدها والفعل (فرقع) يستعمل في الغالب لازماً , وقد يأتي متعدياً فنقول :فرقع الرجل بأصابعه وفرقع أصابعه والفرقعة مجاز مرسل من باب اطلاق السبب على المسبب وتسميته باسمه ونحن اليوم في الدارجة نطلق كلمة الفرقعة على الاصوات الانفجارية ونعدها فصيحة على سبيل المجاز التشبيهي جنساً ونوعاً فإنها أصوات كجنس الاصوات التي تخرج أو تحدث من الاصابع أثناء شدها وغمزها وهي تشبهها نوعاً فهي مثلها انفجارية بل هي أشد انفجاراً.
* الطرب: نحن اليوم لانستعمل كلمة طرب الا بمعنى الفرح والبهجة فنلقب المغنين والمغنيات<المطربين والمطربات> ومن أسماء النساء طروب وكلها تعني الفرح فهل من الصواب تخصيص الكلمة بهذا المعنى وحده كما نفعل؟
هذا ماينكره صاحب القاموس اذ يقول: الطرب:خفة تسرك وتحزنك وتخصيصه بالفرح وهم. فهو من الاضداد في اللغة.
ولاشك أن الفرح والحزن ضدان لايجتمعان في النفس البشرية. ولكن يظهر أن جذورهما في أغوار النفس متحدة أو واحدة وبواعثهما متقاربة, والاوتار التي تصدر الانغام المفرحة هي التي تصدر الانغام المحزنة.
ومن أقدم الملاحظات وأنفذها في هذا الموضوع ما ذكره أرسطو في كتابه (الشعر) عند كلامه عن التراجيديا أو المأساة وهي قمة الفجيعة التي تفعم النفس غما ونكداً حتى تحملها على البكاء غالباً مهما يبلغ المرء أمامها من التوقر والضبط ,فأرسطو يلاحظ أن مهمة المأساة هي التطهير Catharsis)ويدخل فيه غسل النفس من أوضارها وأحزانها وإعادتها إلى الصفاء.
ومهما يكن من معنى الطرب والتباسه, فان هذا لايمنع أن يكون استعماله في أحد المعنيين أشهر من استعماله في المعنى الآخر ولو ضده ثم تأتي خطوة أخرى فيطلق اللفظ على الأشهر حتى يحجب استعماله فيماهو أقل شهرة وهكذا جرى الأمر في استعمال لفظ الطرب
*الحس والحسيس والاحساس:
نقول: أحسّ الرجلُ البرد أو أحسّ به بمعنى شعر به , ونقول أحسّ الحنان أو أحسّ به , فهل يجوز أن نستعمل بهذا المعنى الفعل الثلاثي <حسّ> بعض اللغويين يتزمت وحجتهم أن ماورد في القرآن هو الفعل <أحسّ> ثلاثياً مزيداً بهمزة كما في
الآية الكريمة((فلما أحسّ عيسى منهم الكفر)) والآية((أحسّوا بأسنا)) وقد جاء الفعل الثلاثي المضاعف (( ..فتحسسوا من يوسف وأخيه)) أي تفقدوهما بالتسمع إلى حديث الناس واطلبوا أخبارهما.. أما الفعل الثلاثي المجرد (حسّ) بتشديد السين
فتكوين حرفين, فلم يأت في القرآن الا بمعنى قتل كما في قوله تعالى ((ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسّونهم بإذنه)) أي تقتلونهم بالسلاح ..
ولاشك أنّ القرآن الكريم هو الحجة الكبرى في فصاحة اللغة وبلاغتها ولكن لاشك أنه لم يستوعب كل كلماتها فليس تركه لكلمة دليلاً على عدم فصاحتها ..
لقد جاءت الكلمة بمعان كثيرة ومنها معنى الشعور قال الشاعر:
هل من بكى الدار راج أنْ تحسّ له* أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل
وتَحسّ بفتح التاء للفعل حسّ بمعنى التوجع .
وسحّ المطر : اشتد تتابعه واسم الفاعل من حسحس حسحاس وقد سمّت به العرب
من ذلك: بنو الحسحاس ومنهم الشاعر سحيم عبد بني الحسحاس.
والحواس الخمس الظاهرة :السمع والبصر والشم والذوق واللمس
والحواس الخمس الباطنة: التذكر والفكر والتصور ولفهم والإرادة
وهناك الحس الباطني بمعنى الوجدان
وحس جماعي ومشترك لما يشترك فيه الناس من قيم ومبادىء
وهناك الحدس لا بمعناه اللغوي العام وهو الظن أو التخمين ولكن بمعناه الفلسفي [INTUITION] عند بعض الفلاسفة ويعني: حضور موضوعه الادراك على وجه اليقين دفعة واحدة .
*تكرار لام الكلمة: فعل+ ل = فعلل : يستعمل هذا الفعل لازماً مثل (شعلل الرجل) أي اشتعل , أو التهب غيظاً , ويستمل متعدياً فنقول: شعلل الرجلُ الحطبَ , وفي الفصحى (الشعلول) الشعلة من النار
* صهلل: صهلل المغني , وصهلل السكران , وصهلل السامعون له أي انطلقت أصواتهم استحساناً . والصهل حدة الصوت , والصهيل صوت الخيل , وامرأةٌ صهصلق: حادة الصوت مع السرعة , مأخوذ من الصهيل : حدة الصوت , والولق: السرعة .
* عكنن : حرارة الجو تعكننُ مزاجي , وهذا الرجل مغرم بالعكننة , والمعنى : الانقباض والطي والانطواء من جراء الاساءة أو النكد , وأصل العكننة : ماانطوى وتثنى من لحم البطن سمناً , هذه الطيّات تسمى : العُكَن , وجارية عكناء ومعكننة أي تعكَّن بطنها أو صار ذا عكن..
* شعنن : نقول : هذا الرجل شعنون , وهذه شعنونة بمعنى سريع الثورة ولا يلزم من ذلك أنّه شرس , وفي الفصحى : شَعَرٌ مشعون : أي مشعث الرأس , وبعض الناس لم يزالوا يسمون أولادهم : مشعان.
*الاستراتيجية: المعنى العام للاستراتيجية : التخطيط للحرب . والكلمة الانجليزية [Strategy] التي نعرّبها مأخوذة عن الفرنسية عن أصل أغريقى مركب من كلمتين [Stratos] أي جيش , و[Aga] أي يقود ...
والاسترتيجية علم وفن فهي تشمل تشكيل العمليات الحربية , والمهارة في الاعدا د لها ومعرفة الاهداف واحتمال أقل خسارة ممكنة في الأرواح والأسلحة , والفراغ من الحرب في أسرع وقت مستطاع , وقد تشمل الاستراتيجية أعمالاً أخرى كالتحالف مع قوة ثالثة أو التعاهد على عدم الاعتداء ..
ولاتكفي ترجمت كلمة (الاستراتيجية) بكلمة المنهج أو الخطة أو التخطيط أو البرمجة , وإن كان ذلك جزءاً من معنى الاستراتيجية ...
وقد ترجمت كلمة الاستراتيجية بالكلمة العربية (السَّوقية) بفتح فسكون نسبة الى السّوق ألذي هو مصدر أصلي مثل السياقة وفعله : ساقَ يسوقُ ..
ولا علاقة بين (السوق) مكان البيع والشراء وبين الاستراتيجية.
والكلمة المسيطرة الآن على الألسن والأقلام هي (استراتيجية) وللكلمات حظوظها من الرواج أو الكساد بين الناس .. منقول بتصرف بسيط .
اسم الموضوع : إنه لموضوع ثمين .. ذو ثمر سمين ..
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.
