ثقافة الاعتذار " تلك الفضيلة الغائبة "
"آسف" .. " اعذرني " .. "أعتذر عما بدر مني " ألفاظ كثيرة للاعتذار أصبحت غريبة على مسامعنا لانكاد نسمعها من المخطئ , هذا إن اعترف من الأصل بخطئه .
والعجيب أنه على عظم إعلاء تعاليم الإسلام لفضيلة الاعتذار لا نجد لها صدى أو انعكاسا على أرض الواقع في سلوك الأفراد والجماعات والمجتمعات فما "التوبة" إلا التعبير الأسمى عن "ثقافة الاعتذار"
يبقى لنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عاتبه الله في عبد الله بن أم مكتوم، الذي نزلت فيه سورة "عبس". ففي موقف الرسول من ابن أم مكتوم بعد نزول الآية خير دليل على ضرورة مراجعة الإنسان لأفعاله مهما كان مركزه ومهما علا قدره، لأن الاعتراف بالحق فضيلة. فقد روى الثوري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى بن أم مكتوم بعد ذلك يبسط له رداءه ويقول: "مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، هل من حاجة؟". كما استخلفه على المدينة في غزوتين غزاهما الرسول ليدلل له على مكانته لديه.
وفي كتاب " كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء" يؤكد ديل كارينجي على أهمية الاعتذار في توطيد علاقة الإنسان بالمحيطين به وتعزيز مكانته لديهم، فيقول: "إذا عرفنا أننا مخطئون وسلمنا بالهزيمة لا محالة فلما لا نسبق الشخص الآخر إلى التسليم بذلك؟ أليس من الأفضل أن نكون نحن من نوجه النقد لأنفسنا بدل أن يوجهه لنا الشخص الآخر؟". مضيفا: "كل أحمق يستطيع الدفاع عن أخطائه، أما أن تسلم بأخطائك فهذا هو سبيلك إلى الارتفاع فوق درجات الناس وإلى الإحساس بالرقي والسمو".
وهناك من قسم الناس في ادراكهم لثقافة الاعتذار الى 3 أصناف :
الأول: هم من يمتلكون شجاعة الاعتذار السريع أي مراجعة النفس مباشرة عند وقوع الخطأ الغير مقصود أو السلوك السلبي عند حالة الغضب .
الثاني: هم الذين يعتذرون بعد مراجعة النفس وهو ما يأتي متأخرا نوعا ما، بعد أن يقضي المخطئ حالة مراجعة للموقف ومحاسبة النفس.. وقد يبدى اعتذارا رسميا أو يدبر موقفا غير مباشر ليبين رغبته في تصحيح سلوكه.
أما النوع الثالث : هو ما نعانيه في مجتمعاتنا وفي منتدانا هذا ، وهنا الشخص مدرك تماما لحجم أخطاءه , لكنه يكابر و يمتنع عن الاعتذار .. ويطالب الناس أن تتقبله كما هو .
و بلا شك ان النوع الثالث من الناس يعاني من ضعف الشخصية، وعدم القدرة على مواجهة المواقف
.. وكذلك يمكن ان نصفة بـ " الغرور"..فليس عيبا أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب أن نستمر في الخطأ ونصر عليه .
وفي كتاب " فن االاعتذار " للدكتور عبدالله ابراهيم الكعيد يقول فيه : الناس في الغرب يتعاملون بمنتهى اللطف، فقلما تجد أحداً يخطىء إلا ويغمرك بالاعتذارات بل ويحاول التعويض عمّا ارتكبه من خطأ أو تقصير في حقك، ويصل بهم الأمر إلى تقديم الاعتذار حتى وهم يؤدون واجباتهم الرسمية مثلاً يطرق أحدهم باب منزلك من أجل توصيل خدمة مطلوبة فيبدأ بالاعتذار عن الإزعاج بقوله: "اعتذر عن إزعاجك سيدي في هذا الوقت ولكن لديّ موعد لتوصيل خط الهاتف إلى منزلك فهل تسمح لي القيام بذلك"..!! أو يوقف رجل شرطة المرور مخالفاً فيبدأ بالقول: "أنا آسف لإيقافك سيدي ولكنك قد خالفت النظام فهل تسمح لي بالإطلاع على أوراقك".
يقول د.يحيي الرخاوي أستاذ الطب النفسي "أسلوب التربية في معظم المجتمعات يدعم فكرة رفض الاعتذار عموما. ويزيد من ذلك الرفض لدى الذكور على الاعتبار الخاطئ أن الاعتذار يعني انتقاصا من الرجولة، والرجل يقبل بأي شئ إلا الانتقاص من رجولته "
وهو حسب وجهة نظري يرى أن الاعتذار قد يقلل من هيبته أو مكانته الاجتماعية خاصة لمن يعتقد أنه يملك منصبا او مكانة اعلى من غيره , فالإعتذار عند هؤلاء هو انتقاص لمكانتهم وسطوتهم الاجتماعية والاصح انه نوع من الديكتاتورية والمركزية في التعامل مع بقية الأفراد "ولكن لايشعرون".
واخيرا
عذرا على إسهابي في الحديث .. ولكن احساسي بالظلم الذي تعرضت له في المنتدى جعلني " أفش غلّي" في هذه المقالة .
أم عمير المكّيّة .
"آسف" .. " اعذرني " .. "أعتذر عما بدر مني " ألفاظ كثيرة للاعتذار أصبحت غريبة على مسامعنا لانكاد نسمعها من المخطئ , هذا إن اعترف من الأصل بخطئه .
والعجيب أنه على عظم إعلاء تعاليم الإسلام لفضيلة الاعتذار لا نجد لها صدى أو انعكاسا على أرض الواقع في سلوك الأفراد والجماعات والمجتمعات فما "التوبة" إلا التعبير الأسمى عن "ثقافة الاعتذار"
يبقى لنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عاتبه الله في عبد الله بن أم مكتوم، الذي نزلت فيه سورة "عبس". ففي موقف الرسول من ابن أم مكتوم بعد نزول الآية خير دليل على ضرورة مراجعة الإنسان لأفعاله مهما كان مركزه ومهما علا قدره، لأن الاعتراف بالحق فضيلة. فقد روى الثوري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى بن أم مكتوم بعد ذلك يبسط له رداءه ويقول: "مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، هل من حاجة؟". كما استخلفه على المدينة في غزوتين غزاهما الرسول ليدلل له على مكانته لديه.
وفي كتاب " كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء" يؤكد ديل كارينجي على أهمية الاعتذار في توطيد علاقة الإنسان بالمحيطين به وتعزيز مكانته لديهم، فيقول: "إذا عرفنا أننا مخطئون وسلمنا بالهزيمة لا محالة فلما لا نسبق الشخص الآخر إلى التسليم بذلك؟ أليس من الأفضل أن نكون نحن من نوجه النقد لأنفسنا بدل أن يوجهه لنا الشخص الآخر؟". مضيفا: "كل أحمق يستطيع الدفاع عن أخطائه، أما أن تسلم بأخطائك فهذا هو سبيلك إلى الارتفاع فوق درجات الناس وإلى الإحساس بالرقي والسمو".
وهناك من قسم الناس في ادراكهم لثقافة الاعتذار الى 3 أصناف :
الأول: هم من يمتلكون شجاعة الاعتذار السريع أي مراجعة النفس مباشرة عند وقوع الخطأ الغير مقصود أو السلوك السلبي عند حالة الغضب .
الثاني: هم الذين يعتذرون بعد مراجعة النفس وهو ما يأتي متأخرا نوعا ما، بعد أن يقضي المخطئ حالة مراجعة للموقف ومحاسبة النفس.. وقد يبدى اعتذارا رسميا أو يدبر موقفا غير مباشر ليبين رغبته في تصحيح سلوكه.
أما النوع الثالث : هو ما نعانيه في مجتمعاتنا وفي منتدانا هذا ، وهنا الشخص مدرك تماما لحجم أخطاءه , لكنه يكابر و يمتنع عن الاعتذار .. ويطالب الناس أن تتقبله كما هو .
و بلا شك ان النوع الثالث من الناس يعاني من ضعف الشخصية، وعدم القدرة على مواجهة المواقف
.. وكذلك يمكن ان نصفة بـ " الغرور"..فليس عيبا أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب أن نستمر في الخطأ ونصر عليه .
وفي كتاب " فن االاعتذار " للدكتور عبدالله ابراهيم الكعيد يقول فيه : الناس في الغرب يتعاملون بمنتهى اللطف، فقلما تجد أحداً يخطىء إلا ويغمرك بالاعتذارات بل ويحاول التعويض عمّا ارتكبه من خطأ أو تقصير في حقك، ويصل بهم الأمر إلى تقديم الاعتذار حتى وهم يؤدون واجباتهم الرسمية مثلاً يطرق أحدهم باب منزلك من أجل توصيل خدمة مطلوبة فيبدأ بالاعتذار عن الإزعاج بقوله: "اعتذر عن إزعاجك سيدي في هذا الوقت ولكن لديّ موعد لتوصيل خط الهاتف إلى منزلك فهل تسمح لي القيام بذلك"..!! أو يوقف رجل شرطة المرور مخالفاً فيبدأ بالقول: "أنا آسف لإيقافك سيدي ولكنك قد خالفت النظام فهل تسمح لي بالإطلاع على أوراقك".
يقول د.يحيي الرخاوي أستاذ الطب النفسي "أسلوب التربية في معظم المجتمعات يدعم فكرة رفض الاعتذار عموما. ويزيد من ذلك الرفض لدى الذكور على الاعتبار الخاطئ أن الاعتذار يعني انتقاصا من الرجولة، والرجل يقبل بأي شئ إلا الانتقاص من رجولته "
وهو حسب وجهة نظري يرى أن الاعتذار قد يقلل من هيبته أو مكانته الاجتماعية خاصة لمن يعتقد أنه يملك منصبا او مكانة اعلى من غيره , فالإعتذار عند هؤلاء هو انتقاص لمكانتهم وسطوتهم الاجتماعية والاصح انه نوع من الديكتاتورية والمركزية في التعامل مع بقية الأفراد "ولكن لايشعرون".
واخيرا
عذرا على إسهابي في الحديث .. ولكن احساسي بالظلم الذي تعرضت له في المنتدى جعلني " أفش غلّي" في هذه المقالة .
أم عمير المكّيّة .
اسم الموضوع : ثقافة الاعتذار .. تلك الفضيلة الغائبة !!
|
المصدر : .: ساحة الرأي :.
