أخي ( الرائع ) : كما رأيتَ في الكتابة السابقة حرصتُ أن أدعم كل نقطة منها بما يشهد لها من البينات والوقائع لأخرج من تبعات الدعاوى العارية ، ولا ألومك هنا على أسلوبك لأني أدرك أن وقع تلك الحقائق المدعومة بشواهدها كان أليماً عليك، لأنها كانت كالشمس في رابعة النهار حتى من في عينه رمد لا يمكنه إنكارها، ولأن الحجج لا تستجدي العقول وإنما تصدع في سويدائها !
ولكني لا أعاملك بمثل أسلوبك ليثبُت للقارئ تفوقي عليك في العلم والخُلق .
أوّلاً : توضيح خطئك في نقل حديث : ( لا يحتكر إلا خاطئ ) :
فقد عزوتَه إلى مسلم والترمذي وأبي داود بلفظ ( لا يحتكر إلا مخطئ ) !
ولم يرو واحد منهم بهذا اللفظ ، وإنما رووه بلفظ ( لا يحتكر إلا خاطئ ) كما نقلتُه سابقاً ، ورواه مسلم أيضاً بلفظٍ آخر ( من احتكر فهو خاطئ )،
وفرقٌ كبير بين الخاطئ والمخطئ ، فالخاطئ المذنب المتعمد ، والمخطئ غير المتعمد ، والقرآن الكريم فرّق بينهما في الحكم فقال في حق الخاطئة ( واستغفري لذنبكِ إنكِ كنت من الخاطئين ) ، بينما قال في حق المخطئ ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) .
والأخ الرائع بنقله الخاطئ قد وقع في تحريف الحديث !
ثانياً : توضيح خطئك في فهم معنى الحديث ( لم أستشهد به إلا بعد الرجوع إلى المتخصصين في الشريعة من أحبابنا في الجاليه):
الاحتكار معناه : حبس كل ما يتضرر الناس بحبسه من حقوق وأقوات وسلع .
فالحديث بلفظيه يفيد تحريم الاحتكار في كل شيء يلحق الناس بحبسه ضرر ، وذلك لعموم قوله e ( لا يحتكر ) و ( من احتكر ) ، فلم يقيد الاحتكار بشيء معين فيتناول كل ما يحتكر ، وقد أفاد السادة العلماء أن حذف المفعول يدل على العموم ، كما أفادوا أن الواجب في فهم اللفظ الشرعي العام هو التمسك بعمومه حتى يرد المخصص ، وقد تأيد هذا العموم بحكمة النهي عن الاحتكار وهي دفع الضرر عن الناس بمنع الاحتكار المؤدي إلى التضييق عليهم وإيقاعهم في الحرج ،
وهذا قول مالك والثوري وأبي يوسف وابن حزم والصنعاني والشوكاني .
الأخ ( الرائع ) : ولا شك ولا ريب أن اسم الجالية البرماوية حق عام مشاع بين جميع أفرادها، فمن حبسه لنفسه ومنع مستحقيه منه فهو داخل في عموم الاحتكار الخاطئ ؛ لأنه مضر بأصحاب الحقوق .
الأخ ( الرائع ) : أوليس استشهادي كان بدليل له أقوى صلة بموضوعي الموسوم بالاحتكار !!
وأكيد الآن دريتَ إيش أقصد بقولي :
( وإذا كان الجواب بنعم فمن أعطى تلك الطائفة حق الاحتكار أهي الجاليةأو الطائفة ذاتها هي من احتكرت من تلقاء نفسها هذا الحق بغير وجه حق فتكون قد وقعت في نهي النبي صلى الله عليه وسلم
( لا يحتكر إلاخاطئ) )
وأكيد لم يخطر ببالك ولم يدر بخلدك يوماً ولا لحظة مثل هذا النور الإلهي، الذي اتضح به الآن الداعية من الدعي ، والعالم من المتعالم !
فهنيئاً لك بهذه الأنوار المجانيات من بركات القرآن والقراءات !
وكما رأيت لا إقحام لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير موضعه ، ولا قياس فاسد الاعتبار .. ولا اقتباسما يجي حتى بالدف ؟؟؟
الأخ ( الرائع ) : أتريد أن تعلم لماذا خصص النووي تحريم الاحتكار بالأقوات خاصة ؟ لأن النووي شافعي المذهب ، ومذهب الشافعية تخصيص الاحتكار بالأقوات خاصة ؛ لحديث أبي أمامة : نهى أن يحتكر الطعام .
وأجاب عنه العلماء بأنه لا تعارض بين هذا الحديث والحديث السابق؛ لأن حكمهما واحد وهو النهي عن الاحتكار فلا يخصص هذا الحديث عموم الحديث السابق ، لأن التخصيص حيث يخالف حكمُ الخاص حكمَ العام ، وأما حيث لا مخالفة فلا تخصيص ، وأن التنصيص على بعض أفراد العام ( كالطعام في حديث أبي أمامة ) بنفس حكم العام لا يقتضي تخصيصه، ولهذا قرروا القاعدة المشهورة ( التنصيص لا يقتضي التخصيص ) .
وأما تفسير سعيد بن المسيب للاحتكار بإمساك الطعام ؛ فلأنه كان يحتكر النوى والخَبَط والبِزْ كما قال أبو داود، وقد أجاب عنه العلماء بأن العبرة بما رواه الراوي لا بما رآه ، على أن الحافظ البيهقي وغيره حمل مخالفته للحديث على احتكار لا ضرر فيه .
الأخ الرائع : ويلاحظ عليك في كلامك خلطك بين مذهبي النووي وسعيد ابن المسيب وعدم تمييزك بينهما مع أن بينهما فرقاً ، فمذهب النووي منع الاحتكار في الأقوات سواء كان قوت آدمي أم بهيمة ، بينما ابن المسيب مذهبه منع الاحتكار في قوت الآدمي فقط ، وبه أخذ الحنابلة .
ثانياً : الأخ ( الرائع ): بعد أن شبعتَ ضحكاً من قولي : [وتتيقن الناس من كافة أطوار المجتمع أنّ كل واحد منا ليس له إلا قائد واحدهوكفيله المواطن ]
أسألك ببساطة :
1- من جدد لك إقامتك المنتهية ؟
2- من جدد لك رخصة عملك المنتهية ؟
3- من كفل أخاك من الترحيل بعد الإفراج عنه ؟
اختر الإجابة الصحيحة : كفيلكم أم أبو الشمع !
الأخ ( الرائع ) : أنا أتكلم عن واقع حقيقي ، وأنت تتكلم عن خيال لا حقيقة له !
أخي إذا أثبتت دعواك بالمستندات فأبشر بالذي يسرك ، وقبله فلا تطالبني بما لا حق لك فيه لا شرعاً ولا نظاماً !
الأخ ( الرائع ) : ألا تعتقد أنك تفتقد الصلاح بسلوكك غير طريق المصلحين في أقوالك وأفعالك ، فأنت القائل :
1- ( فيا مرجعيةالمتهافتين ) !
2- (ولوترك للناس الحكم على هؤلاء الشامتين لحكموا على بعضهم بالجلد والرفس على عقوقه الذي اشتهر به ) !
3- (أو على الأقل أن يكون لهم وجودأو ظهور في مسرح الأحداث ولو بتحميل وتنزيل الكراتين )
4- (ولا تلوم إلاّ نفسك)
أخي مع أن الله يقول ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم )
ألا ترى أنك تتوعدنا في ذيول جميع كتاباتك كأنك مالك زمام أمورنا، وفي الحقيقة أنت لا تملك زمام نفسك ! وتعلم وحدك ما أعني .
الأخ ( الرائع ) : قلتَ في موضوع آخر : ( وللجميع أن يتساءل لماذا حوت هذه المجالس كلّ هؤلاء ولم تسعها أمثال بعض الشامتين الذين نصبوا أنفسهم لإصدار الأحكام على الناس ، ؟!)
وأنا أتساءل هنا : لماذا لا يتسع صدرك ولسانك لاحترام الرأي الآخر الذي لم يصدر عن فراغ بل يستند إلى الحجج والوقائع !
بينما نجد خير هذه الأمة أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما ولي الخلافة بإجماع الصحابة قال في خطبته المشهورة متواضعاً : ( وإن أخطأتُ فقوموني ) ألا يسعك التأسي بسلفك ! لماذا تعتبر بيان أخطائك بالدليل والوقائع شماتة وإصداراً للأحكام ! وهل تريد المتضرر من أخطائك أن يشاركك فيها ! وهل يشترط في إبداء النصح مشاركة المنصوح له في عمله !
الأخ ( الرائع ) : قلتَ في موضوع آخر : ( ثمّ من باب الإنصاف أليس من العقل أن يبادر كلّ من رأى نفسه أنّه أولىمن هؤلاء كلّهم ،، بالصدارة والإصلاح وإنقاذ الجالية قبل غيرهم)
الأخ ( الرائع ) : ألا ترى أن جميع الصالحين في الجالية يصلحون جاليتهم بصلاحهم وإصلاحهم وإن لم يكن عن طريقك ! أو أنت لا تعتبر الإصلاح إصلاحاً إلا إذا كان عن طريقك لأنك ترى أنك المتصدر في الإصلاح والمنقذ للجالية ! مع أني أستغرب كثيراً منك كيف تريد أن تصلح الجالية وأنت لا تعرف لغتها ! ولم أرك يوماً في حيّنا رغم أني أعيش في قمة الجبل لا يخفى علي من فيه !
ثم هلا تُعرّف الجالية من أي غرق أنقذتها لتحظى بدعواتها لك في صلواتها ؟
1-هل أخرجت المساجين من سجونهم ؟
2-هل جددت لمن مُنع من تجديد إقامته ؟
3-هل صححت أوضاع من يحتاج إلى تصحيحه؟
أم رحمات حكومتنا الرشيدة هي من أنقذت الجالية بعد رحمة الله تعالى .
ولوقلت لي : سعيتُ في ذلك .
أقول لك : جزاك الله خيراً وكتب لك أجرك و ( ما على المحسنين من سبيل )
الأخ ( الرائع ) : إذا كنت محسناً ومحتسباً ومتطوعاً ألا ترى أن هذه الأوصاف الجميلة يناقضها تماما مطالبتك للجالية بالثمن حين تتحول بين عشية وضحاها إلى آمر وناهٍ في الجالية ، تحل وتعقد وتعطي وتمنع ما لاتملك !
الأخ ( الرائع ): ألا تعتقد أنك أحياناً تبالغ في وصف عملك بالإنقاذ والميدان والبصمات والتصدير وووو ....! ألا تخشى عليه من الرياء فيذهب أجره !
أخي الكريم : إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ، والله ورسوله منه بريئان ،وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يغفر لي ولك ولجميع المسلمين ، وأن يجعل ما مضى من أعمارنا حجة لنا ، ويجعل ما بقي في مرضاته وطاعاته ، وأن يؤلف بين قلوبنا ، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يرحم جاليتنا بكل خير ويدفع عنها كل مكروه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .