الغلو في علي رضي الله عنه باعتقاد علمه الغيب وإجابته الدعاء وهو في قبره ، ودعاء غير الله من الأولياء والأئمة ، والقول بنقص القرآن ، وتكفير الصحابة كأبي بكر وعمر، أو تفسيقهم ، والقول بالعصمة كفر أكبر مخرج من الملة ، لكن لا يمكن الحكم على أفراد طائفة تنتحل هذه العقائد إلا إذا اعترف بها المعين منهم ، فإن لم يعترف وجب استصحاب صحة إسلامه بنطق الشهادتين ، وهذا غير ما يقوله الأئمة بأن نطقها لا ينفع صاحبها إذا أتى بمكفر خلافا لغلاة المرجئة ؛ لأن ما ذكره الأئمة إنما هو فيمن نطقها وظهر منه هو مكفر معين ، ولم يقولوا بأنه يكفر ـ ولو لم يظهر منه مكفر ـ بمجرد انتسابه إلى تلك الفرقة إلا إذا نصوا على ذلك صراحة ، ولا أعلمه عن إمام ؛ بل نصوصهم على خلافة ، وإنما يقع الارتباط بين تكفير الطائفة ، وبين تكفير كل منتسب إليها في الذهن فقط ، ولا دليل عليه من الشرع ولا من العقل ؛ بل هما ينفيانه ؛ لأن فيه مؤاخذة للمرء بفعل غيره ، وهذا ما يبطله الشرع والعقل معا ، والتقية لا تغير من الحكم شيئا ؛ لأن المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يستعملونها ، وكان يعلم الكفر عن أعيانهم ، ولم تمنع هذه التقية من إجراء أحكام الإسلام الظاهرة عليهم . والله أعلم .