طارق اركاني
New member
- إنضم
- 21 مايو 2010
-
- المشاركات
- 902
-
- مستوى التفاعل
- 2
-
- النقاط
- 0
- العمر
- 42
-
- الموقع الالكتروني
- www.ahashare.com
كل إنسان يمر بمراحل عمرية مختلفة، ولكل مرحلة جمالها. وزينة المرء شخصيته سواء في مرحلة الطفولة أو الشباب أو الشيخوخة، وفي كل مرحلة يعمل على إثبات شخصيته من خلال عمله وفكره. ففي بداية الحياة تجده يعمل على تحقيق طموحه، وتكون الحياة سعيدة عندما تبدأ بالحب وتنتهي بالطموح، فكل له غرض يسعى ليدركه والحر يجعل إدراك العلا غرضاً، ويتحقق الطموح بالصبر وبذل الجهد وترك العجلة في إدراك النتيجة. قال تعالى: «خلق الإنسان من عجل» (الأنبياء 37).
والإنسان الموفق هو الذي يزن الأمور بميزان الإسلام والعدل في كل شيء، فلا يظلم أحداً ولا يعتدي على حق أحد من أجل تحقيق ما يتمناه، ويكون كما جاء في الحديث: «وشاب نشأ في عبادة الله»، فالشاب الذي هذب سلوكه وتربى تربية سليمة تجده يخطو خطوات واثقة بنصر الله له وتحقيق ما يتمناه.
وكذلك المرأة التي تحيا فترة الشباب في أحضان تعاليم الإسلام تجدها قوية في إيمانها، قوية في الحق بغير اعتداء على حق أحد، بل تجدها دائماً تميل إلى فعل الخير وإيصاله إلى أهله ويكون التوفيق بإذن الله حليفها.
وعندما يكبر الإنسان ويتقدم به العمر تجد فيه الرزانة والاستقرار والالتزام بما جاء به الإسلام حتى وإن كان في مرحلة الشباب لاهياً، وعندما يصل إلى سن الستين وهو المعتاد في دنيا الناس وخاصة الموظفين، تجده وهو يترك العمل كأن الدنيا قد انتهت.
وهذا تصور خاطئ، بل هي بداية لحياة جديدة تتطلب من الإنسان أموراً يقوم بها كالعمل الصالح في دنياه، والذي يقابله في الآخرة، وهناك مجالات كثيرة للعمل الصالح المفيد للشخص وللآخرين، المهم أن يبدأ الإنسان وسيكون التوفيق حليفه بإذن الله، وهذه فترة اجتهاد لتجويد العمل وإتقانه بهمة ونشاط.
والإنسان الموفق هو الذي يطرد الوساوس ويقبل على الحياة، فالأعمار بيد الله، فكم من معمِّر عاش أطول من شاب توفاه الله في مقتبل حياته. فللشباب وجه جميل وللشيخوخة روح جميلة، والبعض يولدون شيوخاً والآخرون يموتون شباباً، كما قال شكيب أرسلان. ويقول أبو العلاء المعري:
والشيبُ أزهارُ الشباب فماله
يُخفى وحُسن الروضِ في الأزهار
فالإنسان العاقل هو الذي ينهض ولا يستسلم لوساوس الشيطان ويحمد الله تعالى على توفيقه طوال حياته ويطرق باب عمل آخر أو يحترف مهنة خاصة، وعند ذلك سيجد توفيق الله له، فكم من أثرياء حققوا ثراءهم بعد الستين وعاشوا شباباً دائماً في كل حركاتهم، لم ييأسوا ويقولوا كما يردد بعض المنهزمين نفسياً إننا أصبحنا كخيل الحكومة محكوم عليها بالإعدام.
واعلم أن الشيخوخة بآلامها وآمالها خير من شباب بلا أمل كما قيل، وشيخوخة الرجل تفرض الاحترام وشيخوخة المرأة تفرض اللباقة كما قال بعضهم.
ولقد قيل: اعلم أن للشباب وجها جميلا وللشيخوخة روحا جميلة.
فانهض أخي في الله واستقبل حياة جديدة بروح جديدة وثقة في تأييد الله لك، ولا تجلس في البيت واضعاً يدك على خدك، بل فكر وابتدع واقرأ كثيراً وتعرّف على قصص السابقين كي تتعرف على اجتهادهم طوال حياتهم واحمد الله على نعمة الصحة والأولاد، فقد يعوضك الله خيراً في أحد الأبناء، فقف بجواره وغذيه بأفكار مشروع جديد تجد فيه نفسك وتحقق فيه حلمك.
قال بعضهم: الحياة عندي بدأت في الثمانين، معها شعرت بأنني لا أزال ذلك الشاب الذي خرج إلى نفسه في موج البحر.
ولنا في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام العظة والعبرة، الذي قال كما جاء في القرآن الكريم: «الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق إن ربي لسميع الدعاء» (إبراهيم 39).
ويقول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: «خير الناس من طال عمره وحسن عمله».
اسم الموضوع : التقدم في العمر يفرض الاحترام للإنسان
|
المصدر : .: زاد المسلم :.