من أدب الخلاف والتعامل مع المخالف

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

البسيط

New member
إنضم
28 أكتوبر 2010
المشاركات
30
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكةالمكرمة


من أدب الخلاف والتعامل مع المخالف

للتعامل مع المخالفين قواعد وآداب قررها أهل العلم ويمكن من خلال النظر في النصوص الشرعية وأقوال أهل العلم استلهام جملة منها.
أولاً / الإنصاف مع المخالف:
فإن الاختلاف في الرأي لا يمكن أن يكون مؤدياً إلى فتنة ، أو مورثاً لفرقة إلا إذا صاحبه بغي أو هوى كما قال تعالى : ( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ).
قال ابن القيم : ( من قواعد الشرع والحكمة أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل من غيره ويعفى عنه ما لا يعفى من غيره فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث .. وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم أن من له ألوف الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين وكما قيل :
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
ثانياً / مراعاة المصالح والمفاسد :
إن من قواعد الشريعة تحمل أدنى المفسد يكن لدرء أعلاهما ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات وأكبر الأصنام ولا يغيرها وترك المنافقين ولم يقتلهم مع ثبوت كفرهم لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه .
قال ابن القيم : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله ، فإنه لا يسوغ إنكاره وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله ).
ولا يمكن تبين المصالح والفاسد وحقائقها إلا لمشارك في الحال ، أما الناظر من بعيد فإنه لا يتصور ذلك على وجهه .
ثالثاً / معرفة لغة المتكلم وحقيقة رأيه :
فإذا جهل الإنسان حقيقة قول المتكلم ومقصده من اصطلاحاته حمله غير مقصوده ، ولذا قال ابن تيمية : ( وكثير من الناقلين ليس قصده الكذب ، لكن المعرفة بحقيقة أقوال الناس من غير نقل ألفاظهم ، وسائر ما به يعرف مرادهم قد يتعسر على بعض الناس ويتعذر على بعضهم).
وقال السبكي: ( كثيراً ما رأيت من يسمع لفظةً فيفهمها على غير وجهها فيغير على الكاتب والمؤلف ومن عاشره واستن بسنته .. مع أن المؤلف لم يرد ذلك على الوجه الذي وصل إليه هذا الرجل )
لعل من هذا الباب ما نُقل أن الإمام أحمد قال : ما زلنا نلعن أهل الرأي ويلعنوننا حتى جاء الشافعي فخرج بيننا .
رابعاً : التثبت :
فالاستعجال في إصدار الأحكام تصرف يوقع صاحبه للزلل والخطأ ، ولذا جاء الشرع بالأمر بالتثبت والتبيّن كما قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ(.
والمراد بالتبيّن: التعرّف والتبصر والأناة وعدم العجلة حتى يتضح الأمر ويظهر ، وهذا يحصل في النقل والمنقول. فأما النقل فبالتحقق من صدق الناقل وسلامته ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( بئس مطية الرجل زعموا ).
ولذا قال ابن تيمية :( من أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسمّ القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على الكذب ) .
وأما المنقول فلا بد أن يتثبت الناقد أن المنقول لا وجه له في الصحّة يقتضي قبوله وهذا ما سبق في فهم كلام المتكلم وحقيقة مراده .
خامساً: لزوم آداب الشرع .
فإن في سلوك الأدب تخلصاً من آثار الخلاف السيئة ومنعاً لتضخمها وهذه الآداب كثيرة، منها:
1- إحسان الظن بالمخالف فقد أمرنا الله بذلك) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً ).
2- ومنها الخضوع للحق ولو نطق به الخصم كما قال الشافعي: ما ناظرت أحداً إلا قلت: اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته .
3- الستر على المخطئ فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الستر فقال:(ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) متفق عليه. ومن هذا أن يبين الخطأ دون التعرض لشخص المخطئ وهذا نهج أثري منقول في قول المصطفى في كثير من الأحوال ، ما بال أقوام.
منقول مختصرا من مقالة الشيخ هاني الجبير في موقع التبصرة
 
أعلى