المدينة المنورة 10 صفر 1432 هـ الوافق 14 يناير 2011 م و اس
أوضح فضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة ان الله قد قضى وقدر بعلمه وحكمته وقدرته ان تكون هذه الحياة الدنيا ميدانا للخير والشر وللحسنات والسيئات والصراع فيها بين حزب الله المفلحين وبين حزب الشيطان الخاسرين منذ اوجد الله آدم عليه السلام في هذه الارض وقد علم الله في الأزل مالخلق عاملون وفي الاخرة يجازي الله ويثيب على الحسنات اعظم الثواب برضوانه وجنات النعيم ويعاقب على الكفر والنفاق والسيئات باعظم العقاب بغضبه وعذاب الجحيم ، // ولا يظلم ربك احدا // .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة إن امة محمد صلى الله عليه وسلم وارثة الكتاب وآخر الامم وسنة الله تجري على كل احد فليس بين الخالق والخلق إلا سبب الطاعة ، قال الله تعالى // فهل ينظرون إلا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا // .
وبين الشيخ الحذيفي ان الساعة قد اقتربت باهوالها وان الدنيا قد دنا زوالها وان الفتن قد وقعت بظلالها فكونوا من الشرور حذرين وللحق والخيرات ملازمين ، جاء في الحديث " شر الايام الايام التي تليها الساعه " ، وان هذه الامة شاهدت وستشاهد فتنا كقطع الليل المظلم لا ينجي منها إلا الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولزوم جماعة المسلمين وامامهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " انه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وان امتكم هذه جعل عافيتها في اولها وسيصيب اخرها بلاء وامور تنكرونها وتجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم آلاخر وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه ومن بايع اماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع فان جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر " ، ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام " فليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه " أي فليعامل الناس المعاملة الحسنة ببذل الخير وكف الشر ولا يمنعهم حقوقهم ولا يعتدي عليهم في دم ولا مال ولا عرض .
وأضاف فضيلته ان الفتن نوعان خاصة وعامة فالفتنة الخاصة التي تنزل بالفرد في نفسه او دينه او ماله او ولده ونحو ذلك والفتنة العامة ما يعم شره المجتمع ويضره ، ومعنى الفتنة هي النازلة التي تضر الدين او الدنيا بذهاب دين المسلم بالكلية او بنقصه او بذهاب دنياه بالكلية او بنقصها ، كما تطلق الفتنة ايضا على ما يعطي الله الانسان من متاع الدنيا وزينتها ، مشيرا فضيلته الى ان العبرة بما بعد الفتنة فان انكشفت الفتنة المكروهة وقد سلم للمسلم دينه او ازداد ايمانا وخيرا فقد نجاه الله من شر عظيم واثابه ثواب الصابرين وان شكر الله على النعم اثابه ثواب الشاكرين وان اعرض عن الشكر عاقبه الله عقاب الغافلين المعرضين ، مبيناً فضيلته أن الفتن الخاصة التي تنزل بالفرد يدفعها الله ويصرفها عنه بالصلاة والتقوى والصدقة والدعاء وترك المعاصي والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واما الفتنة العامة التي يعم ضررها الامة يصرفها الله عن الامة ويدفعها باتقاء اسبابها وان اعظم ما يدفع الله به الفتن العامة والعقوبات النازلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو حارس المجتمع من كل شر ورذيلة والمرغب له في خير وفضيله فالمجتمع الذي يسود فيه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي يحفظه الله وينجيه من العقوبات المدمرة وعليه اذا من امر بالمعروف ونهى عن المنكر نجا ومن ترك ذلك هلك .
ومضى امام وخطيب المسجد النبوي قائلا / إننا محاربون في عقيدتنا التي هي سعادتنا في الدنيا والاخرة ومحاربون في شبابنا الذين هم قوام مجتمعنا فصار يتكلم في العقيدة من لا صلة له بالعلم ويفتي من لا علم له بالفقه ويتكلم في مسائل الدين من لا تخصص له في علوم الشريعة ويطعن في العلماء الراسخين الذين تدور عليهم الفتوى فيصاب الاسلام بسهام الجهل مع ما يصاب به من سهام الكفر والنفاق كما اننا محاربون في شبابنا باستهدافهم بالمخدرات التي تمسخ العقول وتدمر الاخلاق وتفسد الحياة وتقطع اواصر القربى وصلات المجتع ووشائجه وتهدم الاسلام في النفوس وتميت غريزة حب الوطن ومحاربون في شبابنا بالفكر التكفيري الضال وباراء الخوارج الذين ذمهم الكتاب والسنة ، وقد اختطف هذا الفكر الضال شبابا من الذكور والاناث من بين احضان ابويهم وزج بهم في متاهات وحيرة واوقعهم في عظائم من الامور التي يأباها الاسلام ولعياذب بالله من عقوق الوالدين واستباحة الدماء والاموال وعصيان ولي الامر وقطيعة الارحام ومخالفة العلماء وترك جماعة المسلمين / .
وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشباب من هذه الفتن الضالة وان يعملوا عقولهم في هذه الفتنة وان يفكروا جيدا فان التبس عليهم الامر فليسألوا اهل الفتوى وهيئة كبار العلماء وآئمة الحرمين وان يستنصحوا والديهم وقراباتهم وان لا يغتروا بمن يوجهونهم الى دمارهم فهم يحققون اهدافا ومصالح لاعداء الاسلام شعروا او لم يشعروا وان يفحصوا تاريخ من يوجههم لتظهر لهم الحقائق والفرصة مهيئة لرجوعهم الى الصواب وتسليم انفسهم الى ولاة امرهم الذين يرعون مصالح الامة ومهيئة لاجتماعهم بذويهم ولهم تجربة ماثلة فيمن هداهم الله فرجعوا الى الحق وجمع الله شملهم بذويهم واندمجوا مع مجتمعهم المسلم ورعى مصالحهم ولاة الامر ومن لم يرجع الى الحق والصواب فمثله كمثل النعجة التي تطرد الذئب وصاحبها يطاردها لينقذها منه وهي تعدو وراءه فان ادركها صاحبها نجت وإلا افترسها الذئب ، مبديا فضيلته في هذا السياق تعجبه ممن يرى طاعة مشبوه ومفتون بالبدعة ولا يرى طاعة والديه وولي امره واقربائه والتذكر والانابة جعلها الله من صفات اولي الالباب .
واختتم فضيلته خطبته بالقول إن الغفلة والإصرار على الباطل من صفات المعرضين والله تبارك وتعالى بين الحجة وبين للناس الطريق فما على المسلم إلا ان يسلك طريق السلف رضي الله تبارك وتعالى عنهم ومن افتى المسلم بان هذا جهاد فقد غرر به وان هذا جهاد في سبيل الشيطان وليس بجهاد في سبيل الرحمن ومن قتل نفسه يظن انه سيدخل الجنة فانه قاتل نفسه ظلما وعدوانا ومن قتل نفسه بحديدة فهو يقتل بها نفسه وانه في نار جهنم ومن قتل نفسه بالسم فانه يتحساه في نار جهنم .