ابن ذكير
New member
كيف أتعامل مع ولدي الذي لا يصلي ولا يستجيب لنصحي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا بحمد الله عز وجل أمام أمٍّ مكافحة صاحبة همٍّ ورعاية عظيمة لهذه الأمانة التي قد قلدها الله تعالى في عنقها.. إنك بالفعل تستعظمين أمر هذه الأمانة التي جعلها الله تعالى بين يديك، فأنت إلى جانب الغريزة الفطرية التي لديك كأم حانية ووالدة شفوق، فأنت كذلك تخافين من الوقوف أمام الله تعالى للسؤال عن هذه الذرية وأمر رعايتها، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم:
( كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) الحديث متفق على صحته. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
وأما عن هذه المشكلة التي تعانين منها فإنك أنت بنفسك قد لمست جوانب من التأثيرات التي أدت إلى ظهور هذا العناد الزائد من ابنك، فلاحظي أنك بدأت رسالتك بالإشارة إلى أن والدة زوجك كانت تطلب منك أن تعاقبي الولد وأن تضربيه ولكن دون أن يكون ذلك واقعًا منها أو من زوجك، وبالفعل رأى الولد أن أمه هي الوحيدة التي تقسوا عليه وربما كان الضرب منك كثيرًا أو شديدًا، بالإضافة إلى ذلك أيضًا أن طبيعتك ليست قريبة من ولدك، فقد أشرت إلى أنك لا تستطيعين أن تقبلي أولادك أو أن تحضينهم، فحصل له نفور وشعور بأن أمه قاسية، وربما بالعقل الصغير الذي لديه ظنَّ أن أمه لا تحبه!.. هذا مع محاولتك الحثيثة إلزامه بالصلاة وبما يصلح شأنه في الدراسة، فصرت في نظره فقط مجرد مصدرة للأوامر التي لا يحبها، ولهذا رأيت منه هذا النفور من جهة ورأيت منه أيضًا عنادًا شديدًا بسبب ما يظنه هو انتصارًا لنفسه وبسبب عدم قيام زوجك بمتابعته معك متابعة تعين على تربيته كما أشرت في كلامك الكريم.
ومع أن الوضع فيه شيء من الحرج بالنسبة لك نظرًا لما تعانينه من ظروف صعبة سواء كانت في علاقاتك الأسرية أو المادية، إلا أنك بحمد الله قادرة على أن تخرجي من هذه المعاناة فلتبدئي بهذه الخطوات:
1- قال الله تعالى عن عباده الصالحين دعاءً مخبتًا خاشعًا، فقال الخليل عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}، وقال عباد الرحمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}. وقال العبد الصالح: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.. فليكن هذا هو شأنك الدعاء والتضرع لله تعالى مستعينة به ملقية بحملك عليه منزلة حاجتك به، فما خاب من رجا الله.
2- لابد من تهدئة نفسك.. فإنك بحاجة إلى أن تخففي من شدة انفعالك وإن كنا نقدر الأسباب الباعثة على هذا الانفعال، فأنت بالفعل أمٌّ وزوجة وابنة مكافحة فتقومين بعمل عظيم وهذا ليس لمجرد الثناء عليك وتطييب خاطرك ولكنه بحمد الله واقع مشهود، ومع هذا فلابد من الحذر البالغ من الإمعان في هذه الأشغال والذهاب عن نفسك حتى لا تقعي في أمورٍ مقلقة تجعلك مهمومة حزينةً وربما تصلين إلى مرحلة تشعرين فيها بالعجز الكامل، فأرفقي بنفسك وخذي بقسط من الراحة ورتبي أعمالك وابدئي بنفسك فأعطها حظها من الراحة والنزهة البريئة ومن ارتداء الملابس التي تشعرك بأنك زوجة وحبيبة وبأنك سعيدة في حياة الزوجية، فلابد من الالتفات إلى هذا المعنى؛ فإن العاقل كما لا يخفى عليك يعامل نفسه معاملة الطفل الذي يريد أن يوصله إلى إكمال الطريق وإتمام الغاية، والراحلة إذا أُتعبت وأُنهكت بالمسير انقطعت عن السفر، فلابد من إراحتها، فانتبهي لهذه المعاني.
3- عليك بجلسة مصارحة مع زوجك، وخذيه بالرفق وخذيه بألين عبارة لتبيني له عظيم الخطر الذي يتعرض له ولدكم بالمشاركة في شبكة المعلومات على هذا النحو، فإنه سيكون عرضة لأن تتخطفه المواقع المحرمة والمشاهد الساقطة لاسيما وهو في مرحلة يكثر فيها التطلع والرغبة في الاكتشاف بل وتفتح الغرائز، فلابد من رعاية الأمانة وأن تتضافر جهودكما، فركزي على هذا المعنى مع زوجك وخذيه بالرفق واللطف.
4- عليك بأن تغيري من أسلوب معاملتك مع أولادك عمومًا، وهذا يقتضي منك تدرجًا في التغير، فليس المطلوب أن تنتقلي نقلة واحدة لتغيري من جميع تصرفاتك، ولكن بالتدرج والتلطف، فابدئي بأولادك الصغار، فمنذ هذه اللحظة عامليهم بشيء من إظهار الحنان.. ونحن نقول (إظهار) لأنك بالفعل أُمٌّ حنون ولكن لم تتعودي على إظهار هذا الحنان الكامن في نفسك، فابدئي بالصغيرة فضميها إلى صدرك وبينك وبين نفسك وقدمي لها قطعة حلوى ثم قبليها، وكذلك في ابنتك الأخرى خذيها إلى جانبك وكلميها وأثناء كلامك معها اقتربي منها وضعي يدك على كتفيها وفي نهاية الحديث قبليها على خدها وقولي لها: قومي يا حبيبتي فاعملي كذا وكذا لأمر عادي كأن تذهب للعب مع أختها ونحو ذلك، واستمري على هذا الأسلوب وكرريه كل يوم ونوعي من الأساليب في ذلك.
وأما عن ولدك فخذيه مرة إلى جانبك وكلميه بعبارات لطيفة كأن تقولي (يا بني يا حبيبي خذ هذه الهدية اشتريتها لك - ولو كانت هدية صغيرة فسيقول لك: وما المناسبة؟ فقولي له: لا مناسبة؛ فقط لأني أمك التي تحبك وتحرص عليك). وفي مرة أخرى جالسيه وتكلمي معه عن شؤونك الخاصة وعن إرهاقك وعن تعبك في العمل مثلاً وكأنك تبثين إليه همومك ولا تطيلي عليه، وفي محاولة أخرى احكي له كيف عانيت في حمله وولادته ومع هذا فقد كنت فرحة مسرورة به، وكل ذلك بأسلوب عفوي وتجنبي كثرة إلقاء الأوامر لاسيما في حال انشغاله وانهماكه في اللعب أو فيما يشغله، وجالسيه تارة أخرى فكلميه عن الصلاة بأسلوب الترغيب والترهيب ولا تكثري عليه، وأيضًا فانتقلي إلى الخطوة الخامسة وهي:
5- أن تحرصي على أن يكون لولدك صحبة صالحة بحيث تكون زياراتكم إلى بعض الأسر التي لديها أولاد صالحون أصحاب أخلاق وأدب، والمقصود أن عليك أن توازني بين إظهار مشاعرك وعواطفك ليشعر أولادك بقربك منهم وحنانك عليهم وبين القيام بواجب التربية والإرشاد والنصح، ولابد في جميع ذلك من معاونة زوجك والوقوف بجانبك.
فاستعيني بالله وتوكلي عليه واحرصي على العمل بهذه الخطوات وستجدين أثرها بإذن الله، ونود أن تعيدي الكتابة إلى الشبكة الإسلامية بعد شهر من العمل بهذه الخطوات لمتابعة هذه الحالة مع التكرم بالإشارة إلى رقم هذه الاستشارة، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.
موقع حكيم
اسم الموضوع : كيف أتعامل مع ولدي الذي لا يصلي ولا يستجيب لنصحي؟؟
|
المصدر : .: بيوت مطمئنة :.