أبو هيثم الشاكر
مراقب سابق
كنت خارجا من أحد المساجد، فرأيت عند موضع الأحذية شيخا هرما منزويا بجانب الباب، قد خطّت السنون في جبينه، وعبثت الأيام بنضارة وجهه، وكأنني أقرأ في تجاعيد خدوده آثار الحرمان الذي طالما عانى منه.
جلس يتكفف الناس، والحيرة بادية في طرْفه الذي يكاد يختفي وراء شعرات الحاجب المرتخية التي هي الأخرى لم تسلم من ضربات الأيام الموجعة حتى ابيضت وتكسّرت.
أوشك المسجد أن يخلو من المصلين، وما في كفّه درهم يتعوض به عن ماء وجهه الذي اضظرته الحاجة إلى بذله.
يا من بخلت على هذا البائس بفضلة دريهمات قد خرجت أضعافها من جيبك إلى جيوب أصحاب الملاهي والمقاهي، هل ضمنت تجدد الرخاء؟ هل اتخذت عند الله عهدا أن لا يبتليك بالشدة؟ ألم يكن الله قادرا على أن يعافي هذا الفقير ويصيبك ببعض بلائه؟
أأمِنْتَ أن يسلمَ أبوك أو أخوك أو ابنك من عوادي الأيام فتسلبه رغد العيش فيؤول أمره إلى حال مثل هذا المسن المحتاج؟
ألم يكن الأحرى بهؤلاء المصلين أن يكونوا كما ظنّهم هذا المسكين؟ فقد رآهم صفوة الناس فلجأ إلى ركنهم ينشد لقمة يتبلغ بها.
بلى، لقد كان من حقه أن تنهال عليه عبارات الاعتذار من إخوانه المصلين، حيث لم يتفقدوا أحوال المحتاجين، فأخرجت الحاجة إليهم مثل هذا المسن وذلُّ المسألة يعتصر قلبه، ومرارة الحزن على صغاره الجياع تنسكب من مقلتيه، فربما انسلّ من بينهم وهم يتقلبون جوعا على أمل أن يعود إليهم بفتات رغيف يدرك به رمقهم، ويسكت به لوعة سغبهم.
فهلا إذْ تغافلنا عنه ولم نستر حاله على الأقل- أعَدْنا البسمة إلى ثغره، والبشر في وجهه، ليعود إلى صغاره بالأمل الذي خرج به من بينهم، وبالفرج الذي ينتظرون قدومه معه.
بقلم/ ابن صديق خالد
جلس يتكفف الناس، والحيرة بادية في طرْفه الذي يكاد يختفي وراء شعرات الحاجب المرتخية التي هي الأخرى لم تسلم من ضربات الأيام الموجعة حتى ابيضت وتكسّرت.
أوشك المسجد أن يخلو من المصلين، وما في كفّه درهم يتعوض به عن ماء وجهه الذي اضظرته الحاجة إلى بذله.
يا من بخلت على هذا البائس بفضلة دريهمات قد خرجت أضعافها من جيبك إلى جيوب أصحاب الملاهي والمقاهي، هل ضمنت تجدد الرخاء؟ هل اتخذت عند الله عهدا أن لا يبتليك بالشدة؟ ألم يكن الله قادرا على أن يعافي هذا الفقير ويصيبك ببعض بلائه؟
أأمِنْتَ أن يسلمَ أبوك أو أخوك أو ابنك من عوادي الأيام فتسلبه رغد العيش فيؤول أمره إلى حال مثل هذا المسن المحتاج؟
ألم يكن الأحرى بهؤلاء المصلين أن يكونوا كما ظنّهم هذا المسكين؟ فقد رآهم صفوة الناس فلجأ إلى ركنهم ينشد لقمة يتبلغ بها.
بلى، لقد كان من حقه أن تنهال عليه عبارات الاعتذار من إخوانه المصلين، حيث لم يتفقدوا أحوال المحتاجين، فأخرجت الحاجة إليهم مثل هذا المسن وذلُّ المسألة يعتصر قلبه، ومرارة الحزن على صغاره الجياع تنسكب من مقلتيه، فربما انسلّ من بينهم وهم يتقلبون جوعا على أمل أن يعود إليهم بفتات رغيف يدرك به رمقهم، ويسكت به لوعة سغبهم.
فهلا إذْ تغافلنا عنه ولم نستر حاله على الأقل- أعَدْنا البسمة إلى ثغره، والبشر في وجهه، ليعود إلى صغاره بالأمل الذي خرج به من بينهم، وبالفرج الذي ينتظرون قدومه معه.
بقلم/ ابن صديق خالد
اسم الموضوع : (وأطعموا البائس الفقير)
|
المصدر : .: زاد المسلم :.
