أبو هيثم الشاكر
مراقب سابق
لا تُرجِّ اليومَ فضْلَا=وانْشُدَنْ حقًّا وعدْلَا
إنْ تَحُزْ بعضَ حقُوقٍ=فاحْذَرَنْ أن تستقِلَّا
في زمانٍ عُدَّ فيهِ=ردُّ حقِّ الناسِ بَذْلَا
حسبُك استيفاءُ حقٍّ=بعدَه لا ترجُ نَفْلَا
إنما الدنيا بلاءٌ=ما بِها مَنْ ليسَ يُبْلَى
قصدَ البُلْبلُ غُصْنًا=فيه عُنقودٌ تَدلَّى
قالَ والجوفُ خَلِيٌّ:=مِنكَ جَوْفي اليومَ يُمْلَا
ودَنا مِنْه لَيَجْنِيْ=فأبى العنقودُ: كلَّا
ابتعدْ عنّيَ حتّى=تغسلَ المنقارَ غَسْلَا
بعدَهُ أقْبِلْ إليْنا=مرحبًا أهْلا وسهْلَا
فأتى جدْولَ ماءٍ=كلُجَينٍ يتلَأْلَا
قرّبَ المنقارَ منهُ=ليصيحَ الماءُ: مهْلَا
أبعدِ المنقارَ واغْرِفْ=مُدْلِيًا دَلْوًا وسَجْلَا
لستُ أُقْصيكَ لِحِقدٍ=لا ولا شُحًّا وبُخْلَا
طار في الأرْجاء يرجو=أيَّ دلوٍ فيه يُدلَى
فإذا الصانِعُ يبغي=منه طينًا ليسَ وَحْلَا
قصدَ المسْكينُ أرضًا=لمْ تُغَثْ عامَينِ وَبْلَا
تُرْبُها جلمودُ صَخرٍ=ليسَ يرجو مِنه نَيْلَا
فغدا للثَّورِ يبغي=قرنَهُ مَنًّا وفضْلَا
فإذا الثورُ شحيحٌ=يبتغي بَقْلًا وحَقْلَا
يا لذا المسكينِ هلْ مِنْ=مُشْفقٍ يُعْطِيه سُؤْلَا
فأتَى الحَدّادَ يَبْغِي=مِنجَلًا يَحْصُد بَقْلَا
قال يا بُلبلُ ما لِيْ=لا أرى عندَكَ عَقْلَا
تُهلِكُ النفسَ لِنَيْلٍ=بِرِضا العُنقودِ أكْلَا؟
قال يا نافخَ كِيرٍ=لا تلُمْنِي فِيه عذْلَا
هلْ ترى العاشقَ يَألُو=في سبيلِ الوصْلِ بذْلَا؟
كيف لو كنتَ زمانًا=لِترى مَجْنونَ لَيْلَى
قال يا طائرُ فاذْهبْ= وأْتِني بالنارِ مَهْلَا
فمضَى البُلبلُ يَعْدُو=لِلجِناحينِ اسْتَقَلَّا
يبتغي جذْوةَ نارٍ=وسْطَ دارٍ تتجلَّى
فإذا المُوقِدُ فَظٌّ=بِضَعيفٍ يَتسَلَّى
يُوسِعُ المسكينَ نتْفًا=ثمّ لَكْمًا ثمّ ركْلَا
بعدَ ما ذاقَ عذابًا=لَقَطَ الْجمْرَ ووَلَّى
كلّما اشتدّ أذاهُ=رَدَّهُ للرِّجْلِ نَعْلَا
هكذا أضْحى لَظاهُ=يَقتلُ المسكينَ قَتْلَا
ظلّ هذا الجمرُ يُفنِي=جسمَه حتّى اضْمَحَلَّا
فإذا القَلبُ المُعنَّى=ودَّعَ الدُّنْيا والَاهْلَا
لمْ يُمَنِّ النفسَ إثمًا=أو يرُمْ ما ليسَ حِلَّا
بلْ سَعَى سَدًّا لِجُوعٍ=واشْتهَى قِطْفًا تَدَلَّى
هَكَذا الدُّنْيا شَقاءٌ=لضعيفٍ عاشَ ذُلَّا
وشديدُ البأسِ فِيها=حظُّهُ القِدْحُ المُعَلَّى
لا تَكنْ فَظًّا غَليظًا=وامْنَحِ المَحْرومَ سُؤْلَا
كم سخيِّ الكفِّ يَعْلُو=عابدًا صامَ وصَلَّى
بقلم العضو
إنْ تَحُزْ بعضَ حقُوقٍ=فاحْذَرَنْ أن تستقِلَّا
في زمانٍ عُدَّ فيهِ=ردُّ حقِّ الناسِ بَذْلَا
حسبُك استيفاءُ حقٍّ=بعدَه لا ترجُ نَفْلَا
إنما الدنيا بلاءٌ=ما بِها مَنْ ليسَ يُبْلَى
قصدَ البُلْبلُ غُصْنًا=فيه عُنقودٌ تَدلَّى
قالَ والجوفُ خَلِيٌّ:=مِنكَ جَوْفي اليومَ يُمْلَا
ودَنا مِنْه لَيَجْنِيْ=فأبى العنقودُ: كلَّا
ابتعدْ عنّيَ حتّى=تغسلَ المنقارَ غَسْلَا
بعدَهُ أقْبِلْ إليْنا=مرحبًا أهْلا وسهْلَا
فأتى جدْولَ ماءٍ=كلُجَينٍ يتلَأْلَا
قرّبَ المنقارَ منهُ=ليصيحَ الماءُ: مهْلَا
أبعدِ المنقارَ واغْرِفْ=مُدْلِيًا دَلْوًا وسَجْلَا
لستُ أُقْصيكَ لِحِقدٍ=لا ولا شُحًّا وبُخْلَا
طار في الأرْجاء يرجو=أيَّ دلوٍ فيه يُدلَى
فإذا الصانِعُ يبغي=منه طينًا ليسَ وَحْلَا
قصدَ المسْكينُ أرضًا=لمْ تُغَثْ عامَينِ وَبْلَا
تُرْبُها جلمودُ صَخرٍ=ليسَ يرجو مِنه نَيْلَا
فغدا للثَّورِ يبغي=قرنَهُ مَنًّا وفضْلَا
فإذا الثورُ شحيحٌ=يبتغي بَقْلًا وحَقْلَا
يا لذا المسكينِ هلْ مِنْ=مُشْفقٍ يُعْطِيه سُؤْلَا
فأتَى الحَدّادَ يَبْغِي=مِنجَلًا يَحْصُد بَقْلَا
قال يا بُلبلُ ما لِيْ=لا أرى عندَكَ عَقْلَا
تُهلِكُ النفسَ لِنَيْلٍ=بِرِضا العُنقودِ أكْلَا؟
قال يا نافخَ كِيرٍ=لا تلُمْنِي فِيه عذْلَا
هلْ ترى العاشقَ يَألُو=في سبيلِ الوصْلِ بذْلَا؟
كيف لو كنتَ زمانًا=لِترى مَجْنونَ لَيْلَى
قال يا طائرُ فاذْهبْ= وأْتِني بالنارِ مَهْلَا
فمضَى البُلبلُ يَعْدُو=لِلجِناحينِ اسْتَقَلَّا
يبتغي جذْوةَ نارٍ=وسْطَ دارٍ تتجلَّى
فإذا المُوقِدُ فَظٌّ=بِضَعيفٍ يَتسَلَّى
يُوسِعُ المسكينَ نتْفًا=ثمّ لَكْمًا ثمّ ركْلَا
بعدَ ما ذاقَ عذابًا=لَقَطَ الْجمْرَ ووَلَّى
كلّما اشتدّ أذاهُ=رَدَّهُ للرِّجْلِ نَعْلَا
هكذا أضْحى لَظاهُ=يَقتلُ المسكينَ قَتْلَا
ظلّ هذا الجمرُ يُفنِي=جسمَه حتّى اضْمَحَلَّا
فإذا القَلبُ المُعنَّى=ودَّعَ الدُّنْيا والَاهْلَا
لمْ يُمَنِّ النفسَ إثمًا=أو يرُمْ ما ليسَ حِلَّا
بلْ سَعَى سَدًّا لِجُوعٍ=واشْتهَى قِطْفًا تَدَلَّى
هَكَذا الدُّنْيا شَقاءٌ=لضعيفٍ عاشَ ذُلَّا
وشديدُ البأسِ فِيها=حظُّهُ القِدْحُ المُعَلَّى
لا تَكنْ فَظًّا غَليظًا=وامْنَحِ المَحْرومَ سُؤْلَا
كم سخيِّ الكفِّ يَعْلُو=عابدًا صامَ وصَلَّى
بقلم العضو
اسم الموضوع : يا دنيا العناء
|
المصدر : .: ساحة الرأي :.