أن تشعر أنك تستطيع أن تكتب على الكيبورد فهذا شعور جميل للغاية ولكن أن تشعر أنك كاتب كبير وكبير جداً فها أمر سخيف للغاية .. وأيضاً أن تشعر أنه من حقك أن تبدي رأيك في جليل الأمر وحقيره في أسعار البترول وحبوب البندول .. في تحليلك لوجه الأرعن القذافي وحركات ونظرات السيد أوباما أثناء إلقائه للتصريحات الرئاسية فهذا شعور ربما لا يدعو للغرابة ولكن أن تشعر أن رأيك صواب مائة بالمائة أو أن الأخذ برأيك هذا فرض عين على الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد في الحضر والسفر فهذا هو السخف بعينه ومينه .. وأيضاً لا بأس أن تشعر أنك تملك مثلاً رغبة أو موهبة في مجال الكتابة والإنشاء ولكن من الغباء والسذاجة والدلاخة أن تشعر أنك أكبر كاتب في زمانك وأن الله سخّر لك قلماً بارعاً وبياناً ملهماً كما سخر لنبي الله داوود الجبال يسبحن معه والطير وألان له الحديد، أو تشعر أن المازني والعقاد والزيات والطنطاوي وغيرهم من أساطين الكتابة والإنشاء العربي ما هم إلا رجال وأنت رجل ربما تفوقهم بقليل أو كثير مما أعطاهم الله من العلوم والفنون فذلك قمة الرقي في عالم الانحطاط .. وبإمكان أي جاهل أو مختلٍ أو عربجي أن يفتح صفحة على الفيس بوك ويضيف أصدقاء ويخربط ويتسولف أما أن يشعر هذا الأحمق أنه يملك زمام الأمور أو أنه أصبح يؤثر على القرارات السياسية في البلد فهذا أمر مقرف للغاية ..
يواجه الإنسان في حياته أصنافاً من البشر يحملون ألواناً متعددة من الصفات والعادات والخلفيات الذهنية والعقلية والوراثية إلا أن أردأ نوع من أنواع البشر هم المتعالمون الذين يظنون أنهم بلغوا القمة بينما هم في القاع ينزلون ويحسبون أنهم وصلوا الذروة وهم في السفالة يتدحرجون وإن واجهت في حياتك أمثال هؤلاء البشر فاعلم أن الله كتب لك أن تتعرف على خصلة ذميمة من خصال الشر وآفة عظيمة من آفات أهل الزمان تخيلوا طفلاً في الصف الخامس الابتدائي يظن أنه أعلم من أستاذه الذي يدرسه أو تخيلوا أن بائع الطماطم يظن أنه أعلم وأفضل من الشيخ الفلاني .. إذا رأيت هذه الفئات الغبية من خلق الله فاعلم أنك تعيش في زمان بلغ القمة في التخلف والرجعية والانهزامية الفكرية ..
وإذا أردنا يا معشر من آمنوا أن نحلل أسباب ظهور هذه المخلوقات بهذه الصفات الخبيثة وانتشارهم يوماً بعد يوماً فإننا لن نخطئ لو قلنا إن من أكبر أسباب مرض الزهو بالنفس أو التعالم أو إحساس الشخص بأنه أفضل من غيره وأنّ كل من فوق التراب تراب هو ثناء بعض المغفلين على بعض المغفلين! وهل يثني المغفل على المغفل ولماذا وكيف؟ قد يأتي شخص مغفل وينشئ مثلاً بعض الأبيات "الشعيرية" بالياء .. وليست الشعرية المتعرجة والمكسورة والمنكوبة والـ "مكلجة" ويتلوها بكل كبرياء على مغفل آخر فيقول هذا المغفل الثاني: يالله ما أجمل أبياتك يا أمير الشعراء أنت من فطاحلة الشعر العربي في زماننا ولو علم عنك برنامج أمير الشعراء لمنحك لقب الإمارة من غير لف ولا دوران ولو نشرت قصيدتك العصماء في وسائل الإعلام لأصبحت المعلقات إحدى عشرة معلقة بدلاً من عشر .. صح لسانك ولا فض فاك أنتَ أنتَ ويكيل له من مثل هذا المديح الذي لو قيل للحطيئة أو امرئ القيس أو المتنبي لغطوا وجوههم حياء وخجلاً فيصدق هذا "المغفل صاحب الشعير " هذا الإطراء وياويل ويل اللي ينتقده أو يعارضه أو يهديه بعض ملاحظاته فيصبح بكل سهولة في عداد المتعالمين المتحذلقين فاللهم لا شماتة ..
هذا السبب يظهر بجلاء في حركات بعض الأطفال حين يسمع كلمة ثناء أو تشجيع من أحد أبويه فيظن الطفل حينها أنه بلغ مبلغاً كبيراً وللضحك أحكي لكم أني مرّة أثنيت على طفلتي الصغيرة الأمورة القريبة من قلبي في أنشودة رائعة كانت تنشدها أمامي فما كان من ابنتي إلا أن قالت : (بابا أنا أحسن من رغودة وديمة .. صح؟ ) طبعاً رغودة وديمة نجمتي قناة طيور الجنة ولهم كليب بعنوان (رغودة وديمة) من أحلى وأروع البنات الصغيرات وكثيراً ما أسافر بعيداً بعيداً وأنا أستمع إلى (رغودة وديمة ) جربوها .. المهم أن المدح أحياناً يأتي بنتائج عكسية والثناء المفرط يودي بصاحبه موارد المهالك ويجعل الممدوح أحياناً يدعي النبوة أو يدعي أنه المهدي المنتظر أو حتى أنه الدجّال الأعور لا قدر الله .. وأخيراً سمعت قصة لطيفة في هذا الباب جلست أضحك و (أكركر) منها حكاها الدكتور الشاعر والأديب المفوّه عبدالرحمن العشماوي (حسّان الصحوة ) إذ يقول في برنامج (طولة باب) على قناة بداية : جاءني أحد الأشخاص ذات يوم ودخل مكتبي بعد أن استأذن وأتى بديون شعر ألّفه وقال لي: يا سعادة الدكتور هذا ديواني الأول من شعري وأنا الآن ذاهب للمطبعة لكي أقدمه للطباعة أرجو منك أن تعطيني رأيك !! يقول الدكتور العشماوي أخذت الكتاب فتصفحته وقرأت بعض القصائد فإذا بي لم أقرأ شعراً فكنت صريحاً مع الأخ وقلت له هذا يا أخي الكريم ليس بشعر !! فما كان من هذا الأخ (المتعالم هذه من عند ابن اللذينا ) إلا وأرغى وأزبد وتضجر من هذا الكلام وقال حارس العمارة السوداني لما ألقيت عليه بعض قصائدي تعجب وقال أنت شاعر زمانك ولا تسأل عن كلمات الإعجاب والثناء والإطراء حين ألقي قصائدي على زوجتي وأولادي .. ثم تأتي أنت وتقول هذا ليس بشعر ؟! خرج الرجل من عند الدكتور العشماوي وهو في قمة الغضب .. انتهت القصة ..
ومنها نستفيد أن بعض الناس لا يريد من الآخرين إلا الثناء والمدح ولو قلت له لاحظت عليك كذا وكذا بعد أن استحضرت كل آداب الرسل والأنبياء في المناصحة تجده يتضجر مباشرة وينصب لك العداء ويرفع الراية الحمراء والكرت الأحمر وكل شيء أحمر ويعوي وربما صرت مجرماً في عينيه ...
نهاية الكلام أني أنصح الصغار أن لا يلبسوا لبوس الكبار فتبدو صغر أجسامهم وضآلة عظامهم وعليهم أيضاً أن يحترموا كل الناس ولا يسووا فيها "فِتِك" كحال من شابت لحاهم والعقل ما جاهم .. وإذا مو مربي لحية (كل شنب له مقص) ..
وتحياتي لكل المعجبين والمعجبات (طبعاً الإعجاب على طريقة الفيس بوك )
وترقبوا موضوعي القادم بعنوان :
قالت: أعنّس ولا أتزوج غير سعودي
ويسرني استقبال مشاركاتكم وتجاربكم في هذا الموضوع على الرسائل الخاصة أو على صفحة ابن اللذينا في الفيس بوك ولكم شكري وتقديري ...
باي !!!!!!!
ابن اللذينا
يواجه الإنسان في حياته أصنافاً من البشر يحملون ألواناً متعددة من الصفات والعادات والخلفيات الذهنية والعقلية والوراثية إلا أن أردأ نوع من أنواع البشر هم المتعالمون الذين يظنون أنهم بلغوا القمة بينما هم في القاع ينزلون ويحسبون أنهم وصلوا الذروة وهم في السفالة يتدحرجون وإن واجهت في حياتك أمثال هؤلاء البشر فاعلم أن الله كتب لك أن تتعرف على خصلة ذميمة من خصال الشر وآفة عظيمة من آفات أهل الزمان تخيلوا طفلاً في الصف الخامس الابتدائي يظن أنه أعلم من أستاذه الذي يدرسه أو تخيلوا أن بائع الطماطم يظن أنه أعلم وأفضل من الشيخ الفلاني .. إذا رأيت هذه الفئات الغبية من خلق الله فاعلم أنك تعيش في زمان بلغ القمة في التخلف والرجعية والانهزامية الفكرية ..
وإذا أردنا يا معشر من آمنوا أن نحلل أسباب ظهور هذه المخلوقات بهذه الصفات الخبيثة وانتشارهم يوماً بعد يوماً فإننا لن نخطئ لو قلنا إن من أكبر أسباب مرض الزهو بالنفس أو التعالم أو إحساس الشخص بأنه أفضل من غيره وأنّ كل من فوق التراب تراب هو ثناء بعض المغفلين على بعض المغفلين! وهل يثني المغفل على المغفل ولماذا وكيف؟ قد يأتي شخص مغفل وينشئ مثلاً بعض الأبيات "الشعيرية" بالياء .. وليست الشعرية المتعرجة والمكسورة والمنكوبة والـ "مكلجة" ويتلوها بكل كبرياء على مغفل آخر فيقول هذا المغفل الثاني: يالله ما أجمل أبياتك يا أمير الشعراء أنت من فطاحلة الشعر العربي في زماننا ولو علم عنك برنامج أمير الشعراء لمنحك لقب الإمارة من غير لف ولا دوران ولو نشرت قصيدتك العصماء في وسائل الإعلام لأصبحت المعلقات إحدى عشرة معلقة بدلاً من عشر .. صح لسانك ولا فض فاك أنتَ أنتَ ويكيل له من مثل هذا المديح الذي لو قيل للحطيئة أو امرئ القيس أو المتنبي لغطوا وجوههم حياء وخجلاً فيصدق هذا "المغفل صاحب الشعير " هذا الإطراء وياويل ويل اللي ينتقده أو يعارضه أو يهديه بعض ملاحظاته فيصبح بكل سهولة في عداد المتعالمين المتحذلقين فاللهم لا شماتة ..
هذا السبب يظهر بجلاء في حركات بعض الأطفال حين يسمع كلمة ثناء أو تشجيع من أحد أبويه فيظن الطفل حينها أنه بلغ مبلغاً كبيراً وللضحك أحكي لكم أني مرّة أثنيت على طفلتي الصغيرة الأمورة القريبة من قلبي في أنشودة رائعة كانت تنشدها أمامي فما كان من ابنتي إلا أن قالت : (بابا أنا أحسن من رغودة وديمة .. صح؟ ) طبعاً رغودة وديمة نجمتي قناة طيور الجنة ولهم كليب بعنوان (رغودة وديمة) من أحلى وأروع البنات الصغيرات وكثيراً ما أسافر بعيداً بعيداً وأنا أستمع إلى (رغودة وديمة ) جربوها .. المهم أن المدح أحياناً يأتي بنتائج عكسية والثناء المفرط يودي بصاحبه موارد المهالك ويجعل الممدوح أحياناً يدعي النبوة أو يدعي أنه المهدي المنتظر أو حتى أنه الدجّال الأعور لا قدر الله .. وأخيراً سمعت قصة لطيفة في هذا الباب جلست أضحك و (أكركر) منها حكاها الدكتور الشاعر والأديب المفوّه عبدالرحمن العشماوي (حسّان الصحوة ) إذ يقول في برنامج (طولة باب) على قناة بداية : جاءني أحد الأشخاص ذات يوم ودخل مكتبي بعد أن استأذن وأتى بديون شعر ألّفه وقال لي: يا سعادة الدكتور هذا ديواني الأول من شعري وأنا الآن ذاهب للمطبعة لكي أقدمه للطباعة أرجو منك أن تعطيني رأيك !! يقول الدكتور العشماوي أخذت الكتاب فتصفحته وقرأت بعض القصائد فإذا بي لم أقرأ شعراً فكنت صريحاً مع الأخ وقلت له هذا يا أخي الكريم ليس بشعر !! فما كان من هذا الأخ (المتعالم هذه من عند ابن اللذينا ) إلا وأرغى وأزبد وتضجر من هذا الكلام وقال حارس العمارة السوداني لما ألقيت عليه بعض قصائدي تعجب وقال أنت شاعر زمانك ولا تسأل عن كلمات الإعجاب والثناء والإطراء حين ألقي قصائدي على زوجتي وأولادي .. ثم تأتي أنت وتقول هذا ليس بشعر ؟! خرج الرجل من عند الدكتور العشماوي وهو في قمة الغضب .. انتهت القصة ..
ومنها نستفيد أن بعض الناس لا يريد من الآخرين إلا الثناء والمدح ولو قلت له لاحظت عليك كذا وكذا بعد أن استحضرت كل آداب الرسل والأنبياء في المناصحة تجده يتضجر مباشرة وينصب لك العداء ويرفع الراية الحمراء والكرت الأحمر وكل شيء أحمر ويعوي وربما صرت مجرماً في عينيه ...
نهاية الكلام أني أنصح الصغار أن لا يلبسوا لبوس الكبار فتبدو صغر أجسامهم وضآلة عظامهم وعليهم أيضاً أن يحترموا كل الناس ولا يسووا فيها "فِتِك" كحال من شابت لحاهم والعقل ما جاهم .. وإذا مو مربي لحية (كل شنب له مقص) ..
وتحياتي لكل المعجبين والمعجبات (طبعاً الإعجاب على طريقة الفيس بوك )
وترقبوا موضوعي القادم بعنوان :
قالت: أعنّس ولا أتزوج غير سعودي
ويسرني استقبال مشاركاتكم وتجاربكم في هذا الموضوع على الرسائل الخاصة أو على صفحة ابن اللذينا في الفيس بوك ولكم شكري وتقديري ...
باي !!!!!!!
ابن اللذينا
اسم الموضوع : مين عرف مقامه ارتاح !!
|
المصدر : .: ساحة الرأي :.
