سوف أسرد هنا جملة من أدب الحوار؛ إذ إننا هنا في هذا المنتدى في موضع تحاور ومناقشة لنفيد ونستفيد، فأحببت أن أجمع هذه الآداب لنتحلى بها أثناء محاوراتنا ومناقشاتنا
1. الإخلاص في النية من أجل الوصول إلى الحق: فلابد أن يتحلى المحاور بنية خالصة لنصرة دين الله، وألا يقصد بحواره المباهاة والمفاخرة والانتصار للذات أو حب الظهور والشهرة، يقول عليه الصلاة والسلام: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
2. البعد عن التعصب للرأي: فلابد أن يكون المحاور ذا رأي مرن يميل مع الحق ولو كان مع الخصم، وهدف الحوار أصلاً هو الوصول إلى الحق ومعرفة الحقيقة، فيكون التعصب للرأي ضرراً محضاً لا خير فيه، ولن يحقق هدف الحوار.
3. احترام شخصية المحاور ورأيه.
4. الحرص على القول المهذب بعيداً عن الطعن والتجريح: فمطلوب من المحاور أن يكون مهذباً في ألفاظه، لأن الكلمة الطيبة صدقة، وهي دليل على حسن النية عند المحاور، كما أن بذاءة اللسان أو التجريح يفسد جو الحوار الهادئ الهادف، يقول عليه الصلاة والسلام: "ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء"
5. التزام الطرق الإقناعية الصحيحة: وذلك بالبعد عن المغالطات والمراء والسخرية، وعلى المحاور ألا يناقض نفسه من خلال أدلته، بل عليه أن يستعمل الحجة القوية المقنعة، مع اتباع المنهجية العلمية في الحوار وذلك بوضوح هدفه قبل إجرائه، والبدء في العموميات، والانتهاء بالجزيئات، مع اتساق الأفكار التي يعرضها، وإصلاح المنطق وتهذيبه، والتسليم بالأمور التي هي من المسلمات، مع قبول النتائج التي تم التوصل إليها بالأدلة القاطعة.
والمشكلة الكبرى أننا نرى في هذا الزمان بعض الناس الذي يرمون بالدعوى مجردة عن الدليل ويريد من الناس أن يؤمنوا ويقتنعوا بقناعاته وهو لم يقم دليلاً على كلامه، وقد يظن ما ليس بدليل دليلاً، فحري بنا أن نتعلم طرق الاستدلال، وكيفية إقامة الحجج، وحري بطالب العلم أن ينظر ويلم بشيء من علم المنطق ليقوِّم طرق استدلاله.
6. اعتماد الهدوء والروية والتحلي بالحلم والصبر والوقار: وهذا يعني عدم التسرع والانفعال والغضب بسبب وبدون سبب، فهذا يعثر الحوار ولا ينجحه، فالحلم والصبر يعني التجاوز عن أخطاء الخصم والصفح عنها وعدم مقابلتها بمثلها، ولا يجاري خصمه في الشغب، بل يعتمد الهدوء والوقار.
يقول عليه الصلاة والسلام: "ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
7. اعتماد المحاورة بمودة واحترام وترفق: فالمودة والاحترام يخلقان جواً من الحوار الهادف البنّاء، أما استصغار الخصم المحاور والتهاون به يولد جواً من العنف وردود الفعل التي لا تحمد عقباها، وإذا تعكر مزاج المحاور فقد فسد الحوار، وانقلب ذلك إلى الطعن والتجريح والإساءة، ولذلك فقد رغّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرفق فقال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه".
8. الحرية في إبداء الرأي مع حق الدفاع عن وجهة النظر: وهذا حق للطرفين المتحاورين لأنه لا يجوز لأحدهما أن يمثل إرهاباً فكرياً يضيّق به آفاق الحوار، ويقتل المواهب والملكات، ولذا يجب تجنب محاورة ذي هيبة لأن ذلك يؤثر على روح الحوار وغايته المرجوّة.
9. العدل والإنصاف والتزام الصدق: فلابد للمحاور حتى يحقق هدفه بنزاهة وموضوعية أن يتحلى بالعدل والإنصاف والصدق مع نفسه ومع خصمه، ولا يخضع لتأثير هوى الذات أو الحزب أو الجماعة، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى }.
بل يجب على المحاور إن ظهر الحق على لسان خصمه أن يأخذ به ولا تأخذه العزة بالإثم، ويرفض هذا الحق، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الكبر بطر الحق وعمْط الناس".
وقال الإمام ابن تيمية: "والمناظرة والمحاجة لا تنفع إلا مع العدل والإنصاف".
10. أن يكون المحاور عالماً بموضوع الحوار: فلا يدفعه الجهل والمزاج في سباحة بحر لم يُكلّف بسباحته، فذلك يؤدي إلى هلاكه في العاجل والآجل، وقد يضيّع الحق بسبب جهله بموضوع الحوار، فالعلم بالشيء بصيرة به، وقد قال تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }.
11. ونختم بالمقولة المشهورة: (الحوار لا يفسد للود قضية)
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اسم الموضوع : آداب الحوار
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.