خطبة بعنوان الإمتحانات

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0



خطبة بعنوان الإمتحانات

------------

الخطبة ( الامتحانات )


الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له
اللهم أنت أحق من ذكر ، و أحق من عبد ، و أنصر من ابتغى ، و أرأف من ملك ، و أجود من سئل ، و أوسع من أعطى أنت الملك لا شريك لك ، و الفرد الذي لا نِد لك ، كل شيء هالك إلا وجهك ، لن تطاع إلا بإذنك ، و لن تعصى إلا بعلمك ، تطاع فتشكر ، و تعصى فتغفر ، أقرب شهيد ، و أدنى حفيظ ، حلت دون النفوس ، و أخذت بالنواصي و كتبت الآثار ، و نسخت الآجال ، القلوب لك مفضية ، و السر عندك علانية ، الحلال ما أحللت و الحرام ما حرمت ، و الدين ما شرعت ، و الخلق خلقك ، و العبد عبدك ، و أنت الله الرؤوف الرحيم ، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات و الأرض ، و بكل حق هو لك ، أن تقلبنا في هذه الساعة ، و أن تجيرنا من النار بقدرتك و رحمتك يا أرحم الراحمين .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله ، صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً ...
أما بعد ..
فيا عباد الله أوصيكم و نفسي المقصرة بتقوى الله ، ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) ( و من يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لا يحتسب )
أيها المسلمون
إن لكل عمل ثمرته ، و لكل حاصد ما زرع ، و ها نحن نقف جميعاً على مشارف الامتحانات ، بعد شهورٍ أربعة ، جدَّ فيها الموفقون و غفل فيها المفرطون ، فما الامتحانات في مفهومة الصحيح :
هل كما يفهم كثير من الطلبة و الأولياء : نحول يتهددهم و همٌّ يقض مضاجعهم ، و يقلق نفوسهم ، ليس الأمر هكذا ، و إن خلناه كذلك ..
عن الامتحانات فرصة ثمينة لمراجعة الدروس ، و محطة تتكثف فيها المعلومات ، و تتجمع فيها ، بعد أن وصلت إلى الذهن على فترات متباعدة ، و هو مجال فسيح يتنافس فيه طلبة العلم ، و يُقَوِّم فيه المسؤلون مستويات الطلبة ، و يتعرفون على المجد و الكسول ، و يترقى به الطالب في درجات الدراسة .
و في هذه الأيام لابد أن تتكاتف جميع فئات المجتمع على إيجاد الجو الملائم ، لامتحان الطلبة ، فما واجب الأولياء و ما واجب الطلبة ، ثم ما واجب المدرسة خلالها
إن على الأولياء أن يهيئوا جواً مريحاً و حيوياً داخل الأسرة ، يبعث على النشاط ، و يشجع على الاستذكار و يُبعد عن جو الكسل و الخمول ، إن عليهم أن يخففوا من مشاغل أولادهم بنين و بنات ، و لو فرغوهم لكان أفضل و أكمل ، و عليهم أن يبتعدوا عن إثارة المشكلات الاجتماعية و لا داعي أن يذكروا أولادهم بتقصيرهم في أثناء الدراسة ، فلا مجال الآن للوم و العتاب ، بل المجال مجال تنشيط و تشجيع ، و حري بالأولياء أن يلتفوا حول أولادهم ، يساعدونهم في المذاكرة إن كانوا متعلمين ، أو يهيئون من يعلمهم من الأقارب و المعارف و نحوهم ، و يحرصون الحرص كله على إزالة الملهيات و المشغلات مهما كانت معتادة قبل الامتحان ، من تلفاز أو مسجل أو كرة أو نحو ذلك ، و أن يوقفوا كل برامج التسلية و النزهات و الولائم حتى لا يشغلوا الطالب عن تحصيله العلمي
و تحية لكل أسرة أعلنت حالة استنفار في منزلها ، و أشعرت أولادها بأن الامتحانات إنما هو للجميع و ليس لهم فقط يهتم به الكبير و الصغير ، فما إن يقدم الطالب أو الطالبة من المدرسة إلا و الأسرة تنتظره على أحر من الجمر تسأل و تشجع و لا تثبط فإن كان أداؤه في الامتحان جيد ، حفزته للعمل على الاستمرار في هذا المستوى ، و إن كان ضعيفاً عملت على تشجيعه و نسيان ما مر ليبدأ صفحة جديدة ، حتى لا يؤثر على بقية الامتحانات
و تحية إجلال و إكبار لكل أم سهرت كما يسهر أولادها و عبت كما يتعبون ، حرصت على تغذيتهم الغذاء المتكامل و تابعت نومهم و صحوهم ، فهي تجلس هذا قبل الفجر بساعة ، و تأمر ذلك أن يستريح فتوقظه بعد ساعتين أو ثلاث ،و ترقع كفيها في كل حين تجأر للمولى سبحانه و تعالى أن يوفق أولادها ، و تبقى هي الجندي المجهول وراء نجاحهم و تفوقهم .

و أما أنتم أيها الأخوة الطلبة فواجبكم أن تعملوا على بذل أقصى جهدكم في المذاكرة و التحصيل ، و الاهتمام بالتفوق لا النجاح فقط ، و أن تقدروا الآمال المعلقة عليكم ، فإن اليوم يوم تعلم و فهم ، و غداً يوم علم و عطاء ، و هذه نصيحة الفاروق رضي الله عنه ترن في آذاننا جميعاً ، ( تفقهوا قبل أن تسودوا )
أي أن التعلم و التفقه يكون قبل السيادة و تحمل المسؤوليات
و لتكن مذاكرتكم عبادةً تتقربون بها إلى الله ، حين تصح النيات ، و تخلص الأعمال ، و يتقن الآداء .
و خذوا وفقكم الله بأسباب المذاكرة الناجحة ، فما كل من قرأ وعى ، بل عليكم أن تختاروا المكان الهادئ و تستغلوا الأوقات المناسبة للفهم و الاستيعاب ، و حاولوا أن تجمعوا بين الفهم و الحفظ ، فهما قرينان لا يفترقان فمن حفظ دون فهم نسي ، و من فهم دون حفظ لم يتمكن من التعبير القويم عن معلوماته
و اجتنبوا كل ما يصد عن المذاكرة ، و يبعد عن الفهم و ليس كالذنوب صارف عن الفهم و الحفظ ، و اسمعوا قول من جرب فصاغ تجربته شعراً خالداً فقال :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
و أخبرني بأن العلم نـــــــــور
و نور الله لا يهداه عاصـــي
فربما حرم الطالب فهم مسألته بمعصية أتاها .
و إن مما يصد عن المذاكرة ، و لا سيما في أيام الامتحان ، متابعة المباريات الرياضية و التشجيع الجنوني الذي يستنزف الأوقات و الأذهان و أما المدرسة فإن من واجبها بذل الخدمات السخية للطلبة في أثناء امتحانهم ، و استدعاء طبيب يرعى صحتهم ، و إبعاد جو الرهبة و الخوف من نفوسهم فلا داعي للتهديدات ، و إثارة الحركات المفزعة ، أو رفع الصوت بالشتم و التوبيخ .
و إن من الأخطاء التي تقع في الامتحان في جانب المدرسة قصد بعض الأساتذة إلى اختيار المواضع الصعبة في الكتاب لاختبار الطلبة ، فيتحول الامتحان إلى ألغاز أو تحدِّ سافر ، يضيق به الطالب ذرعاً ، تخرج النتيجة سيئة مخزية ، و كذلك في المقابل نجد بعض المدرسين يتساهلون في وضعها ، فيستوي المحسن و المسيء ، و المجد و الكسول ، و في هذا ظلم للطالب القوي ، و غش للطالب الكسول ، إذ لا بد أن ينجح المستحقُ للنجاح و يرسب المستحق للرسوب ، و على هذا فلا بد من الاعتدال بتنويع الأسئلة حتى يتنافس الطلبة التنافس الشريف ، و يمكن التقويم السليم العادل لجميع الطلبة .
و من الخيانة لله و للأمة و للدولة و للمجتمع أن يخبر المدرس بعض الطلبة بأسئلة الامتحان سواء بطريق مباشرة أو غير مباشر :
و من الطرف المباشرة أن يكون مدرس المادة هو المدرس الخصوصي للطالب ، أو يكون من معارفه ، و من الطرق غير المباشرة أن يحدد المدرس أسئلة قليلة لا تشمل المنهج كله فيقول سيأتي الامتحان من هذه الأسئلة ، أو يجعلها تمريناً في آخر الفصل فيفهم الطلبة مُراده لأنهم تعودوا منه ذلك .
أين ستذهب أيها المدرس من قوله تعالى : ( فإن أمن بعضكم بعضاً ، فليؤد الذي أؤتمن أمانته ، و ليتق الله ربه ) وقد أمنك الله ، و الدولة و المجتمع على هؤلاء الطلبة فخنتهم جميعاً .
ألست تسمع نداء الله : ( إن الله يأمركم أن توأدوا الأمانات إلى أهلها ) فأين أداء الأمانة
و الله عز وجل يحذرك أن تنجرف في تيار الشيطان و أن تطمع في دنيا زائلة فتخون الله ، و تخون أمانتك .
( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون )
فاسعد نفسك بالالتزام بأمر الله ، و اخش العاقبة ، و كن ممن مدحهم الله بقوله :
( و الذين هم لأماناتهم و عهدهم راعون )
و إن مما يسوء المسلم المخلص أن يجد بعض المدرسين يتهاونون في المراقبة ، فييسرون الغش للطلبة إن لم يقوموا بذلك ، و إنها لشوهه في جبين التعليم ، و بضياع المروءة ، حين يغش الطالب أمامك ، و أنت .. أنت المؤتمن ، إنها سخرية بشخصك ، و إهدار لقيمتك ، و إلا فما فائدة وقوفك أمامهم .
و ليتق الله مدير المدرسة ، فلا يكن حرصه على رفع نسبة النتيجة في مدرسته أحب إليه من الله ورسوله ، و هما قد دعواه إلى إتقان العمل ، و أداء الأمانة ، فليرسب الكسولون ، و لينجح المجدون و لو كانوا عشر المدرسة و إنما التوفيق بيد الله .
إن إشاعة أسلوب التساهل في التعليم هو الذي جعل الطلبة يتخرجون ضعافاً ، يفشلون في الجامعات و في الأعمال بعد ذلك .
إن مدرسة تؤهل طلبتها للدخول في الجامعة وهم لا يجيدون الكتابة و القراءة ، بل لا يحفظون من كتاب الله حتى السور القصار ، و مدرسة تحتاج إلى مراجعة و نظر ، و اسألوا الجامعات و امتحانات القبول فيها تجبكم .
فهل بلدنا تحتاج إلى أعداد أم إلى طاقات إن الخريجين كثر ، و قد ضاقت بهم الوظائف ، و لكن أين المتفوقون الذين يدفعون حركة التطور الذي تشهد بلدنا الحبيبة .
قال تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها ، و حملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ، ليعذب الله المنافقين و المنافقات و المشركين و المشركات ، و يتوب الله على المؤمنين و المؤمنات ، و كان الله غفوراً رحيماً )
بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم و نفعني و إياكم بما فيه من الآي و الذكر الحكيم
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .











.
 

طمــوح

New member
إنضم
28 مايو 2009
المشاركات
107
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكه
صراحه خطبه رائعه بكل معنى الكلمه

أسأل الله التوفيق للجميع

جزاك الباري كل خير
 

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
صراحه خطبه رائعه بكل معنى الكلمه
أسأل الله التوفيق للجميع
جزاك الباري كل خير

218.gif

على مرورك
 
التعديل الأخير:
أعلى