ابن دوما
New member
السيجارة والسيارةالسماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية يشبه منع التدخين في النوادي الليلة في أمريكا، والولايات المتحدة على وشك أن تنتهي من تغيير نظرة مواطنيها إلى تدخين السجائر وبالذات في النوادي الليلية، وقد كان التدخين في السابق مكملا للشياكة وملمحا من ملامح الشخصية الجذابة في المجتمعات الغربية وخصوصا المرأة، ونادرا ما كانت تخلو أفلام المشاهير الشرقيين والغربيين من مشاهد لهم وهم يدخنون سيجارة أو سيجارتين، في ساعة تفكير أو بعد الانتهاء من المهمات الصعبة، والتدخين في بعض الأحوال السينمائية يغني عن تصوير بعض اللقطات الحساسة، ويخدم نفس الغرض، الشاي وهو في حالة «غليان» أو صوت صفارة القطار أو أي شيء ينسكب على الأرض بدون مناسبة.
الخطاب الجديد للإعلام الأمريكي انتقل من مناصرة حقوق المدخنين والدفاع عنها، كما هو الحال في المثال الرومانسي الذي يقارن بين امتيازات الملكة البريطانية والمرأة السعودية العادية وسـائقها، إلى مكافحة التدخين السلبي أو التشدد في النموذج السعودي، وللعلم فإن سائق الملكة بريطاني أصيل و«ابن حمولة» وليس بنغاليا أو هنديا أو باكستانيا، وطبقا لتقرير نشرته «رابطة الرئة الأمريكية» فإن سياسة منع التدخين في أماكن العمل مثلا وفرت حماية لسبعين في المئة من القوى العاملة في أمريكا، وقال التقرير إضافة لما سبق إن ثمانين في المائة من الراشدين أو البالغين الأمريكيين لا يدخنون، وفي روايات أخرى هناك شريحة كبيرة كذلك من الأمريكيين كانوا ضد فكرة منع التدخين في النوادي الليلية، وأعتقد أن شريحة مقاربة لا تعارض مشروع قرار سياسي وسيادي يسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، كما قامت بعض الشركات الأمريكية وفي إطار خفض مصروفاتها الصحية، بفرض رسم أو بدل تدخين يؤخذ شهريا من رواتب موظفيها المدخنين، تماما مثلما هو الحال في رسوم تجديد الإقامة، وأقترح أن تفكر وزارة العمل جديا في رفع رسوم استخراج تأشيرة السائق حتى يراجع المشككون أو المتحفظون أفكارهم القديمة، ومن وجهة نظر اقتصادية هذه المرة، والمثل الدارج يقول: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، فليس من المعقول أو المقبول عقلا ومنطقا أن يكون العالم كله على خطأ ونحن فقط على الطريق الصح، أيضا نشرت لوس انجلوس تايمز يوم 12 فبراير 2006 بأن دار «جانيت» للنشر، ألزمت موظفيها المدخنين بدفع خمسين دولارا في الشهر، وقبلها وفي سنة 1999 منعت نيويورك تايمز وسياتل تايمز وصحف أخرى، الإعلان عن السجائر في صفحاتها حرصا منها على صحة وسلامة القراء الموقرين، وليتهم يفرضون غرامة مالية محترمة على من يتجرأ ويعمم رأيه على غيره أو يستقدم سائقا آسيويا ولا يدفع راتبه أو يطالبه بدفع مبلغ شهري مقابل العمل لمصلحة الغير.
ما يهم هو منع التدخين في النوادي الليلية تحديدا، لأن العلاقة مفصلية ما بين الطرفين، مالم أقل بأن السيجارة ديكور ومشهد متوقع في أي ناد ليلي، وفي الأفلام العربية القديمة تأكيدات لا حصر لها، وقد كان النادي الليلي باستمرار بعيدا عن المعادلة الاجتماعية أو الثقافية الغربية الرافضة للتدخين، ومنع دخان السجائر في النوادي الليلية لم يقلل من أرباحها، ولكنه ربما أثر في الطابع الاجتماعي لسيجارة النادي.. فالسيجارة قد تكون بوابة وردية لأشياء لا مجال لذكرها هنا، ومنع السجائر في النوادي الليلية يمثل مبدئيا وفي صيغته المجردة، اعتداء على قيمة راسخة في المجتمع الغربي، وخروجا سافرا على البديهيات والمسلمات الغربية، وتعاطي الصحافيين الأمريكيين مع قضية منع التدخين في النوادي الليلية، سار على منهج يؤكد ويشرعن سياسة المنع، وفي نفس الوقت، يتحسر على زوال تقليد أو عادة اجتماعية أثيرة ومحبوبة، والتأطيرات الاجتماعية مرنة جدا بالمناسبة، وإذا عرفت مفاتيحها، فإن تبديل محتواها أو تحوير بعض أجزائه ليس صعبا، حتى وإن وقف هذا التحوير ضد ما اعتاد عليه الناس. لعل المفارقة في مسألة النوادي الليلية والتدخين في نسختها الأمريكية، أنه ورغم استسلام النوادي الليلية وزبائنها لسياسة المنع، إلا أنهم واصلوا اعتراضا ناعما عليها وقاوموا تعريفاتها غير المألوفة، مع أنها أصبحت سياسة حكومية وأمرا واقعا، ومن الأدلة قيام ناد ليلي في «اوستن» في ولاية «تكساس» الأمريكية بوضع لافتة كتب عليها: هذا مكان صالح للتدخين ولا توجد فيه عمالة، في التفاف واضح على سياسة منع التدخين في النوادي الليلية، التي ركزت على حماية العاملين في النادي من غير المدخنين، وطبعا كل قرار ينطوي على درجة من المخاطرة لا بد أن يعمل حسابها الساقي في النادي أو السائق في الشارع والوزير أو الخفير، والقرارات الجبانة تضر أكثر مما تنفع.
المعترضون أو المؤيدون لمنع التدخين في النوادي الليلية كانت لهم تأطيراتهم أو تبريراتهم الإعلامية، التي رأوا أنها مقنعة ومنطقية، والفكرة قابلة للتطبيق على قيـادة المرأة للسيارة، فمن تكلموا باسم الصحة العامة انشغلوا بأضرار التدخين على غير المدخنين في مكان العمل، وقالوا إن الموقف من السجائر لا يقاس بحجم الإقبال عليها أو سوقها، وإنما بالأرقام واستطلاعات الرأي التي تكشف أخطارها، وعلى ذكر الإحصاءات، قرأت أن السعودية تحتل المركز الرابع عالميا في حجم استهلاكها للسجائر، أما شركات التبغ وأصحاب النوادي الليلية ومعظم زبائنها، فقد رأو أن منع التدخين إجمالا يتدخل في القرارات الشخصية للناس ويقيد حرياتهم، ويلحق خسائر كبيرة بالشركات، ويهدد تقليدا ثقافيا واجتماعيا عتيدا في المجتمعات الغربية، وأنه سلوك فاشي ومناقض للقيم الأمريكية، وفي اعتقادي، فالتأطيرات الإعلامية عموما تستثمر في الخبرات والتجارب والتصورات الموجودة سلفا في أذهان الجماهير وتبني عليها، وشخصيا أجد أن التدخين فيه مساواة بين الناس لأنهم ومها اختلفت مقاماتهم قد يشتركون في تدخين نفس نوع السجائر، وكتب دانيال هولن في إصداره: الحرب الرقمية (1986) أن التـأطير الإعلامي، مهما كان نوعه، ينتج أولا بمعرفة النخب ومن ثم يعاد إنتاجه إعلاميا بطريقة تضمن وتحقق المصالح السياسية والاقتصادية لهذه النخب، وفي رأي تود غيتلين (1980) فإن أخبار الإعلام الجماهيري أو المؤثر، في معظم الدول الغربية، تقف دائما إلى جانب السلطة السياسية ضد أي خروج أو تمرد عليها، وقال لانس بينيت (1990) بأنها لا تنتقد أو تتحفظ على أي سلوك أو تصرف سياسي أو اجتماعي، إلا إذا سمح لها وأعطيت ضوءا سياسيا أخضر للقيام بهذا العمل، وكلام بينيت الأخير يتناول العلاقة بين الإعلام والسلطة في الولايات المتحدة، وهو قال بأن المعايير والاعتبارات الصحافية وقيم الحياد والموضوعية والنزاهة وغيرها مجرد «كليشية» لا يصر أو يتمسك بها الإعلام الأمريكي إلا في قضايا هامشية أو متفق عليها مع السياسة.
معالجة الصحافة الأمريكية لسياسة منع التدخين الحكومية في الولايات المتحدة، سجلت انتصارا لقيم العمل الجديدة على ثقافة المجتمع الأمريكي، وفرصة التغيير الاجتماعي فيها بدأت بإرادة سياسية وقرار سيادي أصبحت مع الوقت جزءا من الثقافة ولا أزيد!.
منقووووووووول
الخطاب الجديد للإعلام الأمريكي انتقل من مناصرة حقوق المدخنين والدفاع عنها، كما هو الحال في المثال الرومانسي الذي يقارن بين امتيازات الملكة البريطانية والمرأة السعودية العادية وسـائقها، إلى مكافحة التدخين السلبي أو التشدد في النموذج السعودي، وللعلم فإن سائق الملكة بريطاني أصيل و«ابن حمولة» وليس بنغاليا أو هنديا أو باكستانيا، وطبقا لتقرير نشرته «رابطة الرئة الأمريكية» فإن سياسة منع التدخين في أماكن العمل مثلا وفرت حماية لسبعين في المئة من القوى العاملة في أمريكا، وقال التقرير إضافة لما سبق إن ثمانين في المائة من الراشدين أو البالغين الأمريكيين لا يدخنون، وفي روايات أخرى هناك شريحة كبيرة كذلك من الأمريكيين كانوا ضد فكرة منع التدخين في النوادي الليلية، وأعتقد أن شريحة مقاربة لا تعارض مشروع قرار سياسي وسيادي يسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، كما قامت بعض الشركات الأمريكية وفي إطار خفض مصروفاتها الصحية، بفرض رسم أو بدل تدخين يؤخذ شهريا من رواتب موظفيها المدخنين، تماما مثلما هو الحال في رسوم تجديد الإقامة، وأقترح أن تفكر وزارة العمل جديا في رفع رسوم استخراج تأشيرة السائق حتى يراجع المشككون أو المتحفظون أفكارهم القديمة، ومن وجهة نظر اقتصادية هذه المرة، والمثل الدارج يقول: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، فليس من المعقول أو المقبول عقلا ومنطقا أن يكون العالم كله على خطأ ونحن فقط على الطريق الصح، أيضا نشرت لوس انجلوس تايمز يوم 12 فبراير 2006 بأن دار «جانيت» للنشر، ألزمت موظفيها المدخنين بدفع خمسين دولارا في الشهر، وقبلها وفي سنة 1999 منعت نيويورك تايمز وسياتل تايمز وصحف أخرى، الإعلان عن السجائر في صفحاتها حرصا منها على صحة وسلامة القراء الموقرين، وليتهم يفرضون غرامة مالية محترمة على من يتجرأ ويعمم رأيه على غيره أو يستقدم سائقا آسيويا ولا يدفع راتبه أو يطالبه بدفع مبلغ شهري مقابل العمل لمصلحة الغير.
ما يهم هو منع التدخين في النوادي الليلية تحديدا، لأن العلاقة مفصلية ما بين الطرفين، مالم أقل بأن السيجارة ديكور ومشهد متوقع في أي ناد ليلي، وفي الأفلام العربية القديمة تأكيدات لا حصر لها، وقد كان النادي الليلي باستمرار بعيدا عن المعادلة الاجتماعية أو الثقافية الغربية الرافضة للتدخين، ومنع دخان السجائر في النوادي الليلية لم يقلل من أرباحها، ولكنه ربما أثر في الطابع الاجتماعي لسيجارة النادي.. فالسيجارة قد تكون بوابة وردية لأشياء لا مجال لذكرها هنا، ومنع السجائر في النوادي الليلية يمثل مبدئيا وفي صيغته المجردة، اعتداء على قيمة راسخة في المجتمع الغربي، وخروجا سافرا على البديهيات والمسلمات الغربية، وتعاطي الصحافيين الأمريكيين مع قضية منع التدخين في النوادي الليلية، سار على منهج يؤكد ويشرعن سياسة المنع، وفي نفس الوقت، يتحسر على زوال تقليد أو عادة اجتماعية أثيرة ومحبوبة، والتأطيرات الاجتماعية مرنة جدا بالمناسبة، وإذا عرفت مفاتيحها، فإن تبديل محتواها أو تحوير بعض أجزائه ليس صعبا، حتى وإن وقف هذا التحوير ضد ما اعتاد عليه الناس. لعل المفارقة في مسألة النوادي الليلية والتدخين في نسختها الأمريكية، أنه ورغم استسلام النوادي الليلية وزبائنها لسياسة المنع، إلا أنهم واصلوا اعتراضا ناعما عليها وقاوموا تعريفاتها غير المألوفة، مع أنها أصبحت سياسة حكومية وأمرا واقعا، ومن الأدلة قيام ناد ليلي في «اوستن» في ولاية «تكساس» الأمريكية بوضع لافتة كتب عليها: هذا مكان صالح للتدخين ولا توجد فيه عمالة، في التفاف واضح على سياسة منع التدخين في النوادي الليلية، التي ركزت على حماية العاملين في النادي من غير المدخنين، وطبعا كل قرار ينطوي على درجة من المخاطرة لا بد أن يعمل حسابها الساقي في النادي أو السائق في الشارع والوزير أو الخفير، والقرارات الجبانة تضر أكثر مما تنفع.
المعترضون أو المؤيدون لمنع التدخين في النوادي الليلية كانت لهم تأطيراتهم أو تبريراتهم الإعلامية، التي رأوا أنها مقنعة ومنطقية، والفكرة قابلة للتطبيق على قيـادة المرأة للسيارة، فمن تكلموا باسم الصحة العامة انشغلوا بأضرار التدخين على غير المدخنين في مكان العمل، وقالوا إن الموقف من السجائر لا يقاس بحجم الإقبال عليها أو سوقها، وإنما بالأرقام واستطلاعات الرأي التي تكشف أخطارها، وعلى ذكر الإحصاءات، قرأت أن السعودية تحتل المركز الرابع عالميا في حجم استهلاكها للسجائر، أما شركات التبغ وأصحاب النوادي الليلية ومعظم زبائنها، فقد رأو أن منع التدخين إجمالا يتدخل في القرارات الشخصية للناس ويقيد حرياتهم، ويلحق خسائر كبيرة بالشركات، ويهدد تقليدا ثقافيا واجتماعيا عتيدا في المجتمعات الغربية، وأنه سلوك فاشي ومناقض للقيم الأمريكية، وفي اعتقادي، فالتأطيرات الإعلامية عموما تستثمر في الخبرات والتجارب والتصورات الموجودة سلفا في أذهان الجماهير وتبني عليها، وشخصيا أجد أن التدخين فيه مساواة بين الناس لأنهم ومها اختلفت مقاماتهم قد يشتركون في تدخين نفس نوع السجائر، وكتب دانيال هولن في إصداره: الحرب الرقمية (1986) أن التـأطير الإعلامي، مهما كان نوعه، ينتج أولا بمعرفة النخب ومن ثم يعاد إنتاجه إعلاميا بطريقة تضمن وتحقق المصالح السياسية والاقتصادية لهذه النخب، وفي رأي تود غيتلين (1980) فإن أخبار الإعلام الجماهيري أو المؤثر، في معظم الدول الغربية، تقف دائما إلى جانب السلطة السياسية ضد أي خروج أو تمرد عليها، وقال لانس بينيت (1990) بأنها لا تنتقد أو تتحفظ على أي سلوك أو تصرف سياسي أو اجتماعي، إلا إذا سمح لها وأعطيت ضوءا سياسيا أخضر للقيام بهذا العمل، وكلام بينيت الأخير يتناول العلاقة بين الإعلام والسلطة في الولايات المتحدة، وهو قال بأن المعايير والاعتبارات الصحافية وقيم الحياد والموضوعية والنزاهة وغيرها مجرد «كليشية» لا يصر أو يتمسك بها الإعلام الأمريكي إلا في قضايا هامشية أو متفق عليها مع السياسة.
معالجة الصحافة الأمريكية لسياسة منع التدخين الحكومية في الولايات المتحدة، سجلت انتصارا لقيم العمل الجديدة على ثقافة المجتمع الأمريكي، وفرصة التغيير الاجتماعي فيها بدأت بإرادة سياسية وقرار سيادي أصبحت مع الوقت جزءا من الثقافة ولا أزيد!.
منقووووووووول
اسم الموضوع : السيجارة والقيادة المرأة السيارة ؟؟؟؟؟؟؟
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.