من روائع قصائد الزهد والوعظ

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة
إنضم
3 مايو 2009
المشاركات
2,543
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
حاليا في الرياض
( خانك الطرف الطموح )

قال أبو العتاهية : كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلالات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوماً لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعراً لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعراً في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعراً للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعراً يحزن به ولا يسره، فعملت شعراً ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فلما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون:

خانَك الطَّرْفُ الطَّمُوحُ = أيُّها القَلبُ الجَمُوحُ

لِدَوَاعِي الخَيْرِ والشّرِّ = دُنُوٌّ ونُزُوحُ

هلْ لمطلوبٍ بِذَنْبٍ = توبةٌ منه نصُوحُ

كيف إصلاحُ قُلُوبٍ = إنّما هُنَّ قُروحُ

أَحْسَنَ اللهُ بنا أَنَّ = الخَطَايَا لا تَفُوحُ

فإذَا المستورُ مِنَّا = بينَ ثَوْبَيْهِ فُضُوحُ

كَمْ رأينا مِنْ عَزِيزٍ = طُوِيتْ عنه الكشُوحُ

صاحَ منه بِرَحِيلٍ = صائحُ الدَّهْرِ الصَّدُوحُ

موتُ بعضِ الناسِ في الأرْ = ضِ على قومٍ فُتُوحُ

سيصير المرءُ يوماً = جَسَداً ما فيه رُوحُ

بين عَيْنَيْ كُلَّ حَيِّ = عَلَمُ الموتِ يلوحُ

كُلُّنا في غَفْلةٍ والْمَوْتُ = يغدو ويروح

لِبَنِي الدُّنيا مِنَ الدُّنْيَا = غَبُوقٌ وصَبُوحُ

رُحْنَ في الوَشْي وأصْبَحْـ=نَ عليِهنَّ المُسُوحُ

كلَّ نَطَّاحٍ مِنَ الدَّهْـ= ـرِ له يومٌ نَطُوح

نُحْ على نٌفْسِك يا مِسْـ = كينُ إنْ كنتَ تنوح

لتَمْوتَنَّ وإنْ عُمِّــرْتَ ... مـا عُمِّر نُـوح


قال فلما سمع ذلك الرشيد جعل يبكي وينتحب , كلما زادوا بيتاً زاد في بكائه ونحيبه ، وكان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة وأشدهم عسفا في وقت الغضب والغلظة .
فلما رأى الفضل بن الربيع كثرة بكائه أومأ إلى الملاحين أن يسكتوا


منقول
 
أعلى