أبو هيثم الشاكر
مراقب سابق
عند ما تُبخسُ الألقابُ حقّها
لقد كثر القيل حول القراء وأصحاب الأصوات، وعلم المقامات، وما إلى ذلك، حتى غدا المتناقشون في خندقين متقابلين في موضوع يتعلق بكلام الباري جل جلاله.
وهنا لم أجد بدّا من الدفاع عن حملة نصوص الوحي المبين، والانضمام إلى صف المدافعين عنهم، ولكن قبل الانطلاق يجب أن تكون بعض الكليات واضحة المعالم حتى لا تتفرق بنا الجزئيات.
فأقول مستعينا بالله:
إن عبادا لله وفقهم الله من بين خلقه لحمل كتابه الكريم، فاستثمروا صباهم وشبابهم في إتقانه حفظا وتلاوة وتجويدا وترتيلا، وربما ألمّوا بأكثر من قراءة ورواية، ولا شك أن كثرة الممارسة وطول الدُّربة يورثان الشخص ملكة قوية، وقد تنضم إلى ذلك موهبة الصوت الشجي، وربما يتزود ببعض ما يحفظ عليه حسن أدائه عن الانحراف من قواعد عرفت بعد تنظيرها بالمقامات، فيجتمع عند ذلك الحافظ إتقان القراءة وحسن الصوت، فيأخذ بحسن أدائه وجمال صوته بمجامع القلوب، يعجب به كل من سمعه، وربما تأثر بقراءته قومٌ فأحبوا كلام الله وعظّموه بسببه.
وبعد هذه المرحلة الشاقة قد يظفر بعضهم بألقاب لها ثقلها المعنوي عند أهل الاختصاص، مثل: (القارئ المقرئ الشيخ) وغيرها.
فمن هنا نعلم أن إتقان القراءة تجويدا وترتيلا كان ذلك هو الأصل، ولكن الذي يؤسفنا في هذه الأيام ضعف هذا الوعي لدى كثير من الحفظة، حيث انصرفوا إلى تحسين الصوت، وانشغلوا بالمقامات، وتركوا إتقان الأداء، فربما لا يميّز بعضهم بين مختلف مراتب التفخيم والقلقة والغنة، وأسوأ من ذلك أن يوجد بينهم من لا يعطي الحروف حقها ومستحقها من الصفات، علما أن الصفات والمخارج من المباحث اللغوية قبل أن تكون من علوم التجويد، وقد أوردها الخليل بن أحمد في معجمه العين. وأعني بذلك أن الحرف بغيرها لا يستقيم نطقه لغويا فضلا عن أن يكون قرآنا نزل بلسان عربي مبين.
وكثير من هؤلاء المهملين ربما يغرُّهم تقبل الجمهور لهم وخلعُه الألقاب الضخمة عليهم، تلك الألقاب التي كانت تطلق على القراء بعد جهد جهيد، ولا يعلمون أن شهادة جمهور الناس إنما على حسن الصوت فحسب، ولا تشمل الأصل وهو إتقان القراءة، ذلك المعيار الذي ينفرد به أهل الاختصاص.
والحق أن العاقل لا يفرح بشهادة غير معتبرة؛ إذ هي صادرة ممن لا يملك لمن لا يستحق، لكنه يفرح بشهادة من شهد عن علم ودراية.
هل تعلمون ما معنى: (القارئ عبد الباسط عبد الصمد)، (القارئ محمد صديق المنشاوي)، (القارئ محمود خليل الحصري)، (القارئ عبد الفتاح الشعشاعي)، (القارئ أحمد نعينع)، (القارئ إبراهيم الأخضر)، (القارئ محمد أيوب البرماوي)، (القارئ علي الحذيفي)، (القارئ محمد صالح عالم شاه) وغيرهم؟
كيف التصق بأسمائهم هذا اللقب؟
هؤلاء وغيرهم كثير أتقنوا القرآن حفظا وتجويدا أولا رواية ودراية لقراءة معينة أو عدة قراءات أو ألَمّوا بعلم القراءات، ثم ضموا إلى ذلك حسن الصوت.
فهل كذلك من نطلق عليهم نحن (القراء) جمع (القارئ)؟
أما إذا كان إطلاقه كاسم فاعل مِن (قرأ) فكل من قرأ فهو قارئ، ولكن كمصطلح يحكي درجة من إتقان التلاوة فلا ينبغي أن يطلق إلا على من يستحق.
وإلا لأصبح كل من حدّث ببضعة أحاديث (محدّثا)، ومن أعرب جملة أصبح (نحويّا)، ومن قال قصيدة أحيانا (شاعرا)- كما قالوا عني، ولم يفرحني ذلك؛ لأنه -كما قلت- ممن لا يملك لمن لا يستحق- ومن ألقى درسا في الطهارة أصبح (فقيها)، وقيسوا على ذلك (القارئ).
ومما يزيد من البهجة إقبال عدد غير قليل من الحفظة مؤخرا على ملازمة المقرئين لإتقان التلاوة، مثل بعض الملازمين للقارئ الشيخ محمد أيوب وغيره من المشهود لهم من أهل الاختصاص، في حين انصرف الآخرون إلى تحسين الصوت، وعلم المقامات، ولا يدرون ما حق الحرف وما مستحقه، وما الوقف والابتداء.
فنصيحتي لإخوتي الحفظة، أن يصرفوا جهدهم في إتقان التلاوة أولا، فمن أحرز هذه الخطوة فلا بأس أن يسعى لتحسين الصوت، فهو مطلوب شرعا أيضا.
إن أريد إلا الإصلاح وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وهنا لم أجد بدّا من الدفاع عن حملة نصوص الوحي المبين، والانضمام إلى صف المدافعين عنهم، ولكن قبل الانطلاق يجب أن تكون بعض الكليات واضحة المعالم حتى لا تتفرق بنا الجزئيات.
فأقول مستعينا بالله:
إن عبادا لله وفقهم الله من بين خلقه لحمل كتابه الكريم، فاستثمروا صباهم وشبابهم في إتقانه حفظا وتلاوة وتجويدا وترتيلا، وربما ألمّوا بأكثر من قراءة ورواية، ولا شك أن كثرة الممارسة وطول الدُّربة يورثان الشخص ملكة قوية، وقد تنضم إلى ذلك موهبة الصوت الشجي، وربما يتزود ببعض ما يحفظ عليه حسن أدائه عن الانحراف من قواعد عرفت بعد تنظيرها بالمقامات، فيجتمع عند ذلك الحافظ إتقان القراءة وحسن الصوت، فيأخذ بحسن أدائه وجمال صوته بمجامع القلوب، يعجب به كل من سمعه، وربما تأثر بقراءته قومٌ فأحبوا كلام الله وعظّموه بسببه.
وبعد هذه المرحلة الشاقة قد يظفر بعضهم بألقاب لها ثقلها المعنوي عند أهل الاختصاص، مثل: (القارئ المقرئ الشيخ) وغيرها.
فمن هنا نعلم أن إتقان القراءة تجويدا وترتيلا كان ذلك هو الأصل، ولكن الذي يؤسفنا في هذه الأيام ضعف هذا الوعي لدى كثير من الحفظة، حيث انصرفوا إلى تحسين الصوت، وانشغلوا بالمقامات، وتركوا إتقان الأداء، فربما لا يميّز بعضهم بين مختلف مراتب التفخيم والقلقة والغنة، وأسوأ من ذلك أن يوجد بينهم من لا يعطي الحروف حقها ومستحقها من الصفات، علما أن الصفات والمخارج من المباحث اللغوية قبل أن تكون من علوم التجويد، وقد أوردها الخليل بن أحمد في معجمه العين. وأعني بذلك أن الحرف بغيرها لا يستقيم نطقه لغويا فضلا عن أن يكون قرآنا نزل بلسان عربي مبين.
وكثير من هؤلاء المهملين ربما يغرُّهم تقبل الجمهور لهم وخلعُه الألقاب الضخمة عليهم، تلك الألقاب التي كانت تطلق على القراء بعد جهد جهيد، ولا يعلمون أن شهادة جمهور الناس إنما على حسن الصوت فحسب، ولا تشمل الأصل وهو إتقان القراءة، ذلك المعيار الذي ينفرد به أهل الاختصاص.
والحق أن العاقل لا يفرح بشهادة غير معتبرة؛ إذ هي صادرة ممن لا يملك لمن لا يستحق، لكنه يفرح بشهادة من شهد عن علم ودراية.
هل تعلمون ما معنى: (القارئ عبد الباسط عبد الصمد)، (القارئ محمد صديق المنشاوي)، (القارئ محمود خليل الحصري)، (القارئ عبد الفتاح الشعشاعي)، (القارئ أحمد نعينع)، (القارئ إبراهيم الأخضر)، (القارئ محمد أيوب البرماوي)، (القارئ علي الحذيفي)، (القارئ محمد صالح عالم شاه) وغيرهم؟
كيف التصق بأسمائهم هذا اللقب؟
هؤلاء وغيرهم كثير أتقنوا القرآن حفظا وتجويدا أولا رواية ودراية لقراءة معينة أو عدة قراءات أو ألَمّوا بعلم القراءات، ثم ضموا إلى ذلك حسن الصوت.
فهل كذلك من نطلق عليهم نحن (القراء) جمع (القارئ)؟
أما إذا كان إطلاقه كاسم فاعل مِن (قرأ) فكل من قرأ فهو قارئ، ولكن كمصطلح يحكي درجة من إتقان التلاوة فلا ينبغي أن يطلق إلا على من يستحق.
وإلا لأصبح كل من حدّث ببضعة أحاديث (محدّثا)، ومن أعرب جملة أصبح (نحويّا)، ومن قال قصيدة أحيانا (شاعرا)- كما قالوا عني، ولم يفرحني ذلك؛ لأنه -كما قلت- ممن لا يملك لمن لا يستحق- ومن ألقى درسا في الطهارة أصبح (فقيها)، وقيسوا على ذلك (القارئ).
ومما يزيد من البهجة إقبال عدد غير قليل من الحفظة مؤخرا على ملازمة المقرئين لإتقان التلاوة، مثل بعض الملازمين للقارئ الشيخ محمد أيوب وغيره من المشهود لهم من أهل الاختصاص، في حين انصرف الآخرون إلى تحسين الصوت، وعلم المقامات، ولا يدرون ما حق الحرف وما مستحقه، وما الوقف والابتداء.
فنصيحتي لإخوتي الحفظة، أن يصرفوا جهدهم في إتقان التلاوة أولا، فمن أحرز هذه الخطوة فلا بأس أن يسعى لتحسين الصوت، فهو مطلوب شرعا أيضا.
إن أريد إلا الإصلاح وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
اسم الموضوع : فضيلة الشيخ القارئ فلان بن فلان أدام الله بركته
|
المصدر : .: حلقات تحفيظ القرآن :.
