أبو هيثم الشاكر
مراقب سابق
ردّ الحقوق ومنع العقوق
منذ بزغ فجر الدعوة الإسلامية، وصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام- يؤسس لمجتمع إسلامي مبني على العلم، ويؤصل في النفوس مبادئ وأصولا تنطلق منها، وتحتكم إليها.
ومضى على النهج نفسه السلف الصالح، فلم تكن ثَمّ دعوة إصلاحية على مرّ القرون مجرّدة من الدعوة إلى العلم والتعلّم والعمل معا.
فتوارث هذا المنهج علماؤنا المصلحون إلى يومنا هذا، حيث يسعى أحدهم لتأصيل العلم، والتدرج في التعلم، مع العناية الشديدة بعلوم الآلة، التي يتخبّط في فهم النصوص من يجهلها، ثم يربّي تلاميذهم على هذا المنحى، ويبني الأمة على هذا المبدأ.
ثم نبغت نابغة في زماننا، فافترقوا فرقتين: فرقة استصعبت علوم الآلة فزهدت فيها، وربّوا تلاميذهم على الاكتفاء بالكتاب والسنة (ونِعم الكتاب والسنة) ولكن كيف يصلون إلى مراد الشارع بدون إتقان لغة الشرع؟
وفرقة أخرى استثقلت طلب العلم لما يتطلبه من صبر وبذل للمال والجهد والوقت، وقفزت قفزة سبقت بها الأولين وأعجزت عن إدراكها اللاحقين، واقتحمت ميدان الدعوة، وبدهيّ أن هؤلاء ترغّب مُريديهم عن العلم بحجة أنه يورث الكبر ويؤخّر عن العمل، وأن الله خلق الخلق لعبادته، فقصروا مفهوم العبادة في الأعمال الصالحة، غافلين عما يصحّ به العمل من الإخلاص والمتابعة.
ولو لا خوفي من الفتنة لضربت أمثلة حية معاصرة لكلتا الفرقتين، ولكن رُبّ إشارة أبلغ من عبارة.
هذا، ولقد أدركت ممن نهج منهج المتقدمين في بناء الأمة على العلم من علماء هذه الجالية بمكة شيخنا/ دلدار محمد إسحاق (مدير مدرسة دار القرآن)، ذلك الشيخ الذي أفنى معظم وقته في الاطلاع والتعليم، حيث خصّص ما بعد صلاة العشاء لإلقاء دروس في التفسير وعلوم القرآن، وأوقاتا أخرى لبعض علوم العربية. ويشرّفني أن أشهد للعصر أنني تتلمذت على يديه، ولازمت درسه في تفسير الجلالين مدة غير قصيرة وأُجزت فيه منه، كما درست على يديه قدرا كبيرا من كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي،وأيضا كان منطلقي في علوم العربية على يديه.
ولم يكن يفوته أن يستثمر وجود طلبة العلم أمامه بتوجيههم إلى الرفق في الدعوة، مستغلا المواقف الدعوية من قصص الأنبياء والسيرة النبوية أثناء شرح دروس التفسير، إضافة إلى نشاطه الإصلاحي لعوام الناس والشباب خصوصا.
وإلى جانب عنايته بعلوم اللغة العربية فهو يجيد الأردية وأعتقد الفارسية كذلك.
نعم هو متفقه بالمذهب الحنفي، وماذا يضيره ذلك، إذا لم يكن عن تعصب، وإنما كان عن قناعة وعلم ودراية، ولا يحمل غيره على قناعته؟ وله في هذا قدوة من سلف الأمة، وما زال العلماء ينسبون أنفسهم إلى المذاهب الفقهية المعروفة، ولم يكن ذلك ينفي عنهم الانتماء إلى السلف الصالح.
وهنا أبدي أسفي من التحزّب المقيت الذي ابتلي به بعض شباب طلبة العلم في زماننا، فلمجرد مخالفة عالم لآخرين في بعض الآراء، يهجرونه ويزهدون في علمه، ألا إنما أنفسَهم ضرّوا، وعلى أنفسهم جنوا. وهل كان ذلك دأب السلف الذين ينسب هؤلاء أنفسهم إليهم؟
نعم كان السلف -رحمهم الله- يحذّرون تلاميذهم من مجالس أهل البدع والأهواء؛ لئلا يكثروا سوادهم بمجالستهم، وليَسلموا من التأثر ببعض بدعهم، ولئلا يغتر عوام الناس بأهل البدع إذا رأوهم بصحبة هؤلاء.
وتقع الطامة الكبرى حينما يأتي هؤلاء الشباب فيتخذون هذا الموقف من كل من يخالفهم أو يخالف مراجعهم العلمية، إضافة إلى طوامَّ أخرى عندهم لا يتسع المقام لذكرها.
ألا فاتقوا الله أيها الأحبة-طلبة العلم- وبجّلوا كبيرنا وارحموا صغيرنا واعرفوا لعلمائنا حقهم..
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
ومضى على النهج نفسه السلف الصالح، فلم تكن ثَمّ دعوة إصلاحية على مرّ القرون مجرّدة من الدعوة إلى العلم والتعلّم والعمل معا.
فتوارث هذا المنهج علماؤنا المصلحون إلى يومنا هذا، حيث يسعى أحدهم لتأصيل العلم، والتدرج في التعلم، مع العناية الشديدة بعلوم الآلة، التي يتخبّط في فهم النصوص من يجهلها، ثم يربّي تلاميذهم على هذا المنحى، ويبني الأمة على هذا المبدأ.
ثم نبغت نابغة في زماننا، فافترقوا فرقتين: فرقة استصعبت علوم الآلة فزهدت فيها، وربّوا تلاميذهم على الاكتفاء بالكتاب والسنة (ونِعم الكتاب والسنة) ولكن كيف يصلون إلى مراد الشارع بدون إتقان لغة الشرع؟
وفرقة أخرى استثقلت طلب العلم لما يتطلبه من صبر وبذل للمال والجهد والوقت، وقفزت قفزة سبقت بها الأولين وأعجزت عن إدراكها اللاحقين، واقتحمت ميدان الدعوة، وبدهيّ أن هؤلاء ترغّب مُريديهم عن العلم بحجة أنه يورث الكبر ويؤخّر عن العمل، وأن الله خلق الخلق لعبادته، فقصروا مفهوم العبادة في الأعمال الصالحة، غافلين عما يصحّ به العمل من الإخلاص والمتابعة.
ولو لا خوفي من الفتنة لضربت أمثلة حية معاصرة لكلتا الفرقتين، ولكن رُبّ إشارة أبلغ من عبارة.
هذا، ولقد أدركت ممن نهج منهج المتقدمين في بناء الأمة على العلم من علماء هذه الجالية بمكة شيخنا/ دلدار محمد إسحاق (مدير مدرسة دار القرآن)، ذلك الشيخ الذي أفنى معظم وقته في الاطلاع والتعليم، حيث خصّص ما بعد صلاة العشاء لإلقاء دروس في التفسير وعلوم القرآن، وأوقاتا أخرى لبعض علوم العربية. ويشرّفني أن أشهد للعصر أنني تتلمذت على يديه، ولازمت درسه في تفسير الجلالين مدة غير قصيرة وأُجزت فيه منه، كما درست على يديه قدرا كبيرا من كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي،وأيضا كان منطلقي في علوم العربية على يديه.
ولم يكن يفوته أن يستثمر وجود طلبة العلم أمامه بتوجيههم إلى الرفق في الدعوة، مستغلا المواقف الدعوية من قصص الأنبياء والسيرة النبوية أثناء شرح دروس التفسير، إضافة إلى نشاطه الإصلاحي لعوام الناس والشباب خصوصا.
وإلى جانب عنايته بعلوم اللغة العربية فهو يجيد الأردية وأعتقد الفارسية كذلك.
نعم هو متفقه بالمذهب الحنفي، وماذا يضيره ذلك، إذا لم يكن عن تعصب، وإنما كان عن قناعة وعلم ودراية، ولا يحمل غيره على قناعته؟ وله في هذا قدوة من سلف الأمة، وما زال العلماء ينسبون أنفسهم إلى المذاهب الفقهية المعروفة، ولم يكن ذلك ينفي عنهم الانتماء إلى السلف الصالح.
وهنا أبدي أسفي من التحزّب المقيت الذي ابتلي به بعض شباب طلبة العلم في زماننا، فلمجرد مخالفة عالم لآخرين في بعض الآراء، يهجرونه ويزهدون في علمه، ألا إنما أنفسَهم ضرّوا، وعلى أنفسهم جنوا. وهل كان ذلك دأب السلف الذين ينسب هؤلاء أنفسهم إليهم؟
نعم كان السلف -رحمهم الله- يحذّرون تلاميذهم من مجالس أهل البدع والأهواء؛ لئلا يكثروا سوادهم بمجالستهم، وليَسلموا من التأثر ببعض بدعهم، ولئلا يغتر عوام الناس بأهل البدع إذا رأوهم بصحبة هؤلاء.
وتقع الطامة الكبرى حينما يأتي هؤلاء الشباب فيتخذون هذا الموقف من كل من يخالفهم أو يخالف مراجعهم العلمية، إضافة إلى طوامَّ أخرى عندهم لا يتسع المقام لذكرها.
ألا فاتقوا الله أيها الأحبة-طلبة العلم- وبجّلوا كبيرنا وارحموا صغيرنا واعرفوا لعلمائنا حقهم..
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
اسم الموضوع : ردّ الحقوق ومنع العقوق
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.