توبة عاشق عفيف

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
قالوا: أعذبُ الشعر أكذبُه

وبمناسبة انطلاق المرحلة الثانية للمنتدى يطيب لي أن أنزل تكملة القصيدة السابقة، رغم اختلاف الأعضاء في حقيقة وصدق مضمون القصيدة، ومن دواعي سروري أن لا يتفقوا على رأي، لأنهم إذا اتفقوا إنما يتفقون على إدانتي.

توبة عاشق عفيف

نفى النومَ عن عينيّ والطعمَ عن فمي
وصيّر حُلْوَ العيشِ مُرًّا كعلقمِ
تذكّرُ أيام الصِبا وكأنّها
نسيجٌ من الأطياف للمتوهِّمِ

كأني أرى أترابَ سَلمى يلُمْنَها
يقُلْنَ لها: لا تهجريه فتندمي
فإن لم يكنْ فيهِ لكِ اليومَ مغنمٌ
فإنّ لنا في مثلِهِ كلَّ مَغنَمِ

فقالتْ: وربِّ البيتِ ليسَ يغرّني
مَحبّةُ صُعلوكٍ فقيرٍ ومُعدِمِ
فقٌلن لها: يا قَبّح اللهُ مِن هوى
يباعُ وقلبٍ باتَ يُشْرى بِدرهمِ

نواصحَ صدقٍ كُنّ لي غير أنّها
تمادتْ فأضحتْ عُرضةً للتّلوُّمِ
ويومَ توارتْ بالخدورِ وخِلْتُهُ
خُسوفًا وتخويفًا لِعاصٍ ومُجرِمِ

تصدّقت واستغفرتُ ربّي لينجلي
وهل مِن خُسوفٍ ينجلي لِمُتيَّمِ؟
وما بَعدَها جادَ الزمانُ بمثلها
فمَنْ رضيتْه يا لهُ مِنْ مُنعَّمِ

فلستُ حَسودا للذي قُضِيتْ لهُ
ولا رافعا لله شكوى تظلُّمِ
ولكنني أرجو لها عِيشةَ الْهَنا
ومغفرةً إذْ أزهقَتْ روحَ مُسلمِ

وأعلمُ حقًا أن سَلمى بريئةٌ
فما كان مِن قَوسٍ لِسَلمى وأسهُمِ
ولكنْ لها عينُ الغزالِ وجيدُهُ
وشعرٌ كَلَيلٍ آخرَ الشهرِ مظلِمِ

ووجهٌ كأنّ البدرَ يلمعُ بالدجى
فيُصرَعُ فيه المبصرون ومَن عَمِيْ
فأبخسُ حقٍّ حقُّ ميْتِ الهوى فهلْ
على ميّتي العُشّاقِ مِن مُترحِّمِ

وأصبرُ مظلومٍ على الظلمِ عاشقٌ
وأقنعُ محرومٍ وأصفحُ مَن رُمِيْ
فليتكِ سَلمى تَعْلمين بأنّني
أبيتُ كقيسٍ في الورى مُهدَرًا دَمي

فما لقتيلِ العشقِ من ديةٍ ولا
قِصاصٍ ولا كفّارةٌ فيه فاعلمي
أيُقتَصّ فيما ليس قتلَ تعمُّدٍ
ولا خطأٍ أو شِبهِ عمدٍ فيُغْرَمِ

ولكنْ قتيلُ العشقِ قاتلُ نفسِهِ
فغُفرانك اللهمّ يا ربِّ وارْحمِ
فعدلُكَ مضمونٌ وفضلَكَ أرْتَجي
أمَنْ يُحْرَمِ الدنيا فأُخراه يُحرَمِ؟

ولو عاقبَ اللهُ الأنامَ بِظُلمِهمْ
لذاق جميعُ الخلقِ نارَ جهنَّمِ
وليسَ مُصيببي غير ما كسبتْ يدي
عليّ ويعفو عن كثيرٍ ويَرحَمِ

فما اجتَرَحَتْ نفسي الخطايا استهانةً
ولم أعصِ ربّي مستحِلَّ المحرَّمِ
سوى أنني أبديتُ مِعشارَ لَوعَتي
مِن الوَجْدِ في قلبي المعنّى المتيّمِ

ألا رُبَّ شيبٍ ردّه العِشقُ للصِّبا
ورُبّ خَلِيّ في الفُتوّةِ يَهْرَمِ
وهل لجريحٍ يشتكي حرُّ منبرٍ
سوى شِعرِهِ في كلِّ نادٍ ومَوسِمِ

ولَمّا رأوني شاعرًا متغزّلا
وقالوا: اتقِ الديّانَ يا شيخُ واحْلُمِ
وأَدتُّ هَواها في فؤاديَ غِيلَةً
وقلتُ: حذارِ الشرَّ يا نفسُ تَسْلمِي

فلازَمتُ سَمْتَ الصالحين لعلّني
أُنادَى لِحشْري في صِيامٍ وقُوَّمِ
أيُنكَرُ حَظُّ الصالحين مِن الهوى
إمامٍ وَقورٍ أو فقيهٍ مُعَمَّمِ؟

ولكنّهم أهلُ المروءةِ والتُّقى
يقولون للقلب: اعشَقِ الحسْنَ واكْتُمِ
ويُبدي لسانُ المرءِ في فَلَتاتِهِ
خفايا بشِقِّ النفس تُخفى فتُعلَمِ

فكم بِتُّ مِن ليلٍ يقلّبني الجوى
ويَمنعُني منه التُّقَى وتَأَثُّمي
فتهتِكُ في الصبح القوافي سرائري
وهل من لجامٍ للسانِ فيُلْجَمِ

وهل باتَ قيسُ بنُ الملوّح جانيًا؟
أراقَ لليلى العامريّةِ مِن دَمِ؟
فما كان إثما أن قد اشتدّ وجدُهُ
لليلى وهل مَن يُرزَقِ الْحُبَّ يأثَمِ؟

ولكنّهُ لَمْ ينهَ نفسًا عن الهوى
ولمْ يَرْضَ يومًا بالقضا ويُسلّمِ
فلا تتمنَّيْ نفسُ ما لستِ أهلَهُ
فما للثرى نيلُ الثريا والانجُمِ

ولكنْ ثقي بالله أعدلِ من قَضى
وأحلَمِ مَن يُعصى أبِالجورِ يحكُمِ؟
وأكرمُ خلق الله أتقاهمُ لهُ
ومن يُهِنِ اللهُ فليس بِمُكْرَمِ

ألا فاتركي يا نفسُ دنيا دنيئةً
وتوبي إليهِ قبلَ ساعةِ مَندَمِ
ولا ترتجي بعدَ اكتهالٍ فُتُوّةً
وهل يُرتجى عَودُ الزبيبِ لِحِصرِمِ

أيجدُرُ بي من بعد رُشديَ صَبْوةٌ
وهلْ سفَهًا أرضاه بعدَ تحلّمي
ولا تعذِليني أمَّ هيثمَ أنني
بِعهدِ الصِّبا قد غُصتُ لُجّةَ مغرَمِ

فما سلِم الأسلافُ منهُ بِزُهدِهمْ؟
وما الآنَ لي سلمى سوى أمَّ هيثمِ

شعر: العضو، من بحر الطويل
جمادى الثانية/1430هـ
 
اسم الموضوع : توبة عاشق عفيف | المصدر : .: إيقاع القصيد :.
إنضم
3 مايو 2009
المشاركات
2,543
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
حاليا في الرياض
شعر جميل جدا تذكرت من هذالشعر

وهل باتَ قيسُ بنُ الملوّح جانيًا؟
أراقَ لليلى العامريّةِ مِن دَمِ؟


ذلك الشعر
بكيت دما يوم النوى فمسحته .........بكفي وهذاالأثر من ذلك الدم


على العموم مشكور على شعرك الجميل
كأني بك عمر ابي ربيعة بهذه الاشعار
 

فتى المعالي

مراقب سابق
إنضم
28 مارس 2009
المشاركات
193
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
35

أسلوبٌ شائق، وألَقٌ فائق، كلمات رائقة، سكب فيها أخونا الشاعر مشاعره وأحاسيسه، وبلْورَ مضامين ما ارتآه -في مخيلته- في هذه الصورة الراقية، فجاءت قصيدته فريدة في بابها..
لقد صاغ (الصعلوك) ميميته هذه من وهج عاطفته، ولفَّها بلفحات من حسّه المرهف، فجاءت تنبض بالإيقاع العاطفي الحارّ في كل بيت من أبياتها..
ومن هنا يستنتج المتذوق الحصيف أن عاطفته كانت (ذاتية) (دينية) في آن واحد!!
وإن عاطفته اتسمت بالصدق والأصالة، وعفوية التعبير، ولذا تدفَّقت الكلمات المعبرة من فِيهِ كالماء الزلال، بالإضافة إلى أنها (أي العاطفة) شابَها شيءٌ من حزن مكتوم، وصراع نفسي وألم عميق فجّره الشاعر بأسلوبه البياني الساحر..
وأما المعاني الساميات التي تطرق إليها في قصيدته هذه فأجلى مِنْ أن تُجلَّى!!
ولقد كنت عاكفاً -قبل أيام- على بعض أمّات الدواوين أنقّب عن ما احتوته بطونُها، لأقيّد ما أستحسنه من بيت مستظرف، أو وصف بديع، أو كلمة معبرة، أو حكمة بديعة، في جُذاذات؛ لعلي أرجع إليها في بقية عمري إن كتب الله لنا البقاء وطول العمر، وإذ بي أقرأ لجمعٍ منهم أبياتاً من نفس الباب، فذكّرتْنِي بما قد زبره الصعلوك في قسم الشعر بالمنتدى، فقلت: قاتلهم الله من شعراء!، لقد رسم الكلُّ (ومنهم شاعرنا) لوحاتِهم الروائعَ بريشة واحدة، فبانت فيها المشاعر ذاتُها ، في حرارة لهجتها، وقوّة وقْعها، وصدْق تصويرها..

أدام الله أخانا (الصعلوك) شاعراً مبدعاً مبتكراً المعانِيَ الجيادَ.. متسربلاً بألَقِه ..
 

king Saji

New member
إنضم
22 يوليو 2009
المشاركات
452
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
Umm Al-Qura
اللهم اغـفـر لهما ولوالـديهما ما تقدم من ذنبهم وما تأخر ...
وقهم من عــذاب القبر وعــذاب النار ...
وأدخلهم الفردوس الأعلى مع الأنبياء والشهداء الصالحين ...
واجعل دعائهم مستجا ب في الدنيا والأخرة
اللهم آاآاآمين
 

أصيلة

New member
إنضم
6 أغسطس 2009
المشاركات
132
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مدينة الشعراء
يالك من شاعر بارع ومبدع
أتمنى لك التوفيق الدااااااااااااااااائم
في عالم الشعرااااااااااااء
ومرحبا بك في مدينتي
مدينة الشعرااااء

:shakehand::hello:
 
أعلى