{ [frame="9 80"]الذي خَلَقَ الموت والحياةَ ليبلوَكُم أيكم أحْسَنُ عَمَلاً } (الملك:2)
وأمثالها في القران الحكيم، تعد الموت مخلوقاً كالحياة، وتعتبره نعمة إلهية. ولكن الملاحظ أن الموت انحلال وعدم وتفسخ، وانطفاء لنور الحياة، وهادم اللذات... فكيف يكون "مخلوقاً" وكيف يكون "نعمة" ؟
الجواب:
أن الموت في حقيقته تسريح وإنهاء لوظيفة الحياة الدنيا، وهو تبديل مكان وتحويل وجود، وهو دعوة إلى الحياة الباقية الخالدة ومقدمة لها؛ إذ كما أن مجيء الحياة إلى الدنيا هو بخلق وبتقدير إلهي، كذلك ذهابها من الدنيا هو أيضا بخلق وتقدير وحكمة وتدبير إلهي؛ لأن موت ابسط الأحياء - وهو النبات - يُظهر لنا نظاماً دقيقاً وإبداعا للخلق ما هو أعظم من الحياة نفسها وانظم منها، فموت الأثمار والبذور والحبوب الذي يبدو ظاهراً تفسخاً وتحللاً هو في الحقيقة عبارة عن عجن لتفاعلات كيمياوية متسلسلة في غاية الانتظام، وامتزاج لمقادير العناصر في غاية الدقة والميزان، وتركيب وتشكّل للذرات بعضها ببعض في غاية الحكمة والبصيرة، بحيث أن هذا الموت الذي لا يرى، وفيه هذا النظام الحكيم والدقة الرائعة، هو الذي يظهر بشكل حياة نامية للسنبل وللنبات الباسق المثمر. وهذا يعني أن موت البذرة هو مبدأ حياة النبات الجديدة، أزهاراً وأثماراً.. بل هو بمثابة عين حياته الجديدة؛فهذا الموت إذن مخلوق منتظم كالحياة..
وكذلك فان ما يحدث في معدة الإنسان من موت لثمرات حية، أو غذاء حيواني، هو في حقيقته بداية ومنشأ لصعود ذلك الغذاء في أجزاء الحياة الإنسانية الراقية. فذلك الموت إذن مخلوق أكثر انتظاماً من حياة تلك الأغذية.
فلئن كان موت النبات - وهو في أدنى طبقات الحياة - مخلوقاً منتظماً بحكمة، فكيف بالموت الذي يصيب الإنسان وهو في أرقى طبقات الحياة؟ فلا شك أن موته هذا سيثمر حياة دائمة في عالم البرزخ، تماماً كالبذرة الموضوعة تحت التراب والتي تصبح بموتها نباتاً رائع الجمال والحكمة في (عالم الهواء).
أما كيف يكون الموت نعمة؟..
فالجواب:
سنذكر أربعة وجوه فقط من أوجه النعمة والامتنان الكثيرة للموت.
أولها: الموت إنقاذ للإنسان من أعباء وظائف الحياة الدنيا ومن تكاليف المعيشة المثقلة. وهو باب وصال في الوقت نفسه مع تسعة وتسعين من الأحبة الأعزاء في عالم البرزخ، فهو إذن نعمة عظمى!
ثانيها: انه خروج من قضبان سجن الدنيا المظلم الضيق المضطرب، ودخول في رعاية المحبوب الباقي وفي كنف رحمته الواسعة، وهو تنعم بحياة فسيحة خالدة مستنيرة لا يزعجها خوف، ولا يكدرها حزن ولا همّ.
ثالثها: أن الشيخوخة وأمثالها من الأسباب الداعية لجعل الحياة صعبة ومرهقة، تبيّن مدى كون الموت نعمة تفوق نعمة الحياة. فلو تصورت أن أجدادك مع ما هم عليه من أحوال مؤلمة قابعون أمامك حالياً مع والديك اللذين بلغا أرذل العمر، لفهمت مدى كون الحياة نقمة، والموت نعمة. بل يمكن إدراك مدى الرحمة في الموت ومدى الصعوبة في إدامة الحياة أيضا بالتأمل في تلك الحشرات الجميلة العاشقة للأزاهير اللطيفة، عند اشتداد وطأة البرد القارص في الشتاء عليها.
رابعها: كما أن النوم راحة للإنسان ورحمة، ولا سيما للمبتلين والمرضى والجرحى، كذلك الموت - الذي هو اخو النوم - رحمة ونعمة عظمى للمبتلين ببلايا يائسة قد تدفعهم إلى الانتحار.
أما أهل الضلال، فالموت لهم كالحياة نقمة عظمى وعذاب في عذاب، كما أثبتنا ذلك في "كلمات" متعددة إثباتا قاطعاً وذلك خارج بحثنا هذا.[/frame]
وأمثالها في القران الحكيم، تعد الموت مخلوقاً كالحياة، وتعتبره نعمة إلهية. ولكن الملاحظ أن الموت انحلال وعدم وتفسخ، وانطفاء لنور الحياة، وهادم اللذات... فكيف يكون "مخلوقاً" وكيف يكون "نعمة" ؟
الجواب:
أن الموت في حقيقته تسريح وإنهاء لوظيفة الحياة الدنيا، وهو تبديل مكان وتحويل وجود، وهو دعوة إلى الحياة الباقية الخالدة ومقدمة لها؛ إذ كما أن مجيء الحياة إلى الدنيا هو بخلق وبتقدير إلهي، كذلك ذهابها من الدنيا هو أيضا بخلق وتقدير وحكمة وتدبير إلهي؛ لأن موت ابسط الأحياء - وهو النبات - يُظهر لنا نظاماً دقيقاً وإبداعا للخلق ما هو أعظم من الحياة نفسها وانظم منها، فموت الأثمار والبذور والحبوب الذي يبدو ظاهراً تفسخاً وتحللاً هو في الحقيقة عبارة عن عجن لتفاعلات كيمياوية متسلسلة في غاية الانتظام، وامتزاج لمقادير العناصر في غاية الدقة والميزان، وتركيب وتشكّل للذرات بعضها ببعض في غاية الحكمة والبصيرة، بحيث أن هذا الموت الذي لا يرى، وفيه هذا النظام الحكيم والدقة الرائعة، هو الذي يظهر بشكل حياة نامية للسنبل وللنبات الباسق المثمر. وهذا يعني أن موت البذرة هو مبدأ حياة النبات الجديدة، أزهاراً وأثماراً.. بل هو بمثابة عين حياته الجديدة؛فهذا الموت إذن مخلوق منتظم كالحياة..
وكذلك فان ما يحدث في معدة الإنسان من موت لثمرات حية، أو غذاء حيواني، هو في حقيقته بداية ومنشأ لصعود ذلك الغذاء في أجزاء الحياة الإنسانية الراقية. فذلك الموت إذن مخلوق أكثر انتظاماً من حياة تلك الأغذية.
فلئن كان موت النبات - وهو في أدنى طبقات الحياة - مخلوقاً منتظماً بحكمة، فكيف بالموت الذي يصيب الإنسان وهو في أرقى طبقات الحياة؟ فلا شك أن موته هذا سيثمر حياة دائمة في عالم البرزخ، تماماً كالبذرة الموضوعة تحت التراب والتي تصبح بموتها نباتاً رائع الجمال والحكمة في (عالم الهواء).
أما كيف يكون الموت نعمة؟..
فالجواب:
سنذكر أربعة وجوه فقط من أوجه النعمة والامتنان الكثيرة للموت.
أولها: الموت إنقاذ للإنسان من أعباء وظائف الحياة الدنيا ومن تكاليف المعيشة المثقلة. وهو باب وصال في الوقت نفسه مع تسعة وتسعين من الأحبة الأعزاء في عالم البرزخ، فهو إذن نعمة عظمى!
ثانيها: انه خروج من قضبان سجن الدنيا المظلم الضيق المضطرب، ودخول في رعاية المحبوب الباقي وفي كنف رحمته الواسعة، وهو تنعم بحياة فسيحة خالدة مستنيرة لا يزعجها خوف، ولا يكدرها حزن ولا همّ.
ثالثها: أن الشيخوخة وأمثالها من الأسباب الداعية لجعل الحياة صعبة ومرهقة، تبيّن مدى كون الموت نعمة تفوق نعمة الحياة. فلو تصورت أن أجدادك مع ما هم عليه من أحوال مؤلمة قابعون أمامك حالياً مع والديك اللذين بلغا أرذل العمر، لفهمت مدى كون الحياة نقمة، والموت نعمة. بل يمكن إدراك مدى الرحمة في الموت ومدى الصعوبة في إدامة الحياة أيضا بالتأمل في تلك الحشرات الجميلة العاشقة للأزاهير اللطيفة، عند اشتداد وطأة البرد القارص في الشتاء عليها.
رابعها: كما أن النوم راحة للإنسان ورحمة، ولا سيما للمبتلين والمرضى والجرحى، كذلك الموت - الذي هو اخو النوم - رحمة ونعمة عظمى للمبتلين ببلايا يائسة قد تدفعهم إلى الانتحار.
أما أهل الضلال، فالموت لهم كالحياة نقمة عظمى وعذاب في عذاب، كما أثبتنا ذلك في "كلمات" متعددة إثباتا قاطعاً وذلك خارج بحثنا هذا.[/frame]
اسم الموضوع : { من نعمة الله }
|
المصدر : .: أشتات وشذرات :.