هل باع صاحبي مصحفه ؟؟

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

فتى المعالي

مراقب سابق
إنضم
28 مارس 2009
المشاركات
193
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
35
صاحبي الذي أعرفه, يملك صوتاً رخيماً نديًا, كانوا يُلحّون عليه أثناء خلواتهم في بعض المساءات كي يأخذ بأفئدتهم نحو رياض
البهجة وهو يُسمعهم أعذب النشيد من مجموعة (نداء وحداء).

كان المؤذن الطاعن في السن يمد إليه بمقاليد مسجدهم العتيق لينوب عنه في رفع الأذان عندما يغيب هو في قضاء حوائجه.
وكان الأهالي يشتاقون إلى صوت المؤذن الصغير , خاصة مع ساعة الإفطار وهم يلتفون حول المائدة.

كلما ملأت قلبه حكمة حصل عليها من بطون الكتب , لم يكن يحتكرها لعقله ,بل كان يبيحها لأهل بيته ويعلقها على باب غرفته.

طالما سبقته دموعه لأن امرأة ضئيلة, رثة الثياب , كانت تتسول رحمة المصلين وتفتش في ثيابها عن ما يسكت صراخ طفلها الجائع.


أعتاد ماء الحياة من حوله صافية نقية , حتى عندما يختلط بها الخبث - وقد يطفح ذلك الخبث أحيانا- ويرى نزعات الهوى تغلب

وتُرسل بعسكرها حتى تفوز بأكبر عدد من الأسرى إلى معسكر الغواية , تجده يردد على لسانه بصوت الحسرة ( هداهم الله).

كان ذلك هو صاحبي , أتذكر همته إذا زلت بي القدم , وأستسلم لجلد ذاتي وقد جعلته قدوة لي أتخفف من أغلال الفتور للحاق به ,

كان مثلاًً بيناً ظاهراً للآباء عندما يرغبون في ضرب الأمثلة لابناءهم.




أرأيت تلك الحقول المترامية مد البصر , ستجدها متداخلة تماما , ولن تفلح في تمييز الواحدة منها عن الأخرى مع أنها ملك لرجلين

اثنين , تلك هي حياتنا اختلطت حد التمازج, فكيف تطلب مني الآن أن أنزعك من نفسي دفعة واحدة لتنعم أنت بحياتك بعيدا عني.

صاحبي (سامي ) غادر مع والده المصاب في قلبه بأسقام ترادفت عليه , فقد وضع أمله- بعد الله- في يد الطبيب الغربي , مكث الاثنان

في الغرب سبعة أشهر , عاد الأب بعدها سليم القلب مُعافى من المرض , لايشتكي العلة ,لكن الابن الغض رجع بقلب مريض , استبد به

داء الشك وتسربل في رداء أخر , وجعل يزري بالثوب القديم.

سبعة أشهر كانت كافية تماماً في تجريعه الداء على دفعات حتى غلب عليه, كشفه عبوس وجهه الذي فقد التبسم والبشاشة , وفضحته

عثرات لسانه الذي تجرد من حروف الحمد والشكر والهداية, وخانته أنامله التي ضجرت من ( السواك) فألقت به وأسرعت صوب

( السيجارة) بديلاً ورفيقاً.

صاحبي فقد الأمان والطمأنينة والرضا , حديثه الجديد ينم عن نفسية مهزوزة خائفة متشائمة , عندما أبصره أتذكر قصه ( سالم الخاسر)

ذلك الذي باع مصحفه واشترى بثمنه طنبوراً يتلهى به.

لكني لازلت أرى نهاية النفق المظلم أملا بعد أن باع صاحبي مصحفه أن يأتي ذلك المساء الذي يسترده ويتلوه حق التلاوة ويغسل

به روحه الظامئة المظلمة.

عد يا صديقي عد فقوافل العائدين لازال فيه متسع.



منقول من منتداي العزيز: رواء الأدب
 

albarom

New member
إنضم
27 يوليو 2009
المشاركات
156
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
لك من القلب سلام والدعاء جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المفيد
 
إنضم
4 مايو 2009
المشاركات
1,442
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
531191472.gif
 
أعلى