العقل أم الشجاعة؟

[alamaan]

الإنسان أحياناً يحتار بين أمرين، كل واحد منهما متميز في حدوده، جذاب في مظهره ومخبره، والحيرة تأتي عندما يكون المرء مجبراً على أن يختار واحداً من الأمرين، وليس كلاهما، وأمامنا الآن خيار بين العقل والشجاعة، وهما في بعض المواقف، أو لعلهما في أغلبها، يتضادان، فالعقل يقتضي الحذر، وطول التفكير والأناة قبل التصرف، ويقتضي كد الذهن لسلوك الطريق الموصل للسلامة والأمان. ونتيجة تتجمع فيها الفوائد المتكاملة، والفلاح الواضح. والشجاعة يقدم عليها المرء أحياناً باندفاع لم يسبقه تأنٍّ أو تبصر أو حذر، ولم تواكبه روية أو تمعن. ولم تقلب فيه الأمور على وجوهها المختلفة.

وآفة الشجاعة أن مسبباتها تأتي أحياناً مفاجئة، تدخل على الإنسان اقتحاماً من النافذة، ولا تطرق الباب، مستأذنة بالدخول، ومادام الأمر لم يعط العقل وقتاً للتفكير، فلم يبق إلا سرعة تصرف الأعضاء، والاستفادة من العضلات القوية المدربة، ولعل أقرب ما يأتي إلى ذهني في هذا الأمر القصة التالية:

«هوت جرة نحو يزيد بن المهلب، فلم يتوقها، فقال له أبوه:

ضيعت العقل من حيث حفظت الشجاعة.

«الأجوبة المسكتة لابن أبي عون ص:11».

يحدث هذا كثيراً في هذه الحياة، فيسقط شيء لم يكن متوقعاً سقوطه، فيقفز القاعد بقرب مسقطه، مما قد يستوجب ضحك من حوله، وبعض الناس أعصابه قوية، فلا يفزعه هذا، ولا يهمه أمر ما حدث، بل لا يلتفت ليرى ما حدث، وقد يكون فيه له ضرر، ولكنه يحب أن يعرف الناس عن قوة ثباته، ورباطة جأشه، ويروى عن أناس بازين في مجتمعات من مجتمعات العرب السابقين، منها أن أحدهم، وكان كبير قومه، كان جالساً في صدر المجلس، وعندما انفض السامر قال لخادمه: إن هناك شيئاً في ظهري قد ضايقني فلما كشف ظهره وجد عقرباً قد عاثت في ظهره، وكان ظهره -كما يقول الراوي- حمراء أشبه برئة الخروف، على كل حال كان هذا الرجل مشهوراً بالشجاعة.




المصدر :المجلة العربية

 

[هيمو_]

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه