الأسيف
مراقب عام
تلبيةً لطَلبِ الأخْ : برْمَاويْ في قُلُوبِنَا ..
أخَذَ الكُلّ يستعدّ لاستقبالِ ذلكَ الضّيف الكريمْ .. الأسواقُ مكتظّة ، والشوارعُ مزدحمةٌ ، والجوالاتُ مشغولةٌ باسْتلامِ التّهَاني والتّبريكَاتْ ..الكلّ في شُغْل .. إلا أولئكَ المنسيّون تحتَ الأنقَاضْ !!
ألا يُنَغّصُ عليه شهوتهُ ، علمُه أنّ بين أقربائه وأبناء قومهِ من تتواثبُ أحشاؤهُ شوقاً إلى فُتاتِ تلك المائدة ؟ ويسيل لعابه تلهّفاً على فضلاتها ؟!
ألا يتذكر المرء منّا حينما يُقَدّمُ له طعاماً شهيّاً ، ويشربُ ماءً عذباً زلالاً ، ويُمهّدُ له فراشاً وثيراً ، فيرقدُ نوماً هادئاً مطمئنّاً لا تروعهُ فيه خواطرُ الموتِ ، ولا وساوس الهلاك ؛ إخوانه الذين اتخذوا البلاطَ المطليّ بالقارِ لهم مَرقداً ، ويتخيلون فُتَاتَ العيشِ مع شيءٍ من اللحمِ الغثيثْ لهم سحوراً وفطوراً ! وينتظرونَ إلقاء قطعةِ خبزٍ محشوّةٍ بقليلٍ من العدسِ أو الحمّصِ أو الذّرَة ، وأحيانا تصحبها قنينةٌ صغيرةٌ منَ الماء ، إنها الوجبة اليتيمة في اليوم !
ألا يفكّرُ المرءُ - فينا عندما يُبصر بعينيهِ تلكَ الخُضرةَ الزاهية البديعَة ، والسماء الصافية المتلألئةِ ، ورؤية منظرِ الشَّمْسِ في طُلُوعِها وغُرُوبها ، إخوانهُ الذينَ ودّعتهمُ الشمسُ وأنوارهَا وحُرموا من الضّوء السّاطعِ والهواءِ الطّلْق والفضاءِ الشاسع !
ألا ينظرُ المرءُ عندما يجوبُ مسالكَ المدينةِ وأزقتها ، ويُمَتّعُ ناظريهِ برؤية التلالِ العُفْرْ ، ويَشمّونَ روائحَ الأزهارِ العَطِرَة .. أن إخوانهُ يتجولونَ داخلَ الزنزانةِ الحديديّة مُكَبّلينَ بالسّلاسِلِ ، يُصْغَونَ إلى زَقزَقةِ الطُّيُورِ الأسيرةِ فَوْقَ أبْرَاجِهَا ، ويَسْتمتعونَ بخَريرِ الجداولِ المحمّلةِ بسُيُولِ الدّمِ المسْفُوح .. !
أيها البرماويون المُحسنون : واللّهِ لا أعرفُ لكمْ باباً في الإحسانِ لإخواننا في ( التّرْحيلِ ) تَنْفُذونَ منهُ إلى عفوِ اللهِ أوسعَ من بابِ الدعاءِ والتضرّعِ واللّجأِ إلى ربّ الأرضِ والسّماء ..
فهَاهيَ أبوابُ رمضَان مفتُوحةٌ أمامكم أيّها الأئمّةُ البرماويون ؛ ارفعُوا أكفّكمْ وألحّوا في قرعِ البابِ فإنهُ يُوشَكُ أنْ يُفتَحَ لكم ..
هنا أضَعُ بعضَ الأسئلةِ التي جالتْ في خَاطري ..
كيْفَ لنا أيها المبَاركون أنْ نقِفَ معَ هؤلاءِ الإخوةِ ، وهُم في أمسِّ الحاجةِ إلينا ؟
بأيّ وسيلةٍ نسْتطيعُ أنْ نقَدّمَ لهم يدُ العَونِ والمساعَدةِ ؟!
وهَلْ قدُوم شَهرِ التّوبةِ والغُفران منفَذٌ لنا نحنُ البرماويين في تَكثيفِ الدعاءِ على المحَاريبِ والمنابرِ لإخواننا المنكُوبين ؟
اللهمَّ انقطعَ الرّجَاءُ إلا مِنكَ ، وَخَابَتِ الظُنُون إلا فِيكَ ، وَضَعُفَ الاعْتِمَادُ إلا عَليْكَ .. نَسْألكَ أنْ تجبرَ كَسْرَهُم ، وأنْ تُعظمَ أَجْرَهُم .. اللّهُمَّ إنّا نَسْألكَ فَرَجَاً قريبَاً عَاجِلاً ..
أتركُ السّاحةَ لكُمْ ..
اسم الموضوع : ( رَمَضَانُ ) وَمَنسيُونَ تَحْتَ الأنقَـــاضْ !!
|
المصدر : من وحي رمضان

