الحق لا ينحصر في الأئمة الأربعة وتقليدهم ليس واجبا

تنبيه مهم:

  • المنتدى عبارة عن أرشيف محفوظ للتصفح فقط وغير متاح التسجيل أو المشاركة

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0

معظم الفروع الفقهية ترجع إلى مذاهبهم


الحق لا ينحصر في الأئمة الأربعة وتقليدهم ليس واجبا

سلمان العودة


3 ــ وقد يجد بعض المتعصبين للمذاهب في تلك الثروة الواسعة بعض ما يزكي تعصبهم، بيد أنهم لو أنصفوا واعتدلوا لأخذوا البحر وتركوا القنوات، ولزموا سواء السبيل، وأعرضوا عن الشذوذات والأقوال الغريبة التي تنغمر في لج الأقوال الصالحة السديدة، وهو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. كما يجد متعصبون آخرون ضد المذاهب من تلك الأقوال ما يجعلهم يسيئون الظن بالمذاهب جملة ويحاربونها، ويعدون التمذهب في أصله ضلالا وانحرافا عن سواء السبيل.
عليك بأوساط الأمور فإنها
نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا(1)
وقد كتب الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رسالة عنوانها: (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة)، شدد فيها على وجوب اتـباع هؤلاء الأئمة دون غيرهم، مستشهدا باجتماع المسلمين على حرف واحد من حروف القراءة، بعدما كانت الأحرف متعددة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، واجتماعهم على الصحيحين والسنن الأربع بعدما تفرق الرواة وخشي اختلاط الصحيح بغيره.
وأثنى على مقام الأئمة الأربعة، فقال رحمه الله: (اقتضت حكمة الله سبحانه أن ضبط الدين وحفظه؛ بأن نصب للناس أئمة مجتمعا على علمهم ودرايتهم وبلوغهم الغاية المقصودة في مرتبة العلم بالأحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث)(2).
ونحن نرى أن الحق لا ينحصر في الأئمة الأربعة، كما نرى أن تقليدهم غير واجب، وهم أنفسهم كانوا ينهون عن ذلك، ويأمرون الناس بالرجوع إلى القرآن والحديث، كما قال أبو حنيفة: (إذا جاء الحديث الصحيح أخذنا به، وإذا جاء عن الصحابة تخيرنا، ولم نخرج عن أقوالهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم). وقال مالك: (ما منا إلا راد ومردود عليه). وقال الشافعي: (إذا صح الحديث فهو مذهبي). وقال أحمد في كلمته الشهيرة: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي)(3).
بيد أن معظم الفروع الفقهية ترجع إلى مذاهبهم، وقد حظيت تلك المذاهب من التأصيل والتقعيد والإلحاق والتفريع، فضلا عن التدوين والضبط بما لم يحظ به غيرها، فقد أقام الله لهم من يضبط مذاهبهم ويحرر قواعدهم؛ حتى حفظ مذهب كل إمام منهم بأصوله وقواعده وفصوله، حتى ترد إلى ذلك الأحكام يضبط الكلام في الحلال والحرام(4).
وهناك مذاهب أخرى كمذهب الأوزاعي والظاهرية، فضلا عن مذاهب الفرق الإسلامية الأخرى والتي تتشابه من حيث الجملة في الفروع الفقهية، وفي كثير من الأصول الفقهية أيضا إلا أنها لم تحظ بنفس الاهتمام الذي حظيت به المذاهب الأربعة.
4 ــ امتدادا لهذا المعنى فإن منـزلة اليقين التي هي جزء من شرط الإمامة تعني الإيمان الحق بالله، وبما عند الله، ووعده ووعيده، وأنبيائه ورسله، وكتبه وشرائع دينه، وأولئك الأئمة حازوا على درجاتها العليا، بصدق الاعتقاد وصحته، وملازمتهم للكتاب والسنة.
إن الإمامة منصب ديني لم يحصلوا عليه بمرسوم سلطاني، ولا بثراء مادي، ولم ينالوه ثمرة للشهرة، ولا حتى بالعلم المجرد، فقد يكون في الناس من هو أوسع منهم (معلومات) ولكنهم جمعوا بين العلم والعمل، وكما قيل: (هتف العلم بالعمل؛ فإن أجابه وإلا ارتحل)(5).
مواعظ الواعظ لن تقبلا
حتى يعيها قلبه أولا
يا قوم هل أظلم من واعظ
خالف ما قد قاله في الملا
أظهر للعالم إحسانه
وخالف الرحمن لما خلا(6)
ففي الإمامة معنى القدوة والتأسي والاتباع والحجية، وهذه متصلة بصفاء الروح ونقاء السريرة وصدق القلب، وثلج الصدر بالإيمان .
5 ــ ومن خصائصهم الأخلاقية: الصبر، فإنهم جميعا يصدق عليهم أنهم ممن ابتلي فصبر، وقد سئل الشافعي رحمه الله: (أيما أفضل للرجل: أن يمكن أو يبتلى؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى)(7).
ولقد مكن لهؤلاء الأئمة جميعا، ولكن بعد الابتلاء، فقد ضرب أبو حنيفة على القضاء، وجلد مالك في مسألة طلاق المكره، وسجن الشافعي وعرض على السيف فأنجاه الله، وسجن أحمد وجلد بما عد حادثة تاريخية مشهورة فيما سمي بـ (فتنة خلق القرآن)، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين.
ولم يحدث أن انتقم أحد منهم ممن آذاه، ولا تظلم فيه، بل قد جعلوا كل من آذاهم في حل، وتجاوزوا القضية ونسوها كأن لم تقع.
وهذا إنما يصدر من أصحاب النفوس الكبيرة التي لا تقف عند حظوظها الذاتية، ولا تحسب أن مدار الأمر على الانتصار الشخصي.
إن إثارة المعارك حول ظلم شخصي حاق بهذا الرجل أو ذاك لم يكن من وكدهم ولا ديدنهم، فرسالتهم كانت أبعد من ذلك، وهمهم أوسع، وقدوتهم رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ الذي جرح وهو يقول:
(هل أنت إلا إصبع دميت
وفي سبيل الله ما لقيت)(8).
قال الإمام ابن القيم ــ رحمه الله:
«فهذا الإمام مالك بن أنس، توصل أعداؤه إلى ضربه بأن قالوا للسلطان: إنه يحل عليك إيمان البيعة بفتواه، أن يمين المكره لا تنعقد، وهم يحلفون مكرهين غير طائعين، فمنعه السلطان، فلم يمتنع لما أخذه الله في الميثاق على من آتاه الله علما أن يبينه للمسترشدين، ثم تلاه على أثره محمد بن إدريس الشافعي، فوشى به أعداؤه إلى الرشيد، أنه يحل أيمان البيعة بفتواه أن اليمين بالطلاق قبل النكاح لا تنعقد، ولا تطلق إن تزوجها الحالف، وكانوا يحلفونهم في جملة الأيمان: «وأن كل امرأة أتزوجها فهي طالق»، ..فما فت ذلك في عضد أئمة الإسلام، ولا ثنى عزماتهم في الله وهممهم، ولا صدهم ذلك عما أوجب الله تعالى عليهم من اعتقاده والعمل به من الحق الذي أداهم إليه اجتهادهم، بل مضوا لسبيلهم، وصارت أقوالهم أعلاما يهتدي بها المهتدون، تحقيقا لقوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (السجدة: 24)(9)
6 ـــ وكلهم كانوا من أوعية العلم، فأبو حنيفة فقيه أهل العراق بغير منازع، شهد له بذلك الجهابذة، ومالك فقيه المدينة والحجاز، ولم يفت حتى شهد له أربعون من علماء المدينة، وهو من أثبت الناس في الحديث، والشافعي إمام في العديد من العلوم، منها: اللغة والفقه والأصول، وهو من ثقات المحدثين، وأحمد كان من الحفاظ الكبار كما تشهد بذلك مصنفاته وسيرته ومروياته..
كانوا محدثين، وكانوا فقهاء، وإن كان أبو حنيفة إلى الفقه أميل، وأحمد إلى الحديث أميل، ومالك والشافعي وإن كانوا معدودين في مدرسة أهل الحديث إلا أن لهم عناية وبصرا وأخذا في الفقه قل نظيره
.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20090825/Con20090825300611.htm
 

هيمو_

New member
إنضم
6 يوليو 2009
المشاركات
2,323
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه
 

جواد البحر

Active member
إنضم
15 مايو 2009
المشاركات
3,025
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
الإقامة
مكة المكرمة
[frame="9 80"][align=center]
2e031f0ee12my.gif


رحم الله أولئك الأئمة قدموا الكثير لهذا الدين

جزاك الله خيراً على طرحك المبارك

ggg.gif

[/align]
[/frame]
 

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
a7000a.jpg



الصاوي ذكر في حاشيته أن الخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل

المبالغة في مدح الأئمة قادت إلى الفهم الخاطئ

سلمان العودة

عشت كثيرا مع سير العلماء والمصلحين،
وخاصة أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة في العالم الإسلامي عبر التاريخ،
ووجدت أن سيرهم مدارس في التربية والسلوك والأخلاق؛
كما هي مدارس في المعرفة والتعليم،
بل إنها تؤسس لانطلاقات جديدة حضارية في البيئات التي تهيمن عليها،
متى أحسن الناس قراءتها وفهمها. ومن هذا المنطلق كتبت ورقات في سيرة كل إمام منهم،
حاولت أن تكون جامعة بين المتعة والفائدة والتوثيق، ثم أعدت النظر فيها لاستخراج الجوامع والفروق، التي تؤكد على وحدة المنطلقات والأصول في هذه المدارس الفقهية،
وتنوع الاجتهادات والآراء تحقيقا لمعنى الرحمة والسعة، ومراعاة اختلاف البيئة والظرف،
فيما أذن الله تعالى أن يختلف الناس فيه، حيث تسعهم شريعة ربهم في بحبوحتها وامتدادها، حين يضيق بهم المذهب الخاص الذي يتكئ على الشريعة، ولكنه لا يدعي الإحاطة بها، والتعبير التام عنها.ومن المبالغة في مدحهم ما ذكره ابن الجوزي في المناقب من تأثير موته عند الجن،
أنهم نعوا أحمد بن حنبل قبل موته بأربعين صباحا.

(1)والأمثلة على ذلك كثيرة، وهي إن قصد بها تعظيم ابن حنبل وتمجيده فإنها قد تؤدي
عند غير العالمين إلى عكس ذلك، فإن أحمد بن حنبل بفضله وعلمه وورعه وزهده وتقواه
وتوفره على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ودفاعه عن السنة الشريفة
وذوده عن صلب العقيدة وشجاعته التي لم تتكرر إلا عند القليل من أمثاله؛ كل ذلك ــ
دون تلك الحواشي الزائدة والمبالغات غير المقبولة ــ
يضعه في مكان الصدارة بين علماء المسلمين، وفي الصف الأول من أئمتهم العظام.

(2)والناظر في كتاب «حلية الأولياء» لأبي نعيم؛ يجد من ذلك الكثير وخصوصا الرؤى
التي لا يخفى ما في متونها وأسانيدها من المآخذ، ومن ذلك ما ساقه بسنده عن علي بن سهيل السجستاني أنه رأى أحمد بن حنبل في المنام، حيث قال: رأيت كأن القيامة قد قامت،
وكأن الناس جاءوا إلى موضع عنده قنطرة لا تترك أحدا يجوز حتى يجيء بخاتم،
ورجل ناحية يختم الناس ويعطيهم، فمن جاء بخاتم جاز،
فقلت: من هذا الذي يعطي الناس الخواتم؟ فقالوا: هذا أحمد بن حنبل رحمه الله.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام: ولقد ساق فيها أبو نعيم الحافظ ــ
أي في ترجمة أحمد في الحلية ــ من الخرافات والكذب ما يستحى من ذكره.

(3)ومنه قول القاضي عياض:
ومالك المرتضى لا شك أفضلهم إمام دار الهدى والوحي والسنن.

(4)وقول محمد بن إبراهيم البوشنجي:وإني حياتي شافعي فإن أمت فتوصيتي بعد بأن يتشفعوا.
وقول أبي إسماعيل الأنصاري الهروي:أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا.

(5)وقال الصاوي في «حاشيته على الجلالين» عند قوله تعالى:
«ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله»
(الكهف: من الآية 23، 24)
« ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية ،
فالخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل، وربما أداه ذلك إلى الكفر،
لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر
».

(6)13 ــ وهناك من جفا فيهم فحط من قدر الجميع، وتنقص مقامهم الرفيع،
ووضع من رتبتهم المنيفة ومنزلتهم الشريفة، فهذا فسق الشافعية،
وذاك كفر أبا حنيفة، فقد قال محمد بن موسى البلاساغوني الحنفي،
قاضي دمشق المتوفى سنة (506)، : «لو كان لي أمر لأخذت الجزية من الشافعية».

(7)وقال الفسوي في «المعرفة والتاريخ» : حدثني محمد بن أبي عمر قال:
قال سفيان: ما ولد في الإسلام مولود أضر على أهل الإسلام من أبي حنيفة.

(8)وقال أيضا: حدثنا أحمد بن يونس قال: سمعت نعيما يقول:
قال سفيان: ما وضع في الإسلام من الشر ما وضع أبو حنيفة إلا فلان لرجل صلب.

(9)وقال: حدثنا نعيم بن حماد ثنا إبراهيم بن محمد الفزاري قال: كنا عند سفيان الثوري
إذ جاءه نعي أبي حنيفة، فقال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه،
لقد كان ينقض عرى الإسلام عروة عروة، ما ولد في الإسلام مولود أشأم منه.

(10)وقال: حدثنا نعيم قال: سمعت معاذ بن معاذ، ويحيى بن سعيد يقولان:
سمعنا سفيان الثوري يقول: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين.

(11)ومع تصحيح المعلمي ــ رحمه الله ــ في «التنكيل» لخبر استتابة أبي حنيفة،
وأنه كان ذلك في عهد الرشيد، إلا أن من أثنى عليه أكثر بأضعاف مضاعفة،
من ذلك قول أبي معاوية الضرير: «حب أبي حنيفة من السنة
وهو من العلماء الذين امتحنوا في الله.

(12)وقال الخريبي: «ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد أو جاهل.

(13)14 ــ ومن ذلك ــ
أي مما اجتمعوا فيه رحمهم الله ــ أنهم جبلوا على العناية بالوقت وضبطه والانتفاع به،
وطووا نفوسهم عن شريحة من الخلق يضيعون الأوقات ويفرطون الأعمار بالقيل والقال،
فكانوا لا يرون إلا في حلقة لتعليم الناس العلم، أو في عيادة مريض،
أو في تشييع جنازة ولذلك قال أبو بكر بن عياش:
لقي أبو حنيفة من الناس عنتا لقلة مخالطته،
فكانوا يرونه من زهو فيه، وإنما كان غريزة.

(14)أما الإمام أحمد فقد قال عنه ابنه عبد الله: كان أصبر الناس على الوحدة،
وبشر لم يكن يصبر على الوحدة، كان يخرج إلى ذا وإلى ذا.وكان يقول ــ رحمه الله ــ
أشتهي مكانا لا يكون فيه أحد من الناس.ويقول: رأيت الخلوة أروح لقلبي.
وقال محمد بن الحسن بن هارون: رأيت أبا عبد الله إذا مشى في الطريق يكره أن يتبعه أحد.
ومع هذا كله كان يجيب في العرس والإملاك والختان، وكان في حضوره ملاطفا للناس متواضعا،
أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، يقوم السلوك ويزيل المنكر،
لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلم.
وقال الشافعي ــ رحمه الله ــ:
إذا لم أجد خلا وفيا فوحدتيألذ وأشهى من غوي أعاشرهوأجلس وحدي للسفاهة
آمناأقر لعيني من جليس أحاذرهوقال أيضا:
لم أجد لذة السلامة حتىصرت للبيت والكتاب جليسا إنما الذل في مخالطة
الناسفدعهم تعش أميرا رئيسا.

(15)ــ الهوامش:(1) (ص568).(2) الأئمة الأربعة، أحمد بن حنبل، (ص/214)، الدكتور مصطفى الشكعة.(3) مجلد حوادث (241 ــ 250هـ) (ص/112)، وانظر السير (11/255).(4) ترتيب المدارك (2/169).(5) السير للذهبي (18/507).(6) (3/9).(7) ميزان الاعتدال (4/52).(8) (3/95).(9) المعرفة والتاريخ (3/95).(10) المعرفة والتاريخ (3/96).(11) المعرفة والتاريخ (3/96).(12) تاريخ الإسلام للذهبي وفيات (141 ــ 160).(13) السير (6/402).(14) ديوان الشافعي (ص/64).(15) الديوان (ص/120).


المصدر

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20090830/Con20090830301621.htm
 

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
والله لا أعلم حتى الآن من أين كان للصاوي أن يحصر الحق في المذاهب الأربعة، واعتقاد أن ما خرج عنها فهو باطل.
هل له دليل من:
الكتاب
السنة
كلام الأئمة أنفسهم.
أقوال العلماء المعاصرين للأئمة الأربعة.
أقوال تلاميذهم.
كما وضع-غفر الله له- قاعدة باطنية بقوله: (الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر) فيا سعادة الشيعة الباطنية الإسماعيلية منها وغيرها بهذه القاعدة.
والله إني لأتذكر الآن قول أحد أعلام السلفية في وصفه: (الصاوي الغاوي) بسبب فساد منهجه ورداءة مذهبه.
غفر الله للجميع.
وأشكر أخانا (أبو فوزان) على هذه الإضاءة.
 

أركاني

New member
إنضم
8 يوليو 2009
المشاركات
56
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
توضيح علمي لمسألة ( هل ينحصر الحق في المذاهب الأربعة ؟ )

ما نقله أبو فوزان عن فضيلة الشيخ سلمان العودة حفظه الله من أن الحق لا ينحصر في المذاهب الأربعة هو أحد الأقوال في هذه المسألة وبه أخذ الشيخ ورجحه ،
لكن هناك قول آخر في المسألة لجمهور العلماء المتأخرين وبه أخذ الشيخ الصاوي مفاده أن الحق منحصر في المذاهب الأربعة .
وأدلة هذا القول الثاني المنسوب للجمهور عديدة أهمها :
إجماع العلماء في القرن الثامن على وجوب اتباع أحد المذاهب الأربعة وعدم جواز اتباع مذهب سواها.
هذا الإجماع مثبت في كتب علم أصول الفقه المتأخرة .
ودليل آخر أن فيه حفظ الدين وهو أعظم مقاصد الشريعة الغراء .
وللوقوف على مزيد من الأدلة لهذا القول انظر رسالة الحافظ ابن رجب في الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة .
ومعلوم أن من لا يرى هذا القول سيفعل أول ما يفعله هو الطعن في صحة هذا الإجماع الذي نقله العلماء في كتبهم .
مع الإشارة إلى أن هناك خلطاً في الطرح بين الأئمة الأربعة وبين مذاهبهم ومن ثم يحصل الغلط في الحكم والنتيجة .
كثير من الإخوة من طلبة العلم لم يستوعب مأخذ قول الجمهور ، فمأخذهم من هذا القول هو أن الله عز وجل قد كتب البقاء لهذه المذاهب الأربعة وحفظ بها الدين وهيأ العلماء في مشارق الأرض ومغاربها لحفظها والاعتناء بها ، في الوقت الذي اندثرت فيه مذاهب أخرى لمجتهدين آخرين فلم تحفظ أصولها ولم تدون فروعها كما حفظت هذه المذاهب الأربعة أصولا وفروعا ،
مع الأخذ في الاعتبار بأن أصول استنباط الحكم الشرعي الصحيحة قد اشتملت عليها هذه المذاهب الأربعة وانحصرت فيها فمن ثم انحصر الحق في الفروع الفقهية المبنية على تلك الأصول في إطار هذه المذاهب الأربعة ؛ لأن القول بعدم انحصار الحق في هذه المذاهب الأربعة من لازمه القول بفوات شيء من الأصول عليها وهذا يؤدي بلا شك إلى خروج الحق عن أهل السنة والجماعة، وفي ذلك مخالفة واضحة للنص النبوي في أن الحق منحصر في هذه الطائفة المنصورة، ومعلوم أن المذاهب الأربعة هي التي تمثل هذه الطائفة فالحق دائر فيها بين مذاهبها الأربعة .
وبالتأمل فكلام الجمهور فيه قدر كبير من الصحة لأن القول الآخر في هذه المسألة وهو عدم انحصار الحق في المذاهب الأربعة يترتب عليه مفاسد عظيمة على الدين منها تجرؤ الجهال على مخالفة الحق الموجود في هذه المذاهب بحجة أن الحق غير منحصر فيها ، ومنها فتح المجال لأهل الأهواء إلى تقوية القول الضعيف والشاذ بنفس الحجة السابقة ، وللأسف بدأ في الأونة الأخيرة من ينتهج هذا النهج من الأوساط الشرعية ، وهذا لا شك شر عظيم .
 
التعديل الأخير:

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
الأخ العزيز (اركاني) لا أقول لك (أخ)، بل أقول: (شيخ)، فقد وضّحت جانبا كبيرا مما يتعلق بهذا الباب، وما ذكرت من انعقاد الإجماع في القرن الثامن فهو ما أشار إليه صاحب مراقي السعود، وإن كان شارحه صاحب (نثر الورود) له في رأي آخر.
ولكن هل من قائل منهم بانحصار الحق في مذهب معيّن من الأربعة، وقد يختلف مع المذاهب الأخرى اختلاف تضاد لا يقبل الجمع؟
فإذا لم يقل به أحد أفليس تمذهب العالم المتأخر بمذهب معيّن دون الخروج منه قيد أنملة تقصيرا منه في البحث عن الحق؟
أوليس هذا هو السائد عند المتمذهبين؟ لا أقصد العوام وطلبة العلم الذين لا يجوز لهم الاجتهاد، بل عليهم الاتباع، وإنما أقصد علماء المذاهب الذين أتقنوا الأصول واستوعبوا الفروع، ولديهم القدرة على تخريج الفروع على الأصول، والاجتهاد في النوازل، وغير ذلك، ومع كلّ ذلك لا يلتفت أحدهم إلى أدلّة أقوال المذاهب الأخرى معتقدا أن الراجح هو ما في مذهبه.
وأحسن ما قرأت في هذا الباب كلاما لصاحب أضواء البيان في كتابه: (الإقليد في الأسماء والصفات والتقليد).
والله أعلم.
 

أركاني

New member
إنضم
8 يوليو 2009
المشاركات
56
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
اقتباس من كلام فضيلة الشيخ الصعلوك :
( وما ذكرت من انعقاد الإجماع في القرن الثامن فهو ما أشار إليه صاحب مراقي السعود، وإن كان شارحه صاحب (نثر الورود) له في رأي آخر.) اهـ

أخي الكريم : هذا الإجماع لم ينفرد بنقله صاحب مراقي السعود بل نقله هو عمن قبله من العلماء ، ومنهم :
1- الإمام ابن هبيرة رحمه الله حيث يقول في كتابه : "الإفصاح" ـ كما في: "الفروع" (11/103 ـ التركي) ـ: "إن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة، وأن الحق لا يخرج عنهم" .
2- الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله حيث يقول في كتابه : "البحر المحيط" (6/209): "والحق أن العصر خلا عن المجتهد المطلق، لا عن مجتهد في مذهب أحد الأئمة الأربعة، وقد وقع الاتفاق بين المسلمين على أن الحق منحصر في هذه المذاهب، وحينئذ فلا يجوز العمل بغيرها، فلا يجوز أن يقع الاجتهاد إلا فيها" .
3- الصاوي المالكي رحمه الله في: "شرح الجوهرة" (ص/342) حيث قال: "فيجب عند الجمهور على كل من يكن فيه أهليَّة الاجتهاد المطلق: الأخذ بمذهب عالم من هؤلاء الأربعة ـ يعني: أبا حنيفة ومالكاً والشافعي وأحمد رضي الله عنهم ـ، ولا يجوز تقليد غيرهم بعد عَقْد ـ أي: انعقاد ـ الإجماع عليهم؛ لأن مذاهب الغير لم تُدَّوَّن ولم تُضبط بخلاف هؤلاء . فإنهم أحاطوا علماً بأقوال جميع الصحابة أو غالبها، وعُرِفتْ قواعد مذاهبهم، ودُوِّنت مذاهبهم، وخدمها تابعوهم وحَرَّورها، وصارت متواترة" .

وبالنسبة لمأخذ الجمهور الذي ذكرته في المشاركة السابقة فقد عبر عنه بدر الدين الزركشي رحمه الله في: "تشنيف المسامع" (2/ ) بقوله :"إن التقليد مُتعيِّن في الأربعة دون غيرهم؛ وذلك لأن مذاهبهم انتشرت وانبسطت حتى ظهر منها تقييد مطلقها، وتخصيص عامها، ونحو ذلك. وأما غيرهم فَنُقِلت عنه الفتاوي مجردة؛ فلعل لها مكملاً أو مقيداً أو مخصصاً لو انبسط كلام قائله لظهر خلاف ما يبدو منه، بخلاف هؤلاء الأربعة الذين هُذِّبت مذاهبهم تمام التهذيب".
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في: "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" (ص/33 ـ 34): "فإن قيل: نحن نُسلِّم منع عموم الناس من سلوك طريق الاجتهاد؛ لما يُفْضي ذلك إلى أعظم الفساد . لكن لا نُسَلِّم مَنْع تقليد إمام مُتَّبَعٍ من أئمة المجتهدين غير هؤلاء الأئمة المشهورين ؟ .
قيل قد نبَّهنا على عِلَّة المَنْع من ذلك؛ وهو: أن مذاهب غير هؤلاء لم تشتَهِر ولم تَنْضَبط، فربَّما نُسِب إليهم ما لم يقولوه، أو فُهِم عنهم مالم يريدوه، وليس لمذاهبهم مَنْ يَذبّ عنها، ويُنَبّه على ما يَقَع من الخلل فيها، بخلاف هذه المذاهب المشهورة" .

وبالنسبة لرأي صاحب نثر الورود الشيخ الأمين الشنقيطي فهو لم يطعن في الإجماع وإنما ضعف مأخذ الجمهور الذي ذكرته ، وذلك لأنه رحمه الله يرجح القول الآخر في المسألة وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما .
وبالمناسبة الشيخ الأمين الشنقيطي تغير كثير من آرائه بعد قدومه لبلادنا .

وأما مطلبك الآخر فهو موضوع آخر يحتاج الكلام فيه إلى تقرير قواعد وأصول وضرب أمثلة وبسط في كل ذلك حتى يتضح مقصود العلماء من مسالكهم رحمهم الله ، وأظن المقام لا يسمح لي بذلك .
 
التعديل الأخير:

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
شيخنا الفاضل (أركاني) لا أدري بأي ذنب حرمني الله لقاءكم، فلن تزال أمتنا بخير ما أنجبت مثلكم، ولا أعتقد أنني أطمئن إلى غير ما ذكرتم، غير أني لست قادرا على تجاهل ما لرأي الشيخين ابن تيمية وابن القيم ومن تبعهما من وجاهة في ترجيحهم استمرارية جواز الاجتهاد المطلق بشروطه، مع عدم النكير على تقليد جمهور المسلمين القاصرين عن الاجتهاد للمذاهب الأربعة التي خُدمت ترجيحا وتهذيبا وتنقيحا ما يقارب السبعة قرون حتى استقرت.
ولا أنسى لكم جهودكم في توضيح كثير من الأمور بالنقولات والشواهد.
شكر الله سعيكم، ونفع بكم الأمة.
 

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
a119.jpg



أبو حنيفة الإمام الأعظم «4»

مدرسة فقهية حافلة بالمدونات والمصنفات

د. سلمان بن فهد العودة

كان أبو حنيفة قد فرغ تلامذته للعلم دون سواه، ومنعهم من أن يمارسوا أعمالا أخرى في الصناعات والحرف،
فأجرى لهم رواتب شهرية لتلامذته، وفي مقدمتهم أبو يوسف الذي نشأ في بيت فقير، وأراد أبواه أن يصرفاه عما هو فيه من طلب العلم، فقام أبو حنيفة بسد حاجته وحاجتيهما من المال، إن أبا يوسف يسجل ذلك بقوله: كان يعولني وعيالي 20 عاما، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك !
يقول : كيف لو رأيت حمادا؟! يعني أستاذه حماد بن أبي سليمان،
ومن هنا يتبين أن جود أبي حنيفة يصدر عن سجية وليس افتعالا، وطبعا وليس تطبعا،
وعفو الخاطر وليس تصنعا(1) .

إذا أبو حنيفة يصبر على من يعلمه، وإن كان فقيرا أغناه، وأجزل عليه وعلى عياله حتى يتعلم،
فإذا تعلم قال له: قد وصلت إلى الغنى الأكبر بمعرفة الحلال والحرام(2).
وقد كان كريم المجالسة، يأوي إليه أصحابه وينالون بره وخيره ويحمدون أمره،
وكان وفيا لمن أدرك منه علما، وسخيا مع من تعلم منه، وكان يقول:
(إني لأستغفر لمن تعلمت منه علما أو علمته علما) (3).
ثناء العلماء عليه رحمه الله:
لقد ترك أبو حنيفة رحمه الله أثرا واسعا على الناس، بما بذله من علمه وفقهه،
وقد شهد له العلماء بالفقه والإمامة.
قال عبد الله بن المبارك رحمه الله:
(لولا أن الله عز وجل أغاثني بأبي حنيفة وسفيان كنت كسائر الناس)(4).
وقال سفيان بن عيينة رحمه الله: (ما مقلت عيني مثل أبي حنيفة) (5).
وقال أبو داود السجستاني رحمه الله: (رحم الله أبا حنيفة كان إماما) (6).
وقال شعبة بن الحجاج رحمه الله لما علم بوفاته: (لقد ذهب معه فقه الكوفة،
تفضل الله علينا وعليه برحمته) (7).
وقال حماد بن زيد رحمه الله: (أردت الحج فأتيت أيوب أودعه،
فقال: بلغني أن الرجل الصالح فقيه أهل الكوفة ــ يعني أبا حنيفة ــ يحج العام،
فإذا لقيته فأقرئه مني السلام) (8).
وقال عبد الله بن داود الخريبي رحمه الله:
(يجب على أهل الإسلام أن يدعوا الله لأبي حنيفة في صلاتهم؛ لحفظه عليهم السنن والفقه) (9).
وقال علي بن عاصم رحمه الله:
(لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه؛ لرجح عليهم) (10).
وقال ابن عبد البر رحمه الله:
(كان في الفقه إماما، حسن الرأي والقياس، لطيف الاستخراج، جيد الذهن،
حاضر الفهم، ذكيا ورعا عاقلا) (11).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(إن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء، وأنكروها عليه،
فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه) (12).
اختلاف الناس فيه رحمه الله:
لم يسلم أبو حنيفة كغيره من الأئمة الكبار من قالة السوء والأذى.
قال عبد الله بن داود الخريبي:
(الناس في أبي حنيفة رجلان: جاهل به وحاسد له) (13).
وعن أحمد بن عبد قاضي الري، قال: حدثنا أبي، قال: كنا عند ابن عائشة،
فذكر حديثا لأبي حنيفة، فقال بعض من حضر: لا نريده. فقال لهم: أ
ما إنكم لو رأيتموه لأردتموه، وما أعرف له ولكم مثلا إلا ما قال الشاعر:
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا (14)
وقال أبو معاوية الضرير رحمه الله: (حب أبي حنيفة من السنة) (15).
إن إشاعة مثل هذه الأقوال ونشرها لهو حفظ لمقام إمام جليل القدر عظيم
المكانة في تاريخ الإسلام، وهو تكريس للمسلك الأخلاقي المتبع بين الأئمة والفقهاء
والعلماء والمحدثين في حسن الأحدوثة، والثناء المتبادل، وتجنب العصبية،
وتفهم الخلاف، وهو تربية للطلبة والأتباع على الاحترام والأدب، ومجانبة الوقيعة والإطاحة،
وتهذيب اللسان، وهذه أخلاق المسلمين، فضلا عن الخاصة من أهل العلم والدين.
وأما ما يرويه بعضهم ويروجه من الأقاويل المجانبة لذلك، فهي أقوال مطرحة لا أصل لها،
أو كلمات خرجت في ساعة غاب عن صاحبها التحري والأناة، وحقها ألا تجاوز ذلك المقعد،
لا أن تنقل وتشهر وتبنى عليها الأحكام والظنون، وتكون سلما للنيل من رجال الصدر الأول،
كما جرى لبعض الجهلة والطائشين من الرمي بالكفر والبدعة والضلالة،
نسأل الله العافية والسلامة والمسامحة:
((والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمانِ
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم))
[الحشر:10].

وهنا نورد بعض ما أخذ على الإمام أبي حنيفة رحمه الله:

أولا: اتهامه بتقديم القياس على الحديث الصحيح:

وهذا يرده كثير من الروايات التي تنص على تعظيمه للحديث وتقديمه على القياس، منها:
1 - قال الحسن بن صالح رحمه الله: (كان النعمان بن ثابت فهما عالما متثبتا في علمه،
إذا صح الخبر عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد إلى غيره) (16).

2 - قال أبو حنيفة رحمه الله: (ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم
فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة اخترنا وما كان من غير ذلك
فهم رجال ونحن رجال) (17).

3 - قال يحيى بن ضريس رحمه الله: (شهدت سفيان وأتاه رجل، فقال له:
ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال: وما له؟ قال: سمعته يقول: آخذ بكتاب الله،
فما لم أجد فبسنة رسول الله، فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله
أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم وأدع من شئت منهم،
ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر أو جاء إلى إبراهيم،
والشعبي، وابن سيرين، والحسن، وعطاء، وسعيد بن المسيب وعدد رجالا،
فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا) (18).

4 - وقد اشتهر من أصول أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يقدم شيئا على الكتاب والسنة
ثم قول الصحابي، وأما ما خالف من بعض الأحاديث فلاعتقاده أنها منسوخة
أو لم تثبت عنده وثبت عنده ما يخالفها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا.

ثانيا : اتهامه بالضعف في الحديث:

وقد اختلف أئمة الحديث في الاحتجاج بحديث الإمام أبي حنيفة رحمه الله:
فمنهم من قبل حديثه ورأى أنه حجة فيما يرويه، وهذا منقول عن:
يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وشعبة بن الحجاج (19).
ومنهم من ضعفه ولم يحتج بحديثه؛ لكثرة غلطه وعدم ضبطه (20).
قال الذهبي: (لم يصرف الإمام همته لضبط الألفاظ والأسانيد، وإنما كانت همته القرآن والفقه،
وكذلك حال كل من أقبل على فن؛ فإنه يقصر عن غيره، من ثم لينوا حديث جماعة
من أئمة القراء كحفص وقالون، وحديث جماعة من الزهاد كفرقد السبخي وشقيق البلخي،
وحديث جماعة من النحاة، وما ذاك لضعف في عدالة الرجل؛ بل لقلة إتقانه للحديث،
ثم هو أنبل من أن يكذب) (21).

ثالثا: اتهامه بالارجاء:

بالرغم من ثناء الأئمة على الإمام أبي حنيفة رحمه الله في سعة علمه وفقهه وورعه
ومجانبته السلاطين، فقد عابوا عليه كلاما بلغهم عنه في الإيمان، وتكلموا فيه من أجله،
كقوله: إن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، ومن هنا كان اتهام أبي حنيفة بالارجاء.
وهذا ارجاء مقيد، وليس هو الارجاء الخالص المطلق الذي يزعم أصحابه
أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فبرغم موافقته لهؤلاء
في عدم إدخال الأعمال في مسمى الإيمان، لكنه يختلف معهم اختلافا جذريا،
فهم يرون أنه لا تضر مع الإيمان معصية، وهو يرى أن مرتكب الذنب مستحق للعقاب،
وأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، والمقصود أنه لا يجوز لنا
أن نصف الإمام بالارجاء المطلق.
ولم يختص أبو حنيفة رحمه الله بهذا المذهب وحده،
بل إنه مذهب لبعض أهل العلم ممن اشتغلوا بعلم الحديث وروايته،
بل إن منهم من روى له الشيخان ــ البخاري ومسلم ــ في صحيحيهما.
يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: (ونقموا أيضا على أبي حنيفة الارجاء،
ومن أهل العلم من ينسب إلى الارجاء كثير، لم يعن أحد بنقل قبيح ما قيل فيهم
كما عنوا بذلك في أبي حنيفة لامامته، وكان أيضا مع هذا يحسـد وينسب إليه ما ليس فيه،
ويختلق عليه ما لا يليق) (22).
وكما قيل:
إن العرانين تلقاها محسدة
ولن ترى للئام الناس حسادا (23)
وقيل:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهِها
حسدا وبغيا إنه لذميم (24)
عفة لسانه رحمه الله:
يقول ابن المبارك رحمه الله:
(قلت لسفيان الثوري: ما أبعد أبا حنيفة من الغيبة! ما سمعته يغتاب عدوا له قط.
فقال سفيان: هو والله أعقل من أن يسلط على حسناته من يذهب بها) (25).
وروي عنه أنه كان إذا بلغه عن رجل أنه نال منه، بعث إليه برفق وقال:
(غفر الله لك يا أخي، وكلتك إلى من يعلم مني خلاف الذي قلت عني (26).
وقد ابتلي هذا الإمام كما ابتلي إخوانه من سائر الأئمة الأربعة وغيرهم بمن يتقول عليهم،
ويسيء الظن بهم، ويطلق لسانه فيهم بالباطل، ويسارع في تصديق الشر عنهم،
فما كان يدخل مع هؤلاء في جدل ولا خصام، ولا مهاترة، وإنما كان يعرض،
ويستغفر لنفسه ولهم، ويكلهم إلى الله، ويشغل وقته، ويصرف جهده
ويحرك لسانه بما فيه خير ونفع، من علم أو فقه، أو عبادة وذكر،
أو عمل للدنيا صالح فيه إعفاف النفس، وإرعاء على الصديق، وإنفاق على العيال،
وترفع عن ذل التعرض لأهل المال.
وهذا مسلك خليق بأهل الفضل والديانة والدعوة في كل زمان ومكان أن يقتفوه،
وألا يتشاغلوا بمجادلة البطالين الذين لا هم لهم إلا القيل والقال، ممن رضوا بالزهيد،
وتقاعدت هممهم عن المعالي والفضائل.
وفاته رحمه الله:
أجمع أهل السير والتاريخ على أنه رحمه الله
مات سنة خمسين ومائة وهو ابن سبعين عاما (72)،
واختلفوا في أي الشهور منها على أقوال.
قال الحسن بن يوسف:
(يوم مات أبو حنيفة صلي عليه ست مرات من كثرة الزحام) (28).
فرحم الله أبا حنيفة، فقد خلف علما كثيرا، وطلبة رباهم في مجلس الفقه على التفكير
والاستنباط والنظر والمشاورة والمناظرة حتى تفتقت أذهانهم، وصفت قرائحهم،
واكتملت آلة الاجتهاد لديهم، وخلف مدرسة فقهية ضخمة هائلة حافلة بالمدونات
والمصنفات في الأصول والفقه والتراجم والمناظرات وسواها،
وخلف مذهبا فقهيا أصيلا صمد للقرون المتطاولة حتى صار أتباعه يعدون بعشرات الملايين
في بلاد المشرق وتركيا والعراق ومصر وسائر بلاد الإسلام،
وكان هذا المذهب معينا ثرا يلجأ إليه المتفقهون والمستنبطون كلما نزلت نازلة أو ألمت ملمة،
وكان مع إخوانه من أئمة المذاهب الفقهية المتبوعة قادة الموكب المبارك
من المؤمنين والمسلمين، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.



الهوامش:

(1) انظر الأئمة الأربعة للشكعة (ص/104).
(2) أخبار أبي حنيفة وأصحابه (ص48).
(3) تاريخ بغداد (13/334).
(4) تهذيب الكمال (29/428)، سير أعلام النبلاء (6/398).
(5) تاريخ بغداد (13/336).
(6) الانتقاء لابن عبد البر (ص32).
(7) المرجع السابق (ص126).
(8) تاريخ بغداد (13/341).
(9) تهذيب الكمال (29/432).
(10) سير أعلام النبلاء (6/403).
(11) الاستغناء في معرفة المشهورين (1/572).
(12) منهاج السنة (2/619).
(13) تهذيب الكمال (29/441)، تهذيب التهذيب (10/402)،
سير أعلام النبلاء (6/402).
(14) انظر: تهذيب الكمال (29/442)، تهذيب التهذيب (10/402)،
والبيت للحطيئة وهو في ديوانه (ص/65).
(15) سير أعلام النبلاء (6/401).
(16) الانتقاء لابن عبد البر (ص128).
(17) سير أعلام النبلاء (6/401).
(18) تهذيب الكمال (29/443)، تهذيب التهذيب (10/402)،
وتاريخ بغداد (13/368).
(19) جامع بيان العلم وفضله (2/149)، الانتقاء لابن عبد البر (ص127).
(20) انظر: التاريخ الكبير (8/81)، الطبقات الكبرى (6/369)،
المجروحين (3/63)، الكامل في الضعفاء (7/2472-2479).
(21) مناقب أبي حنيفة وصاحبيه للذهبي (ص28).
(22) جامع بيان العلم وفضله (2/148).
(23) البيت يُنسب لعمر بن لجأ التيمي وهو ضمن ستة أبيات في ديوانه (ص/137)
كما يُنسب البيت للمغيرة بن جبناء التميمي كما في معجم الشعراء (ص/273).
(24) البيتان لأبي الأسود الدؤلي وهما في البيان والتبيين للجاحظ (4/63).
(25) تاريخ بغداد (13/363).
(26) أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري (ص/37)
(27) الجواهر المضية (1/54).
(28) تهذيب الكمال (29/444).


http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20090907/Con20090907303164.htm
 
التعديل الأخير:

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
هنا والله يحق لنا أن نتمثل بقول الشاعر ولعله الفرزدق:
أولئك آبائي فجئني بمثلهمْ***إذا جمعتْنا يا جريرُ المجامعُ
 

ramadan

New member
إنضم
28 أغسطس 2009
المشاركات
5
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
تساؤلات

مع شكري لصاحب الموضوع وكل المشاركين ، عندي بعض التساؤلات في موضوع المذاهب الأربعة ، لعل الإخوة-وفقهم الله لمحابه- يشاركون بالإجابة عليها:

1- هل المقصود أن المسلم ملزم بمذهب واحد فقط من هذه الأربعة؟ أم أنه يجوز له أن يأتي بمذهب ملفق بشرط أن يكون التلفيق من داخل الأربعة؟
فيتتبع الرخص.

2- من المعروف عند الأصوليين أن الإجماع من مصادر التشريع التبعية وليست الاستقلالية بخلاف الكتاب والسنة (الوحيين) فإنهما من مصادرالتشريع الاستقلالية ، أي أن الإجماع لا يستقل بذاته ، بل لا بد له من مستند ، فما مستند هذا الإجماع؟

3- ألا يلزم من جعل مناط إلزام الناس بالمذاهب الأربعة هو الانتشار - ألا يلزم من هذا إلزام العالم أجمع بمذهب الإمام أحمد -رحمه الله- في حال انتشاره في العالم ؟
وحينئذ يحرم تقليد أي مذهب من المذاهب الثلاثة الأخرى.

فينشد العالم بلسان رجل واحد:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت ******* فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

وهذا يقال أيضا في مذاهب الأئمة الثلاثة غير الإمام أحمد ، رحمهم الله جميعا.

فلا يدري أحد ماالمذهب الذي يبقى في العقود التي قبل قيام الساعة ، لا سيما عند نزول عيسى ، عليه السلام.

4- ألا يتناقض جعل مناط منع المسلمين عن الخروج عن المذاهب الأربعة تقوية القول الضعيف والشاذ -ألا يتناقض هذا مع وجود القول الضعيف بل المصادم للنص في بعض هذه المذاهب الأربعة؟
كاعتبار الحنفية إشعار الهدي مثلة والمثلة أمر محرم.

5- هل من الجناية أن يحيي طالب العلم مذهب الإمام البخاري-رحمه الله تعالى- مثلا عند دراسته لصحيحه باختياره بعض الآراء التي خالف فيها جميع المذاهب الأربعة؟
كما في مسألة نجاسة أوطهارة الدم النازف من الإنسان من جرح غير السبيلين.


لا تحسبوني مقدم برنامج الاتجاه المعاكس.
 
التعديل الأخير:

ramadan

New member
إنضم
28 أغسطس 2009
المشاركات
5
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
تساؤل تابع للتساؤل الثالث


بقي تساؤل تابع للتساؤل الثالث (جعل الانتشار مناطا لمنع الخروج عن الأربعة):



في الدول التي لم ينتشر فيها أي مذهب من الأربعة ، بل لم ينتشر فيها الإسلام أساسا ، إلامَ ندعوهم ، إلى أي مذهب ندخلهم ؟​
 
التعديل الأخير:

أبو هيثم الشاكر

مراقب سابق
إنضم
26 أبريل 2009
المشاركات
786
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
الإقامة
مكة المكرمة
أخي (رمضان)
يبدو لي أنك لم تطرح هذه التساؤلات إلا وأنت تملك إجاباتها، وليس خافيا على طلبة العلم أنه ليست المذاهب الأربعة هي الوحيدة التي دُوّنت وخُدمت حتى استقرت، فإن مذهب الزيدية الذي رجع عنه الإمام الشوكاني أيضا مذهب مدوّن، بل إنه أقرب المذاهب الشيعية إلى مذهب أهل السنة في أبواب الاعتقاد، وقد اعتبر الشوكاني خلافه الفقهي معتبرا حتى أدخله في مضمار الترجيح في (نيل الأوطار).
لهذا ولِما طرحت من تساؤلات قلت إنني لا أستطيع تجاهل رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من المتأخرين مثل صاحب أضواء البيان العلامة الشنقيطي والألباني والشيخ ابن باز(نعم الشيخ ابن باز قال عن نفسه إنه يجتهد في الفروع وإنما يتبع الإمام أحمد في الأصول).
وهنا من باب التندّر أذكر أنني قرأت في كتاب لحنفيّ متعصّب يقول مختصرا الجهود: (إن عيسى عليه السلام إذا نزل إنما يعمل بمذهب الإمام أبي حنيفة-رحمه الله-).
ألا يدلّ مثل هذا الكلام على أن متعصبة المذاهب يعتقد كل منهم أن الحق محصور في مذهبه مهما حاولنا أن نخفي هذا التعصب بقولنا إن الحق لا يخرج عن الأربعة من غير تخصيصه بأحدها.
وأختم حديثي بهذا السؤال:
هل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشنقيطي والألباني وابن باز وغيرهم كثير حينما رفعوا راية الاجتهاد قد خرقوا إجماع من قبلهم على التقيد بالمذاهب الأربعة؟ فإذا لم يُجمِع الفقهاء على عدم تجويز إحداث قول ثالث في مسألة ما بعد انقراض العصر الذي قبلهم على قولين فكيف نلغي القول باستمرارية الاجتهاد وهو قول معاصر لعصر الإجماع المذكور؟
والله أعلم.
 

أركاني

New member
إنضم
8 يوليو 2009
المشاركات
56
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
توضيح لمسألة انحصار الحق في المذاهب الأربعة .

المقصود / أن الحق الذي هو حكم الله في المسألة واحدٌ سواء في المسائل القطعية أو الظنية ؛
وبناءً على ذلك :
1- فإذا اجتمعت واتفقت المذاهب الأربعة على حكم المسألة فإن هذا الحكم المتفق عليه هو الحق بعينه ؛ لما ذكرنا من دلالة الإجماع ، ولاستقرارهذه المذاهب الأربعة وانقراض غيرها.
مثال ذلك / اتفاق المذاهب الأربعة على وقوع الطلاق في زمن الحيض ، وهو الحق دون غيره ؛ لأن الحق محصور في هذه المذاهب الأربعة ، ومن ثم فالقول بعدم وقوعه باطل لمخالفته المذاهب الأربعة .
2- وإذا اختلفت هذه المذاهب الأربعة في حكم المسألة على قولين أو أكثر فإن الحق الذي هو حكم الله حينئذٍ دائرٌ في واحد منها لا بعينه ، فأصحاب كل مذهب يرجحون مذهب إمامهم ؛ لأنه ترجح عندهم فهم إمامهم للدليل الشرعي على فهم غيره من الأئمة ، فأين التعصب إذاً !
مثال ذلك / جريان الربا في غير الأصناف الأربعة المنصوصة من المكيلات ؛ فإن المذاهب الأربعة مختلفون في هذه المسألة ، فالحنابلة والحنفية يقولون بجريان الربا في كل مكيل ، والشافعيه في كل مطعوم ، والمالكية في كل مقتات مدخر ، فالحق في هذه المسألة إما أن يكون قول الحنفية والحنابلة ، وإما قول المالكية وإما قول الشافعية ،
فالحنفية والحنابلة يرجحون فهم إمامهم للدليل على غيره وهكذا البقية ، ودليل الجميع في المسألة هو القياس وإنما الخلاف بينهم وقع في تحديد علة هذا القياس .
ومن ثَم فنحكم ببطلان مذهب الظاهرية في هذه المسألة بعدم جريان الربا في غير المنصوص من المكيلات ؛ لأن الحق منحصر في المذاهب الأربعة .
وهذه المسألة تصح أيضاً مثالاً للنقطة الأولى من هذا التوضيح وهي ما اتفقت عليه المذاهب الأربعة لكن هذا المثال في الأصول ، فالمذاهب الأربعة اتفقت على حجية القياس الشرعي ، وخالف الظاهرية ، فالحق المعين هنا هو حجية القياس الشرعي كأصل في الاستنباط وبطلان مذهب الظاهرية في عدم الاحتجاج به .

هذا وقد وضح المقريزي سبب الاجتماع على المذاهب الأربعة دون غيرها وانتشار ذلك جميع الأمصار الإسلامية :
قال المقريزي في الخطط المقريزية: 2 / 333:
" استمرت ولاية القضاة الأربعة من سنة 566 هـ حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب الإسلام غير هذه الأربعة، وعُودي من تمذهب بغيرها، وأفتى فقهاؤهم في هذه الأمصار بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها، والعمل على هذا إلى اليوم، وأعلن الظاهر بيبرس سد باب الاجتهاد، ومازال أمر بيبرس نافذا بالرغم من زوال ملكه " ا.هـ
 

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
من هي الفرقة الناجية

[frame="2 10"]
54645sd.gif



872.gif


من هي الفرقة الناجية


اخواني واخواتي الكرام
في زمن تداعت فيه علينا الامم وكثرت فيه الفتن
ما ظهر منها وما بطن ليس للمؤمن فينا سوى التمسك بكتاب الله وسنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم والعض عليه بالنواجذ لنكون من الفرقة الناجية
بإذن الله ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :
" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ "

ولكن من هي الفرقة الناجية بإذن الله ؟؟


الفرقة الناجية
هم قلة بين الناس ، دعا لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
بقوله : " طوبى للغرباء "
وهم أناس صالحون ، في أناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم
و لقد أخبر عنهم القرآن الكريم فقال مادحا لهم :
(( وقليل من عبادي الشكور ))
وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
عن الفرقة الناجية فقال :هم السلفيون ،
و كل من مشى على طريقة السلف الصالح ( الرسول و صحابته )
.


منهاج الفرقة الناجية

قال تعالى :
(( واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا ))

و قال صلى الله عليه و سلم :
" أوصيكم بتقوى الله عز و جل و السمع و الطاعة و إن تأمر عليكم عبد حبشي ،
فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء
الراشدين المهديين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات
الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار "
لذلك فالفرقة الناجية هي
:

- الفرقة الناجية
هي التي تلتزم منهاج رسول الله صلى الله عليه و سلم في حياته ،
و منهاج أصحابه من بعده ، و هو القرآن الكريم
الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه و سلم
.

- الفرقة الناجية
تعود إلى كلام الله و رسوله صلى الله عليه و سلم
حين التنازع و الاختلاف عملا بقوله تعالى :
(( فإن تنازعتم في شيء فرُدوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون
بالله و اليوم الآخر * ذلك خير و أحسن تأويلا ))
-الفرقة الناجية لا تقدم كلام أحد على كلام الله و رسوله صلى الله
عليه و سلم ، عملا بقوله تعالى :
(( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يديِ الله و رسوله * و اتقوا الله إن الله سميع عليم ))
و قال ابن عباس رضي الله عنه :
( أراهم سيهلكون .. أقول : قال النبي صلى الله عليه و سلم ،
و يقولون : قال أبو بكر و عمر )


- الفرقة الناجية
تعتبر التوحيد ، و هو إفراد الله بالعبادة كالدعاء و الاستعانة
و الاستغاثة وقت الشدة و الرخاء ، و الذبح و النذر ، و الحكم بما أنزل الله ،
و غير ذلك من أنواع العبادة هو الأساس الذي تبنى عليه الدولة الإسلامية الصحيحة ،
و لا بد من إبعاد الشرك و مظاهره الموجودة في أكثر البلاد الاسلامية ، لأنه من
مقتضيات التوحيد ، و لا يمكن النصر لأي جماعة تهمل التوحيد ، و لا تكافح الشرك
بأنواعه ، أسوة بالرسل جميعا و برسولنا صلى الله عليه و سلم.


- الفرقة الناجية
يحيون سُنن الرسول صلى الله عليه و سلم في عبادتهم و سلوكهم
و حياتهم فأصبحوا غرباء بين قومهم ،
كما أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه
و سلم بقوله :
" إن الاسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء"


- الفرقة الناجية
لا تتعصب إلا لكلام الله و كلام رسوله صلى الله عليه و سلم المعصوم
الذي لا ينطق عن الهوى ، أما غيره من البشر مهما علت رتبته ،
فقد يخطئ لقوله صلى الله عليه و سلم :
" كل بني آدم خطاء و خير الخطائين التوابون"



- الفرقة الناجية
هم أهل الحديث الذين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيهم :
"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " .


- الفرقة الناجية
تحترم الأئمة المجتهدين ، ولا تتعصب لواحد منهم ، بل تأخذ الفقه
من القرآن و الأحاديث الصحيحة ، و من أقوالهم جميعا إذا وافق الحديث الصحيح ،
و هذا موافق لكلامهم ، حيث أوصوا أتباعهم أن يأخذوا بالحديث الصحيح ،
و يتركوا كل قول يخالفه.


- الفرقة الناجية
تأمر بالمعروف ، و تنهى عن المنكر ، فهي تنكر الطرق المبتدعة
و الأحزاب الهدامة التي فرقت الأمة ، و ابتدعت في الدين و ابتعدت عن سنة
الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه .

- الفرقة الناجية
تدعو المسلمين أن يكونوا من المتمسكين
بسنة الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه
حتى يكتب لهم النصر ، و حتى يدخلوا الجنة بفضل الله سبحانه
و شفاعة رسوله صلى الله عليه و سلم بإذنه عز وجل.


- الفرقة الناجية
تنكر القوانين الوضعية التي هي من وضع البشر ، لمخالفتهم حكم الإسلام ،
و تدعو إلى تحكيم كتاب الله الذي أنزله الله لسعادة البشر في الدنيا
و الآخرة ، و هو أعلم سبحانه و تعالى بما يصلح لهم ، و هو ثابت لا تتبدل أحكامه
على مدى الأيام ، و لا يتطور حسب الزمان ، و إن سبب شقاء العالم عامة و العالم
الإسلامي خاصة و ما يلاقيه من متاعب و ذل و هوان هو :
تركه الحكم بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لا عز للمسلمين
إلا بالرجوع إلى تعاليم الإسلام أفرادا و جماعات ، و حكومات ،
عملا بقوله تعالى :
(( إن الله لا يُغيّرُ ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))


- الفرقة الناجية
تدعو المسلمين جميعا إلى الجهاد في سبيل الله و هو واجب على
كل مسلم حسب طاقته و استطاعته ، و يكون الجهاد بما يلي :


1 - الجهاد باللسان و القلم :

بدعوة المسلمين و غيرهم إلى التمسك بالإسلام الصحيح ، و التوحيد الخالي من الشرك
الذي انتشر في كثير من البلاد الإسلامية ، و الذي أخبر عنه الرسول صلى
الله عليه و سلم بأنه سيقع بين المسلمين فقال :
"لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، و حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان
" .

2 - الجهاد بالمال :

و يكون بالإنفاق على نشر الإسلام ، و طبع الكتب الداعية إليه على الوجه الصحيح ،
و يكون بتوزيع المال على المؤلفة قلوبهم من ضعفاء المسلمين لتثبيتهم ، و يكون
بتصنيع و شراء الأسلحة ، و المعدات للمجاهدين ،
و ما يلزمهم من طعام و كساء و غير ذلك .


3 - الجهاد بالنفس :

و يكون بالقتال و الاشتراك في المعارك لنصرة الاسلام ، و لتكون كلمة الله هي العليا ،
و كلمة الذين كفروا هي السفلى و قد أشار الرسول الكريم إلى هذه الأنواع
فقال : "جاهدوا المشركين بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم "
و حكم الجهاد في سبيل الله على أنواع :

أ- فرض عين :
و يكون ضد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين كفلسطين التي اغتصبها اليهود
المجرمون ، فالمسلمون المستطيعون آثمون حتى يُخرجوا اليهود منها ، و يُعيدوا
المسجد الأقصى للمسلمين بما يستطيعون من المال أو النفس .


ب - فرض كفاية :
إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقين ، و يكون في تبليغ
و نقل الدعوة الإسلامية إلى سائر البلاد حتى يحكمها في الإسلام . و من وقف
في طريقها قوتل حتى تسير الدعوة في طريقها.
اللهم اجعلنا جميعا من الفرقة الناجية واحيينا على كلمة التوحيد
واقبضنا عليها واحشرنا مع أهلها




872.gif


من كتاب : منهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة
للكاتب : محمد بن جميل زينو



872.gif
[/frame]
 

ابوفوزان

مراقب سابق
إنضم
27 مايو 2009
المشاركات
4,041
مستوى التفاعل
1
النقاط
0
[frame="3 10"]


54645sd.gif


معالم الطائفة المنصورة
الطائفة المنصورة طائفة مقاتلة


روى الإمام النّسائي وغيره بسند صحيح
عن سلمة بن نفيل الكندي (من قبيلة كندة) رضي الله عنه قال:
كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله، أذال النّاس الخيل،
ووضعوا السّلاح وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها،
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، وقال:
((كذبوا، الآن جاء دور القتال، ولا يزال من أمّتي أمّة يقاتلون على الحقّ،
ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، وبرزقهم منهم حتّى تقوم السّاعة، وحتى يأتي وعد الله،
والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وإنّه يوحى إليّ أني مقبوض غير ملبث،
وأنتم تتبعوني أفنادا، يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين بالشّام)).

( الرّجاء حفظ هذا الحديث لفائدته ).

هذا الحديث جليل القدر عظيم الفائدة، فهو يدعو المسلم للخروج من هوى النّفس،
وتضارب الآراء، وخاصّة في هذا الزّمان الذي خاض فيه النّاس بآرائهم،
ورموا أفكارهم أمام أتباعهم ليقتاتوا منها، ظانّين أنّ ما يقولونه صواباً وحقّا،
وظنّ من لا خبرة له بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم يطّلع عليها حقّ الإطّلاع والمعرفة أن المرء في هذا الزّمان بحاجة
إلى جهد عقليّ شاقّ لاكتشاف الحقّ من بين المطروح على السّاحة الإسلامية
من أفكار وأحزاب وتجمّعات، فهو متردّد ومتحيّر، وخاصّة أنّ العارضين أفكارهم
يملكون سحر البيان، ويتفنّنون في تزيين أفكارهم ومناهجهم،
ولكن هل فكّر هذا المتحيّر والمتردّد أن يعود إلى السنّة النبويّة الصّحيحة فيأخذ منها زاده؟
أو ليعرف منها الحقّ والهدى؟ هذا هو الواجب الشّرعيّ.

وهذا الذي نقوله ليس قولاً من الأقوال أو هو يحتمل قول المخالف،
لا والله بل غيره هوىً وظنّ.) عن جابر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال:
فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم تعال صلِ لنا. فيقول:
لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة
) [1].

2) عن عقبة بن الحصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال) [2].

3) عن عقبة بن عامر فال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم،
لا يضرّهم من خالفهم حتى تأتي الساعة وهم على ذلك
) [3].

4) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصبة من المسلمين حتي تقوم الساعة) [4].

فهذه الأحاديث تدل على أنّ الطائفة المنصورة التي مدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم
من شرطها القتال في سبيل الله لإظهار الدين، وهي طائفة قائمة لم تنقطع أبداً ،
(لا تزال طائفة...)، وهي قائمة على الحق ومعناه اتباع السلف الصالح،
تهتدي بهدي الكتاب والسنة، ترفض الدخيل، أصيلة بانتسابها إلى الحق.

وأما قول كثير من السلف الصالح أن الطائفة المنصورة هم أهل الحديث؛
فهذا معنى حق ومعنى قولهم هذا أي أنها على عقيدة أهل الحديث،
وعقيدتهم هي الأسلم والأعلم.

قال النووي رحمه الله: قال أحمد بن حنبل:
( إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم ).

قال القاضي عياض:
(إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد بمذهب أهل الحديث).

قال ابن تيمية في فتواه بوجوب قتال التتار عندما ذكر الطائفة المنصورة:
( أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما،
فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم أحق الناس دخولا
في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم
) [5].

هذا الحديث المتقدّم يكشف لك صفتين من صفات الطّائفة المنصورة،
ويجلّيهما لك أجلى بيان وأوضحه
.

(1) الصّفة الأولى:
لو أمعنت النّظر في الحديث المتقدّم - حديث سلمة رضي الله عنه -
لرأيت سبب ورود الحديث هو أنّ جماعة أعلنوا توقّف الجهاد، فأذالوا الخيل
(أي تركوها من غير عناية ولا تدريب) ووضعوا السّلاح وقالوا:
لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها. فسبب ورود الحديث هو إعلان توقّف القتال،
وجاء الرّد حاسماً وقاطعاً لا يحتمل تأويلاً، فقد ردّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقوله: ((كذبوا، الآن جاء دور القتال))، إذ القتال لم يتوقّف،
وليس هناك سبب موجب لتوقّفه، أو إعلان انتهائه،
وكيف ينتهي، وفي الأرض أقوام زاغت قلوبهم؟.

ثمّ مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم أقواماً أوفياء للقتال، ولم يذيلوا الخيل،
ولم يضعوا السّلاح بل هم مقاتلون دوماً ومحاربون في كلّ حين:
((ولا يزال من أمّتي أمّة يقاتلون على الحقّ)).

هكذا وصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الطّائفة المنصورة، وهكذا بيّن لأمّته،
وإذا جاء نهر الله ذهب نهر معقل، فإذا جاء نصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
فماذا بقي لغيره؟ وماذا عساه (أي غيره) أن يقول؟ إنّه لن يقول إلاّ باطلاً،
كائناً من كان هذا الغير، سواءً كان هذا الغير ممّن ظنّ أنّ تجارة الورق
بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخله في الطّائفة المنصورة،
أو كان هذا الغير يرى أن جعجعات المنبر تشفع له فتجعله من جماعة الحقّ والهدى.

نعم إنّ الطائفة المنصورة سبب ورود حديثها هو إعلان توقّف القتال،
أو قول بعضهم في كلّ زمان وفي كلّ آن
(إلاّ ما يأتي من زمن عيسى عليه السّلام مع يأجوج ومأجوج)
أنّ هذا الزّمن لا قتال فيه ولا جهاد، أو كقول بعضهم هذا الزّمن:
كفّوا أيديكم وأقيموا الصّلاة، أو كقول بعضهم: كونوا أحلاس بيوتكم.
وكلّها كلمات حقّ تنزل على معان باطلة، ومعان فاسدة.

إنّ أمر القتال هو أمر إلهيّ ليس لأحد أن يبطله،
وإن رام أحد أن يزوره أو يماحكه
فيكفيه ابتداءً أنّه لم يتشرّف بموقع له في الطّائفة المنصورة،
بل هو مخذول ومن طائفة الخذلان،
وسيبقى شاعراً أبد الدّهر أنّه مخذول ومهزوم،
وأنّ الباطل بغطرسته أقوى من الحقّ والإسلام الذي يملكه.

إنّ طائفة الحقّ والنّصر هي طائفة تستشعر العزّة مع ضعفها،
وتمتلك غنى القلب مع فقرها،
قد تكون رثّة الثّياب، قليلة المتاع، فقيرة الحال، لكنّها وهي ترتفق أسلحتها،
وتناجي خيولها هي منصورة بفضل الله وقوّته،
وهذه الطّائفة (لا تزال) ولن تزول، ولا تتوقف، ولم تتوقّف،
إذ أنّ المرء لا يتوقّف عن القتال وعن مناجاة الحرب
وسجالها إلاّ من سلبت منه رجولته، بعد أن سلبت منه معان العزّة
بهذا الدين العظيم، والطّائفة المنصورة ليست كذلك بإذن الله تعالى.

هذه هي الصّفة الأولى للطّائفة المنصورة، رضي من رضي وسخط من سخط،
ومن سخط فليسخط على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والحقّ لن يضيره أن يعرض عنه أكثر النّاس.

(2) الصّفة الثّانية:
في الحديث المتقدّم بيّن لنا الرّحيم بأمّته الشّفيق علينا موارد الاقتصاد والطّعام والغذاء
والمال للطّائفة المنصورة: يقول صلى الله عليه وسلم:
((ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم السّاعة،
وحتّى تقوم السّاعة، وحتّى يأتي وعد الله)).
إنّ ممّا يؤسف له أنّ عامّة التّنظيمات والجماعات الإسلامية، حتى الجهاديّة منها
عندما يفكّرون بالمورد المالي، فإنّهم لا يخرجون عن تفكير أهل الباطل،
أو أصحاب الدّنيا، فهم إمّا أن يبحثوا عن متبرّع محسن،
أو يفرّغوا بعض أفرادهم للتّجارة والكسب، وهم بهذا جعلوا لأعدائهم عليهم سبيلاً،
لأنّ هذه المنافذ لا يتقنها المسلم وخاصّة المجاهد، وعلى الخصوص في هذا الزّمان،
حيث سيطر الكفر على هذه المنافذ، واحتاط منها حتّى لا يؤتى من قبلها،
قد يستكثر علينا البعض طرح مثل هذا الموضوع، مع أنّه جدّ مهمٍّ وحيويّ،
فالمال عصب الحياة، وقوامة الحياة عليه،
قال تعالى: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً
فقد جعل الله المال للبشر قواماً لهم، إذ بدونه لا قوام لهم، وليس من المستغرب أبداً
أن يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر، وفي هذا الموطن الخطير،
إذ أنّه يقول للطّائفة المنصورة: إيّاكم ثمّ إيّاكم أن تخجلوا من الحقّ الّذي تعلمونه،
وإيّاكم ثمّ إيّاكم أن تضعفوا أمام إرجاف النّاس عليكم: سيسمّيكم النّاس لصوصاً،
كما سيسمّون جهادكم قتلاً وتخريباً،
فلو أطعتموهم سيكون للكافرين عليكم قدرة وسبيلاً.

وأنا أستغرب من أولئك الذين يدعون النّاس للجهاد والقتال في سبيل الله،
ثمّ يطلبون منهم أن يكتسبوا عيشهم من الوظيفة
(وهي عبوديّة ورق القرن العشرين كما سمّاها العقّاد)،
أو يطلبون منهم أن يكتسبوا عيشهم بالتّجارة الّتي ستأخذ جلّ وعامّة وقتهم.

على المسلم أن لا يخجل من الحقّ الذي يملكه أمام ضغط الباطل وتشويهه للحقائق.
أيها الاخوة المجاهدون: ظنّ بعض الجهلة أنّ قانون الغنيمة والفيء قد تغيّر هذه الأيّام،
وهؤلاء كذّابون جهلة، فقانون الغنيمة - حيث يسلب العدوّ من عدوّه -
مازال قائماً وإلى الآن،إنّ من العار أن نخجل من حقّنا، وغيرنا في باطله يتغطرس ويتبجّح،
وليعلم الجميع أنّ من صفات الطائفة المنصورة أنّها تأكل من مال من أزاغهم الله تعالى،
شاء من شاء أو أبى من أبى.
والله الموفّق


--------------------------

[1] رواه مسلم.
[2] رواه أحمد.
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.
[5] مجموع الفتاوى 28/253.


منقول[/frame]
 
أعلى