[frame="6 90"]إن أكرمكم عند الله أتقاكم
تختلف المقاييس التي يعتمد عليها الناس في تقييمهم للأشخاص ،
ومدى استحقاقهم للتقدير والاحترام ،
فمنهم من تتفاوت قيمة الناس لديه حسب نَسَبِهم ،
وعراقة قبائلهم ، فأجدرهم بالاحترام ،
والتقدير أعلاهم نسباً ، وأعرقهم قبيلة ،
ومنهم من يعتبر الغنى والثراء وحجم الأرصدة والممتلكات
هي المقياس الحقيقي
لقدر الإنسان وعلو منزلته ،
ومنهم من ينظر إلى الموضوع من زاوية المنصب والجاه ،
والارتقاء في سلم الوظائف والدرجات ،
وبعضهم يرى أن الشهادات العلمية التي حصل عليها الشخص
هي التي تحدد قيمته ، وتفرض احترامه .
إن جميع هذه المقاييس لا تتعدى كونها مقاييس مادية بحتة ضيقة الأفق ،
فالإنسان الذي يفاضل بين الأشخاص على هذه الأسس ،
إنما ينظر إلى الحياة بمنظار ضيق جدا ،
فالشخص العريق النسب لا قيمة لنسبه مع انحطاط في أخلاقه
وقيمه الدينية والاجتماعية ،
ومهما بلغ الإنسان في عراقة نسبه ، فلن يصل إلى نسب أبي لهب
عم الرسول صلى الله عليه وسلم
الذي أنزلت فيه سورة كاملة تتوعده بالعذاب الأليم يوم القيامة ،
وقد كان كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يملكون هذه العراقة في النسب ،
غير أن الله شرفهم بالانتماء لهذا الدين ،
والتضحية في سبيله ، فقد كان بعضهم أصله من الفرس ،
وبعضهم من الروم ، وآخرون من الموالي والعبيد ،
ولم يقدم الرسول عليه الصلاة والسلام
سادة قريش وشرفائها عليهم لعراقة نسبهم :
خذلت أبا جهل أصالته ***** وبلال عبد جاوز السحبا
وما أنت بالعلم الكثير بمفلح ***** وما لك جد في التقاة كبير
كأين رأينا عالما ظل سعيه ***** وظل به جمع هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه ***** إلى الباطل الخداع وهو بصير
وقد أخبرنا الله تعالى
أن مصير كل هذه الاعتبارات والمقاييس إلى التلاشي يوم القيامة ،
فمصير النسب
{ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ، ومصير الغنى
{ وما يغني عنه ماله إذا تردى } ،
ومصير الجاه والمنزلة
{ هلك عني سلطانيه} .
والسؤال الذي يطرح نفسه ،
ما هو المقياس الحقيقي لقيمة الأشخاص ؟
والجواب أرشدنا إليه القرآن الكريم
في قوله تعالى :
{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ،
فالمرء يقاس بمقدار صلاحه واستقامته على منهج الله ،
وقيمة الإنسان في المجتمع إنما هي بمقدار نفعه لمجتمعه ، وخدمته لأمته ،
واستغلال ما آتاه الله من نعم وما مكنه فيه
في نشر الخير ومساعدة المحتاج وإعانة الضعيف ،
وسره على مصالح الأمة ومعرفته بحقوق الآخرين ،
فيجب علينا أن نحترم الناس على هذا المقياس ، ونزنهم بهذا الميزان العادل .
فالإنسان الصالح ولو كان من الموالي أجدر بالاحترام من إنسان عريق النسب
لا يعرف للصلاح مسلكا ولا للخير سبيلا ،
والإنسان الفقير صاحب الأخلاق والقيم أجدر بالتقدير من غني لا يرعى حقوق الله
ولا حقوق العباد في ماله ،
والعامل المخلص في عمله يستحق الاحترام أكثر من الموظف الكبير
الذي لا يرعى مسئوليته في العمل ،
والابن المحترم عالي الأخلاق الذي لم تسمح له الظروف
بالحصول على الشهادات العالية
أجدر بالاحترام من قبل أبويه من الابن العاق صاحب الشهادة الجامعية ،
وهكذا .
فالواجب على الإنسان أن يقيس الناس بالمقاييس الثابتة
الراسخة الجذور في الدنيا والآخرة
التي تَعَبَّــدَنَا الله بتقدير الأشخاص استنادا إليها .
وما قصدت إلا الخير والإصلاح
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
محمد بن سعيد المسقري
سلطنة عمان
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=131
.[/frame]
تختلف المقاييس التي يعتمد عليها الناس في تقييمهم للأشخاص ،
ومدى استحقاقهم للتقدير والاحترام ،
فمنهم من تتفاوت قيمة الناس لديه حسب نَسَبِهم ،
وعراقة قبائلهم ، فأجدرهم بالاحترام ،
والتقدير أعلاهم نسباً ، وأعرقهم قبيلة ،
ومنهم من يعتبر الغنى والثراء وحجم الأرصدة والممتلكات
هي المقياس الحقيقي
لقدر الإنسان وعلو منزلته ،
ومنهم من ينظر إلى الموضوع من زاوية المنصب والجاه ،
والارتقاء في سلم الوظائف والدرجات ،
وبعضهم يرى أن الشهادات العلمية التي حصل عليها الشخص
هي التي تحدد قيمته ، وتفرض احترامه .
إن جميع هذه المقاييس لا تتعدى كونها مقاييس مادية بحتة ضيقة الأفق ،
فالإنسان الذي يفاضل بين الأشخاص على هذه الأسس ،
إنما ينظر إلى الحياة بمنظار ضيق جدا ،
فالشخص العريق النسب لا قيمة لنسبه مع انحطاط في أخلاقه
وقيمه الدينية والاجتماعية ،
ومهما بلغ الإنسان في عراقة نسبه ، فلن يصل إلى نسب أبي لهب
عم الرسول صلى الله عليه وسلم
الذي أنزلت فيه سورة كاملة تتوعده بالعذاب الأليم يوم القيامة ،
وقد كان كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يملكون هذه العراقة في النسب ،
غير أن الله شرفهم بالانتماء لهذا الدين ،
والتضحية في سبيله ، فقد كان بعضهم أصله من الفرس ،
وبعضهم من الروم ، وآخرون من الموالي والعبيد ،
ولم يقدم الرسول عليه الصلاة والسلام
سادة قريش وشرفائها عليهم لعراقة نسبهم :
خذلت أبا جهل أصالته ***** وبلال عبد جاوز السحبا
وما أنت بالعلم الكثير بمفلح ***** وما لك جد في التقاة كبير
كأين رأينا عالما ظل سعيه ***** وظل به جمع هناك غفير
معارفه بحر ويصرف وجهه ***** إلى الباطل الخداع وهو بصير
وقد أخبرنا الله تعالى
أن مصير كل هذه الاعتبارات والمقاييس إلى التلاشي يوم القيامة ،
فمصير النسب
{ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ، ومصير الغنى
{ وما يغني عنه ماله إذا تردى } ،
ومصير الجاه والمنزلة
{ هلك عني سلطانيه} .
والسؤال الذي يطرح نفسه ،
ما هو المقياس الحقيقي لقيمة الأشخاص ؟
والجواب أرشدنا إليه القرآن الكريم
في قوله تعالى :
{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ،
فالمرء يقاس بمقدار صلاحه واستقامته على منهج الله ،
وقيمة الإنسان في المجتمع إنما هي بمقدار نفعه لمجتمعه ، وخدمته لأمته ،
واستغلال ما آتاه الله من نعم وما مكنه فيه
في نشر الخير ومساعدة المحتاج وإعانة الضعيف ،
وسره على مصالح الأمة ومعرفته بحقوق الآخرين ،
فيجب علينا أن نحترم الناس على هذا المقياس ، ونزنهم بهذا الميزان العادل .
فالإنسان الصالح ولو كان من الموالي أجدر بالاحترام من إنسان عريق النسب
لا يعرف للصلاح مسلكا ولا للخير سبيلا ،
والإنسان الفقير صاحب الأخلاق والقيم أجدر بالتقدير من غني لا يرعى حقوق الله
ولا حقوق العباد في ماله ،
والعامل المخلص في عمله يستحق الاحترام أكثر من الموظف الكبير
الذي لا يرعى مسئوليته في العمل ،
والابن المحترم عالي الأخلاق الذي لم تسمح له الظروف
بالحصول على الشهادات العالية
أجدر بالاحترام من قبل أبويه من الابن العاق صاحب الشهادة الجامعية ،
وهكذا .
فالواجب على الإنسان أن يقيس الناس بالمقاييس الثابتة
الراسخة الجذور في الدنيا والآخرة
التي تَعَبَّــدَنَا الله بتقدير الأشخاص استنادا إليها .
وما قصدت إلا الخير والإصلاح
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .
محمد بن سعيد المسقري
سلطنة عمان
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=131
.[/frame]
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : إن أكرمكم عند الله أتقاكم
|
المصدر : .: زاد المسلم :.